وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ثلاثة أعوام على الانسحاب- إسرائيلي واحد بغزة وعشرات المدافع على الحدود

نشر بتاريخ: 13/09/2008 ( آخر تحديث: 13/09/2008 الساعة: 11:25 )
غزة- تقرير معا- في الثاني عشر من أيلول/ سبتمبر 2005 أخلى الاحتلال من غزة واحداً وعشرين مستوطنة احتلت خلال ثمانية وثلاثين عاماً, أخصب الأراضي وأجودها تربة وأوفرها آباراً ارتوازية وأجمل المناطق على طول القطاع.

ورغم مرور ثلاثة أعوام على رحيله وتهديداته بالاجتياح الكامل للقطاع إلا أن المستوطنات المخلاة أو ما أطلق عليه سكان القطاع "المحررات" بقيت كما هي وإن منحت بعض مساحاتها لجامعات توسعت جنوباً وبقيت المساحات الأكبر في حالة بؤر لم تستغل كما يجب.

في الثالث عشر من ذلك الشهر أنهى الاحتلال الاسرائيلي وجوده من طرف واحد من قطاع غزة وسحب مستوطنيه وأسكنهم في مدن تشرف على القطاع وبقي على الحدود ناصباً عشرات المدافع التي حصدت عشرات الأرواح أثناء الاجتياحات المتكررة لتخوم القطاع تحت جنح الظلام.

ثلاثة أعوام شهدت مجازر إسرائيلية متتالية وسقط خلالها مئات الشهداء وعائلات بأكملها, حيث قام الطيران الحربي الإسرائيلي بالمهمة الأكبر وأرسل حمم قنابله على المواطنين و"المقاومين" والمنازل، كما ساندته المدافع على الحدود وارسلت قذائفها لتقتل أطفال عائلات العثامنة في بيت حانون، وغالية على شاطئ البحر، وسلمية غربي مدينة غزة، وعطا الله وسط المدينة، وفايد شرقي مخيم البريج للاجئين وكثيرين تمتلئ بهم الذاكرة الفلسطينية.

المدافع التي قتلت هذه العائلات وجرفت المنازل والأراضي لم تستطع بعد عامين ونيف تخليص جندي إسرائيلي واحد من قبضة "المقاومين" الذين استطاعوا أسره في عملية على معبر كرم أبو سالم جنوب القطاع بعد انسحاب الاحتلال من غزة لقرابة سبعة أشهر، وهو الجندي "جلعاد شاليط" الذي لا يعلم مكانه أحد كما لا تعلم بذلك دولة الاحتلال رغم التكنولوجيا العسكرية الفائقة التي تتمتع بها وعيون العملاء الذين جندتهم لهذا الغرض.

اليوم يعود الاحتلال للتهديد باجتياح قطاع غزة في عملية واسعة لا تبقي ولا تذر ولسان حال المواطنين يقول ان الحصار لعامين كاملين اجتاح الأخضر واليابس ولم يبق لاجتياح عسكري مسلح أي قيمة أو جدوى.

حماس رأت في الانسحاب أولى المنجزات الوطنية عدا عن حالة التوافق التي تلته والتي مهدت لإجراء الانتخابات التشريعية وأن هذا الانسحاب أعطى املاً بأن الاحتلال ليس قدراً مقدوراً وأن اندحاره ممكن وأن المقاومة التي أخرجته من قطاع غزة يمكن لها أن تخرجه من باقي الاراضي الفلسطينية المحتلة.

وعما اذا كان ذلك ممكناً بالضفة الغربية قال الناطق باسم كتلة حماس البرلمانية د. صلاح البردويل "إن المقاومة تمر حالياً بحالة ضعف جراء الضربات المتتالية التي تتلقاها على يد الاحتلال والتنسيق الأمني معه، إلا ان وجودها كثقافة يمكن أن يحييها ويدفع باتجاه تقويتها لتحقق ما تحقق بقطاع غزة".

ويرى البردويل أن الاحتلال رغم عدم وجوده لوجستياً بغزة وهذا برأيه إنجاز إلا أنه استعاض بحالة الحصار السياسي واتفاقية معبر رفح التي وصفها بالخبيثة، وكذلك الحصار المالي والاقتصادي الذي تورطت به دول غربية وعربية وكذلك بالهيمنة الجوية والتواجد العسكري المسلح الدائم على الحدود وأخيراً, بالعملاء الذين تتكشف خلاياهم إثر كل اجتياح اسرائيلي على الحدود، قائلا انها ظاهرة آخذة بالانكماش, كما قال.

وعن تهديدات الاحتلال باجتياح موسع للقطاع بعد ثلاثة أعوام على انسحابه منه يقول البردويل: "إن الحالة الراهنة التي أوجدتها التهدئة وحاجة الاحتلال لها تولد لدى الاحتلال حسابات عن ردات الفعل وهذه الحسابات تمنع الاحتلال من تنفيذ هذه التهديدات خاصة وان اسرائيل مقدمة على انتخابات داخلية تحتاج إلى حالة من الاستقرار السياسي والميداني"، مستهجناً التصريحات التي أطلقها شاؤول موفاز والتي هدد فيها بالعودة إلى اغتيال القادة السياسيين, واعتبر ان هذه التهديدات تندرج في إطار الدعاية الانتخابية الاسرائيلية, غير مستبعد أن تقوم اسرائيل بتنفيذ تهديداتها ولكن ليس في المرحلة الحالية.

اما عن المستوطنات التي اخلتها اسرائيل في القطاع والتي لم يتم حتى اللحظة الاستفادة منها, قال البردويل: "إن الفساد المالي فور الانسحاب أحد أهم الاسباب لعدم الاستفادة من المحررات", مشيراً الى أن ملف الفساد في هذه القضية ممتلئ وانه تم اكتشاف إهدار وسرقة 35 مليون دولار كدفعة أولى لإعادة إعمار هذه المحررات، عدا عن الحصار الذي ضرب بأركانه على قطاع غزة ومنع أي محاولات استصلاح للأراضي واعمارها رغم بعض المحاولات الجارية والتي وفرت لقطاع غزة بعض المزروعات والفواكه.

وأشار الى مشروع جديد وهو استصلاح واسع للأراضي والتي ستزود قطاع غزة بأنواع مختلفة من الفواكه على مدار السنوات القادمة, حسب قوله.

المحللون السياسيون يرون أن أهم منجزات الانسحاب الإسرائيلي من القطاع كان حالة الأمن الداخلي والاستقرار التي يعيشها سكان القطاع الآن.

ويعتبر د. مخيمر ابو سعدة المحلل السياسي أن ما عدا انهاء حالة الفلتان الأمني والفوضى المشهودة خلال العام الأخير فإن كل شيء سيئ, بدءاً من حالة الانقسام السياسي الداخلي وليس انتهاء بحالة الفقر والبطالة وتردي الأوضاع الاقتصادية وما لعبه الحصار الاقتصادي والسياسي في تردي هذه الأوضاع بشكل دراماتيكي, على حد تعبيره.

وعن المستوطنات "المخلاة" رأى ابو سعدة: "أن السبب الرئيس في عدم الاستفادة منها هو الاحتلال وسياسة الحصار والاغلاق لكافة المعابر", مشيراً الى عزوف البنك الدولي والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الاوروبي عن تعهداتهم بإعادة إعمار هذه "المحررات" بعد نجاح حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006.