|
فاكهة الملاعب كتب : فايز نصار
نشر بتاريخ: 25/08/2008 ( آخر تحديث: 25/08/2008 الساعة: 10:40 )
فاكهة الملاعب
أحلام الفلسطينيين الجامحة تجعلهم يرحبون بتصنيفي الضفة ويأملون في أن يكتمل العرس بانطلاق قطار الدوري الغزي ! كتب فايز نصار بيت لحم - معا - على بركة الله ، وبدعاء الوالدين ، وبهمة الرجال انطلق قطار الدوري التصنيفي الفلسطيني ، الذي يشكل تحديا هاما ، ومنعرجا مفصليا في تاريخ كرة القدم الفلسطيني ، لأن نتائجه أما أن ترفع كرتنا بشكل خاص ، ورياضتنا بشكل عام إلى العلالي ، إذا صدقت النوايا ، وتعاون الجميع في إنجاح المهمة الاستثنائية ... وإما أن تواصل كرتنا الفلسطينية رحلة التوهان في المجهول ، الذي لا يعلم آخره إلا الله ، في حالة الإخفاق لا سمح الله ! يا فرحة ما تمت ! ورغم بهجة الشارع الرياضي الفلسطيني بنجاح المحطة الأولى لتصنيفي الضفة ، إلا أن الفرحة لم تكتمل ، لان نصف القلب ما زال لم يكمل استحقاقه الاتحادي ، وبالتالي فقطار الدوري في المحافظات الجنوبية لن ينطلق على قدم وساق ، لأن العابثين يصرون على حرمان شبابنا من فرحة عيش أجواء الدوري ، كما يحصل في كل بلاد الدنيا ! ملاعب غزة الولادة ولان العنكبوت تواصل الضرب بنسجها على ملاعب القطاع الحبيب ، فضلت ثلة من نجوم الملاعب هناك الهجرة الداخلية إلى أندية الضفة ، في خطوة أجزم أنها ستعود بالفائدة على المستوى الفني العام للأندية التي انتدبت لاعبين من الأندية الغزية ،رغم أن رحلتهم المؤقتة قد تؤثر على مستوى كرة القدم في المحفظات الجنوبية ، خاصة أن كل مدرك بأسرار اللعبة الأكثر شعبية ، لا يختلف مع صاحب هذه الكلمات في كون أندية القطاع أكثر تنظيما ، وأن نجوم القطاع بشكل عام أفضل مهارة ، وأكثر تمرسا في الملاعب ... ولكن من يعرف الرياضة في غزة الحبيبة ، يوافق على ان أندية غزة ولادة ، وأن النجوم الذين جاءوا إلى الضفة تركوا وراءهم العشرات من النجوم الواعدين ، الذين ستتفتح مواهبهم قريبا فوق المستطيلات الخضراء . تفاؤل مشروع! والحق يقال : إن انطلاقة الدوري أعادت الروح الى مختلف الملاعب ، وأعادت الدفء لأحاديث المقاهي حول جدوى الدوري ، وكثرت المراهنات على النجاح ، في خضم إحباط عام يجعل المواطن الفلسطيني يتردد في المراهنة على نجاح الجولات ، ووصول القطار بسلام إلى آخر المحطات ، ولكن العارفين بصدق نوايا القائمين على الاتحاد ، وإصرارهم على تطبيق القانون بعدالة وحيادية على الجميع يبدون تفاؤلا محقا بالنجاح المأمول ! لا عزاء للكسالى ! ولان المثل الفلسطيني علمنا أن لا نذم ولا نشكر ، إلا بعد سنة وستة أشهر ، فإننا لن نتعجل بالحديث عن أبجديات الدوري وميكانيزماته ، ونكتفي بعرض بعض الملاحظات ، التي لا نقصد من ورائها إلا وجه الله .. فالجولة الأولى جاءت إحماء للدوري، والعارفون بأمور التحضير البدني والذهني للمباريات يفرقون بين الإحماء العام ، والإحماء الخاص ، ولأنديتنا أن تستغل الإحماء بشقيه ، ولكن ليس لها أن تواصل سياسة تقديم الأعذار ، فالتصنيفي لا يرحم ، ولا فرصة أمام الكسالى النائمين ، وغير مسموح لفلان ، أو زيدان ، أو علان بالبكاء على أطلال الأندية التي لا يرحمها مقص التصنيف ، وليس لأحد أن يقدم الأعذار ، فالأندية كان يجب أن تكون جاهزة ، إذا كان العاملون في الأندية يفهمون رسالة الرياضة ، وأهداف التنافس في الألعاب المختلفة ، وكرة القدم هي الغولة التي أكلت كل شيء ، ولم تقدم لرياضتنا ولا شيء ، وقد آن الأوان لتطلع كرة القدم الفلسطينية ، بدورها الريادي ، وتصبح عبرة لكل الرياضات الأخرى ، وآن لمن تعودوا التنفس من رئة الأعذار الجاهزة الإقلاع عن عاداتهم ، التي لن تنطلي على أحد في زمن النور الرياضي ! حمى المباراة نعم إنها محطة التسخين ، التي تتطلب تركيزا ، والتركيز ضروري للتخلص من أعباء حمى المباراة ، فللمباراة الواحدة حمى ، تسيطر على كيان ووجدان العاملين في مجال الجلد المنفوخ ، وتشمل الحمى المدربين واللاعبين ، والإداريين والجماهير ، ولكن آثار هذه الحمى تكون أكثر حضورا عند المدربين ، اسألوا محمد الصباح وغسان البلعاوي وأمجد جفال ، وهي " حمى المباراة" قد تمتد إلى أربع وعشرين ساعة قبل المباراة ، كما قال لي الدكتور منصور الحاج سعيد ، وهي تنتهي عندما تبدأ عجلات اللاعبين في تراكل الكرة ، لأن المدرب - كما قال لي الصباح - يدخل أجواء المباراة ،و ويصبح تركيزه منصبا على حركات الكرة فوق المستطيل الأخضر ، عند صافرة البداية ! التحضير المعنوي والتركيز يا جماعة الخير ركن هام من التحضير المعنوي ، الذي يمثل العنصر الرابع ، من عناصر الانجاز الرياضي ، ولعله الأهم ، لأنه يهيئ اللاعب نفسيا لاستغلال قدراته المهارية والبدنية والتكتيكية لتحقيق الأهداف المسطرة ، ولأن أمزجة اللاعبين كبصمات أصابعهم ، قد يتسلل التنافر ، أو التحاسد الى علاقاتهم مع بعضهم ، ولذلك لا بد من وقفة تماسك ، تعتبر مبايعة للطاقمين الفني والإداري وللجمهور ، وتعاهدا بين اللاعبين على نسيان الحساسيات ، والتعاون من اجل تطبيق الخطة ، والقرآن يا جماعة الخير مهم جدا في هذه الحالة ، وقد روى لي نجوم مصريون كيف كانوا يتجاوزون مصاعب أدغال إفريقيا ، وشعوذات الناس هناك باللجوء الى القرآن الكريم ، ولكل أمة عاداتها وتقاليدها ن وتراتيلها ، التي يتوافق اللاعبون على ترديدها قبل المباريات ! الفرحة الكبرى الكل عندنا يعيش أجواء حمى المباراة ، وأجواء حمى الدوري الذي لا يرحم ، ولا أعتقد أن فلسطينيا ابن فلسطينية عاش حمى الدوري خلال الأيام الماضية ، كما عاشها من عمل بجد حتى ينجح الرهان ، ولست أدري أن كان الأخ أبو رامي رئيس الاتحاد الوثاب قد عاش حمى الدوري.. فانا متأكد أن حرصه على إتمام الرسالة يجعله في أرق كبير للاطمئنان على مسار الدوري ، ولكنني أبشر اللواء الرجوب ، وصحبه الأخيار بمتعة قادمة ، لا تشابهها متعة أخرى ، عندما يوفق الله الخيرين ، وينتصر المناضلون الفلسطينيون في معاركهم الرياضية ، يوم يفرح المخلصون ، ويومئذ تكون الفرحة الكبرى ، التي تنسي ساهري الليالي التعب والعرق ! حتى يحمى الدوري! نعم ... لن نتحدث اليوم عن المستوى الفني ، والسبب أن البداية صعبة ، وأن الفرق لم تدخل في الموضوع ، ولن أتوقف كثيرا عند "تطقيعات " الشارع الرياضي على مباريات الدوري ، بأنها باردة وفاترة وباهتة ونائمة وساكنة وناعمة ... فالأفضل عدم السماع لمطلقي هذه الأوصاف المتسرعة ، والانتظار حتى يحمى الدوري ، ويحتدم التنافس ! الاختبار الأهم للممتازين فالتنافس يا جماعة الخير غير مسبوق ، لأنه بين 22 ناديا تتبارى في اختبار يشبه امتحان الثانوية العامة ، والمشكلة أن هذه الامتحان لن ينجح في محطته الأخيرة الا عشرة أندي ستمثل نخبة الممتازة ، تاركة أثني عشر ناديا يلطمون خدودهم في دوري المظاليم ، بعيدا عن الأضواء ، حتى لو سميت تلك الدرجة بالممتازة "ب" . نقاط من ذهب في هذه الأجواء تصبح النقاط أغلى من الذهب ، وستبذل الفرق طاقاتها لتظفر بالنقاط ، ولن تتنازل الأندية عن الفوز بسهولة ، لان الأمر خطير ، وبعد واحد وعشرين محطة سيميز الشارع الرياضي بين الأندية ، التي سيبتسم لها التصنيفي ، وتضمن مكانها بين النخبة معززة مكرمة بين الأضواء ، وتلك التي ستعبس في وجهها المقادير العاثرة ، وينساها حديث الرياضة ، كما حصل مع أندية كانت ضمن المقدمة مثل ارثذوكسي بيت جالا وحطين والموظفين ! 35 نقطة للنجاة! بحساب بسيط يدرك الفاهمون أن النادي ، الذي يريد أن يحتفظ بمكانه تحت شمس النخبة ، قد يحتاج الى خمس وثلاثين نقطة ، ومعنى ذلك انه بحاجة إلى الفوز بعشر مباريات ، مع التعادل في خمس مباريات ، وأن لا يخسر أكثر من ست مباريات ، فكل فريق يخسر أكثر من ست مباريات يدخل في حسابات هو في غنى عنها .... وقد يجمع الفريق خمس وثلاثين نقطة من تسع انتصارات ، ولكنه في هذه الحالة يجب أن يتعادل في ثماني مباريات ،ولكنه لا يجب أن يخسر في هذه الحالة أكثر من أربع مباريات ... أما إذا فاز الفرق بثماني مباريات فقط ، فهو بحاجة إلى التعادل بعشر مباريات ، أو بإحدى عشرة مباراة ، بمعنى انه لا يجب أن يخسر أكثر مباراتين ! حذار من فتك التعادل ! إنها حسابات على الورق ، وقد يقل المعدل الوسطي للإنقاذ كلما كثرت التعادل ... والتعادل الذي سجل في خمس مباريات ، يعتبر بمثابة ثلثي خسارة ، لأن الفوز في مباراة واحدة يعادل التعادل في ثلاث مباريات ، ولذلك أنصح الفرق التي تريد أن تخطط مستقبلها بيدها انتهاج السياسة الهجومية ، لأن التعادل قد يكون فتاكا ، وأنتم تعرفون كيف أضاع برشلونة بطولتي الدوري في السنتين الماضيتين بكثرة تعادلاته . أهلا بالتصنيفي ! أهلا بالدوري التصنيفي ، يقولها كل مخلص فلسطيني ، وكل محب للرياضة الفلسطينية ، ولكن لا يجب السكوت على بعض الأخطاء التي ترتبط بالارتجال وقلة التحضير ، كما حصل في إستاد أريحا ، حيث انقطع التيار الكهربائي ، تماما كما حصل يوما في ملعب أريحا نفسه في مستهل الدوري سنة 1999 في مباراة بين الهلال والشباب ، ويومها قرر الاتحاد تخسير الشباب ، ولم يقرر استكمال المباراة . الحلم المباح المهم أن انطلاقة الدوري تزامنت - ويا للصدف - مع الأيام الأخيرة لاولمبياد بكين ، ولن نستطيع هنا منع جماهيرنا من المقارنة ، لأن الناس ترون الأضواء في كل مكان بالعاصمة الصينية ، ويرون النور لا يستطيع إنجاح مباراتين في أريحا... ولان جماهيرنا تتابع كيف يفتتح الأولمبياد ويختتم بكلمات محسوبة ، وكيف يطنب مسئولونا بالكلام هنا .. لا نستطيع منع جماهيرنا من المقارنة ، ولا نستطيع أن نحرمها من حقها في الحلم ، ولكن يجب علينا أن نقنع هذه الجماهير بأننا جادون في محاولة إنقاذ السفينة ، وللاقتراب من المستوى الدولي ، كما فعلت السودان التي تعيش ظروفا اقتصادية صعبة ، وتفتح حولها الحروب من كل اتجاه ، ومع ذلك نجح اسماعيلها في نيل فضة الثمانمائة متر . |