|
الجيران الطيبون للمياه يسرقون مياه خزان نبع العوجا
نشر بتاريخ: 28/07/2008 ( آخر تحديث: 28/07/2008 الساعة: 13:10 )
أريحا- تقرير معا- يفتقد وادي العوجا تلك الحيوية والجلبة التي كان يزخر بها في الأشهر الماضية، فالوادي المنضوي بين جبال صخرية جرداء لم يبق فيه إلا حجارته وبقايا أشجار القصب التي تعتاش على رطوبة مجرى الوادي والذي أصبح حبيسا للجفاف وارتفاع درجات الحرارة، فيما ترمز بعض الخيام وقاطنيها من البدو إلى شيء من الحياة والصراع مع قدرات الطبيعة من جانب, ومع سياسة الاستنزاف المائي الذي تمارسه سلطات الاحتلال بتحد للقوانين والتشريعات المائية والاتفاقيات الدولية التي تؤكد على حق الفلسطينيين في استخدام حقوقهم المائية في أرضهم.
فقرية العوجا والتي كانت تسمى فيما مضى قرية عين غزالة ما كان لها ان تزدهر وتنمو وتعاند جفاف صيف الأغوار إلا بفعل جريان مياه نبع القرية الواقع على بعد خمسة كيلو مترات منها, والذي كان المصدر المائي الوحيد لتغذية قرابة 15 ألف دونم من اصل 30 ألف دونم صالحة للزراعة من اصل 120 ألف دونم هي المساحة الكلية للقرية, والتي يبلغ تعداد سكانها قرابة 5 ألاف نسمة يعتمدون على الزراعة كحرفة أساسية، فلا يكاد يخلو أي بيت من بيوت القرية من مزارع أو أكثر ما عكس ذلك على طبيعة الحياة الاجتماعية في القرية التي تبعد عن مدينة أريحا 12 كيلو مترا. حالة الجفاف المريب الذي تعيشة القرية بسبب انقطاع مياه نبع القرية نتيجة الاستنزاف "الجائر" من قبل الجانب الإسرائيلي، والذي أقام في محيط الحوض الأعلى لخزان النبع ثلاثة أبار عميقة وفي الحوض الأسفل أقامت شركة المياة الاسرائيلية أربع مضخات كبيرة أتت على مخزون النبع من مياة جوفية، يضاف إلى ذلك تدني مستويات كميات الأمطار التي هطلت خلال موسم الشتاء الأخير، وهذا ما ينذر بخطر محدق حول مستقبل اقتصاد القرية القائم على الزراعة والتي توارثها أبناء القرية جيلا بعد جيل. لاشك ان الحال المر الذي يعيشة مزارعو وسكان قرية العوجا حول دور وعمل بعض المؤسسات الدولية التي تعنى وتعمل من اجل الحفاظ على الحياة والتوازنات البيئية وترفع شعارات من اجل جعل التعاون البيئي مدخلا نحو الاستقرار والحلول السياسية بين الفلسطينيين والاسرائيلين الى مجرد يافطات تستهدف دعم المانحين والمتبرعين، الامر الذي يقود للتساؤل وهو هل أصبح شعار ( الجيران الطيبون للمياة شعارا غير قابل للحياة ؟) أم ان لهذا الشعار خطوط حمراء لا مقدرة لصانعيه على تجاوزها؟, ربما يكون الجواب نعم أو لا، لكنه في الحالين جواباً مراً وينذر بخطر محدق حول مستقبل مهنة أبناء القرية والتي توارثوها جيلاً بعد جيل. ان للمياة في كل مجتمعات الأرض منذ بدء الخليقة سمة الحياة والتواصل, لكنه في فلسطين له سمة الصراع، لذلك فان الخبراء والمحللين السياسيين قد أكدوا ان حروب إسرائيل في المنطقة هي حروب بدوافع السيطرة على منابع المياة لتوفير احتياجات مستوطناتها الإستراتجية منها، وان عدم تنازلها عن قسم كبير من الأراضي العربية يندرج في إطار هذة الرؤيا العسكرية الإستراتجية، وهذا بالطبع يندرج على الأراضي الفلسطينية والتي يعتبر الخزان المائي الشرقي المغذي منطقة الأغوار أغناها وأكثرها استحواذاً على المخزون الاستراتجي من المياة الجوفية، إضافة إلى سيطرة سلطات الاحتلال على مياة نهر الأردن والتحكم بمجراه منذ الخمسينيات. ورفض الاعتراف بالحقوق الوطنية السيادية للفلسطينيين بالمشاطأة في كميات المياة الجارية في نهر الأردن وتحويل الحديث عن حقوق مائية إلى حصص مائية، ستتحكم بها سلطات الاحتلال متى شاءت. ففي كل عام يتعرض نبع عين العوجا إلى حالة من الانحسار وتوقف جريان مياة العين في الوادي المحاذي لكنه هذا العام اخذ منحى جديد سيعرض الحياة البرية للخطر ويؤدي إلى تدهور مستقبل الزراعة والتي يقف موسمها الصيفي المبكر على أبواب تموز القادم، مما يعني تضاؤل أية فرص للحديث عن تطبيق شعار ( الجيران الطيبون للمياة)، بفعل استمرار استقواء احد الجيران وهو ( الاحتلال بالسلاح ) على جاره صاحب الحق وهم الفلسطينيون. حاولت كصحفي الغوص بتفاصيل مأساة العوجا، ووقفت حائرا أمام بضعة أطفال يلعبون في أطراف خيام أقيمت على مقربة من العين، وأمامي ألاف رؤوس الماشية تثغي وتمور وتخور من العطش أطل من بين الخيام رجل في مقتبل الستينات وشاب لم يكمل العقد الرابع تبادلنا أطراف الحديث، فعكس الرجل الكهل حقيقة ما يجري بايجاز, وقال: "لا يريدون لنا الحياة فسلاح المياه أقوى سلاح يريدوننا ان نرحل من هنا". |