|
حلقة نقاش بشأن انتهاء مدة الرئاسة: الإشكالية سياسية والحل بالتوافق الوطني أو باللجوء للمحكمة الدستورية
نشر بتاريخ: 23/09/2008 ( آخر تحديث: 23/09/2008 الساعة: 18:46 )
بيت لحم -معا- نظم المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أمس، حلقة نقاش خاصة حول الجدل القائم بشأن مدة الرئاسة، وجاء عقد هذه الحلقة التي حضرها العشرات من المهتمين، من بينهم أعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني، وممثلون عن القوى والفصائل الوطنية والإسلامية، وممثلون عن منظمات المجتمع المدني، رجال أعمال، وأكاديميون، وصحفيون، على ضوء التصريحات والمواقف المتباينة بين حركتي حماس وفتح بشأن موعد انتهاء ولاية الرئيس عباس، وأن رئاسة المجلس التشريعي ستتولى رئاسة السلطة الوطنية ما لم تعقد انتخابات رئاسية قبل التاسع من يناير ٢٠٠٩.
وافتتح حلقة النقاش مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المحامي راجي الصوراني، الذي رحب بالحضور، مؤكدا على أهمية عقد هذه الحلقة كونها تطرق موضوعاً معقداً ويترتب عليه العديد من الاستحقاقات، محذراً من خطورة تواصل الانقسام الرأسي في الهرم السياسي الفلسطيني، مطالباً بأن يكون موضوع مدة الرئاسة مدعاة للتوافق والحوار والمصالحة الوطنية، وليس مدعاة لتعميق الشرخ والانقسام القائم. من ناحيته، لخص مدير وحدة تطوير الديمقراطية في المركز حمدي شقورة موقف المركز من الجدل القائم بشأن مدة الرئاسة عبر استعراضه لأبرز العناصر التي تضمنتها ورقة الموقف التي كان المركز قد أعدها في وقت سابق حول الجدل بشأن مدة الرئاسة، والتي أكد فيها أن الأزمة سياسية لا قانونية، حيث تناول عناوينها الرئيسية وهي: التصريحات والمواقف المتضاربة حول ولاية الرئيس، وشغور مركز رئيس السلطة في القانون الأساسي، قانون الانتخابات رقم ٩ لسنة ٢٠٠٥ وتعديلاته، وموقف المركز حول إجراء الانتخابات الرئاسية، وأخيراً موقف المركز من الأزمة السياسة الراهنة، مؤكداً على أنه يدعم وبالكامل إجراء الانتخابات ولكن ليس قبل أن تتوفر البيئة اللازمة لضمان إجرائها بنزاهة، وفي مقدمة هذه الشروط التوافق بين فتح وحماس، ومحذراً من مخاطر الإقدام على تنصيب رئيس المجلس التشريعي بالإنابة رئيساً جديداً إن لم يتسن إجراء انتخابات رئاسية إذ لن يقود ذلك إلا لمزيد من الانقسام وتدمير مؤسسات الحكم في السلطة الوطنية الفلسطينية. تلا ذلك جملة من المداخلات ناقش عبرها المشاركون مواقفهم من مسألة مدة الرئاسة وانتهاء الولاية الرئاسية، وتباينت الآراء بين مؤيد لمسألة تمديد الرئيس محمود عباس لولايته ومعارض لها، مقابل تأييد مسألة تولي رئاسة المجلس التشريعي الفلسطيني لرئاسة السلطة. أولى المتداخلين كانت للنائب في المجلس التشريعي عن حركة حماس هدى نعيم والتي أكدت على أن الدستور الفلسطيني هو خط أحمر لا يجوز تجاوزه أو انتهاكه وأنه المعيار الذي يفترض أن يتم الاحتكام إليه، رافضة فكرة التزامن بين الانتخابات التشريعية والرئاسية، ومشددة على أن نقطة الانطلاق لحل كل الأزمات بما فيها إشكالية مدة الرئاسة والأزمة السياسية المتمثلة في الانقسام الفلسطيني الداخلي تتمثل في احترام القانون الأساسي الفلسطيني. بدوره، تحدث د. رباح مهنا، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، موضحاً أن الوهم الذي عاشه الشعب الفلسطيني منذ توقيع اتفاقيات أوسلو إضافة إلى الحزبية المقيتة هما المقدمتان اللتان مهدتا لكل ما تشهده الساحة الفلسطينية من تناحر وتنازع ومشدداً على أن إنهاء هذه الحالة يتطلب أولاً وقبل كل شيء إنهاء حالة الانقسام. وفي مداخلته، تحدث د. أسعد أبو شرخ، الأستاذ في جامعة الأزهر، موضحاً أنه يتفق مع الرأي القائل بأن الأزمة سياسية وبأنه لا بديل عن الحوار السياسي لحلها ومتسائلاً عن أسباب عزف الرئيس محمود عباس عن القدوم إلى غزة ليلتقي الناس والتنظيمات، داعياً لبدء حوار وطني شامل يتفادى ما يمكن أن يحدث في ٩ يناير وما يمكن أن يلي هذا التاريخ من أزمات إذا ما بقي الوضع الراهن بما فيه من تجاذبات واختلافات على حاله. من ناحيته، بدأ رمزي رباح، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، كلمته بالإثناء على ورقة الموقف التي أعدها المركز حول مدة الرئاسة لدقتها وتوازنها، ومن ثمّ، أوضح أن الحديث يدور عن أزمة دستورية في ظل ظروف سياسية شديدة التعقيد. وحذر من الإغراق في الحديث عن المواقف القانونية المتضاربة التي من شأنها أن ترسخ من حالة الانقسام القائمة، مؤكداً أن الجميع مع القانون لكن الجميع يدرك أيضاً أن الشروط غير موائمة لعقد انتخابات الأمر الذي يتطلب من كافة الأطراف العمل جدياً لتحقيق التوافق الوطني باعتباره المخرج الوحيد للأزمة السياسية الراهنة. من جهته، تحدث المستشار محمد عابد، رئيس ديوان الفتوى والتشريع في غزة، معتبرا أن الفرصة ما زالت قائمة لخلق بيئة مواتية لعقد الانتخابات رافضاً الحكم مسبقاً بأن الظروف غير مواتية، ومؤكداً على ضرورة احترام الدستور والامتثال لأحكامه كونه أعلى مرتبة من كل القوانين الأخرى وضمنها قانون الانتخابات. بدوره، تحدث م. عماد الفالوجي، الوزير والنائب السابق ومدير مركز آدم، الذي اعتبر أن إشكالية مدة الرئاسة هي إشكالية ذات وجهة قانونية دستورية لكن عباءتها سياسية، مطالباً بانتهازها والتعامل معها كعامل ضغط للوصول لحالة من التوافق الوطني قبل حلول موعد هذا الاستحقاق لأن كل الخيارات الأخرى لن تقود إلا إلى مزيد من الانقسام والانهيار في مؤسسات السلطة. من ناحيته، تحدث رجل الأعمال مأمون أبو شهلا، مشيراً لحالة التدهور التي وصل إليها المجتمع الفلسطيني على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية بفعل الانقسام، مشدداً على أن الحل يكمن في البدء فوراً بحوار مخلص يهتم بمصالح المواطنين قبل الفصائل والأيدلوجيات. من جهته، اعتبر القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خالد البطش، أن الجدل حول مدة الرئاسة هو أحد عناوين الأزمة الفلسطينية الداخلية، معرباً عن أمله في أن يكون هذا العنوان مدعاة لاستئناف الحوار، محرضاً عليه للوصول للمصالحة الوطنية، مشدداً على ضرورة أن يعمل الطرفان على تهيئة الأجواء للمصالحة عبر إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين في غزة والضفة. بدوره، تحدث د. أيوب عثمان، الأستاذ في جامعة الأزهر، حيث استعرض مختلف الجوانب القانونية ذات العلاقة بالموضوع، مؤكداً على أن الضمير الوطني الفلسطيني يطالب حماس من ناحية بعدم التسرع في اتخاذ أية خطوات تطعن في شرعية الرئيس الفلسطيني، ويطالب فتح من الناحية الأخرى بعدم الإقدام على إصدار أية قرارات أو مراسيم بصدد إشكالية مدة الرئاسة، وداعياً الطرفين لعقد جلسة للمجلس التشريعي الفلسطيني للتوافق على مطالبة الرئيس بالبقاء في منصبه لحين التوافق على الحوار والمصالحة. من ناحيته، تحدث أ. جميل المجدلاوي، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، منبهاً بأن للانقسام تداعياته ومفاعيله التي تتجاوز كل النصوص صوب مخاطر جدية تهدد القضية الفلسطينية، ومطالباً بأن تكون حلقات النقاش وورشات العمل ذات العلاقة ميداناً للبحث عن قواسم مشتركة تجمع مختلف الأطراف وتجنب الجميع المخاطر القادمة. من جهته، تحدث سيد بركة، رئيس منتدى الأمة، موضحا أن الحزب لا يريحه إلا الاصطفاف وأن الحل للأزمة القائمة لن يأت لا من فتح ولا من حماس فالمشكلة فيهما والحل ينبغي أن يكون من خارجهما وتحديداً من التنظيمات الأخرى ومن المستقلين ومن الشعب عبر الضغط عليهما للوصول لحل وطني. بدوره، تحدث أ. يحي العبادسة، رئيس لجنة الرقابة في المجلس التشريعي الفلسطيني، معتبراً أن الانقسام السياسي القائم هو السبب الأساسي في ما تشهد الساحة الفلسطينية من تعويم متعمد لمسألة مدة الرئاسة والجدل حولها، مشدداً على أن هناك استحقاقات بحاجة للتعاطي معها ومن الأدعى أن تستفز هذه الاستحقاقات الكل الفلسطيني لتحريك العجلة للوصول لحل للأزمة القائمة. من ناحيته، تحدث د. عبد الرحمن أبو النصر الأستاذ في جامعة الأزهر، مشيراً إلى أن القانون الأساسي حدد مرجعية أساسية هامة وهي المحكمة الدستورية للرجوع إليها عندما يكون هناك جدل في مسألة قانونية أو دستورية ومطالباً بأن يكون هناك تماسك فلسطيني لمواجهة الأزمات الطارئة في ظل الأزمة العامة المتمثلة في الانقسام الفلسطيني. من جهته، بدأ د. أحمد دحلان، الأستاذ في جامعة الأزهر، مداخلته متسائلاً أيهما أولى بالمعالجة الحالة الراهنة أم مدة الرئاسة؟ داعياً للخروج من حلقة النقاش بدعوة تناشد الأطراف الفلسطينية للبدء في حوار مفتوح من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني. بدوره، تحدث د. رياض الأسطل، الأستاذ في جامعة الأزهر، مشدداً على أن المشكلة أكبر من الجدل القانوني أو الدستوري القائم كونها مرتبطة بالأزمة العامة التي يعيشها الشعب الفلسطيني بفعل الانقسام السياسي، ومطالباً الأطراف ذات العلاقة بدراسة السيناريوهات المتوقعة قبل الإقدام على أية خطوة من شأنها زن تجرنا لمزيد من الانقسام. من ناحيته، تحدث د. محمد أبو سعدة، الأستاذ في جامعة فلسطين، مؤكدا على القاعدة القانونية القائلة بضرورة البحث عن الباعث قبل البحث عن الحل موضحاً أن الإشكالية ليست قانونية محضة ولو كانت كذلك لترك المجال للقانونيين وحدهم لحلها، لكن ما يجري هو استخدام القانون لغرض سياسي. من جهته، تحدث أ. فرج الغول، رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي الفلسطيني، معتبراً أن الالتفاف على القانون والدستور هدفه تمديد ولاية الرئيس محمود عباس، مشدداً على عدم جواز انتهاك الدستور ولا بأي حال من الأحوال فالاستحقاق الدستوري واضح لكن حل الإشكالية لن يتم إلا بتوافق وطني. واختتم حلقة النقاش مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المحامي راجي الصوراني الذي أكد على أن المركز كعادته، منحاز للشعب والقضية والدستور والديمقراطية وسيادة القانون، مشيراً إلى :"أننا في العام الأسوأ من حيث دمار النسيج السياسي الفلسطيني تزامناً مع مرور ٦٠ عاماً على النكبة و٤١ عاما على الاحتلال" وشدد على أن التنظيمات هي خدم الشعب وليست أسياده، معتبراً أن ما يجري هو عدمية سياسية من الطراز الأول فالموضوع ليس قانونياً ولا دستورياً بل سياسياً وحله لن يكون إلا بالحوار السياسي أما البديل فهو نفق مظلم جديد. |