وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مختصون وأكاديميون يؤكدون أن الانقسام الداخلي يزيد معاناة الأسرى في السجون الإسرائيلية

نشر بتاريخ: 16/04/2008 ( آخر تحديث: 16/04/2008 الساعة: 10:47 )
غزة- معا- طالب أكاديميون ومختصون في شؤون الأسرى بضرورة وضع الخلافات الساسية الداخلية جانباً وايلاء قضية الأسرى الهم الأكبر.

جاء ذلك في ندوة نظمها مركز معلومات وإعلام المرأة بالتعاون مع جامعة الأقصى في مقر المركز في مدينة غزة، حيث شدد المتحدثون على ضرورة وضع الخلافات السياسية والحزبية بجانب والتطلع إلى نصرة قضية الأسرى والعمل على إطلاق سراحهم بأسر وقت ممكن.

وحيا الدكتور تيسير نشوان نائب رئيس جامعة الأقصى للشئون الثقافية والعلاقات العامة في كلمة باسم جامعة الأقصى المشاركين في الندوة، مشيراً إلى أهمية قضية الأسرى على صعيد الهيئة التدريسية لدى الجامعة.

ودعا المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى الضغط على إسرائيل لإطلاق سراح الأسرى من سجونها كي ينالوا الحرية كباقي شعوب العالم.

بدوره أعتبر الدكتور خالد صافي الباحث الاكاديمى في ورقة عمل قدمه خلال الندوة حول أثر الانقسام الداخلي على قضية الأسرى، أن قضية الأسرى والمعتقلين تشكل قضية في غاية الحساسية، لاسيما وأن عدد الأسرى ارتفع إلى 11500 معتقل و48 عضو مجلس تشريعي و194 شهيداً من شهداء الحركة الأسيرة في 25 سجن ومعتقل ومركز توقيف يقضي 67 منهم سنوات زادت عن العشرين.

وأوضح أن أثر الانقسام على وضع المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية استغلته سلطات الاحتلال للتصعيد من سياسيتها القمعية ومنها التوسع في عملية الاعتقالات.

ونوه إلى أن مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى عبد الناصر فروانة كشف أن العام 2007 شهد ارتفاعات في عمليات الاعتقال بنسبة (34.2 %) عن العام الذي سبقه 2006، حيث أن قوات الاحتلال اعتقلت خلاله ما مجموعه (7612) مواطن، بمعدل (21) حالة يومياً، فيما اعتقلت خلال العام 2006، ما مجموعه (5671) مواطن بمعدل (15.5) حالة يومياً، في الوقت الذي شهد فيه العام 2006 تزايداً بنسبة (62.2 %) عن العام الذي سبقه 2005 وهذا مؤشر خطير يدلل على أن مسار الاعتقالات في تصاعد مستمر.

وأكد أن سلطات السجون الإسرائيلية استغلت حالة الانقسام لتصعيد إجراءاتها القمعية بحق الأسرى، كما أن العام 2007 شهد تصاعداً في عمليات القمع العنيفة من قبل وحدات 'نخشون وميتسادا' المزودة بأحدث الأسلحة، وسجل خلاله أكثر من خمسين عملية قمع عنيفة من قبل تلك القوات، التي استخدمت خلالها الهراوات والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والرصاص الدمدم، وشملت غالبية السجون تقريباً مثل نفحة ورامون ونيتسان وجلبوع وعوفر، مشيراً إلى أن أعنفها وأكثرها شراسة وإجراما كانت تلك الأحداث التي جرت في معتقل النقب الصحراوي بتاريخ22-10-2007 واستشهد على أثرها الأسير محمد الأشقر، فيما أصيب أكثر من (250) معتقل بإصابات مختلفة لا زال البعض منهم يعاني لغاية الآن من آثارها. وأن عمليات الاقتحام التي تتكرر في سجون الاحتلال يتخللها تنكيل بالأسرى وإخضاعهم للتفتيش الدقيق والمهين يدويا وبالأجهزة الكهربائية، وإخراجهم من غرفهم والعبث بمحتوياتها. وأن مصلحة السجون الإسرائيلية أصبحت تتدخل في أصغر خصوصيات الأسرى، وتخضع أغراضهم الشخصية للتفتيش رغم أنها لا تدخل إلا بعد الرقابة الشديدة.

وبين أن إدارة السجون تعمل على استغلال ذلك لتوتير الأجواء وتعكيرها بين السجناء لاسيما أسرى النزاع المتفاقم، وأن هناك مخاطر كبيرة على الحركة الأسيرة إذا انتقل النزاع إلى داخل السجون، لافتاً إلى أن ذلك يتطلب أن يتعامل الأسرى مع القضية بتروي ومسؤولية كبيرة.

وأضاف صافي، إن التشرذم الحادث يستنزف الطاقات الفلسطينية ويحرفها عن مسارها الصحيح. وفي ظل الانقسام وانحراف الأولويات تراجعت قضية الأسرى عن سلم الأولويات.

ونوه إلى أن قضية الأسرى تعد مسألة استحقاق سياسي يجب ألا تترك لحسن النوايا الإسرائيلية. وأن تدرج قضية الأسرى كقضية سياسية في أية مفاوضات أو لقاءات والتعامل معها بوحدة واحدة، لذلك يجب عدم التوقيع على أي اتفاق لا يشمل إطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين، ويجب أن ورفض أسلوب الانتقائية والتمييز بين الأسرى فهي قضية وطنية وإنسانية وتبقى بعيدة عن كل الخلافات والتناقضات الداخلية وعدم استخدام قضية الأسرى للمزايدة الفصائلية في الخلافات السياسية القائمة. فهي قضية أكبر من الحزبية والمصالح الضيقة. وذكر أن هناك حالة قلق لدى الأسرى على مصير الشعب والقضية الفلسطينية، موضحاً أنه حسب وصفهم فإن حالة الانقسام وأشكال العنف، والفعل ورد الفعل الذي يحياه الشعب الفلسطيني، بين شطري الوطن، أصبحت غير محتملة.

من جهته، قدم الدكتور أحمد إبراهيم حماد أستاذ الإعلام المساعد في جامعة الأقصى بغزة ومدير مركز الحرية للإعلام دراسة حول الصورة الذهنية للأسير في وسائل الإعلام، لافتاً إلى أنه من خلال اطلاعه على بعض الأدبيات والدراسات التي تناولت الأسير من زوايا مختلفة، تبين أن الصورة الذهنية للأسير في الصحافة المحلية لم تحظ بالاهتمام لتغطية أبعاد الموضوع رغم أهميته، وقضايا الأسير ليست بمعزل عن السياق الاجتماعي والسياسي والثقافي للمجتمع الفلسطيني ، فشعور الأسير بمكانته لمن أهم العوامل المؤثرة في إنتاجيته لأنه يسمح برفع الكفاءة الداخلية بالحياة العملية من خلال مشاركته في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية باعتباره أهم رأس مال بشري في الشريحة المجتمعية ورغم ذلك فهناك مؤشرات تدلل على اهتزاز المكانة المهنية للأسير المحرر مقارنة بأصحاب المهن الأخرى الذين لم يمروا بتجربة الأسر.

ونوه إلى أن دراسته أكدت أن هناك نسبة عالية من الموضوعات المتعلقة بمكونات الصورة الذهنية للأسير لا تحمل أدلة أو شواهد واقعية على ما يطرحه الكاتب، لذا تدعو هذه الدراسة الصحف لإعادة النظر في تعاطيها للموضوعـات المكونـة لصورة الأسير، فلا تسمـح بنشر ( المقالات السلبية) من قبل ( الكتاب، والقراء أو حتى الترجمة عن الصحف الإسرائيلية) التي لا تعتمد على (أدلة منطقية ) وخاصة الكتابات التي تهدف إلى ( التوعية بالأهمية ) وذلك لنسبة السلبية الطاغية فيها.

وأوصى د. حماد بدراسة أسباب ضعف التغطية لقضايا الأسرى التي كانت مدرجة في صحف الدراسة (القدس والحياة الجديدة والأيام)، ولكنها بدت وكأن التغطية الصحفية للأسرى أصبحت موسمية في الفترة الأخيرة رغم أن الأسرى شريحة كبرى في المجتمع، وهم في الغالب يمثلون طبقة مثقفة سياسيا يتابعون الصحف، لذا من المهم أن يجدوا في صحفهم ما يشبع نهمهم نحو قضاياهم العادلة.

وأكد د. حماد ظهور اتجاهات حديثة للصحافة الفلسطينية تمثلت في خروجها من منطقة (السلبية) التي كانت سائدة في الماضي قبل قيام السلطة الوطنية في العام 1994 مثل تجاهل قضايا الأسرى نتيجة الرقابة الإسرائيلية الصارمة.

ودعا وزارة الأسرى ومؤسسات البحث العلمي إلى دراسة مسببات تصاعد نسبة الاتجاهات السلبية مع تقدم السنوات عند بعض مكونات صورة الأسير، وأبرزها، مكون الواجب تجاه الأسير.

وطالب وزارة شؤون الأسرى ومراكز البحث العلمي في الجامعات ووزارة الإعلام في السلطة الوطنية بإعداد خطة إعلامية واضحة ومبرمجة زمنيا للتواصل مع الصحف المحلية وإمدادها بما تعتقد أنه ايجابي عن صورة الأسير، ودفعها للنشر عبر المساحات التي تخصصها الصحف للأسرى والعمل على تفعيل الإعلام الخارجي من خلال السفارات الفلسطينية ووسائل الإعلام الأجنبية اتجاه قضايا الأسرى.

وقال الدكتور فايز أبو شمالة، في ورقة عمل قدمها في الندوة حول تشابكات الزمن في الوجدان السجين، إن الحاضر في السجن نقطة الارتكاز للزمن المحاصر بالجدران والأسيجة.

وأكد أن السجين لم يفقد الأمل وهو يعيش الزمن الحاضر المفروض عليه لمحدودية حركة المكان والانتقال الضيق ضمن غرفة السجن، فقدان الأمل يعني اليأس والموت على الفراش وذلك مالا يتفق من أساسه مع فكرة المقاومة التي اقتنع بها الأسير ومارسها عملياً، فالسجين ملزمٌ باحتمال وحشية الواقع الراهن مستعيناً على ذلك بإحدى جناحي الحاضر وهما الماضي والمستقبل أو بكليهما.

أما الباحث أكرم أبو عمرو الذي تحدث عن الأسرى بين هموم الأسر وهموم الوطن، فقال: تحل علينا الذكري السنوية ليوم الأسير والشعب الفلسطيني يمر في ظروف هي من اشد مراحل تاريخه ونضاله خطورة وحرجاً ما يهدد وبشكل خطير وجدي مشروعه الوطني المتوج بحلم الدولة، والذي قدم من أجلة قوافل الشهداء والتضحيات الجسيمة من إمكانيته ومقدراته.

وأضاف أبو عمرو، تحل ذكري يوم الأسير لهذا العام وقد انقضي 60 عاماً علي نكبه الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعيش آثارها وتداعياتها , استطاعت فيها قوي الغرب الاستعماري من فرض أمر واقع علي 78 % من ارض فلسطين التاريخية بعد قيام إسرائيل وتشريد الشعب الفلسطيني.

ولفت إلى أن حاله الانقسام والاستقطاب السياسي مازالت تخيم على الساحة الفلسطينية، ما يضع الشعب وقضيته علي حافة الهاوية، ونعتقد أنها بلغت مرحلة خطيرة توجب تداركها خلال الأشهر القليلة القادمة وإلا العواقب ستكون وخيمة، منوهاً إلى أن قضيه الأسري لا تحتاج إلي كثير من التأويل أو التحليل أو تبادل وجهات النظر فهي قضيه واضحة ومحددة تحكمها المعاير الأخلاقية، والقانون الدولي والأعراف والمواثيق الدولية.

وشدد على أن عمليات الاعتقال ضد المواطنين شملت مختلف شرائح الشعب شباباً وشيوخاً، أطفالاً ونساءً، ناهيك عما تبتدعه قوات الاحتلال من تصنيف للأسري بين قسم أيديهم ملطخه بالدماء، وآخر أيديهم غير ملطخه بالدماء.

ونوه إلى صعوبة عمليات الإحصاء لعدد الأسري والسجون والمعتقلات التي يتواجدون فيها، لان عمليات الاعتقال تتم يوميا وعلي مدار الساعة، ففي اللحظة التي يفرج عنها عن أسير يكون عدد من الأسري قد زج بهم في غياهب السجون والمعتقلات، قائلاً: في يوم الأسير يجب علينا أن لا ننسي أن الشعب الفلسطيني كله أسيرا للاحتلال لأنه يعيش تحت وطأة الحصار الخانق براً، وبحراً وجواً، حيث أن قطاع غزة الصغير المساحة أصبح سجنا كبيرا بل اكبر سجن في العالم يضم نحو مليون ونصف المليون نسمة، وها هي المحافظات الشمالية تعتبر أسيرة للاحتلال الذي يحاصرها بمئات الحواجز العسكرية، ومئات المواقع الاستيطانية ناهيك عن جدار الفصل تداعياته، ولكن ما يهمنا اليوم أسرانا القابعين خلف القضبان الذين يسطرون بصمودهم أروع آيات التضحيات والفداء.

وطالب بضرورة الضغط على دولة الاحتلال بوجوب احترام حقوق الأسرى و المعتقلين وفقاً للقانون الدولي الإنساني و قانون حقوق الإنسان وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنين في الباب الرابع منها والمتعلق بقواعد معاملة المعتقلين.

ودعا المجتمع الدولي للخروج من صمته إزاء ملف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية و الضغط على حكومة الاحتلال من أجل توفير الحماية لهم وضمان التمتع بحقوقهم المكفولة لهم وفقاً للقانون.

كما دعا منظمات المجتمع المدني المحلية و الدولية تضافر الجهود في ملف الأسرى و المعتقلين من أجل الكشف عن حجم الانتهاكات للرأي العام الدولي وصولاً إلى الضغط على الاحتلال من أجل التوقف عن انتهاكاته واعتداءاته بحق الأسرى والمعتقلين.

وقدم الدكتور رفيق المصري أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأقصى ورقة عمل حول تداعيات الأسر والاعتقال على الأسرة الفلسطينية، مشيراً إلى أنه يسود في الأوساط الفلسطينية قاطبة، إجماع منقطع النظير على اعتبار قضية الأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية هي من أهم القضايا الوطنية على الإطلاق، وهي من أهم المؤشرات على حدة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي الذي قارب على انتهاء عقده السادس.

ولفت المصري إلى أنه يكاد لا يخلو بيت من البيوت الفلسطينية من وجود معتقل سابق أو حالي، أو ربما لا توجد أسرة فلسطينية لم تعانِ مثل هذا الفقدان إذا ما عرفنا بأن عدد الفلسطينيين الذين دخلوا السجون الإسرائيلية قد فاق 700 ألف، فخلال انتفاضة 1987-1993م، دخل السجون الإسرائيلية 175 ألف معتقل، وكان قبلها قد دخل السجن حوالي 430 ألفا.

وثمنت الدكتورة هدى حمودة، رئيسة المركز المشاركين من أساتذة وباحثين وبالحضور في ظل الأوضاع الصعبة التي يعاني منها أبناء قطاع غزة لاسيما عدم وجود مواصلات وصعوبة في التنقل نتيجة قطع إسرائيل لإمدادات الوقود والغاز عن القطاع.

وحيت د. حمودة الأسير في يومه، ولفتت إلى أهمية العمل على إطلاق سراح كافة الأسرى من سجون الاحتلال وهم بوصلة الأمان للشعب الفلسطيني وهم أصحاب وثيقة الوفاق الوطني بين أبناء الشعب.

هذا وقدمت الأسيرتان المحررتان فيروز رباح عرفة ومنال النواجحة نبذة حول التجربة الاعتقالية وما شهدته من مرارة السجن، والتعذيب بكافة أشكاله من ضرب وشبح وحرمان من النوم ومنع زيارة الأهالي.