|
كلمة رئيس الوزراء في تخريج الفوج الأول من جامعة فلسطين التقنية - خضوري
نشر بتاريخ: 29/07/2008 ( آخر تحديث: 29/07/2008 الساعة: 22:19 )
طولكرم- معا- القى رئيس الوزراء سلام فياض كلمة في تخريج الفوج الأول من جامعة فلسطين التقنية - خضوري في طولكرم.
وهذا نص الكلمة بالكامل الأخ العميد/ طلال دويكات محافظ طولكرم. معالي الأخت لميس العلمي وزيرة التربية والتعليم العالي. الأخ/ د. معتصـم بعبـاع القائم بأعمال رئيـس الجامعـة. الاخوات والأخوة/ أعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية. الطالبات والطلبة الخريجون. السيدات والسادة / ممثلو المؤسسات الرسمية والأهلية، والقوى السياسة. الأهالـي الأعـزاء .... الحضـور الكـرام جميعـاً. كم أشعر بالفخر وأنا أقف اليوم بينكم في هذه المحافطة الصامدة والعزيزة على قلبي، كي نُخرّج معاً الفوج الأول بعد أن أصبحت مدرسة خضوري الزراعية - جامعة فلسطين التقنية ، والذي يمثل إمتداداً "لإثنين وسبعين" فوجاً تعلموا وتخرجوا من هذا الصرح العلمي الذي تمتد جذوره لعام 1930، حين تأسس كمدرسة زراعية عليا، وخرَّج منذ ذلك الحين العديد من الشخصيات التي إحتلت مواقع مرموقة في المجتمع الفلسطيني والمنطقة. نعم أيها الأخوة ... إن شعوري بالإعتزاز بما تمكّنت هذه المؤسسة من تحقيقه، يكمن بالدرجة الأولى في القدرة على التطور والتحول إلى جامعة، وإن كان متأخراً، بعد أن أوقَفَ وهمشَ الإحتلال طموح المدرسة في ذلك منذ أواسط الستينات. والأمر الآخر الذي يبعث على الإعتزاز أيضاًً أن تطور الجامعة كان بفعل إصرار القائمين عليها من ناحية، والشراكة السخية بينها وبين الخيرّين من أبناء المجتمع المحلي، والصندوق العربي في الكويت، والسلطة الوطنية، من ناحيةٍ أخرى، حيث تم إنجاز مبنى خضوري (2) . فهذه الخطوة التي تؤسس لخطط طموحة للجامعة، إنما تظهر الإرادة الفلسطينية على العمل والبناء وكذلك الجاهزية للإستجابة لإحتياجات المجتمع. وعلينا هنا أن نؤكد أهمية الإستفادة من موروث الجامعة في مجال الزراعة عندما تاسست كمدرسة عليا للزراعة، وضرورة أن تضع الجامعة في سلم أولوياتها هذا الأمر بالعمل على تاسيس وإفتتاح كلية للزراعة، ومعهد للأبحاث الزراعية، وان السلطة الوطنية تؤكد جاهزيتها لدعم وتمويل هذا التوجه، وبما يمكن من تقديم المساندة والرعاية للقطاع الزراعي، وتأهيل وإعداد الكوادر البشرية القادرة على النهوض بهذا القطاع الحيوي، وما يمثله من رافعة أساسية لتعزيز الصمود والدفاع عن الأرض، وتعزيز القدرة على الثبات وحماية الوجود، وكما قلت دوماً "على هذه الأرض نحن باقون"، ومهمتنا بل وأولويتنا تتمثل أساساً في توفير القدرة على ذلك. وللتأكيد فإن ما تقوم به السلطة الوطنية، وفي كافة المجالات ومناحي الحكم والإدارة، ينطلق من هذه الرؤية. فسعينا لفرض الأمن والنظام، والنهوض بواقع التعليم والصحة، والمرأة والشباب والخدمات الإجتماعية، وحماية الثقافة والتراث، إلى جانب دعم المناطق الأكثر تضرراً من الإستيطان والجدار، كلها أولويات، وجميعها يستهدف تعزيز قدرة هذا الشعب على الصمود والبقاء والحياة والتطور، رغم كل ما يقوم به الاحتلال من ممارسات لتضييق فرص العيش وتقويض قدرة السلطة على القيام بواجباتها إزاء شعبها. وعندما نقول رغم ما يقوم به الاحتلال، فهذا لا يعني إطلاقاً التسليم بهذا الاحتلال والإستيطان البغيض كقدر، بل يعني ما يمليه ذلك علينا جميعاً من ضرورة مضاعفة الجهد لتوفير القدرة الفاعلة على إفشال مخططاته في السيطرة على الأرض، وتفريغها من الشعب. الأخوات والأخوة إنَّ مرجعيات التسوية السياسية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، كانت وما زالت تعني بالنسبة لنا التمسك بمعادلة الأرض مقابل السلام، وإن قرار منظمة التحرير الفلسطينية، في المجلس الوطني التاسع عشر بتبنى مبادرة السلام الفلسطينية والتي ترافقت مع إعلان وثيقة الاستقلال، كان وما زال يعني ضرورة الإنسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 5 حزيران عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية على تلك الأراضي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاصمتها القدس الشريف. وعلى الجميع أن يعلم أن الحل السياسي الذي تؤيده الأغلبية من أبناء شعبنا هو وفق هذا المفهوم وليس بأقل منه. ولكن ما يجري فعلياً على الأرض من ممارسات إستيطانية يومية تتصاعد وتيرتها بشكل غير مسبوق، خاصة منذ أنابولس، إنما يقوض إمكانية تحقيق هذا الحل، ويضعف مصداقية هذه العملية أمام شعبنا الفلسطيني. وان هذا الأمر يضع المجتمع الدولي، وعواصم القرار فيه، أمام مسؤوليات جدية بأن من يسعى لإجمال تسوية تضمن الوصول إلى حل مقبول على الأطراف المعنية، وخاصة الشعب الفلسطيني، عليه أن يحمي مقومات هذه التسوية، وخاصة لجهة العمل على إلزام إسرئيل بوقف كافة الأنشطة الإستيطانية، لضمان حماية مستقبل هذا الحل الذي يؤّمن قيام دولة فلسطينية على الأراضي التي إحتلت عام 1967،... دولة مستقلة وذات سيادة وقابلة للحياة. وانطلاقاً من ذلك ومن أجل حماية مستقبل الحل والسلام، فإننا نعمل بكل قوة، وبأقصى ما نملك من إمكانيات لضمان إلزام إسرائيل بوقف الإستيطان، ومخططات بناء الجدار ، وجنباً الى جنب فإننا نعمل على توفير كل مقومات الصمود والبقاء على هذه الأرض. إضافة إلى ذلك، نشجع وندعم كل المبادرات الشعبية السلمية والفاعلة في مناهضة الإستيطان والجدار. الأخوات والأخوة في سياق هذه الرؤية نحن ننظر الى جامعة فلسطين التقنية - خضوري، كواحدة من ركائز هذا الصمود وإمكانية تعزيز القدرة في البقاء على هذه الأرض، وسنواصل توفير كل ما يلزم للنهوض بهذا الصرح العلمي وتطويره بإستمرار. فالتعليم بالنسبة لنا، وكما كان دوماً، يشكل أبرز أدوات تمكين أبناء شعبنا في مواجهة التحديات. وإننا في هذا المجال نعمل، وبإصرار، من أجل النهوض بالعملية التعليمية بكافة جوانبها، سواء في مجال توفير البنية التحتية اللازمة من مدارس وكليات ومختبرات وملاعب مدرسية، أو في مجال توفير الإمكانيات والتجهيزات اللازمة لمواكبة التطور التقني الذي يرافق العملية التربوية والتعليمية، والأهم تطوير المناهج والخطط. ونسعى لإيجاد البيئة الجاذبة للكوادر الأكاديمية، وتثبيت الكوادر الموجودة، وعودة التي هاجرت الى البلاد مجدداً، إضافة الى ربط خطة التعليم العالي وتخصصاته بإحتياجات السوق والحّد من زيادة أعداد الخريجين العاطلين عن العمل. الأخوات والأخوة عندما أقف بينكم اليوم لتكريم وتخريج الفوج الأول الجامعي من طلبة وطالبات هذا الصرح العلمي الواعد، فإن الذاكرة تعود بي إلى سنوات الطفولة، حيث ترعرعت وتعلمت على أيدي أساتذة مخلصين من المعلمين الأوائل. إن المشاعر التي تنتابني في هذه اللحظة هي مشاعر مملوءة بالعرفان والوفاء لأساتذتي الذين تتلمذت على أيديهم، وأقل ما يمكن أن أقدمه وفاءً لرسالتهم الخالدة، هم وكل الجيل الذي حمل رسالة العلم في مواجهة كارثة النكبة، بأن نواصل معاً مسيرة الوفاء لرسالتهم بل ولنقدم أفضل وأقصى ما لدينا من إمكانيات للنهوض بواقع هذه المدينة والمحافظة الصامدة، كما كل مدن وبلدات وقرى ومخيمات بلادنا. وهذا عهدنا الذي قطعناه على أنفسنا بأن نكون دوماً بين أبناء شعبنا، نتحسس مشكلاتهم وطموحاتهم، ونستمع الى ملاحظاتهم وشكواهم ونسعى من أجل أن نحقق لهم مستقبلاً يتناسب مع التضحيات التي قدمها شعبنا وما زال يبدي كل الإستعداد لتقديمها. الاخوات والأخوة إن ما يواجه قضيتنا ومشروعنا الوطني من مخاطر وتحديات يملي علينا جميعاً الارتقاء بمستوى المسؤولية الوطنية لمواجهتها، وتفويت الفرصة على كل المتربصين بمشروعنا الوطني... وإن المدخل الطبيعي والسليم للتغلب على هذه المخاطر يتمثل في وضع حد فوري للإنقسام والإنفصال الذي يعاني منه الوطن. وفي هذا السياق كانت مبادرة الأخ الرئيس أبو مازن لإستعادة هذه الوحدة، وإستنهاض طاقات شعبنا لوضع حد لسياسة إسرائيل التي تسعى، مستفيدة من الإنفصال، لتحويل الضفة الغربية إلى مشاع لمخططاتها الإستيطانية والأمنية، والإبقاء في ذات الوقت على العقوبات الجماعية والحصار المشدد وغير المشروع على شعبنا في قطاع غزة. إن الطريق لوضع حد لذلك كله يأتى من خلال العمل المخلص لإستعادة وحدة الوطن فوراً والتوقف عن رهن وحدة هذا الوطن بأية خلافات سياسية، أو أجندات فئوية أو أيديولوجية، وما يستدعيه هذا الأمر من التجاوب بسرعة مع مباردة الأخ الرئيس أبو مازن، والمقترحات التي قدمناها والتي تتلخص بالتوافق الفوري على تشكيل حكومة انتقالية تخّول بإدارة البلاد ورعاية مصالح الناس تمهيداً لإجراء إنتخابات عامة رئاسية وتشريعية يُتفق عليها من خلال الحوار الوطني، وإلى جانب ذلك طلب المساعدة العربية الأخوية وبالتوافق الوطني أيضاً، لإعادة بناء قدراتنا الأمنية، وتوفير الأمن لأهلنا في القطاع حتى بناء تلك القدرات. الأخوات والأخوة: إننا إذ نجدد إدانتنا الشديدة لحادث التفجير الذي ذهب ضحيته ستة من مواطنينا، فإننا أيضاً ننظر ببالغ القلق لإنزلاق الأوضاع في قطاع غزة بشكل خطير، نحو المزيد من التدهور، وما يرافق ذلك من حملات إعتقال جماعية لمئات المواطنين، وإغلاق المؤسسات الوطنية بما فيها مقرات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتحطيم ومصادرة ممتلكات العشرات من مؤسسات المجتمع المدني، وتعميق حالة الإنفصال، ودفع الأوضاع في قطاع غزة نحو المجهول. والتي لا يدفع ثمنها سوى أبناء شعبنا. وقد آن الآوان لحمايتهم وتوفير الحياة الكريمة لهم، كي لا يبقوا فريسة للحصار والملاحقات وفقدان الأمل. وهنا فأنني أؤكد أن المكانة القانونية لكافة المؤسسات التي تعرضت للإعتداء والمصادرة والإغلاق، هي مكانة محفوظة لدى السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها. ولوضع حد لهذه الدوامة والمنزلق الخطير، فإننا نجدد الدعوة للإفراج عن كافة المحتجزين فوراً، وفتح كافة المؤسسات، وإعادة ممتلكاتها. والشروع في تشكيل لجنة تحقيق من مؤسسات حقوق الإنسان ورجال قانون محايدين لإظهار الحقيقة، ووضع حد لهذا التدهور، وبما يوفر الأجواء لإنهاء حالة الإنفصال الخطيرة وفقاً لمبادرة الأخ الرئيس أبو مازن للحوار على أساس الإلتزام بتنفيذ المبادرة اليمنية التي تبنتها القمة العربية. وفي هذا الإطار، أؤكد لكم أن السلطة الوطنية الفلسطينية لن تتوقف، وبأي حال من الأحوال، عن بذل كل جهد ممكن من أجل ضمان استعادة وحدة الوطن وتفويت الفرصة على إسرائيل لإستثمار حالة الإنفصال المؤلمة والخطيرة على مشروعنا الوطني، وكذلك وقف حالة التدهور والعبث بالمشروع الوطني، ومصالح الشعب، وإحتياجات المواطنين. وإن الحكومة التي عملت حتى الآن على توفير كل ما تستطيع من إمكانيات ومساندة لأهلنا في القطاع، ستواصل تحمل مسؤولياتها إزاء ذلك، ولن تسمح لأي كان بالإنزلاق في ردات فعل لن تؤدي إلا إلى الإضرار بشعبنا ومكانة قضيتنا وبمشروعنا الوطني، وقدرة شعبنا على الصمود وإستعادة ثقته بنفسه والأمل بتحقيق الانتصار. رسالتنا كانت وستظل لكل أبناء شعبنا، نحن معكم، وبكم وبإلتفافكم حول مشروعكم الوطني نواصل الطريق ونضمد الجراح لتحقيق أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال. وفي الختام أيها الأخوات أيها الأخوة ، إسمحوا لي أن أتوجه بالتحية لكل ابناء شعبنا القابضين على الجمر والمصممين على مواجهة الاستيطان وإفشال مخططات الإحتلال، وللأسرى نقول أن الفجر آتٍ. ولأهلنا في قطاع غزة أنتم رافعة المشروع الوطني، وحصنه المنيع، ولكم العهد منا أن نواصل جهودنا لاستعادة القطاع في قلب المشروع الوطني وحارساً لمستقبله، ولأهالي طولكرم كل الوفاء، ولكم أبنائي وبناتي الخريجين والخريجات، آمنياتي بمستقبلٍ زاهرٍ في خدمة شعبكم وبناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس. والسلام عليكم ورحمة الله |