|
بؤس الرياضة والثقافة في العاصمة بقلم - خالد الغول
نشر بتاريخ: 08/04/2008 ( آخر تحديث: 08/04/2008 الساعة: 14:16 )
بيت لحم - معا - مسكينة هذه المدينة التي يقال عنها وفيها كل شيء، لتصبح في ظل هذا المزاد مطية كل الساعين إلى مكانة زائفة وحضور كاذب، ولكن دون أن تشهد في الواقع أي تحول أو تطوير أو معالجة أو إضافة حقيقية في أي مجال من مجالات الحياة، بل على العكس تماماً تزداد حالتها تدهوراً وانحطاطاً وخراباً.
القدس ، مدينة منكوبة بنا، قبل أي احد، وقبل أي شيء. وعلينا أن نعترف ونقر بالعجز الذاتي، وأن نعترف ونقر بدورنا السلبي في عدم وضع أيدينا على العلل التي تصيب الجسد المقدسي عموماً، والرياضي خصوصاً، وعدم اشتقاق الطريق الصحيح نحو حلول عقلانية وجذرية للأزمة، وعدم صياغة وتنفيذ آليات عمل جادة ومسؤولة تفتح آفاقا جديدة لبرنامج عمل وطني وديمقراطي ومهني يحقق أحلام المدينة. القدس مدينة تائهة في شبابها مع أن الشباب هو الذي يجب أن يمنحها اليقظة، ومغتربة ومشوهة في ثقافتها مع أن الثقافة هي التي يجب أن تسترد للمدينة وضوحها، وتعيد لها وعيها وتعيد لنا وعينا بها، ومترهلة في رياضتها مع أن الرياضة هي التي يجب أن تمنحها الحيوية واليفاعة والتدفق. إن القدس تغرق في فراغ مرجعي سببه بالذات هذا التراكم في المرجعيات وادعاء امتلاك الشرعية المطلقة واحتكار الجقيقة والحل والعقد من قبل كل مرجعية اعتباطية فرضت نفسها ضمن لعبة توزيع الكراسي واستحداث المناصب والمكاتب على سبيل الاسترضاء. كان متوقعا أن يتيح الحريصون على مدينة القدس المجالات ويفتحوا الآفاق لكي تفرض وجودها بكل نصاعة وزهو على أيدي شبان وشابات يبحثون عن دور غاب فعليا في ظل حديث مستمر عن دور كبير يلعبونه، ومن خلال ثقافة نهضوية أقصتها- للأسف- الاعتباطية والأمية الثقافية وركوب الموجة في ظل حديث مثير للشفقة عن عاصمة للثقافة العربية، وعبر رياضة تحاصرها -للأسف- الفهلوة والذاتية والمخترة إلى حد الانهيار المتدرج مع سبق الإصرار في معظم أندية القدس. إن النتائج التي سجلتها الأندية المقدسية في بطولة درع الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم والتي تناولتها الصحف المحلية أول من أمس في تقاريرها وتعليقاتها تثير الأسى والحزن، وتبرر الفزع والقلق على مستقبل الرياضة والشباب في المدينة. لكننا لا ندري ما الذي يعيق ويكبل الحريصين والمخلصين الذين ما زلنا نتوسم فيهم الخير ونأمل أن يحركوا المياه الراكدة ويباشروا عمليا في البحث الجدي في أسباب الأزمة وفي الشروط والظروف الواجب توافرها من اجل انتشال الأندية المقدسية من هذه الأزمة البادية للعيان، والتي تترجمها النتائج الهزيلة لهذه الأندية. خلال الحديث عن مكمن الخلل والشلل، وعن مفتاح الحل، سألني أحد الزملاء الإعلاميين باستغراب عن دور الهيئات العامة في هذه الحالة؟ فكان جوابي بأن طلبت منه أن يخفض صوته كي لا يزعجها وأن يتركها تنعم في سباتها العميق، وألا يزجها في نقاش أريد لها ألا تخوض فيه، وألا ترى في نفسها أكثر من مجرد (جمهور) في المدرجات، وألا تتخطى موقع (الهتيفة!) في ظل حديث دائم عن مشاركة جماعية وديمقراطية تنعم بها الأندية؟! هنالك خطر كبير يداهم مدينة القدس شباباً ورياضة وثقافة، وتحتاج إلى أطقم وزارية بملفات ضخمة لمعالجتها، فهل سيتسع وقت معالي وزيرة الشباب والرياضة والثقافة لهذه المهمة المركبة والبالغة التعقيد؟ وهل سيتاح لها المجال لكي تمارس دورها العملي وتتخطى عقبة واحدة فقط، أو تحل مشكلة واحدة فقط من ركام المشكلات التي ترزح تحتها المؤسسات الرياضية والثقافية في القدس؟ وإذا كانت الوزارات والمكاتب والمرجعيات الرسمية غير قادرة على العمل بسهولة في المدينة، فلماذا لا نقطع الشك باليقين ونترك المجال للمؤسسات الأهلية لكي تقوم بدورها الفعال والمثمر؟ ومتى ستصبح عشرات المرجعيات واللجان والمكاتب المقدسية المتشكلة في كل مناسبة على تماس مباشر وعملي مع أبسط مشكلة من مشكلات عاصمتنا الحزينة، بحيث نستطيع أن نقول: هناك مبرر لكل هذه الهياكل المتوالدة ولكل هذه الجلبة والشعارات المثيرة للضجر عن القدس؟ |