وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مركز رام الله لدرسات حقوق الانسان يرصد حالة التسامح في اراضي السلطة الفلسطينية

نشر بتاريخ: 26/08/2008 ( آخر تحديث: 26/08/2008 الساعة: 14:34 )
رام الله-معا- في تقريره نصف السنوي حول حالة التسامح في الأراضي الفلسطينية أكد مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان بعد استعراض مظاهر اللاتسامح التي شهدتها مناطق السلطة الفلسطينية, وحسبما جاء في التقرير أنه وعلى صعيد التسامح الديني هناك إقراراً من قبل القادة الدينيين بوجود تسامح ديني على مستوى الديانات السماوية، إلا أنه لا يمكن تجاهل مظاهر التحريض ضد الديانات الأخرى.

ورصد التقرير عدداً من أعمال العنف التي مورست ضد ممتلكات تابعة للكنائس، من مدارس ومكتبات، وبخاصة في قطاع غزة. وكشف أن توظيف الدين في العمل السياسي أنتج خطاباً خالياً من التسامح تجاه المختلف، وإن كان من أتباع نفس الديانة. كما أن الخطاب الديني، وبخاصة الأصولي منه، لم يحمل أي قدر من التسامح مع الاتجاهات الأيديولوجية غير الدينية، بل اعتبرها بأنها الأشد خطورة من غيرها على الدين.

أما على صعيد التسامح السياسي، فخلص التقرير إلى أن نزعات الاستبداد بالسلطة، والاستئثار والتفرد بها، والسعي إلى حرمان الآخرين من حقهم بها، أنتجت شكلاً من أشكال الاستبداد السياسي، بما يحمله ذلك من خلق حالة من اللاتسامح مع الآخر المختلِف، والتنكر لحقوقه. واستمرت محاولات إقصاء المعارضة، وتهميش دورها، والتعدي على حقها في العمل والتنظيم، في الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء. كما أن هناك إسرافاً في استعمال القوة ضد أعمال الاحتجاج السلمي التي كانت تنظمها المعارضة، وأصبحت سلوكاً يومياً لأجهزة الأمن، ما قد يؤدي إلى تعميم ثقافة العنف.

وفيما يتعلق بالتسامح الاجتماعي، فقد بين التقرير أنه لم يطرأ أي تطور على مظاهر التسامح مع المرأة، بل استمرت ظاهرة عدم التسامح والتمييز ضدها، بما في ذلك تعريضها لأعمال العنف والقتل والحرمان من حقوقها المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وقال لم تسلم السلطة القضائية من آثار الصراع المسلح بين حركتي فتح وحماس؛ بل إن الصراع على السلطة مسها بشكل مباشر، وجرى تعطيل عملها، واغتصاب صلاحياتها.

وأضاف إن ظاهرة كهذه تشكل بيئة صالحة لكل من تراود له نفسه أخذ حقه بيده, كما أن غياب المرجعيات القانونية ذات الاختصاص في الفصل بالنزاعات، وإظهار الحقوق والحكم بها، يدفع المتخاصمين للبحث عن وسائل خارج إطار مؤسسة القضاء لتحصيل حقوقهم، ما يدفع بالتالي المجتمع الى اللجوء للعنف، وتعميم ثقافة اللاتسامح.

ورصد التقرير العشرات من حالات استخدام السلاح الناري في النزاعات العائلية والخلافات الشخصية، والتي نتج عنها سقوط قتلى وجرحى. كما وتزايدت في الفترة التي يغطيها التقرير عدد جرائم القتل على خلفية الثأر.

وفي الاستنتاج النهائي، شهدت مناطق السلطة الفلسطينية في الفترة التي يغطيها هذا التقرير نصف السنوي العديد من مظاهر اللاتسامح، سواء على صعيد مؤسسات (الدولة) أو المجتمع, الامر الذي يستوجب التحذير من تنامي هذه الظاهرة، وتقديم توصيات لمحاربتها وقمع أي محاولات لتوسيع دائرتها.

ودعا مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، بعد كل ما تقدم الى الشروع بالعمل الجاد، وفوراً، للقضاء على مظاهر العنف واللاتسامح على المستويين الرسمي والشعبي، والتأكيد على مبدأ الحق في الاختلاف، واحترام تطبيقه والدفاع عنه، وتوسيع هوامش الحريات العامة، وفي مقدمتها الحق في المعتقد، وفي الرأي والتعبير، والتنظيم النقابي والتجمع السلمي والتعددية السياسية.

وشدد المركز على ضرورة إعادة النظر بعمليات التنشئة الاجتماعية، وتبني برامج تنمي ثقافة التسامح داخل الأسرة أولاً، والمدرسة والجامعة ثانياً، والقضاء على كافة أشكال التعصب الحزبي، وأشكال التحريض ضد المختلِف سياسياً، وكذلك إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وتوظيف الخطاب الديني في تعميم ثقافة وقيم التسامح، والدعوة لنبذ كافة أشكال التحريض ضد المختلِف، ونبذ التشدد والتطرف العقائدي.

وطالب بتوجيه أدوات الإعلام المختلفة، واستثمارها بشكل أمثل، لتنمية رأي عام مضاد للنزعات، المتشددة أياً كان نوعها، من خلال إشاعة فن الحوار، والقبول بالاختلاف، وزيادة اهتمام منظمات المجتمع المدني في تعميم ثقافة وقيم التسامح، ومحاربة كافة مظاهر التعصب، وأشكال التمييز، ونقد وتصويب أداء السلطات باتجاه الحفاظ على حقوق الإنسان.

يذكر أن هذا واحداً من سلسلة تقارير دوريه يعدها المركز حول حالة الحريات العامه، والحريات الأكاديميه، والتسامح في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية.