|
آذار ما بين التكريم والأكاذيب.. مارس شهر النضال النسوي
نشر بتاريخ: 22/03/2020 ( آخر تحديث: 22/03/2020 الساعة: 18:21 )
الكاتب: ناهد أبو طعيمة لا نماري بأن كل نساء الكوكب تعترينا مع الحفاوة والاحتفالات العالمية الحيرة والتأمل والتوجس كلما قفز شهر آذار بألوانه الزاهية ووعوده المشمشية بداية من اليوم العالمي للمرأة مروراً بعيد الأم ونهاية بعيد الأرض تتجلى هذه الحيرة بسؤال قديم جديد يتسع باتساع الحياة كيف لهذه المكانة بالتراجع من المجتمع الأمومي حيث اقترنت بنسائها ومكانتهنَّ السياسية والاجتماعية والثقافية منذ كانت رمز للجمال والحب والخصوبة ومنشأ الأشياء ومردها وعنها تصدر الموجودات وإلى رحمها يؤول كل شيء لا يمكن أن ينتصف آذار دون عشتار إلهة الحب والجمال والنضال النسوي القديم ليذكرنا بما نحن عليه حيث كما قالت الأسطورة أنا الحكمة التي سقطتأنا العقل وأنا الكلمة وأنا الصمت وأنا الصوتوحدي أكون ولا أحد يحكم عليّمرورا بحاضرنا حيث تباينت مكانتها ويُمارس حولها كل صنوف الغُبن في كل بقاع الأرض بحسب كل المؤشرات العالمية في قراءة وضعية النساء في العالم ﺗﺘﻌﺮض واحدة من أصل ثلاثة نساء وفتيات للعنف خلال حياتهن ، زوج ما يقرب من 750 مليون امرأة وفتاة على قيد الحياة اليوم في جميع أنحاء العالم قبل بلوغهن سن الثامنة عشر ؛ في حين خضعت 200 مليون امرأة وفتاة لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث)كيف صار بنا الحال إلى هنا ..ومن يومها تكبر فينا حيرة عشتار في تجليات هذا الكون حينما قالت أنا القصاص وأنا المغفرةأنا الذنب وأنا جذر الخطيئة ففي الوقت الذى يرتبك العالم بفيروس كورونا والبحث الدؤوب عن القليل من الأمان مع ما نشهده من حالة طوارئ عامة وعبثية كونية بالموت والزيادة في عدد ضحايا المرض نسمع من هناك وقع الرصاص حيث تقتل الشابة زمزم محاميد (19 عاما)، متأثرة بجروحها الحرجة التي أصيبت بها من جراء تعرضها لجريمة إطلاق نار في حي الشاغور بمدينة أم الفحم بعد مضي أقل من شهر على مقتل نسرين جبارة (36 عامًا) في الطيبة وهي أم لخمسة أطفال رميًا بالرصاص مع الإشارة إلى أنه منذ مطلع العام الجاري، 2020، قتل 13 شخصًا في جرائم مختلفة وقعت في المجتمع العربي ، وهو ليس بأفضل حال عما تواجهه النساء في الضفة الغربية وقطاع غزة من ترويع وتُعنّف في البيت والشارع بتواطؤ وصمت من المجتمع المحلى والقبيلة والعشائر التي لا ينفكّ ينشغل بأسباب وتفاصيل قتلنا، بدلاً من مساءلة قتلتنا.تشير أول دراسة على الإطلاق تجريها منظمة الصحة العالمية في مجال العنف إلى أنّ العنف الممارس ضد المرأة من قبل الزوج أو أحد أفراد العائلة هو أكثر أشكال العنف شيوعاً في حياة النساء فهنّ يتعرّضن لذلك العنف بنسبة تتجاوز بكثير نسبة ما يتعرّضن له من حالات الاعتداء والاغتصاب على أيدي غرباء ..وهذا يأخذنا لمساحة من التفكير اليوم وفي ظل الظرف الراهن هل بالإمكان أن تُشكّل الإجراءات التي من المفترض أن تقدم حماية للناس من الفيروس تهديدًا جديًا لأرواح وأجساد العديدات، لأن البيوت التي نسكنها اليوم للوقاية من الوباء تتحوّل بالنسبة للعديد إلى مساحات تعنيف وترويع مستمر ، فما الذي يعنيه الحجر الصحي وإلتزام البيت لإمرأة مُعنفة مع مُعنفها ؟ هذا إلى جانب زاوية ثانية تساعدنا في فهم التحديات الكبيرة لمجمل الأدوار المطلوبة من النساء في ظل الأزمة إلى جانب المسؤوليات الإضافية المفروضة عليها بموجب حالة الطوارئ من العناية والرعاية المكثفة بالأسرة والتعليم المنزلي لاسيما بعد إعلان عطلة المدارس للحفاظ على صحة ومصلحة المجتمع والأطفال بشكل خاص . ولعل وسائل التواصل الإجتماعي تعطي إشارات على توتر بيئة المنزل من خلال دعابات ساخرة وصور ورسوم ونكات تشير إلى ذبذبات حول وجود الرجل الدائم بالبيت وضيق المرأة من حجم الضغوطات التي تتعرض له النساء .ولهذا يسعى العديد من الخبراء والخبيرات في التفكير الخلاق والمبدع لخلق سحابة تغيير جميلة في أدوار كلا من الرجل والمرأة في المنزل بعد عهد من الزمن كان الفضاء العام للرجال والخاص للنساء؟ولعل الغرق في تأمل ما تدور به الرحى في فهم أحوالنا من واقع إشكاليات لن يفسد علينا استشعار المحبة فقد غرقت كل وسائل التواصل الإجتماعي اليوم بصور الأمهات وأسمائهن التي ظلت عقود محطة خجل للذكور غرقت بالورود والضحكات الفائضة والذكريات الجميلة والعرفان الكبير بالدور التي تصنعه أمهاتنا من خلق للحياة والحب. |