وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

أريحا تستبدل أشعة القمر بأضواء فرنسية وتطرب للموسيقى بدلا من زقزقة العصافير

نشر بتاريخ: 20/05/2008 ( آخر تحديث: 20/05/2008 الساعة: 22:13 )
أريحا - معا - تقرير - يفتخر الريحاويون أنهم يمشون على سجادة منسوجة من الآف روايات التاريخ الإنساني والمنسوجة من حكايات عشرات الأقوام التي سكنت أقدم مدن العالم منذ احد عشر ألف عام ، ويتغنى سكان المدينة بضوء القمر الذي يسدل جدائله الذهبية حين يبزغ مع ساعات المساء الأولى بمشهد يصوره وكأنه يلامس النتؤات الصخرية المحاذية للعاصمة الأردنية عمان بصورة تكاد تخلط بين السريالية أو الرمزية بل ان المشهد يثير إبداعات الكتاب والشعراء ، أو ربما يشكل محاولة للنبش في ذاكرة المكان .
وتحرص بلدية أريحا على المزج ما بين الحداثة المطلوبة في هذا العصر وبين الحفاظ على المكونات التراثية التاريخية لأقدم مدن العالم ، ولعل التجارب التي قام بها خبراء ومهندسون فرنسيون كمقدمة لإنشاء شبكة اضاءا لعدد من المواقع التاريخية في المدينة في أطار اتفاقية تعاون ما بين بلديتي أريحا وليون بمثابة التجسيد الحقيقي لرؤية المجلس البلدي والذي عبر عنه رئيس البلدية المحامي حسن صالح بالقول ان هذا المشروع هو إضافة جمالية وتعزيز لمشاريع البلدية لتسويق فكرة الاحتفال بالألفية العاشرة لاكتشاف المدينة والتي تعتبر الأقدام والاخفض في العالم ، مضيفا ان فكرة تسويق المدينة سياحيا وجعلها كمقصد سياحي عالمي كانت من أهم أهدافنا في المجلس البلدي ، وتعليقا على استجابة بلدية ليون الفرنسية لتنفيذ المشروع ثمن صالح جهود الأصدقاء الفرنسيين في مدينة ليون وشركة ثورن الفرنسية التي تبرعت بشبكة إضاءة المواقع الأثرية في المدينة ، حيث ان أريحا كانت قد انضمت إلى شبكة مدن الضوء في العالم والتي تضم (70) مدينة ، فالتجارب التي قام بها طاقم الخبراء والمهندسين الفرنسيين بحضور رئيسة جمعية أصدقاء الآثار الفلسطينية نهى رشماوي وكريستوف ريتشو من الشركة المتبرعة ورئيس البلدية وعدد من أعضاء المجلس البلدي عكست جمالية المواقع التي يشملها المشروع لتضيف بذلك ثلاثة روايات مجددة بثوب الحداثة إلى سفر المدينة التاريخي والذي تناقلته الأجيال جيلا بعد جيل .
فشجرة الجميزة والتي تعبق بروحية خاصة ووقار قدسيتها المستمد من التاريخ المسيحي والذي يحكي عن رواية الأب زكا العشار مع السيد المسيح عليه السلام ، جسدتها الأضواء الفرنسية كحوار ما بين عبق التاريخ وقداسة المكان ، إذ تسلل الضوء ما بين فروع الشجرة وأغصانها ملامسا حواف وأسطح المنازل القريبة ، مما ولد في نفوس الحاضرين رغبة بعدم مغادرة المكان ، فيما انعكس شعاع الأضواء الفرنسية على صدر جبل التجربة (قرنطل) كصرخة انسلت من عمق الوادي المحاذي للجبل لتقول لرتل من الآليات العسكرية بأنه ليس صحيحا بان الأقوياء هم الذين يكتبون التاريخ بل ان الحق هو الذي يحكم التاريخ . اما في شمال المدينة حيث ترقد حجارة قصر هشام بن عبد الملك فقد غلفت الأضواء المكان مفجرة سيل من الأحاسيس التي تعبق بالحب والحياة والتي أراد هشام بن عبد الملك ومن قبله هيردوس العاشق ان تكون المدينة اكبر وأجمل هدية للعشاق ، وبذلك يكون لمشروع الإضاءة الفرنسية المنوي تنفيذه واقعا جماليا ملموسا وأثرا اقتصاديا كبيرا سيلمسه السكان في السنوات القادمة من خلال مدخولات السياحة ألليلية التي تسعى البلدية بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار لتشجيعها، خاصة وان وزيرة السياحة قد أعلنت الأسبوع الماضي عن جهود الوزارة لتثبيت موقع قصر هشام بن عبد الملك كأحد مواقع التراث الإنساني العالمي الذي تراعاه اليونسكو، الى جانب اعلان البلدية عن نيتها المباشرة بتحديث وتطوير موقع القصر والفضاء المحيط به لجعلها مقصدا سياحيا لائقا .
ولا تتوقف جهود بلدية أريحا عند هذا الحد بل طالت الموسيقى والتي أصبحت احد ابرز الأنشطة التي يمارسها أكثر من (150) طفل وطفلة من اطفال المدينة انخرطوا في برنامج للتدرب على الآلات الموسيقية في مركز الطفل التابع للبلدية ويرعاه معهد ادوارد سعيد للموسيقى ، وقد عكس الأطفال موهبة مرهفة بالحس الموسيقي والذي ترجم من خلال إشراك خمسة منهم في فريق الاوركسترا الموسيقية التي شكلها معهد ادوارد سعيد للموسيقى ،وقد ارتأت وزارة الثقافة تتويج هذا الجهد الإبداعي بتقديم أربع ألآت موسيقية منوعة لقسم الموسيقى في المركز في إطار اتفاقية تعاون ما بين فلسطين والصين .
وعن استمرارية برنامج تعليم الموسيقى قالت مديرة المركز نادرة المغربي ان هذا اللون من الثقافة يوسع مدركات الأطفال ويدخلهم إلى عالم من الإبداع وتحقيق الذات وحب الحياة ، مضيفه ان عدد من أطفال قسم الموسيقى في المركز سيضمون إلى اقرنهم من دول شتى في مخيمين للموسيقى سيقامان هذا الصيف في كل من ألمانيا وايطاليا .