وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحديث ذو شجون الشراكة الحقيقية ***بقلم فايز نصار

نشر بتاريخ: 28/07/2008 ( آخر تحديث: 28/07/2008 الساعة: 22:41 )
بيت لحم - معا - حدثني شيخ فلسطيني جليل ، قال : تشارك رجلان في غداء ، وقبل البداية ، قال الأول : علي الماء أحضره ه ه ، وما عليك إلا السمن ... ويكفيك أن تحضر لنا اللحم ، وعلينا النار نشعلها ( ومد الهاء طويلا ) .

تلك إذا - كما قال الله تعالى - قسمة ضيزى ، لا عدالة فيها ، لأن الشراكة تقتضي تعاونا متكافئا ، وتضافرا للجهود ، يجتهد من أجله الشريكان ... أما أن ينام أحد الشريكين في العسل ، ويترك للشريك الثاني مغالبة الأمور ، فتلك والله قسمة ضيزى ، لأنه لا يجوز للرجل أن يكون شريكا في المال ، ومتهربا من الضمان ، كما كان والدي - رحمه الله - يكرر صباح مساء !

كلام مهم عن الشراكة ، ومقتضيات نجاحها ، أتذكره في رحاب الإعداد للدوري الفلسطيني العام ، الذي سينطلق قطاره - كما وعدنا رئيس الاتحاد ابو رامي - في الأيام الأواخر من شهر آب اللهاب ، بعد أن يفرغ الفنيون من إعداد أوراقهم ، التي يبدو أنها ستعد بإتقان ، بعد مدّ جسور المشورة في كل الاتجاهات ، بما في ذلك الأندية ، التي أوفدت مشرفيها الرياضيين إلى اجتماع -يبدو انه وضع النقاط على الحروف - مع اللواء جبريل الرجوب ... فعاد المشرفون إلى أنديتهم ، ناقلين صورة عن جدية الأمور هذه المرة ، فتحولت أروقة كثير من الأندية إلى ثكنات ، استعدادا للدوري ، الذي لا يُتوقع أن يرحم الضعفاء ، أو أن يرأف بالكسالى النائمين !

ويبدو أن دعوة الرجوب لممثلي الأندية للاجتماع إياه ، تندرج ضمن التأسيس لشراكة حقيقية بين جميع عناصر الانجاز ، لأن مشاركة الأندية في الرأي حول آليات الدوري التصنيفي ، تُحمل الجميع المسؤولية -على قدم وساق - للمساهمة في إنجاح المباريات ، أيا كانت النتائج ، التي ستطيح في النهاية برؤوس يبدو أنها قد أينعت ، وحان وقت قطافها ، والملعب هو الفيصل ، الذي سيحدد من سيبتسم لهم التصنيف الجديد ، بعيدا عن الحسابات القديمة ، التي طالما وضعت العصا في دولاب الدوري !

ولأن استخلاص العبر أمر لا بد منه قبل الانطلاقة ، يأمل الشارع الرياضي أن يراجع معدو الدوري الجديد كل البطولات السابقة ،التي نظمها الاتحاد ، منذ قيام سلطتنا الوطنية ، على ارض هذا الوطن ، ومعاينة كل الأسباب التي أدت إلى فشل التجارب السابقة ، ووضع الخط الناجعة لتجاوز تلك العقبات الذاتية والموضوعية ، حتى لا تعود حليمة ، لعادتها القديمة !

والحق يقال : إن التدخلات السياسية كانت سببا غَير في اختيارات الملاعب... ورغم تقديرنا للظروف الخاصة ، التي اتخذت فيها تلك القرارات ، التي خالفت نتائج المباريات ، إلا أن المطلوب طيَّ تلك الصفحة ، وإعلام الجميع أن تلك السابقة لن تتكرر ، حتى لا يفكر الكسالى النائمين عن مخارج سياسية لإخفاقاتهم الفنية !

والى جانب التدخلات السياسية نلك ، ساهمت التحركات غير الرياضية وراء الكواليس ، في إفشال الدوري أكثر من مرة ... وطبيعي أن لا تأتي تلك التحركات غير الرياضية من الفرق المجتهدة ، التي تزرع العمل ، لتقطف النجاح ، بل من الأندية التي تحصد الفشل ، ويقودها رجال متنفذون في أروقة صناعة القرار ، وقادرون على زرع البلبلة والتردد وإفشال الدوري ، متذرعين بأسباب ، ليس أولها ولا آخرها الاحتلال ... لذلك لا بدّ من الحذر من أمثال هؤلاء العابثين ، والأخذِ على أيديهم ، وقمعهم بقوة القانون ، حتى لا يفكر قادة الأندية إلا في العمل والإعداد ملاذا من مقص التصنيف !

والجماهير الرياضية بدورها ، طالما كانت عاملا يثبط العزائم ، ويساهم في إحداث الإرباك ... ولا يقتصر دور الجماهير على أعمال الشغب ، التي تهز عرش المباريات ، فالأخطر ما يمارسه فرسان الأجهزة الخلوية ، غير المكشوفة الأسماء ، من تهديدات وصلت يوما إلى أعلى هرم الاتحاد !

والأمر هنا.. يقتضي قمع كل "الزعران والبلطجية" أيا كانت مشاربهم غير الرياضية ، وأيا كانت الجهات التي تقف وراءهم ... وقبل ذلك لا بدّ من إعدادٍ فاهم لرجال الأمن ، ممن سيقبلون العمل في مكافحة شغب الملاعب ، بتدريبهم وتأهيلهم ، وبتقديم المكافآت اللازمة لهم ، وضمان أن يكون عددهم مناسبا لعدد الجمهور .. وقبل ذلك ضمان حيادهم ، وعدم انحيازهم ، في كل الحالات !

والعمل هنا يقوم على الشراكة بين الجميع ، والأندية هي الشريك المضارب للاتحاد ، لا الشريك الضارب له ، وعلى الأندية أن تقوم بواجبها ، وأقل الواجب أن تقوم بتصوير مبارياتها حتى تراجع أخطاء لاعبيها ، وزلات جماهيرها ، وتصرفات مسئوليها ، وحتى تملك الدليل الفني لمحاججة الاتحاد إذا تعرضت للغبن... وقد سمعت أن نادي برشلونة أعدّ فرقا تصويرية ستصور كل شيء في مبارياته ، ضمن سعيه لاستخلاص العبر الفنية والتنظيمية ، رغم أن كل مباريات الدوري الاسباني مصورة بعشرات الكاميرات !

والحديث ذو شجون

[email protected]