وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

وزارة الاسرى المقالة بغزة: 56 أسيراً عربياً بين مطرقة السجان الاسرائيلي وسندان تقاعس حكوماتهم

نشر بتاريخ: 22/04/2008 ( آخر تحديث: 22/04/2008 الساعة: 14:46 )
غزة- معا- أكدت وزارة شؤون الأسرى والمحررين، بالحكومة المقالة أنه لا يزال في سجون الاحتلال أكثر من (56) أسيراً عربياً من دول عربية مختلفة، ويعيشون ظروفاً قاسية وتمارس بحقهم كافة أساليب الاضطهاد والتعذيب والقهر، على الرغم من اتفاقيات السلام التي وقعتها دولة الاحتلال مع بعض هذه الدول العربية كجمهورية مصر العربية والأردن.

وقالت الدائرة الإعلامية في الوزارة في تقرير لها بمناسبة يوم الأسير العربي، والذي يصادف الثاني والعشرين من نيسان-أبريل من كل عام، والذي يواكب ذكرى اعتقال الأسير اللبناني، أقدم أسير عربي (سمير قنطار ) في 22-4-1979م، إن إسرائيل لا تفرق في المعاملة بين أسير فلسطيني وعربي فجميعهم يعانون من ظلم السجان وقساوة ومرارة الاعتقال ، وتستخدم إسرائيل الأسرى العرب بشكل عام كرهائن سياسيين لديها لاستغلالهم لممارسه المزيد من الضغط على تلك الدول التي لديها اسري في سجون الاحتلال ،وتحقيق مصالحها، حيث ان العددي من هؤلاء الأسرى قد انتهى حكمهم فعلياً ،وكان يجب إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى بلادهم، إلا أن سلطات الاحتلال ترفض إطلاق سراحهم ،وتحتجزهم باسم الاعتقال الإدارى.

تقاعس الحكومات
وقال رياض الأشقر، مدير الدائرة الإعلامية، إن اشد ما يعانى الأسرى العرب في سجون الاحتلال، هو تقاعس حكوماتهم عن التحرك السياسي والدبلوماسي والمطالبة بإطلاق سراحهم من السجون ، وخاصة تلك الدول التي لديها اتفاقيات سلام مع دولة الاحتلال كمصر والأردن ، وكثيراً ما يجتمع قادة هذه الدول مع قادة الاحتلال ولا تطرح قضيتهم على بساط البحث ، وهذا مما يزيد من معاناتهم اليومية ، ويجعلهم يشعرون بالإحباط والقلق باستمرار.

وأوضح الأشقر بان الأسرى العرب محرومين من زيارة ذويهم منذ اعتقالهم ، وتمنعهم إدارة السجن من بالاتصال بهم للاطمئنان عليهم، أو إرسال رسائل لهم، كذلك تمنعهم من التواصل مع ذويهم عن طريق تصوير شريط فيديو لهم في السجون وإرساله لذويهم للاطمئنان عليهم أو العكس، حيث كان يسمح في السابق للأسرى من دول أخرى بإدخال شريط فيديو مرة في السنة ومشاهدته في غرفة خاصة، لكن هذا الأمر توقف منذ اندلاع انتفاضة الأقصى ، وان الطريقة الوحيدة التي يتمكن الأسرى العرب فيها من التواصل مع ذويهم، هي عن طريق الأسرى الفلسطينيين، والذين يتواجدون معهم في نفس الغرف والأقسام، والذين يفرج عنهم بعد انتهاء محكومياتهم، فيقومون بالاتصال بذوي الأسير العربي لطمأنتهم عليه.

وأشار الأشقر إلى أن الأسرى العرب تم تبنيهم من قبل عائلات فلسطينية تقوم بزيارتهم بشكل مستمر ، عوضاً عن زيارة ذويهم ،الذين لا يتمكنون من زيارتهم ، ويدخلون إليهم ما يحتاجون من أغراض وملابس ،وهؤلاء هم اسر لمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية ، تعرفوا على هؤلاء الأسرى عن طريق زيارة أبنائهم ، وتعاطفوا مع قضيتهم ، فقاموا بتبنيهم رسمياً عبر إدارة السجن والتي تسمح لهم بالزيارة كالأسرى الفلسطينيين.

جنسيات مختلفة
وقال الأشقر بأنه يوجد في سجون الاحتلال ما يقارب من (56) أسيرا عربياً ، بينهم (31) أسير أردنى بعد إطلاق سراح أربعة اسري أردنيين وتحويلهم إلى السجون الأردنية لإكمال مدة محكومياتهم هناك حسب شروط الصفقة التي عقدت بين الحكومة الأردنية والاحتلال فى يوليو من العام الماضي وهم ( سلطان العجلوني و أمين عبد الكريم الصانع و خالد عبد الرزاق أبو غليون، وسالم يوسف أبو غليون ) و(13) أسيراً سورياً من هضبة الجولان، بينهم امرأة، وهى (آمال مصطفى محمود) 43 عاما ، ومن بين الأسرى السوريين أربعة من الأسرى القدامى والذين مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً وهم الأسير (بشير سليمان المقت ) والأسير ( عاصم محمود والي) والأسير (سيطان نمر والى) والأسير (صدقى سليمان المقت) وجمعهم من الجولان ومعتقلين منذ عام 1985.

ومن بين الأسرى العرب(7) أسرى مصريين، وأقدمهم الأسير عاطف أحمد قديح، ومعتقل منذ 21-1-2000، وهناك (4) اسري لبنانيين وأقدمهم الأسير (سمير قنطار)، وهو عميد الأسرى العرب،ومعتقل منذ 22/4/1979 وقد دخل في عامه الثلاثون فى الأسر ، ومحكوم بالسجن خمس مؤبدات ، ورفض الاحتلال إطلاق سراحه في أكثر من عملية تبادل اسري ، والثلاثة الآخرون ترفض دولة الاحتلال الاعتراف بوجودهم لديها كاسري وهم الأسير (يحيى اسكاف ) والأسير (نسيم نسر) والأسير (محمد الفران ).

بالإضافة إلى هؤلاء الأسرى يوجد أسير سعودي الجنسية، وهو الأسير (عبد الرحمن العطيوي )37 عاماً، وهو من سكان مدينة تبوك الحدودية مع الأردن ، ومعتقل فى سجون الاحتلال منذ مارس 2005 ، عندما كان بالقرب من الحدود المصرية، وهو متزوج ولديه ابنه ،ولم تكشف سلطات الاحتلال عن وجوده في السجن منذ البداية ،وإنما اضطرت لذلك بعد أن تعرف عليه اسري فلسطينيين أثناء وجوده في إحدى المستشفيات الإسرائيلية المخصصة لعلاج الأسرى ، حيث كانت صحته قد تدهورت جراء إضرابه عن الطعام لمدة أسبوعين بعد تعرضه لظروف عزل قاسية وتحقيق مستمر منذ لعدة أشهر ، ويحتجز (العطيوى) دون محاكمة ، حيث كانت إحدى المحاكم الإسرائيلية قد حكمت عليه بالسجن لمدة 3 شهور بعد اعتقاله ، قضائها فى سجن الرملة ، وهو الآن معتقل دون حكم.

شاليط أولا واخيراً
واستغرب الأشقر من عدم اهتمام تلك الدول التي لديها اسري لدى الاحتلال ومعظمها لديه علاقات قوية من دولة الاحتلال ، بإطلاق سراح مواطنيهم من السجون ، فعلى سبيل المثال مصر لها علاقات غير محدودة مع الاحتلال ، ولا يمضى شهر إلا ويعقد اجتماعات وجلسات بين مسئولين مصريين وخاصة مدير المخابرات المصرية وقادة إسرائيليين ، ولم نسمع مرة أن بحث ملف الأسرى المصريين فى سجون الاحتلال ،والغريب فى الأمر ان مصر تسعى بكل قوة لدى الفصائل التي تختطف الجندي (شاليط) لإطلاق سراحه رغبة فى إرضاء إسرائيل ، ولكنها لا تطالب إسرائيل بإطلاق سراح أسرها السبعة من سجونها ، وكذلك الأردن ، والمملكة العربية السعودية التي لم يأتي اى مصدر رسمي سعودي على ذكر الأسير السعودي (عبد الرحمن العطيوى) فى السجون الإسرائيلية ويتعاملون مع الأمر كأنه لا يوجد اى سعودي في سجون الاحتلال ، هذا بالإضافة إلى عدم وجود اى تحرك شعبي من قبل شعوب تلك الدول أو جمعيات إنسانية وحقوقية لتفعيل قضيتهم والمطالبة بإنهاء معاناتهم.

ويعتبر الأسرى العرب في هذا الوضع رهائن لدى الاحتلال ليس لديهم أفق سياسي لحل قضيتهم في ظل التعنت الإسرائيلي والأحادية في التعامل معهم من جانب ، تقاعس الحكومات العربية التي لديها اسري من جانب أخر.

اسري الدوريات
وأوضح الاشقر بأن الأسرى العرب أو ما يطلق عليهم "أسرى الدوريات"، وذلك لتميزيهم عن باقي الأسرى الفلسطينيين، ينحدرون من عدة دول عربية اعتقلوا أثناء محاولاتهم الدخول إلى الأراضي الفلسطينية لمساندة الشعب الفلسطيني في كفاحه ضد الاحتلال، وحكمت عليهم أحكاماً مختلفة كثيراً منها بالمؤبد مدى الحياة.

وخلال عشرات السنين من الصراع مع المحتل اعتقل مئات الأسرى العرب من مختلف الدول العربية وخاصة مصر والأردن وسوريا ولبنان والسودان وليبيا والعراق ، وقد أطلق سراح قسم منهم في صفقات تبادل الأسرى في الثمانينات، وأطلق سراح بعضهم في حملات الإفراج التي تمت بناءً على اتفاق "أوسلو"، بعد اتفاقية شرم الشيخ، حيث أطلق سراح 42 أسيراً إلى قطاع غزة لفترة لا تتجاوز الثلاث سنوات، ولكنها انقضت ولم يسمح لهم حتى الآن بالعودة إلى أوطانهم.

وأشار التقرير، إلى أن الأسرى اللبنانيين أطلق سراحهم جميعاً خلال صفقة التبادل مع حزب الله خلال انتفاضة الأقصى، باستثناء الأسير (سمير قنطار) الذي رفضت إسرائيل إطلاق سراحه، وثلاثة آخرين لا تعترف إسرائيل اصلاً بوجودهم فى السجون ، كذلك تم الإفراج عن 6 أسرى مصريين مقابل الإفراج عن الجاسوس عزام عزام.

وقد خاض المعتقلون العرب، عدة إضرابات عن الطعام وخطوات احتجاجية أخرى، ووجهوا رسائل إلى رؤسائهم وسفرائهم طالبوا فيها بتفعيل قضيتهم في جميع وسائل الإعلام في بلدانهم وفي البلاد الأخرى، وتبيان مخالفتها للقانون الدولي، وكذلك السماح لهم بزيارة ذويهم بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والسماح لهم بالاتصال مع عائلاتهم للاطمئنان عليهم وتوفير حياة كريمة لهم داخل السجون، وأن يكون هناك أفق سياسي في التعامل مع تلك القضية، وأن لا تترك لحسن النوايا الإسرائيلية، وأن يقوم سفراء دولهم بزياراتهم بصورة دائمة، وان يزوروا جميع الأسرى وليس مندوبين عنهم.

ويطالب الأسرى العرب أيضاً، بتحرك دبلوماسي وسياسي للضغط على إسرائيل لإطلاق سراحهم جميعاً دون قيد أو شرط، محذرين من السياسة الإعلامية لدولة الاحتلال والتضليل التي تمارسه، وتحاول من خلاله وصف الأسرى العرب بالسجناء الجنائيين وليسوا سياسيين.

معاناة دائمة
وأشار الأشقر إلى أن الأسرى العرب كغيرهم من الأسرى الفلسطينيين يعانون من ظروف إعتقالية غاية في السوء، ويحرمون من أبسط مقومات الحياة الإنسانية، وتستخدم سلطات الاحتلال كافة الأساليب التي تكفل تدميرهم نفسياً وتحطيهم جسدياً، فهم يعانون من كل أشكال الاضطهاد، بالإضافة إلى أنهم يعانون من الغربة وحرمانهم من الزيارات، ووضع العراقيل أمام اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، لترتيب زيارات لعائلاتهم، وعدم السماح لهم بالاتصال بذويهم تلفونياً للاطمئنان عليهم، كما يعاني الأسرى من نقص حاد في الملابس والأغراض الشخصية، بسبب عدم زيارتهم من قبل الأهالي ويعتمدون بشكل كلي على زملائهم الأسرى الفلسطينيين في سد حاجاتهم ، وأيضاً يعتمدون على ما تخصصه لهم وزارة الأسرى من مخصصات للكنتين حيث تعتبرهم الوزارة جزءاً من الحركة الوطنية الأسيرة لهم ما لها وعليهم ما عليها.

كذلك يحرم الأسرى العرب من حقهم في العلاج حيث يوجد العددي من الحالات المرضية بينهم ، فالأسير السوري (صدقي المقت) الذي أمضى أكثر من (23 عاماً) في السجون يعاني من أوجاع مستمرة في الكبد والمعدة والعمود الفقري، كذلك يعاني الأسير( سيطان الولي ) من أمراض عدة في المعدة والمفاصل وتأكل العظم وأوجاع في الظهر.

وكان عميد الأسرى السوريين (هايل أبو زيد) من الجولان المحتل، قد استشهد نتيجة صراع طويل مع المرض في سجون الاحتلال بعد أن عانى من الإهمال الطبي المتعمد وعدم مراعاة وضعه الصحي والمماطلة في عرضه على أطباء متخصصين وتجاهل مرضه لسنوات طويلة، حتى تغلل مرض السرطان في جسده وأصبح في مراحله المتقدمة التي لا يمكن علاجها، وبعد أن أصبح وضعه ميؤوس منه وبعد مناشدات كثيرة بإطلاق سراحه ليعالج في الخارج، قررت لجنة طبية تابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية، في 2004 إطلاق سراحه،وبعد عدة شهور استشهد متأثراً بمرض السرطان الذي أصيب به داخل السجون بعد أن قضى (21 عاماًً) فيها.

ووجهت وزارة شؤون الأسرى والمحررين، نداء عاجلاً في يوم الأسير العربي إلى كل الحكومات العربية السعي الجاد من اجل إطلاق سراح الأسرى العرب من سجون الاحتلال وخاصة الذين امضوا عشرات السنين داخل السجون ، حتى لو أدى الأمر إلى قطع العلاقات مع إسرائيل او على الأقل التهديد بقطعها وسحب السفراء، لأن احتجازهم مخالف للقوانين الدولية.