|
يحفظون القرآن ويؤمون الصلوات: انتشار الدعاة الصغار في مساجد غزة
نشر بتاريخ: 22/10/2005 ( آخر تحديث: 22/10/2005 الساعة: 09:52 )
غزة- معا- ينطلق محمود مع عدد من الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم أربعة عشر عاماً إلى مساجد قطاع غزة حاملين الدعوة الإسلامية، ومرتدين العمامة البيضاء والجلابية كزي رسمي وشرعي مميز لهم منطلقين بين المساجد في رغبة حقيقية لتجديد الدين في نفوس المسلمين، وتوعيتهم بقضايا دينهم والأخلاق التي يحث عليها.
ويلحظ المواطنون تدفق أعداد هائلة من الأطفال على المساجد في زي موحد يجمعهم ويحملون بين أيديهم نسخ من القرآن الكريم متبارين بعدد الأجزاء التي حفظوها غيباً في حين يتبادل بعضهم مراجعة الأخطاء لبعض وما تم إتقانه من أحكام التلاوة والتجويد، ويأمل كثيرون من بين هؤلاء الأطفال أن يتحولوا إلى أئمة مساجد وأن يصلوا يوماً ما إلى المسجد الأقصى. في حين تنتشر في غزة صلاة التراويح المسائية بأصوات عدد من الأطفال الصغار الذين يروق لبعض المواطنين صلاتهم وخشوعهم وأصواتهم الرنانة التي تصدح بها مآذن القطاع، فخورين بأجيال تتخرج من المساجد على أيدي علماء قطاع غزة وأئمتها الكبار، الذين لا يألون جهداً في تحفيظ هؤلاء الأطفال القرآن جزءاً تلو الآخر. محمود القهوجي الطفل الذي يبلغ من العمر 14 عاماً فقط التقته "معا" في مسجد فاطمة الزهراء وسط قطاع غزة ، يقف على المنبر خاطباً في عشرات المواطنين المصلين، وآماً صفوفاً متراصة من خلفه فيما يتمتع المصلون بصوت القاريء الصغير ومدى تمسكه وتمكنه من أحكام التلاوة والتجويد ونبرات صوته الرخيم بقرآن شجي في صلاة التراويح. يقول محمود القادم من مخيم الشاطيء إلى وسط قطاع غزة برفقة مجموعة تضم ستة أطفال دعاة صغار لـ "معا":"نحن نتجول في جميع مساجد قطاع غزة من شمال القطاع إلى جنوبه والحمد الله رب العالمين أنه خلال هذه الأيام الرمضانية تم فتح جميع الحواجز التي كانت تعيق سير دعوتنا إلى الناس خلال السنوات الماضية في الأيام العادية وشهور رمضان السابقة". وأضاف :" نحمد الله سبحانه وتعالى الذي منّ على الشعب الفلسطيني هذا الخير وهذا النصر في هذا الشهر الفضيل من انسحاب لقوات الاحتلال الإسرائيلية من جميع مناطق القطاع وشمال الضفة وإنشاء الله من القدس الشريف والضفة الغربية حتى نتمكن من سير دعوتنا في مساجد الضفة والقدس الشريف". وعن أسباب توجه محمود لهذا الاتجاه الروحاني والديني الخالص يقول: إن الدين الإسلامي الذي يحمل الدعوة له تنطلق من كتاب الله وسنة محمد رسول الله حيث يدعون إلى التمسك بالدين بشكله الصحيح وذلك عن طريق الوعي والتدريس والخطب والحلقات الدينية في المساجد وفي أي مكان يتطلب ذلك من خلال مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله والتذكير باليوم الآخر، مضيفا: أن هذه الطريقة يتبعها الدعاة مع جميع المسلمين حتى يتمكن الناس من معرفة دينهم والواجبات والفروض والسنن الإسلامية والقوانين الشرعية التي شرعها الله في كتابة الحكيم الذي انزل في شهر رمضان الفضيل على أمة الإسلام والمسلمين. وعبر محمود عن فرحته في هذا الشهر هو وأصحابه أحمد، محمد، عبد الله ، إبراهيم، واحمد أيضاً، متجمعين في كوكبة حول مدرسهم في المسجد الذي يلقنهم مباديء الدين والأحاديث النبوية الشريفة فيما يلتف آخرون في مجموعات أخرى داخل باحة المسجد حول مدرسين آخرين في حلقات درس مشهورة في قطاع غزة وخاصة بين المساجد، حيث تشرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على العديد منها وخاصة في شهر رمضان. أما الأوقات التي ينطلق بها هؤلاء الأطفال إلى المساجد فتكاد لا تنحصر بساعات اليوم الأربع والعشرين ساعة، حيث يتوافدون إلى المساجد في ساعات الصباح الباكر فجراً وقبل صلاة الظهر وبعد صلاة العصر، فيما يتناول العديدون وجبات الإفطار الرمضانية في المساجد ويستمرون إلى ساعات المساء حتى اوقات قيام الليل ومن ثم منهم من يغادر إلى منازلهم إذا كانت قريبة وبعضهم يقضي الليل بأكمله داخل المساجد. ويقول الطفل نور الدين النجار " 13" عاماً إنه لا يشعر بمرور الوقت في المسجد أثناء قراءته للقرآن الكريم بين أقرانه حيث يتبارى الكثيرون على حفظ القرآن كاملاً، فيما أتم هو ختم القرآن حفظاً فخوراً بما أنجره آملاً أن يشارك يوماً ما في إحدى المسابقات الدولية لحفظة القرآن الكريم. ويؤكد الأطفال بأنهم متمسكون بالدعوة الإسلامية على طريقة آبائهم وأجدادهم وثقاة الشيوخ الذين تدارسوا على أيديهم خاصة بين مدرسي مادة الدين في مدارسهم وأولئك الشيوخ في المساجد، حيث تتناول أحياناً حلقات العلم دروساً في الفقه الإسلامي والسيرة النبوية وقصص الأنبياء وروايات عن الصحابة والتابعين. فيما يقول الطفل أحمد "13" عاماً أحد الدعاة الصغار والذي يرتدي الزي الشرعي والعباءة السوداء إنه سعيد بتواجده بين مجموعة من الأصدقاء والأقران الحريين على تدارس القرآن الكريم وفهم معانيه واقتفاء تفسير آياته ومعرفة الناسخ والمنسوخ فيه من الآيات وأسباب نزولها وكل ماله علاقة بعلوم القرآن والدين الإسلامي. ويعتاد هؤلاء الأطفال على الأذكار والأدعية الصباحية والمسائية والتسابيح والابتهالات اليومية والاستغفار وذكر الله فيما يتبادلون فيما بينهم التحية الكاملة للسلام والتصافح بالأيدي وأحياناً بالأحضان ويتمنون دوام السلام والاطمئنان في الأراضي الفلسطينية ليتمكنوا من زيارة كافة المساجد والتعارف فيما بينهم وتبادل العلم والخبرات والتجارب. |