وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الأسيرات المحررات.. ملف شائك في طي النسيان

نشر بتاريخ: 30/07/2008 ( آخر تحديث: 30/07/2008 الساعة: 13:21 )
جنين- معا- تعيش الأسيرة المحررة رشا العزة، 21 عاما من مخيم الدهيشة ببيت لحم، ظروفا معيشية وحياتية صعبة للغاية، وذلك بعد الإفراج عنها من سجون الاحتلال الإسرائيلية، حيث اعتقلت لمدة 3 سنوات ونصف بتهمة الانتماء لعضوية كتائب الأقصى ومساعدة نشطاء الانتفاضة الفلسطينية، فقد تنقلت رشا العزة خلال فترة محكوميتها في سجني تلموند والرملة، وبقاءها تحت رهن التحقيق لمدة 38 يوما في المسكوبية قبيل النطق بالحكم ضدها.

مشاكل.. وآثار سلبية

وتروي العزة بعضاً من المشاكل والصعوبات الملموسة وغير الملموسة التي ما زالت تواجهها خلال فترة ما بعد الإفراج عنها على الصعيد اليومي، حيث تشعر بأن شخصيتها الكلية قد تغيرت بشكل سلبي خلال فترة اعتقالها، حيث امتزجت حياة السجن اليومية ببعض التصرفات والسلوكيات حين أفرج عنها، إلا أن عزمها وتصميمها المتنامي ساهم بشكل كبير في الحد أو التخلص من تلك السلوكيات والتصرفات التي ارتسمت على معالم شخصيتها.

وتضيف العزة قائلة إن الفراغ الاجتماعي الذي بدأت اشعر به خلال الفترة الحالية وخاصة انه كان لي الكثير من الصديقات والزميلات اللواتي كن على علاقة وطيدة معي، إلا أن تلك العلاقة قد انقطعت نهائيا خلال فترة سجني في المعتقل، وابحث حاليا عن صديقات جدد لأعوض ما فاتني من خسارة كبيرة لفقدان اعز صديقاتي.

وتشير العزة إلى إنها تواجه صعوبات كبيرة في التركيز بمتابعة دراستها الجامعية في جامعة القدس المفتوحة، وذلك لعدم قدرتها على الدراسة لساعات طويلة أو حتى من قدرتها على الاستيعاب وحفظ المعلومات، حيث أصبحت الدراسة كعبء ثقيل على كاهلها.

من جهتها، وصفت الأسيرة المحررة ليتا هنداوي، 30 عاما، من مدينة جنين والتي اعتقلت لمدة سنتين ونصف السنة وذلك بتهمة الانتماء لعضوية كتائب الأقصى ومساعدة مطلوبين فلسطينيين، وصفت الواقع الذي تعيشه الأسيرات المحررات بالمأساوي جدا، وذلك لعدم توفير فرص العمل لهن وعدم إعطائهن حقوقهن لكاملة وعدم دمجهن في مؤسسات وهيئات المجتمع المحلي.

وأشارت هنداوي والتي تشغل مهام أمين سر رابطة الأسيرات المحررات في محافظة جنين، إلى المشاكل التي تواجهها حاليا بعيد الإفراج عنها كعدم توفير فرصة عمل لها، أو إيجاد اعتماد مالي لها يساهم في التخفيف من عبء كاهلها الاقتصادي، بالإضافة إلى المشاكل النفسية التي تشعر بها كالانطواء أو عدم تقبل الآخرين بسهولة، وظهور مشاكل تعليمية وثقافية مختلفة تمثلت ب عدم قدرتها على الاستيعاب وحفظ المعلومات والنسيان.

ابو قنديل: أعيش رهن الإقامة الجبرية...

وأعربت الأسيرة المحررة هنادي أبو قنديل، 27 عاما، من مخيم جنين، والتي اعتقلت أيضا سنة واحدة، وذلك بتهمة الانضمام لعضوية كتائب الأقصى، أعربت عن استيائها لدور مؤسسات المجتمع المحلي في تأهيل ورعاية الأسيرات المحررات ودمجهن في المجتمع المحلي.

وأضافت ابو قنديل إلى إن الكثير من المشاكل والصعوبات والمعيقات التي تعرضت لها خلال فترة ما بعد الإفراج عنها، والتي حالت دون تحقيق أهدافها أو التطلع إلى تنفيذ بعض من الخطط التي كانت تتطلع لها، كالمشاكل الاجتماعية التي تواجهها من خلال نظرة المواطنين السلبية لها، وعدم توفير فرص العمل لها أو لغيرها من الأسيرات المحررات، وعدم ايلاء ملف الأسيرات المحررات العناية اللازمة والمنوط به، وعدم دمج الأسيرات في أسس المجتمع المحلي، بالإضافة إلى المشاكل النفسية التي تتعرض لها كالانطواء والانزواء والرغبة الكبيرة في البقاء اغلب الأوقات منفردة، وخاصة بعد أن فرضت الإقامة الجبرية عليها للبقاء داخل مخيم أو مدينة جنين من قبل قوات الاحتلال، وكأنها مسجونة في معتقل كبير، بالإضافة إلى حرمانها من زيارة إخوتها الثلاث المعتقلين أيضا لدى قوات الاحتلال أو عدم حصولها على تصاريح تمكنها من زيارتهم.

1609 أسيرة بين أعوام 1995- 2005

من جهة أخرى، أوضح مدير مكتب نادي الأسير في محافظة جنين، راغب ابو دياك أن عدد الاسيرات من محافظة جنين اللواتي افرج عنهن من السجون الاسرائيلية بين عامي 1995 و2005 بلغ 24 أسيرة منهن 5 أسيرات اعتقلن خلال انتفاضة الاقصى.

وشدد أبو دياك على ضرورة دمج الاسيرات المحررات في المجتمع وتوفير فرص عمل لهن, وتطبيق قرارات المجلس الشتريعي بهذا الخصوص والتي نصت على تأمين سبل العيش الكريم لهن، كصرف راتب مقطوع لكل أسيرة أمضت 3 سنوات فأكثر في الاعتقال، وإيجاد فرص عمل للأسيرات المحررات وضرورة دمجهن في المجتمع المدني والمحلي.

واقع المؤسسات المعنية بالأسرى

وعن الدور الذي تلعبه المؤسسات الرسمية والأهلية والمدنية في مساعدة وتأهيل الأسيرات المحررات وإعادة دمجهن في المجتمع المحلي، فقد أعربت كل من الأسيرات المحررات رشا العزة ولينا الهنداوي وهنادي ابو قنديل عن استيائهن من هذه المؤسسات, مشيرات الى غياب الدعم المادي والمعنوي الذي من واجب هذه المؤسسات تقديمه للأسيرات المحررات.

وتدثن عن الكثير من الصعوبات والمشاكل المادية والمعنوية أثناء التوجه لتلك المؤسسات, "وأكثر ما قامت به تلك المؤسسات هو تنظيم بعض ورش العمل والدورات التثقيفية, دون إيجاد الحلول الجذرية التي من المفترض أن تخلق جو أفضل وبناء للأسيرات المحررات، وتكتف تلك المؤسسات بعمل تقارير مسحية لعدد الأسيرات المحررات او اللواتي ما زلن يقبعن خلف القضبان، او الظروف المعيشية التي يعشنها خلال فترة ما بعد الافراج عنهن من سجون الاحتلال، وما يعيب تلك المؤسسات هو عدم قدرتها في التشبيك مع المؤسسات والهيئات الأخرى لإعادة دمج الأسيرات المحررات في المجتمع المحلي- كما قلن.

مطالب ومناشدات

وطالبت كل من العزة وهنداوي وأبو قنديل بالإضافة إلى مدير مكتب نادي الأسير في محافظة جنين، المؤسسات الرسمية والأهلية المعنية بقضايا الأسيرات المحررات والأسرى بشكل عام، بضرورة وضع قضيتهن على سلم أولوياتهم، والتواصل مع الأسرى والأسيرات داخل وخارج السجن والعمل على سراح جميع الأسرى من سجون الاحتلال، وإعادة تأهيل الأسرى والأسيرات المحررات في المجتمع المحلي وتوفير فرص عمل ملائمة لهم وإيجاد مخصصات مالية شهرية تساهم في التخفيف من الصعوبات الاقتصادية التي يواجهونها في ظل غلاء المعيشة.