|
ندوة اقتصادية عقدتها جمعية حواء بنابلس تشعل "الجدل" حول مؤتمر بيت لحم للاستثمار
نشر بتاريخ: 09/06/2008 ( آخر تحديث: 09/06/2008 الساعة: 18:11 )
نابلس- معا- احتدم النقاش والجدال بين عدد من السياسيين والاقتصاديين الفلسطينيين حول النتائج التي جناها الشعب الفلسطيني من مؤتمر فلسطين للاستثمار الذي عقد في مدينة بيت لحم مؤخرا، بين رأي مؤيد يرى فيه انجازا هاما للاقتصاد الفلسطيني، وآخر معارض يرى فيه امتدادا للمؤتمر الاقتصادي العالمي الذي عقد قبله في شرم الشيخ.
جاء ذلك خلال ندوة اقتصادية سياسية عقدتها جمعية مركز حواء للثقافة والفنون بنابلس بعنوان "مؤتمر فلسطين للإستثمار... بين الواقع والآمال"، شارك فيها الدكتور حسن أبو لبده المدير التنفيذي لمؤتمر فلسطين للاستثمار، والدكتور حسن خريشه النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي، والدكتور سمير حليلة مدير شركة "باديكو" ومؤسسة "بورتلاند"، والدكتور يوسف عبد الحق أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية والمحلل الاقتصادي والسياسي، وادار اللقاء الكاتب الصحفي محمد دراغمة مراسل وكالة "اسوشيتدبرس" في الأراضي الفلسطينية. وفي بداية الندوة ألقت غادة عبد الهادي رئيسة الهيئة الادارية لجمعية حواء كلمة ترحيبية بالحضور، مؤكدة ان الممارسات الاسرائيلية كبدت الاقتصاد الفلسطيني خسائر فادحة تقدر بمليارات الدولارات وأوصلته إلى حالة من الركود والموت السريري، بسبب الحصار الذي تفرضه على كافة المدن الفلسطينية دون استثناء، إضافةً إلى الحواجز التي تقيمها في مختلف المناطق والتي فاق عددها نحو 540 حاجزا. واوضحت عبد الهادي أن مؤتمر فلسطين للاستثمار جاء في ظل نكوث المجتمع الدولي وتحديدا الولايات المتحدة الامريكية بوعودها باقامة دولة فلسطينية مستقلة، حيث علق عليه الفلسطينيون بكافة شرائحهم آمالا كبيرة لكي يساعدهم على الخروج من الازمة الاقتصادية الخانقة التي يمرون بها وتزداد يوما بعد يوم. وطالبت عبد الهادي السلطة الوطنية بمراعاة ظروف مدينة نابلس ومنحها المزيد من الاهتمام بدلا من التهميش الذي يعاني منه ابناؤها، محذرة في الوقت نفسه من ثورة الجياع. وفي استعراضه لنتائج مؤتمر الاستثمار، قال الدكتور حسن ابو لبده ان المؤتمر لم يكن كباقي المؤتمرات السابقة التي كانت تهدف الى طرح افكار او التوسع في افكار او ابتداع سياسات، وانما كان الهدف منه مناقشة امكانية ضخ سيولة جديدة في الاقتصاد الفلسطيني، ولم يكن مخصصا لاستدرار عطف هذا الطرف او ذاك وانما ليأتي بالمستثمرين للاطلاع على الفرص الاستثمارية المتاحة في فلسطين. واشار الى ان القائمين على المؤتمر سعوا لجمع اكبر عدد من المستثمرين وطرح مجموعة من المشاريع عددها 109 مشاريع بقيمة اجمالية 2 مليار دولار، وكان هناك شرط على كل مشروع ان يكون له صاحب يساهم بما لا يقل عن 25% من تكلفته الاجمالية. ونوه د. ابو لبده الى ان هذا المؤتمر كان مقررا عقده في الفترة بين عامي 2005-2006 ولكنه الغي بسبب نتائج الانتخابات التشريعية التي فازت بها حركة حماس في حينه، وقد تم تجديد هذا المؤتمر بداية هذه السنة. وأكد ابو لبدة انه تم خلال المؤتمر عرض امور تساهم في تغيير الصورة النمطية المترسخة في عقول الكثيرين في العالم عن فلسطين وشعبها، كما ان المشاريع التي طرحت كانت موزعة على مختلف القطاعات الاقتصادية وتم عرض المشاريع على المستثمرين داخل القاعات وخارجها. واعتبر د. ابو لبده ان المؤتمر حقق اهداف بامتياز حيث تم التشاور مع المسؤولين قبل انعقاده حول معيار النجاح للمؤتمر، فكان سيتم تقييمه بانه ناجح لو تم حضور 300 شخصية عربية و50 شخصية اجنبية في حين ان عدد الحضور تجاوز 2000 شخصية، كما تم وضع معيار نجاح يتمثل بتوقيع اتفاقيات بقيمة 500 مليون دولار، في حين بلغت قيمة المشاريع التي تم التوقيع عليها حوالي 1.4 مليار دولار. واكد د. ابو لبدة ان من بين اكثر من 2000 مشارك كان هناك 28 مشاركا من اسرائيل وهؤلاء مساهمتهم شبه معدومة، منوها الى ان الاسرائيلي ليس بحاجة الى مؤتمر في بيت لحم للتطبيع مع العالم العربي، فرجال الاعمال الاسرائيليين يلتقون بنظرائهم العرب في دولهم. وعن عدم إقامة المؤتمر في نابلس أوضح أبولبدة ان المدينة تفتقر لبنية تحتية، الامر الذي لا يؤهلها لذلك. ووجه الدكتور حسن خريشة مجموعة انتقادات الى مؤتمر الاستثمار، معتبرا انه امتداد لمؤتمر شرم الشيخ التطبيعي، وان هذين المؤتمرين حلقتان في عملية التطبيع بين العرب واسرائيل، مشيرا الى ان الدعم العربي للاقتصاد الاسرائيلي بلغ 42% في عامي 2006 و2007. ووصف خريشة المؤتمر بأنه محاولة اولى لغسل دماغ عامة الناس، وانتقد حضور عدد كبير من الساسة الاسرائيليين والامريكيين والاوروبيين لمؤتمر يأخذ طابعا اقتصاديا، معتبرا ان الحضور لم يأتوا بهدف الاستثمار، معبرا عن تخوفه من تكرار تجربة ما بعد اتفاق اوسلو، حيث ساهمت اموال المانحين التي تدفقت على السلطة في ظهور الفساد المالي وظاهرة "القطط السمان". كما عبر عن تخوفه من ان تساهم بعض المشاريع التي تم توقيعها في نقل ملكية الاراضي لاسرائيليين خاصة وأن 70% من الاستثمارات كانت في قطاع الابنية، كما حذر من استغلال العمالة الفلسطينية الرخيصة خاصة في ظل عدم وجود قوانين تحميهم. المؤتمر لتعزيز الصمود وردا على الانتقادات الموجهة للمؤتمر والتي تقول انه لا يمكن التنمية في ظل الاحتلال، أكد الدكتور سمير حليلة ان الاستثمار في فلسطين هو عمل وطني لتعزيز صمود المواطنين في ظل وجود احتلال طويل لا يمكن انهاؤه في اشهر معدودة. واشار حليلة الى ان الفقر يزيد في الاراضي الفلسطينية بصورة مخيفة، وان نسبة الفقر في محافظة نابلس تماثل تلك الموجودة في محافظة غزة، مبينا ضرورة قيام القطاع الخاص بدوره في ايجاد فرص عمل جديدة بعد اكتفاء مؤسسات القطاع العام من المواظفين حيث ان 52% من عمال قطاع غزة و17% من عمال الضفة هم موظفون حكوميون. مناهج الاستثمار بدوره حدد د. يوسف عبد الحق منهجين للاستثمار، الاول هو استثمار الرفاهية والاخر هو استثمار تعزيز الصمود، معتبرا ان المؤتمر اتخذ المنهج الاول (الرفاهية) بينما كان المطلوب هو المنهج الثاني (الصمود). واكد عبد الحق ان السوق الفلسطينية بحاجة الى ايجاد مشاريع صغيرة تركز على القطاع الزراعي بدلا من مشاريع الرفاهية والتكنولوجيا العالية. وفي نهاية اللقاء فُتح باب النقاش وطرح الاسئلة من قبل الحضور، حيث اتسمت بالسخونة، الامر الذي اضفى على اللقاء جوا من الاثارة. |