|
رأي في مقترح منع التجوال على بيت لحم
نشر بتاريخ: 11/03/2020 ( آخر تحديث: 11/03/2020 الساعة: 18:57 )
الكاتب: اكرم عطاالله العيسة
اليوم هو اليوم السابع على اكتشاف اول حالة مصابة بفايروس كورونا كوفيد 19 في محافظة بيت لحم، وقد وصل العدد الكلي للذين تم تشخيص اصابتهم بالفيروس حتى اللحظة 30 حاله ، وهم يخضعون للحجر الصحي في اكثر من موقع في محافظة بيت لحم، وفي نفس تم قرار بالحجر الذاتي لاكثر من 2900 شخص معظمهم في محافظة بيت لحم. ومع ظهور اولى الحالات المصابة بالفيروس، انتاب الجميع حالة من التخبط وظهرت بعض الممارسات الخاطئة، والتي سرعان ما تم تجاوزها الى ان سارت الامور بشكل مضبوط ومنظم الى حد كبير، خصوصا فيما يتعلق بوزارة الصحة واجهزة الامن خاصة الامن الوطني ، ويبدو انهما يحكمان الكثير من السيطره على الاوضاع.اما الجهة الاخرى والمركزية والتي تساهم بشكل ملحوظ في التعاطي مع هذه الازمة غير المسبوقة على شعبنا الفلسطيني فهي المجتمع المحلي بما فيه من مؤسسات وافراد ومن بينهم رجال الاعمال واصحاب الشركات، والذين تداعوا منذ اللحظة الاولى لاكتشاف الفايروس وبدأوا بتقديم المساعدات والخدمات، واما ان يتحول فندق انجل في بيت جالا الى مقر للحجر احتوى 42 شخصا " تقلص العدد الى 28 شخصا بعد خروج السياح الامريكيين" فلا شك ان ذلك مظهر جديد لم نتعود عليه، وربما تكون هذه الممارسة وهذا التوجه هو الاول حتى على المستوى العالمي، تصوروا حجم تكاليف تشغيل هذا الفندق من كهرباء وماء وادوات ومعدات وبنية تحتية، وبدأت عملية منظمة من توفير الوجبات ومواد التنظيف والتعقيم وبعض الادوية والفيتامينات والمدعمات والتي في اغلبيتها الكبرى يتم التبرع بها من قبل المؤسسات والقطاع الخاص والافراد.بموازاة ذلك وبناء على القرارات الرسمية الحكومية التي اغلقت المقاهي والمطاعم ومنعت التجمعات والاحتفالات، وجدنا حالة التزام كبيره بين المواطنيين بحيث بدى جزء كبير من مدينة بيت لحم وكانه يعيش حظرا للتجوال، وكل ذلك كان بفعل القرارات من جهة ولكن من جهة اخرى كان بفعل عمل المؤسسات والتنظيمات السياسية والشعبية وادراك قطاع واسع من الجمهور الفلسطيني في بيت لحم بان الامور حرجة ويجب تقليل الحركة والاتصال مع الاخرين.امام استمرار الازمة والتوقع ان عدد المصابين قد يزداد اضافة الى ان بعض الافراد الذين تم الطلب منهم التزام الحجز المنزلي الذاتي لم يلتزم مما يعرض الكثيرين للخطر، فقد بدأت اقتراحات بمنع التجوال الجبري بالظهور، واجبار الناس بقوة القانون على عدم التحرك. وعلى الرغم ان هذه الدعوة تأتي في سياق الحذر والتخوف من تأزم الاوضاع فلا اعتقد ان حظر التجول وبقوة الامن هو الحل المناسب لنا في هذه المرحلة، بل الحل الامثل هو الاستمرار بنشر وتعزيز وتوسيع ثقافة الحد من التجوال الذاتي وذلك لخصوصية المرحلة ولخصوصية حالتنا الفلسطينية باننا شعب مازال يرزح تحت الاحتلال.منع التجوال بالجبر الامني قد يستنزف طاقتنا الامنية وبدلا من ان يتم تركيزها على قضايا ضبط مخارج البلد واماكن الحجز والرقابة على على المحجوزين ذاتيا وضبط المؤسسات ومهمات عديده فان جزءا كبير من جهدها سيتجه الى منع التجوال. من عمليات ضبط وربما اعتقال ، وربما احيانا التصادم مع تجمع هنا وهناك مما سيزيد في تأزيم الامور ،اضافة زيادة عبىء ايصال الناس مستلزماتهم والتي هي عملية مضنية وغير سهله وبحاجة الى اموال، وافراد وووووالتجارب التاريخية القاسية لنا نحن الفلسطينيين مع منع التجول والتي مارسها الاحتلال اتجاهنا والتي كانت بسياقات وظروف مختلفة، ستقفز الى ذهن الكثيرين والبعض سيتستخدمها للتندر، والبعض الاخر سيحاول كسرها، وربما البعض الاخر سيتفهمها لكن لن يلتزم بها، واتساءل وانا من جيل عاش مئات الايام تحت ظل منع التجول ابان الوجود المباشر للاحتلال، كيف لي ان اتفهم نفسيا الامر وبان شخصا فلسطينيا ينادى بمنع التجول، على الرغم من اختلاف الامور والاوضاع والسياقات وبانه لو تم منع التجول فسيكون بنية الحفاظ على صحة وحياة ابناء شعبنا.وفي نفس الوقت ، من الواضح جدا ان نسبة كبيره من سكان بيت لحم يتجنبون الخروج الا للضرورة هذا اذا ما استثنيا بعض المواقع ذات الازدحام االسكاني الكبير حيث يجب التركيز عليها وبسرعه ومطالبة المؤسسات فيها ان تساهم بمخاطبة الناس بالحد من الحركة والتجمعات. كذلك فاني اعتقد ان اعلان منع التجول قد يزيد من حالة الهلع الداخلي ليس فقط في بيت لحم انما في كل المدن الفلسطينيه ، حيث سيعتقد الكثيرين ان الامور قد خرجت عن السيطره ، وبدلا من ان تكون محافظة بيت لحم موقعا تتجه له الانظار بالتعاطف والتضامن والتفهم فقد يتحول اي شخص يعرف انه من بيت لحم وحتى ولو سكن مدينة اخرى في فلسطين الى متهم او انه ناقل للفايروس. نحن بحاجة للكثير من الحذر والقليل من الهلع، ولتعميق ثقافة الحد من الحركة والتواجد في التجمعات حتى ولو كانت صغيره.
|