|
انطوان شلحت يعرض تقرير مدار الاستراتيجي 2008 عن المشهد الإسرائيلي خلال المنصرم
نشر بتاريخ: 24/06/2008 ( آخر تحديث: 24/06/2008 الساعة: 18:41 )
رام الله-معا- عرض "انطوان شلحت" محرر المشهد في تقرير مدار عام 2008، تقرير "مدار" لهذا العام، في إطار تحليلي، المستجدات ذات الطابع الإستراتيجي في الواقع الإسرائيلي، خلال العام 2007، في ستة محاور أساسية، هي: العلاقات الخارجية؛ المشهد السياسي والحزبي؛ المشهد الأمني والعسكري؛ المشهد الاقتصادي؛ المشهد الاجتماعي؛ الفلسطينيون في إسرائيل. وقد ساهم في إعداده مجموعة من الأكاديميين والمتخصصين في الشأن الإسرائيلي. وهو استمرار لتقارير سنوية ثلاثة سابقة صدرت عن المركز، في هذا الحقل.
وأكد "شلحت" ما جاء في التقرير كما يلي في ندوة تناقش "سياسة الحكومة الإسرائيلية بين المواجهة والتفاوض" بمشاركة المحلل السياسي " د.علي الجرباوي" أستاذ العلوم السياسية، والعديد من الشخصيات والأساتذة في العلوم السياسية، وعدد من الصحافيين. وأكد "علي الجرباوي" على أهمية التقارير واستكشاف الحقائق التي تصدرها مراكز الأبحاث الفلسطينية، التي توضح العلاقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتوضح طبيعة المجتمع السياسي الإسرائيلي للقاري الفلسطيني، مضيفا أن الاستخلاصات الفلسطينية من القراءات الإسرائيلية في غالبيتها هي خاطئه تماما. وقال الجرباوي أن إسرائيل مرتاحة في الصميم، لأنها هي من يضع الأساس في التعاون، وبسبب العلاقة العضوية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارها موضوع داخلي وليس خارجي، والأمر الآخر هو عمق علاقتها مع الاتحاد الأوروبي واستمرار توطيد هذه العلاقة، والأمر الأخير هو انفتاحها على كل دول العالم منذ اتفاق اوسلو. ونوه الجرباوي إلى قضية إيران والتحدي النووي بأنه هو من أكبر المواضيع التي تقلق ويؤرقها، وما يمكن ان تشكله إيران من تقاسم إسرائيل في المنطقة وهذا ما لا تريده إسرائيل. مضيفا ان ما عانت منه فلسطين من انقسام هو انتصار للمصلحة الفئوية وليس المصلحة الوطنية. وجاء التقرير كما يلي: بادئ ذي بدء، أن إسرائيل ظلت واقعة تحت تأثير نتائج حرب لبنان الثانية (صيف 2006). وقد انعكس تأثير ذلك، على مستوى المؤسسة السياسية، في صراع البقاء الذي خاضه ولا يزال يخوضه رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، من أجل الاحتفاظ بمنصبه وعدم سقوط الحكومة. ويشير التقرير إلى أن العام 2007 كان عام محاسبة النفس وإعادة الحسابات السياسية والأمنية- العسكرية. وجرت هذه العملية في ظل عمل لجنة تقصّي وقائع حرب لبنان الثانية [لجنة فينوغراد]. ومع أن التقريرين، اللذين أصدرتهما هذه اللجنة- الجزئي والنهائي- لم يؤديا، كما توقع البعض، إلى زلزال سياسي على مستوى "المسؤولية الشخصية" [أولمرت]، إلا أنهما كشفا عن عيوب وتقصيرات سياسية وأمنية، وعن أن إسرائيل لا يمكنها أن تتعايش مع واقع عدم تحقيق انتصار في أي حرب مقبلة، في حالة اندلاعها. كما أسفرت إعادة الحسابات عن اعتماد خطة خماسية للجيش الإسرائيلي، "خطة تيفن 2012"، والتي بدأ العمل فيها في العام 2008. أدى نشر نتائج لجنة فينوغراد إلى إشعال صراعات بين القوى السياسية المختلفة. وطمح حزب كديما إلى المحافظة على استمرار حكمه من خلال إظهار الوحدة وبذل مجهود خاص لمنع شرخ بين رئيس الحكومة ومن يعدها البعض الشخصية الثانية في الحزب، وزيرة الخارجية تسيبي ليفني. كذلك شهد حزب العمل، الشريك الأكبر لكديما في الحكومة، صراعات سياسية بسبب إخفاق عمير بيرتس رئيس الحزب السابق في تأدية وظيفته كوزير دفاع. لكن يبدو أن الأزمة الكبرى في حزب العمل انتهت بإجراء انتخابات داخلية وفوز إيهود باراك على غريمه واختياره وزيرًا للدفاع. واستغل شريك كبير ومهم آخر في الائتلاف، حزب شاس، ضعف رئيس الحكومة وصراعه من أجل البقاء في سبيل الحصول على تنازلات سياسية ومالية، وخاصة بعد انسحاب حزب "إسرائيل بيتنا" [أفيغدور ليبرمان]، الذي سبق أن انضم إلى الائتلاف ولم يبق فيه طويلاً. ويظهر أن شاس أملى شروطا على مضامين مفاوضات إسرائيل مع الفلسطينيين، وهدد بالانسحاب في كل مرة أعلنت فيها الحكومة ومن يترأسها عن نيتهما التفاوض على القضايا الجوهرية للصراع، خاصة القدس، المستوطنات واللاجئين. من ناحية أخرى يؤكد التقرير أن أي تطرق إلى الساحة السياسية الإسرائيلية في العام 2007 لا يمكن أن يتغاضى عن قضايا الفساد والجنس لشخصيات مركزية في الحكم، والتي عصفت بالدولة وشكلت انعكاسا لطرق التصرف وللثقافة السياسية الإسرائيلية. كما أن قضايا الفساد المالي المرتبطة برئيس الحكومة ووزير المالية السابق عمقت الشكوك بالمؤسسات الرسمية والقائمين عليها، وأضعفت أولمرت وحكومته. وكانت لهذه القضايا ، تبعات سياسية مباشرة. فهي مست بعلاقة السياسيين مع الجمهور، وأضرت بثقة هذا الجمهور في النظام السياسي بشكل عام، وقد تؤدي إلى تغييرات في الحكومة وربما إلى الإطاحة بها. ويتوصل التقرير إلى بضعة استنتاجات لعل أبرزها استمرار الجمود السياسي، الذي يسيطر على المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية، والذي يعود أساساً لتمسك الحكومة الإسرائيلية بمواقفها المتصلبة إزاء قضايا الحلّ النهائي مع الجانب الفلسطيني، ومواصلتها النشاطات الاستيطانية. بجانب تبعات مترتبات الحرب على لبنان وقضايا الفساد التي حاصرت اولمرت. والتقدير أن إسرائيل ستواصل محاولاتها الرامية إلى الاستفادة من حالة الانقسام الفلسطيني على خلفية سيطرة "حماس" العسكرية على غزة، ومواصلة الحصار والاجتياحات والاغتيالات. ويشير التقرير إلى مواصلة إسرائيل تكثيف نشاطاتها الاستيطانية في القدس والضفة الغربية لفرض رؤيتها للحل النهائي على الأرض. ومن غير المستبعد أن تواصل إسرائيل ربط مواقفها من المفاوضات مع الفلسطينيين، ومن المسار السوري، بموقفها من "التحدي الإيراني". ولا ينحصر "التحدّي الإيراني"، بحسب قراءة إسرائيل، في مواجهة "المشروع النووي" فقط، ومحددات هذه المواجهة التي ترتبت على تقرير الاستخبارات الأميركية الذي أشار إلى أن إيران لا تعمل، منذ العام 2003، على تطوير قدرات نووية عسكرية، وإنما في ما يترتب على اعتبارها إيران زعيمة "محور الشرّ"، وفي أن أحد السبل لمواجهة هذا "المحور" هو إضعافه من خلال ربط سورية بعجلة عملية التسوية الذي سيؤدي حتمًا إلى انفصالها عن إيران وحزب الله و"حماس". وعلى المستوى الاقتصادي من المتوقع أن تؤدي بضعة مؤشرات سلبية إلى تآكل أهمية المؤشرات الإيجابية، مثلا: على الرغم من النمو الاقتصادي بنسبة 3ر5%، وارتفاع مستوى المعيشة، فإن هذا النمو لم يحسن الظروف الحياتية للطبقات الضعيفة التي تعيش تحت خط الفقر، وخصوصًا بعد إعلان مؤسسة التأمين الوطني عن اتساع ظواهر الفقر والبطالة بشكل ملموس، ليصبح عدد الفقراء في إسرائيل 7ر1 مليون شخص من أصل 2ر7 مليون نسمة يعيشون فيها مع نهاية العام 2007. وبناء على ذلك فإن الفقر يبقى واحدا من أهم المشكلات التي تعاني منها شرائح كبيرة في المجتمع الإسرائيلي، وهو من أهم أسباب ضعف التضامن الاجتماعي، وقد تكون له مضاعفات عميقة في المستقبل خاصة إذا تبين أن الفقر يتم توارثه، وبسبب أهميته كعامل في ضعف قدرات هذه الشرائح على توظيف المال في التعليم والصحة، في ضوء الخصخصة وانحسار دور الدولة في تقديم الخدمات الاجتماعية. كما يتوقع استمرار سلسلة الإجراءات والممارسات الإسرائيلية الرسمية والقانونية الرامية إلى ترسيخ الطابع اليهودي للدولة، والتي تحمل تبعات مباشرة على وجود المواطنين الفلسطينيين وحقوقهم القومية والمدنية، وكذلك على قياداتهم السياسية، بعد أن بلغت الحملة على هذه القيادات ذروة جديدة. |