|
الحديث ذو شجون *** نشوة الماتدور ! **** بقلم - فايز نصار
نشر بتاريخ: 01/07/2008 ( آخر تحديث: 01/07/2008 الساعة: 20:34 )
بيت لحم - معا - انفض سامر اليورو ، الذي استضافته بكفاءة واقتدار الجارتان سويسرا والنمسا ، في أجواء النجاح الكبير ، للتعاون الجواري الفاعل ، بعيدا عن التناكف المحموم ، والتنابز بالألقاب ، لدى الساعين لتسجيل النقاط ، واثبات الذات .
وكان هذا النجاح المشترك ثمرة سهر الليالي ، والتخطيط السليم ،والاتفاق على كل كبيرة وصغيرة ، مما جعل كل طرف يعرف مسبقا ما له ، وما عليه ، فانصب التنافس على الجدية في العمل ، لتحقيق النجاح المشترك . وفوق البساط الأخضر انتزع الماتادور الاسباني أهم غنائم اليورو ، وعاد الثور الاسباني إلى بلاد الأندلس متوجا باللقب الغالي ، مؤكدا أن اسبانيا أصبحت تملك بطلا يرسم ملامحه النجوم ، ومفندا مقولة إن اسبانيا منذ 44 سنة لا تملك إلا بطلا من ورق ، لأن الاسبان لا يولون للمنتخب الوطني عُشر اهتمامهم بالغريمين الأكبر ، الريال وبرشلونة ! منذ 48 سنة تدخل زعيم اسبانيا الشمولية فرانكو ، وحرم الماتدور من المشاركة في المونديال الأوروبي ، احتجاجا على مشاركة الدب السوفييتي ، فحرمت اسبانيا من تجريب حظها ، واختبار نجومها ، الذين كانوا الأفضل عالميا ... وقبل 44 سنة تنازل فرانكو وقبل مشاركة الروس في اليورو ، الذي استضافته اسبانيا ، التي توجت بلقبها الأول . والآن ... وفي خضم التحولات الرياضية الكبرى ، لصالح الفنيين ، جلس الملك الاسباني في المنصة الشرفية ، مكتفيا بالتصفيق لنجوم شرفوا العلم الاسباني ، وبهروا العالم بفنونهم الكروية ، تاركا للختيار أراغونس ادراة رحى المعارك الكروية ، من بابها إلى محرابها ! وجاءت نتائج اليورو اختبارا ناجحا لعناد العجوز ، الذي رسم خططه ، واختار نجومه تبعا للمعطيات الفنية ، بعيدا عن تدخلات السياسيين ، ورغبات رؤساء الأندية الكبرى ، ودون التأثر بغمز ولمز الصحافة ، التي نصبت خيام العزاء مبكرا ، لأن اراغونس لم يصطحب راؤول وغوتي وبويان ،مع الفيلق الاسباني المحارب ، في معارك اليورو ! والآن رفع الاسبان القبعات لقائد النصر المظفر ، واعترفوا بأن عناده كان ايجابيا ، بعيدا عن التسلط ، واكتشفوا أن العجوز السبعيني كان يطبخ على النار الهادئة ، فكانت الثمرة منتخبا منسجما ، كل نجومه أبطال ، من حارس المرمى ، الى آخر لاعب احتياطي ، لأن اراغونس وَلَف منتخبه جيدا ، تحت ظلال الخطط العصرية ، التي حضرها، مستفيدا من كل ايجابيات المدارس الكروية العالمية ، لتكون النتيجة خطة عصرية شاملة ، لا تترك للمفاجأة مكانا فوق الميدان ! ولعل أبرز معالم هذه الخطة تحصين الخط الدفاعية ، بما يتبث ما أكده الخبير الفلسطيني ، الدكتور منصور الحاج سعيد من إبطال لمقولة : إن أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم ، حيث أثبت أراغونس ميدانيا أن الفريق المنظم دفاعيا ، تتولد لدى كل لاعبيه طاقات هجومية ، مشحونة بالدفع المعنوي لتحقيق شق الانجاز الثاني ، المتمثل بتسجيل الأهداف . وهكذا نجح منتخب اسبانيا بخطة دفاعية صارمة ، جعلت حارسه كاسياس يتفرغ للمهام الجسام ، فكان أقل الحراس تدخلا ، ولكنه نال لقب الحارس الأفضل ، تماما كما استحق راموس لقب المدافع الأفضل ، واستحق سينا جائزة لاعب الارتكاز الأفضل ، واستحق اكزافي جائزئة افضل لاعب في البطولة ، واستحق توريس لقب رجل النهائي . والسؤل الذي يطرح نفسه هنا : من أين جاء أراغونس بهذه التشكيلة المنسجمة ؟ والجواب يا سادة يا كرام ، أن أراغونس وجد منتخبين أسبانيين جاهزين للناشئين والشباب ، وقد ذاع صيت المنتخبين في كل البطولات ، حتى أن منتخب اسبانيا الشاب فاز في نهائي البطولة الأوروبية الأخيرة على فرنسا بالأربعة ، بما يعني أن انجاز اسبانيا كان تواصلا للعمل ، الذي يشمل كل المراحل السنية . والنتيجة أيضا أن فوز اسبانيا سيكون بداية لمرحلة اسبانية جديدة ستكون مليئة بالانجازات ، لأن اسبانيا تملك منتخبات ، لمختلف المراحل السنية ! ورغم الهزيمة في النهائي ، تصرف الألمان بروح عالية وكرموا منتخبهم ، الذي كان في الموعد ، ولم يسلم بالهزيمة إلا بعد القتال على الطريقة الألمانية ، حتى آخر رصاصة ، لأن رفاق بالاك أكدوا في البطولة أن الماكينات الألمانية لا تصدا ، وتحقق النتائج حتى عندما لا يكون لديها منتخبا مقنعا ... لأن الألمان يؤمنون بالعمل الذي لا يتوقف ، والذي يحسب حساب كل شيء ، ولان الكرة الألمانية تبقى ماركة مميزة في التخطيط والعمل والانضباط والتركيز ، والقدرة على الانجاز ، ودليل كلامي أن المانشافات هو أفضل منتخب في العالم من حيث النتائج ، إذا منحنا نقاطا متفاوتة لمن يحتلون المراكز من الأول إلى الرابع ، في بطولتي كأس العالم وكأس أوروبا ! ورغم النقائص ، والعروض غير المقنعة في النهائي وقبل النهائي ، تبقى ألمانيا قوة عظمى في كرة القدم ، وسيعود المانشافت للمنافسة في المونديال الأفريقي بعد سنتين ، لان الألمان يضعون خططا بعيدة المدى ، بمدربين يمنحون الفرصة لمواصلة عملهم لفترة طويلة ، حيث أن ألمانيا هي أقل الدول اعتمادا على المدربين ، فاعتمدت على اقل من عشرة مدربين منذ تسعين سنة ! الأضواء في سويسرا والنمسا أطفئت ، والستائر أسدلت ، وعاد النجوم إلى بلادهم للتمتع بالإجازة الصيفية القصيرة ، قبل العودة غالى المواقع للانطلاق في مرحلة جديدة من العمل ، وفوز اسبانيا هو أول الغيث ، ولكن خسارة تركيا أو ألمانيا أو روسيا ليست نهاية العالم ! والحديث ذو شجون |