وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

في مقام الطيب

نشر بتاريخ: 30/03/2020 ( آخر تحديث: 30/03/2020 الساعة: 22:51 )
في مقام الطيب
الكاتب: محمود بركة

للمقامات كما تعرف يا ابن شهيد الشجرة ,بلادها وعناقيد بلاغتها,خرجنا إليك وخرجت معنا,صلينا وبكينا,طقوس الموت هيّ ونحن كما أوصيتنا لسنا على الطبيعة من ضد ,صمتك هذه المرّة يٌردد شعر أباك, وصمتنا يحمل الذاكرة ويتذكر,أيها الطيب في حروفك نضع الشعلة و الثورة والدولة وياسرنا ,هذه طريقنا ام أساطيرنا الفلسطينية في إسترجاع الهوية ,إن كانت طريقنا إلى الموت تمضي مهلاً خارج فلسطين ,فبلادنا ليس خارجة بل هيً غلاف العالم الذري ,بعبارة أخرى تمنيت أن تكتبها في عزلتك الأخيرة ,وأنت الحاضر تعلم أن أمنياتنا لم تزل معلقة في وصايا الشهداء والمسيح الأول منذو خروجنا على أجنحة النوارس المهاجرة, ولكن أيضاً نحن لا نموت قبل أن يصحح التاريخ خطيئته ويعود بنا إلى البلاد,هناك نضع شجر الزيتون والتين على التراب ونحمله في قوافي الموت والفرح أي نفعل الطبيعة التي لم تفعل معنا ما فعلناه, اللغة لاتكتب رفيقها, اللغة منديل امرأة تنتحر في البكاء إليك وعليك , نوصيك أم توصينا لنعود إليك حاملين أخبار فلسطين لتكتبها كل صباح مثلما كنت تفعل وتصعد إلى سمائك هادئاً بأفعال الموتى, يا أبتِ موتنا مرّ كصغارنا حين تقصفهم الطائرات وبيوتنا المهجرة, سيغيب صوتك الجديد إلا من أشرطة التكنولوجيا الرأسمالية التي مزقت أجسادنا في بيروت وشاتيلا ولم تزل تقتص من أرضنا ولحمنا العاري ,سنفتح الأقواس ونعدد الهوامش وأرصدة الكتابة من جديد في طريق الاحتمالات لنعطي الوقت فرصة أخرى ليرى مساره في المخيمات وكراسات أطفال المدارس ورسائل سنوات الأسرى وجدران الوطن المحتل ,أيها الطيب لا نكتب لك الرثاء ولا أفعال الكتابة , نضع على جسمك تاريخنا في ذلك المكان الذي أنت فيه وحدك,ليعرف من هناك كل ما يلزم ان يُعرف ,يستيقظ الكلام قبل الفجر ليخرج ماء المصلي قبل ركوعه ويحرك جرس الكنيسة ومفاتيح السجون, نذكرك في أحاديثنا في خلافاتنا في كل ماهو فلسطيني تعرفه, وفي خريطتنا الوطنية التي لا تقبل الخلاف نحو بلوغ حلمها الوطني الذي ستظل شاهداً عليه ,الرفاق من حولك اليوم يذكرون مايعرفونه منك وعنك, لاشيء شخصي لك كل ما يقال بك وعنك مقامات فلسطينية قومية تُرتفع معها أسطورة كفاحنا نضالنا فكرنا قلمنا,وكل ماسبق أسفارنا في الصحراء والمدن والحدود والورود , عنوانك رجل الدولة وناطق بها,هذا الحلم الذي يكتمل مع صرخة كل فلسطيني قادم إلى الحياة وراحل إلى الموت,في يومك الأول بين جدران بيتك الجديد ستروي الحقيقة كلها وتعيدها مرٌة أخرى كأنك الفتى في قريته قبل الهجرة والمفكر والنضالي والفدائي الأول الذي كبر في عيون الرحلة الطويلة ,ليست رحلة المسشترق والراهب والمسافر ,رحلة الثائر العاشق وإصراره للذات الوطنية ,نشاهد بعيناك وهي تذهب معنا للازمن , مدن وأسوار للموتى النائمون الهادِئون إلا أنت يبلغ فيك القلق قلاع ما يحاصرنا ونحاصره, نعكس اللامكان لمكانه نراك كحقول القمح والسنابل تمر من بيروت فوق سفن البحار إلى تونس وتعود بنا إلى بحرغزة , ورام الله والمدن الفلسطينية الساحرة ,يخدع الزمن الحقيقة وأنت على خطى طريق المفكرة الوطنية من كوفية الياسر ,وفكرجورج حبش,والشقاقي,والياسين ,ومنفى إدوارد سعيد ,وخليل الوزير,وسعد صايل,وعزالدين القلق ,وحيدر عبد الشافي ,والاسماء تتعدد بتعدد حركاتنا النضالية الفكرية ,هناك وهنا نرفع أصواتنا التي تخلو اليوم من صوتك ونقول قول شاعر الخلود,عبد الرحيم محمود " لعمرك إني أرى مصرعي ,ولكن أغذ إليه الخطى ,أرى دون حقي السليب ,ودون بلادي هو المبتغى" ليطيب لنا يا صاحب المقام الرفيع أن تكتب لنا مقامك في سرٌك الوجودي وفي سرٌ بلادنا المتحركة على الخريطة الكونية .