|
مسلسلات الرومانسية تفتك بالمجتمعات العربية ودراما الواقع تتراجع أمام مد الخيال
نشر بتاريخ: 30/08/2008 ( آخر تحديث: 30/08/2008 الساعة: 14:36 )
بيت لحم- معا- ميرنا الاطرش- "لن أتزوج به ما لم يغير تسريحة شعره كتسريحة شعر مهند", هذا ما قالته بثينة ( 22 عاماً) التي منحت خطيبها أسبوعاً واحداً ليقوم بتغيير تسريحة شعره وإلا, حسب قولها, فلن تتزوج به.
بثينة واحدة من ملايين الفتيات في الوطن العربي اللواتي شعرن بهزة تجتاح عقولهن ومشاعرهن بعد متابعتهن أحداث المسلسل "الرومانسي", التركي المدبلج بلهجة سورية "نور". ويتناقل الناس قصصاً لا حصر لها عن أولئك الازواج الذين تفرقوا بسبب هذا المسلسل المؤثر, فكل يوم تكاد تسمع قصة عن امرأة طلقها زوجها لأنها تحدَّت مشاعر زوجها, أو قبّلت التلفاز حباً لبطل المسلسل "مهند", أو حتى هذت في حب الرجل الرومانسي خلال نومها بجانب زوجها. وتبدي إحدى السيدات اندهاشها من سيدة أخرى كانت تشارك في عزاء ببيت لحم, عندما فاجأت الحاضرين بطلب بعيد عن الاجواء, حين سألت عن مكان قريب يوجد فيه تلفاز لمشاهدة مسلسل "نور". أما فاطمة ( 32 عاما) فقد انفصلت عن زوجها بعد ما رأته خلال المسلسل من مشاعر ورومانسية, أثارت حفيظتها تجاه الزوج الذي قالت إنه لم يكن يوفر لها المشاعر العاطفية, فطلبت الطلاق وتحقق لها ذلك. كثيرة هي القصص المتعلقة بالزوجات والفتيات, ونوادر لا تعد ولا تحصى إزاء هذا المسلسل, ولكن لم تقف الامور عند هذا الحد, بل تعدت ذلك ليكون لها أثر فيما يختاره الناس من مشتريات ولوازم سواء للباس أو القرطاسية وغيرها من الامور. أحمد ( 14 عاماً) يخرج كل صباح بتفاؤل كبير حاملاً قمصاناً طبع عليها صور أبطال المسلسلين ليبيعها في شارع المدبسة وسط بيت لحم, فهو يعتقد ان هذه الصور زادت من مبيعاته. عاصفة المسلسلين التركيين المدبلجين "نور" و"سنوات الضياع" اجتاحت أيضاً محلات بيع المفروشات, فقد برزت على واجهات تلك المحلات اعلانات لافتة للنظر, من بينها "وصول طقم نوم نور ومهند للعروسين", ولكن المفاجأة كما يرويها أحد العرسان الذي جذبه الاعلان أن ثمن هذه المعروضات باهظ رغم تحملق العرسان حولها. ورغم ما قيل ويقال في آثار هذه المسلسلات التي تحمل كثيراً من العواطف والمشاعر والرومانسية وقليل من الجدية والقيم, الا أن اثرها تجاوز الحدود, وغدت حديثاً يتناوله الصغار قبل الكبار والرجال قبل النساء, فهل ذلك ناتج عن فقدان العاطفة في المجتماعات العربية, أم أن ابناء هذه المجتمعات فقدوا ايمانهم بالواقع واحبوا الخيال والوهم؟. ونحن على اعتاب شهر رمضان المبارك, حيث تستعر فيه شاشات التلفزة بمختلف الاعمال الدرامية والمسلسلات التي تمتد حتى افول هلال الشهر, يتساءل المرء هل سيكون للمسلسلات المدبلجة مكاناً تحت الشمس, أم أن شهر رمضان سيفرض طابعاً آخر للبرامج والمسلسلات؟. |