وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بين حسان دياب و قيس سعيد

نشر بتاريخ: 23/12/2019 ( آخر تحديث: 23/12/2019 الساعة: 20:29 )
بين حسان دياب و قيس سعيد
الكاتب: أ.د. عوني الخطيب
يبدو أن الجماهير العربية كسرت عصا الطاعة للقيادات الدينية والسياسية والاجتماعية وبدأت تتجه إلى صمام الأمان الوحيد لهذه الشعوب التي ذاقت المر على يد القيادات السياسية و الدينية والاجتماعية وهذا الصمام هو القيادات الأكاديمية.
ففي تونس يخرج شخص ليس له سجل سياسي أو حزبي ويترشح ويفوز برئاسة أول ديمقراطية عربية في طور التكوين والتشكيل. ولا ينتهي الأمر بقيس سعيد الذي ينطق بصوت الناس كل الناس على اختلاف انتماءاتهم الحزبية أو الطائفية او الدينية أو الاجتماعية في صوت موحد وواضح. فيقول نعم نريد أن نعيش أحرارا وسعداء في وطننا كباقي شعوب الأرض وسنعمل بكل ما اوتينا من قوة من أجل أن يعتز الشعب ببلده ويملؤنا الفخار والانتماء أن نكون من هذا الشعب.
وهذا حسان دياب مثال آخر يأتي من الجامعة دون خلفية حزبية أو طائفية او سياسية، اكاديمي ناجح يستطيع أن يتفق عليه الجميع في بلد كان يظن فيه "أن يتفق الجميع على شخص شيء أقرب إلى الاستحالة".
وقبله كان الرزاز واشتيه أكاديميين بامتياز خارج نظام الفئوية والتصنيفات يحملون الهم الوطني ويحالون بأقصى جهد أن تكون الشعوب ورأيها هو الأساس في الحكم.
فالأكاديميون هم ثروة الشعوب وهم ملجأها عندما تتساقط النظريات والمعتقدات التي بُنيت على العواطف وعلى الفهم المجزوء للواقع وأمراضه. وهذا الفهم المجزوء يؤدي الى الخروج بحلول مجزوؤه وتنتهي بإعطاء وتقديم الحلول السهلة للقضايا والمسائل المعقدة. فالقضايا والمسائل المعقدة تحتاج إلى حلول معقدة تخاطب تراكميات المسألة وتعمل على تفكيك طبقات التراكميات من أجل استلال الحلول من اعماق المشاكل.
يستطيع الأكاديميون أن يزعموا انهم حراس الفكر والتحرر والعلمية والعقلانية وإن نماذج الحلول في القضايا البحثية المعقدة قد تصلح في وضع خطط وخرائط وهياكل الحلول للقضايا الاجتماعية والسياسية التي تكاد ان تحجب الرؤيا الواعية للحقيقة وكيفية بلورتها.
فوضوح الرؤيا وقوة الحجة و قدرة الإقناع وجرأة الأمل هي ما يصنع السياسي ولكن ربما يكون هذا السياسي أقدر لو كان أيضاً يمتلك أدوات الأكاديمي الباحث في القدرة على استنباط الحلول للقضايا المعقدة.
إن مجتمعاتنا العربية وفي ضوء غياب النظريات والعقود الاجتماعية وفي ظل غياب و تنكب ديمقراطية الصناديق في المجتمعات حيث تجيش هذه الصناديق حول الطائفية والعائلية والحزبية وغير ذلك مما افقدها كثير من قدرتها على التغير. لم تجد الشعوب إلا القادة الأكاديميين ليحملوا و ليبحثوا وليجدوا ويعيدوا الأمر كاملاً للشعوب.