|
البرغوثي: الشعب سيمنح ثقته لحركة فتح اذا اجرت تغييرا حقيقيا وحماس لم تنجح باستثمار الفوز
نشر بتاريخ: 06/04/2008 ( آخر تحديث: 06/04/2008 الساعة: 11:58 )
بيت لحم- معا- قال مروان البرغوثي القيادي الفتحاوي الاسير في السجون الاسرائيلية "إن الجمهور الفلسطيني سيمنح ثقته لحركة فتح في الانتخابات القادمة شريطة اجراء تغيير حقيقي لدى قيادتها".
وحمل البرغوثي قيادة حركة فتح المسؤولية عن الفشل في الانتخابات "وذلك لأن الشعب الفلسطيني لم يحجب الاصوات عن فتح بل منحها اصوات اكثر ولكن حالة الفوضى وتعدد المرشحين ادى الى هذه النتيجة". ورأى البرغوثي في مقابلة اجرتها معه صحيفة "لاستامبا" الايطالية من داخل زنزانة رقم ( 3) بقسم العزل ( 28) في سجن هداريم أن حركة حماس لم تنجح باستثمار الفوز في الانتخابات بشكل صحيح, وخسرت حكومة الوحدة الوطنية التي اعتبرت كنزا ثمينا في يدها وفي يد الشعب الفلسطيني وانجاز وطني كبير مهدت له وثيقة الاسرى- كما قال. وفيما يتعلق بالصراع الفلسطيني- الاسرائيلي قال: "المشكلة ليست في الأعتراف باسرائيل من قبل الفلسطينيين بل المشكلة ان اسرائيل ترفض حتى الآن الأعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967". وفيما يلي نص المقابلة التي نشرتها صحيفة "لاستامبا" الايطالية س1: السيد مروان البرغوثي، بداية كيف حالك؟ كيف هي حياة السجن؟ هل يمكنك وصف يوم من أيامك بالأسر؟ ج1: يتعرض الأسرى الفلسطينيون والعرب في السجون الأسرائيلية إلى سلسلة من إجراءات القهر والأضطهاد والاذلال وترفض حكومات إسرائيل المتعاقبة الأعتراف بالأسرى الفلسطينيين كأسرى حرب ومقاتلين من أجل الحرية وأعضاء في حركة تحرر وطني، ونسعى للحرية والعودة والأستقلال، وتصر حكومة إسرائيل على تقديم الأسرى لمحاكم عسكرية جائرة وظالمة، وتفتقد للحد الأدنى من متطلبات المحاكم العادلة، وهي محاكم ناطقة بأسم الاحتلال وأجهزة الأستخبارات وتخضع لها، وتتعامل إسرائيل مع أكثر من 11 الف أسير فلسطيني موجودين الآن في معسكرات الاعتقال والسجون والزنازين ومراكز التحقيق بإعتبارهم مجرمين وأرهابيين، علماً أن هؤلاء هم مقاتلين أحرار، يناضلون من أجل حرية بلادهم وشعبهم، ويؤمنون بالسلام الحقيقي، ومفتاحه هو إنهاء الاحتلال من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 وتمكين الشعب الفلسطيني من قيام دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. ولا يحظى الأسرى الفلسطينيون بشروط حياة إنسانية في كثير من الجوانب، وجزء كبير منهم يحرم من الزيارات العائلية، كما ان الاسرى محرومين من الأتصال الهاتفي مع عائلاتهم، وهنالك من يقضي أكثر من 30 عام في السجون الآن، ولم يحظ بمكالمة هاتفية واحدة مع زوجته أو ابناءه او احد أقرباءه، يضاف الى ذلك الى قسوة الظروف والأهمال الطبي على وجه خاص حيث توفي أكثر من 7 اسرى في عام واحد بسبب الاهمال الطبي، كما يتعرض الاسرى الى عقوبات العزل الانفرادي والذي يستمر لعدة سنوات في ظروف غير انسانية بالمطلق، يضاف ذلك الى التفتيش الليلي للأسرى في غرفهم والتفتيش العاري الذي يهدف فقط الى اذلال الاسرى. أما بالنسبة لي فقد تعرضت الى تحقيق قاسي ومستمر لبضعة اشهر في ظروف قاسية وصعبة، تنقلت خلالها في أكثر من ثلاثة مراكز تحقيق في اسرائيل بما فيها مركز التحقيق السري، وبعد ذلك تعرضت للعزل الانفرادي لمدة ثلاث سنوات، وانا الآن اتواجد في سجن هداريم في قسم العزل الجماعي، ويتواجد فيه 120 أسير، وفيه 40 غرفة، يعيش في كل واحدة 3 اسرى، وانا اعيش مع اسيرين آخرين. ويبدأ يومنا في السجن بالعد الصباحي للأسرى الذي يقوم به السجانون في السادسة صباحاً وفي السابعة والنصف نخرج الى ساحة في السجن مغطاة بالأسلاك الشائكة والقضبان الحديدية تدخلها الشمس بشكل جزئي، ونمارس بعض الرياضة مثل الركض والتمارين حتى التاسعة والنصف صباحاً، ثم نعود الى الغرف، وفي العاشرة والنصف يغلق القسم للعد ثانية، ثم يفتح في الثانية عشرة، وأقوم خلال ذلك بتناول الأفطار الذي نشتري معظم اشياءه من كانتين السجن، وعلى حسابنا الخاص، ثم أقوم بقراءة الصحف العبرية الثلاث حيث أشترك بها وأدفع ثمنها، وهي هآرتس ومعاريف ويديعوت احرنوت، اضافة الى جريدة عربية واحدة يسمح بدخولها بشكل غير منتظم وهي جريدة القدس، وفي الواحدة ظهراً يسمح للأسرى بالخروج ثانية الى الساحة للمشي والتواجد ويستغل الأسرى هذه الفترة للدراسة والتدريس، والقيام بنشاطات ثقافية. في كل غرفة يوجد تلفاز مع عدد محدود من المحطات، يتابع من خلالها الأخبار والأحداث السياسية والبرامج المختلفة، كما أقوم بمطالعة الكتب، وأنهي كتاب كل اسبوع تقريباً، وكثير ما أقرا الأدب وخاصة الروايات العالمية والعربية والفلسطينية وتسنى لي قراءة العشرات منها حتى الآن، اضافة الى عشرات الكتب السياسية والفكرية والتاريخية والكتب المتعلقة بالشأن الاسرائيلي. س2: كيف ولماذا حصل ما حصل في غزة؟ هل تعتقد أن الجيش الاسرائيلي سيجتاح القطاع؟ وهل تعتبر انسحابهم من جباليا الأخير هو انتصار لحماس؟ ج2: أن ما جرى في قطاع غزة أمر مؤسف ويدعو للألم والحزن لأننا أردنا بناء نظام ديمقراطي لا مكان فيه للعنف وسفك الدماء واستخدام القوة للسيطرة بل أحترام قواعد العمل الديمقراطي وقد نجحنا في اجراء انتخابات حرة ونزيهة شهد لها العالم بأسره وكان على حماس ان تشكر حركة فتح للقيام بهذه الخطوة ومع هذه الدرجة غير المسبوقة من النزاهة في العالم العربي لا ان تقوم بضرب هذه التجربة الديمقراطية الوليدة والفتية وأعتبر ان ما قامت به حماس في غزة الحق ضرراً كبيراً بالقضية الفلسطينية. أن الحصار الذي تعرض له قطاع غزة السياسي والأمني والعسكري والأقتصادي يدمر فرص السلام في المنطقة وقد أدى الى مجازر والى سفك دماء فلسطينيية كثيرة وعلى اسرائيل ان توقف هذا الحصار والعدوان وتوقفه تماماً وان تغتنم فرصة الاستعداد الفلسطيني للتهدئة الشاملة والمتزامنه، واستخدام القوة العسكرية والعدوان والمجازر لن يضعف حماس، كما انه لن يدفع الشعب الفلسطيني الى الاستسلام والى التنازل عن حقوقه الوطنية. س3: هل خسرنا غزة؟ ما الذي سيحصل بعد الآن؟ هل يمكن للفلسطينيين أن يتحدوا في الضفة وغزة؟ هل لديك مشروع لانجاح الوحدة؟ ج3: ان وحدة الوطن الفلسطيني ووحدة الشعب ووحدة القضية ووحدة السلطة ووحدة النضال والبرنامج هو شرط اساسي ومركزي لانجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية وان حالة الانقسام القائمة ستؤدي الى مزيد من التدهور الداخلي وهذا أمر يجب ان يتوقف وان تعود الوحدة والتلاحم بين ابناء الشعب الواحد وان الخطوة الاولى تأتي من خلال التراجع عن الحسم العسكري في غزة واعادة السلطة الى الرئيس ابو مازن والى التوافق على حكومة فلسطينية جديدة، والاتفاق على موعد لانتخابات تشريعية ورئاسية حتى نهاية العام الحالي، اضافة الى ذلك بناء مؤسسة أمنية وطنية عصرية ومهنية، تدافع عن الوطن والمواطن وتحتكم للقانون وتكون بعيدة عن الفصائلية والحزبية. س4: هل ماتت آمال بعد انابوليس؟ وهل سنشهد انطلاق انتفاضة ثالثة؟ ج4: لم نعلق آمال كبيرة على انابوليس لأن من الواضح ان حكومة اسرائيل لا تبدي جدية للسلام وعلى العكس من ذلك فان الممارسات الاسرائيلية على الارض تثبت كل يوم ان اسرائيل غير معنية بالسلام وانها لم تأخذ قراراً استراتيجياً بالسلام فهي تواصل الاستيطان ومصادرة الأراضي وتهويد مدينة القدس والحصار والعدوان ونشر مئات الحواجز التي تدمر الاقتصاد الفلسطيني وتواصل حملات الاعتقال والاغتيالات التي كان أخرها أغتيال اربعة فلسطينيين في مدينة بيت لحم، وما لم تتوقف هذه الممارسات والاستيطان والعدوان والاغتيالات فان الحديث عن السلام لا قيمة له وان على حكومة اسرائيل اتخاذ قرار واضح وصريح بانهاء الاحتلال عن الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وتمكين الشعب الفلسطيني من اقامة دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين واطلاق سراح جميع الاسرى والمعتقلين وما لم تفعل ذلك فان الحديث عن السلام سيبقى بلا صدى، والشعب الفلسطيني رغم المعاناة والعذاب سيتمسك بحقوقه الوطنية وهذا العذاب وهذه المعاناة لا تمثل سببا للتنازل عن الحقوق، ولا يوجد شعب على وجه الأرض تخلى عن حقه في الحياة وفي الحرية والاستقلال بسبب المعاناة والعذاب والقهر وعلى العكس من ذلك فان هذا دافع قوة للتمسك بالحقوق وليس التنازل عنها، ونحن لا نطالب الا بحقنا في تقرير مصيرنا كباقي شعوب الأرض، وبحقنا في الحرية والعودة والاستقلال واقامة دولتنا المستقلة الى جانب اسرائيل وهذا ما يجمع عليه الغالبية الساحقة من الفلسطينيين ولن يتحقق الأمن والسلام في هذه المنطقة قبل انتهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. س5: يتمنى الكثير من الفلسطينيين أن تكون أنت نيلسون مانديلا، وهو الذي غفر لسجانيه مباشرة بعد اطلاق سراحه. هل من الممكن أن تقوم أنت بالمثل؟ وهل التسوية ممكنة مع إسرائيل؟ ج5: المشكلة ليست في ان يكون هنالك نلسون مانديلا فلسطيني فالمشكلة في اسرائيل انه ليس هنالك دي كليرك حتى الآن الذي كان له الشجاعة لأنهاء نظام التمييز العنصري والتسليم بحق الغالبية السوداء في قيادة البلاد وحق تقرير المصير وحقهم بالحرية والعدالة. وأننا لا نبحث عن الثأر بل نبحث عن الحرية والحقوق وفي اللحظة التي ينتهي فيها الأحتلال وتقوم الدولة العربية الفلسطينية كاملة السيادة فإننا سنكون قادرين على العيش بسلام وتعاون ما بين الشعبين والدولتين. س6: هل تعترف بإسرائيل؟ وما هي الحدود التي تعترف بها أنت؟ ج6: لقد سبق للرئيس الراحل ياسر عرفات ان وقع على وثيقة الأعتراف المتبادل بين اسرائيل وم.ت.ف يوم 9/9/1993 مع رئيس الوزراء السابق اسحاق رابين وذلك على قاعدة حل الدولتين والمشكلة ليست في الأعتراف باسرائيل من قبل الفلسطينيين بل المشكلة ان اسرائيل ترفض حتى الآن الأعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 علماً أن هنالك قرار دولي صادر عن الامم المتحدة 29/11/1947 يحمل الرقم 181 يقضي بإقامة دولتين في فلسطين ولم تكتف اسرائيل بالحدود التي قررتها الأمم المتحدة بل احتلت باقي الاراضي الفلسطينية وترفض حتى الآن قيام دولة فلسطينية على ما تبقى من الارض الفلسطينية وهو 22% من ارض فلسطين التاريخية اي الضفة الغربية وقطاع غزة وان اسرائيل لن تحظى بالشرعية الحقيقية من الفلسطينيين الى ان تقوم دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. س7: ماذا وراء اعتقاد الفلسطينيين بأنك الوحيد الذي يمكنه إصلاح الوضع الآن؟ هل يمكنك التوصل للسلام مع الإسرائيليين؟ وبأي شروط؟ وهل تعتقد أن الفلسطينيين والاسرائيليين جاهزين لتنازلات جدية؟ ج7: انا فخور بدعم ومساندة الشعب الفلسطيني العظيم في الوطن والمنافي لي وهو دعم ومساندة للنضال والكفاح الفلسطيني ودعم للحق الفلسطيني في الحرية والاستقلال وقد اقسمت دوماً بان اقابل الوفاء لهذا الشعب العظيم بالوفاء وأن الشعب الفلسطيني هو شعب مناضل ومكافح ويستحق قيادات تناضل وتكافح وتضحي من اجله وفي خدمته وان اسمى احلامي هو تحرير بلادنا من الاحتلال وان ينعم الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال والسيادة والكرامة وان ينعم اطفاله وشبابه بالحياة كباقي شعوب الارض وان تنتهي معاناتهم وعذاباتهم والشعب الفلسطيني ابدى استعداد للسلام الحقيقي ومرة اخرى أقول ان اليوم الأخير في عمر الاحتلال الاسرائيلي هو اليوم الاول للسلام الحقيقي. س8: ما الذي يمكن أن يحصل غداً؟ اذا حصلت انتخابات جديدة، هل ستفوز حماس مجدداً؟ ولماذا برأيك فازت بالإنتخابات الأخيرة؟ ج8: لقد جرت انتخابات حرة ونزيهة وهذا بفضل وجود قرار استراتيجي لدى حركة فتح للتمسك بالخيار الديمقراطي وقد عملت شخصياً من اجل اقناع حركة حماس بالمشاركة في هذه الانتخابات وكافة الفصائل الاخرى وحماس جزء اساسي من الشعب الفلسطيني ومن حركته الوطنية وقد فازت بهذه الانتخابات بأغلبية المقاعد ولكنها لم تنجح باستثمار هذا الفوز بشكل صحيح وقد كانت حكومة الوحدة الوطنية بقيادة حماس كنز ثمين في يدها وفي يد الشعب الفلسطيني وانجاز وطني كبير مهدت له وثيقة الاسرى التي كان لنا شرف وضعها وصياغتها كبرنامج موحد للشعب الفلسطيني يدعو لحكومة وحدة وطنية، وان ضياع هذه الحكومة أمر مؤسف ومؤلم وبدون شك فان قيادة حركة فتح تتحمل المسؤولية عن الفشل في الانتخابات وذلك لأن الشعب الفلسطيني لم يحجب الاصوات عن فتح بل منحها اصوات اكثر ولكن حالة الفوضى وتعدد المرشحين ادى الى هذه النتيجة اضافة الى فشل عملية السلام وانهيار السلطة الوطنية واعادة احتلال الضفة الغربية ومناطق السلطة فيها واغتيال ياسر عرفات واعتقال الالاف من كوادر حركة فتح ومناضليها اضافة الى فساد العديد من قياداتها أدى الى مثل هذه النتيجة وانا على قناعة تامة أن الجمهور الفلسطيني سيمنح ثقته لحركة فتح في الانتخابات القادمة شريطة اجراء تغيير حقيقي لدى قيادتها ووجود وجوه جديدة يحترمها الشعب الفلسطيني ورموز ليس لهم علاقة بالفساد والعجز والفشل. س9: هل فساد فتح قصة حقيقية أم أنها من اصطناع الخيال؟ أين اخطأت فتح؟ ج9: حركة فتح حركة عظيمة بعثت الهوية الفلسطينية من تحت رماد النكبة الفلسطينية عام 1948 واعادت الاعتبار للشعب الفلسطيني وأنشأت حركتها الوطنية المعاصرة بقيادة م.ت.ف وأطلقت الرصاصة الاولى في الثورة المعاصرة وقادت النضال الفلسطيني بشجاعة واقامت اول سلطة وطنية على ارض فلسطين والاولى في تاريخنا ولو على جزء من الارض الفلسطينية واختارت الخيار الديمقراطي نهجاً لبناء الدولة وآمنت بالشراكة والتعددية السياسية واحترام الحريات العامة والخاصة ولكنها في المقابل عجزت عن تجديد بنيتها الداخلية وتكلست الهيئات القيادية فيها وتقودها لجنة مركزية تعيش حالة من العجز والوهن والضعف كما أنها لم تنجح في استبعاد رموز الفساد السياسي والمالي والاداري من صفوفها ولم تجر عملية محاسبة اومراجعة ذاتية خاصة بعد خسارة الانتخابات التشريعية وأنهيار السلطة في غزة ولذا حركة فتح تحتاج الىالتجديد والتغيير الحقيقي. |