وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بحضور المئات من المواطنين -منتدى الأمة للتنمية يحتفل بيوم القدس العالمي

نشر بتاريخ: 26/09/2008 ( آخر تحديث: 26/09/2008 الساعة: 23:03 )
الخليل-معا- أقام "منتدى الأمة للتنمية" احتفالا بيوم القدس العالمي ، استمرارا لجهوده للتعريف بقضية القدس، وأهميتها العقائدية والتاريخية، وكونها ضمانة لمستقبل الأمة الذي بات مرهونا بعودة القدس لأهلها، وبأن القدس من الثوابت الدينية التي من شأن الالتفاف حولها أن يديم التلاحم بين أبناء الأمة الإسلامية (على امتدادها الجغرافي وتنوعها العرقي والمذهبي) وبأن من شأن الالتفاف حول القدس أن يدفع بأبناء الشعب الفلسطيني لتجاوز محنة الانقسام ،وذلك في ديوان أل بركة في بلدة بني سهيلا شرق مدينة خان يونس ،بحضور المئات من الشخصيات الوطنية والاعتبارية ولفيف من المواطنين ، وقد افتتح الحفل بتلاوة آيات عطرة من سورة "الإسراء"

نداء القدس للأمة

وفي تقليد لافت للنظر ألقى الشيخ الدكتور سميح حجاج "نداء القدس للأمة" والذي وجه من خلاله نداء لحركة حماس وفتح للعودة إلى التوحد على طريق القدس، وقد جاء في ذلك النداء:

الصراع بين الحق والباطل صراع قديم قِدم الحياة نفسها، والأيام دول كما قال تعالى {وتلك الأيام نداولها بين الناس..}.. وأعداؤنا متفقون على استئصال شأفة أمتنا، بل وأعلنوا عن مؤامرتهم ضد أمتنا حين أعلنوا نواياهم مع أول لحظات إقامة دولتهم، حيث وقف رئيس وزرائهم أمام الأمم المتحدة قائلا (قد لا يكون لنا حق في فلسطين من منطلق سياسي أو قومي، ولكن لنا الحق في فلسطين من منطلق ديني، فهي أرض الميعاد التي وعدنا الله بها من النيل إلى الفرات، وينبغي على كل يهودي أن يهاجر إلى إسرائيل، وعلى المخالف أن يعلم بأنه يكفر بتعاليم التوراة)..

مضيفا: هكذا ينبغي أن نفهم طبيعة الصراع بيننا وبين هذا العدو المحتل، فالصراع بيننا وبينهم صراع عقيدة ووجود وليس صراع أرض وحدود، فهم لم يتنازلوا عن أريحا إلا لعبارة في توراتهم تفيد أن "أريحا ملعون من سكنها" أما القدس فلا تنازل عنها مهما دارت حولها المفاوضات...

وأشار الشيخ الدكتور حجاج إلى أن القدس الشريف ليس لها إلا طريقاً واحداً وضحه الله عز وجل، وأرسى دعائمه صلى الله عليه وسلم، فالطريق إليها أولا يكون من خلال كلمة التوحيد، قبل توحيد الكلمة، فمن المستحيل أن يحرر هذا المسجد وهذه المدينة جيل لم يتعرف على الله.. فحربنا من أجل القدس ليست حرب شعارات.

والخطوة الثانية على طريق تحرير القدس ،كما أشار الدكتور سميح حجاج، هي نبذ الفرقة وتوحيد الصف وتحقيق معنى الأخوة، فالفرقة ضعف، والخلاف على مدار تاريخنا لم نجنِ منه إلا المرّ والعلقم. قال تعالى {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}.

وأضاف يأتي علينا يوم القدس العالمي والسؤال المرتسم أمامنا هو: كيف حال أهل القدس اليوم؟ هل نحن أكثر تصميما على تحريرها؟ هل جاء ونحن أكثر وحدة وألفة ومحبة؟ أم أن الانقسام بين الضفة والقطاع يتعمق يوما بعد يوم؟ إن من كانت القدس في قلبه عليه أن يخفف من غلواء الخلاف مع الطرف الآخر، بحيث نتمكن من التقدم على طريق القدس، نريد أن نحقق قوله صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد..) فأين شعور الجسد الواحد بيننا نحن الإخوة في فلسطين؟ بل على العكس من ذلك نعيش فرقة تتجسد بانقسام شعبنا لكيانين وحكومتين! وكل حكومة تدعي لنفسها الشرعية، والأخطر أن كل حكومة تتمنى للحكومة الأخرى أن تخطئ، يحدث هذا في صراع مستمر على سلطات وهمية!.

وأوضح الشيخ الدكتور حجاج بأن الطريق إلى القدس لن تكون إلا بالعودة لأخلاق الدين، فالقدس لن تحرر من خلال الخطب النارية أو المواعظ البليغة، ولن تحرر من خلال إحراق أعلام إسرائيل وأمريكا، بل من خلال العودة الحقيقية لأخلاق محمد صلى الله عليه وسلم.

وأخيرا ،أضاف الدكتور سميح حجاج، فإن الطريق إلى القدس لن يكون إلا بالتنازل عن الأوهام حكاما ومحكومين.



القدس محطات تاريخية

ومن جانبه تحدث الدكتور رياض الأسطل كلمة بعنوان: "القدس .. محطات تاريخية" والتي افتتحها بالحديث الشريف "لاتزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ولعدوهم قاهرين... قالوا أين هم يا رسول الله؟ قال: في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس)..

وقد تعرّض الدكتور الأسطل لمجموعة من اللمحات التاريخية ذات العلاقة بمدينة القدس، مما يمت بصلة لتاريخ القدس القديم والحديث، مبتدئا بأصل تسمية المدينة وهو الاسم الكنعاني "يبوس" وكذلك اسم "أور سالم" والذي حرفه العبرانيون فيما بعد إلى "أور شاليم". ومن الجدير ذكره أن عمر مدينة القدس يتزامن مع عمر مدينة أريحا، وهي مدينة موغلة في القدم.

وقد مرّ على المدينة أوقات عصيبة حين دمرها الرومان، حيث تم سبي بني إسرائيل سبيا كاملا إلى بلاد العراق، وهذا هو الاستكبار الأول. ثم جاء الإسلام الذي حافظ على المدينة وعلى مشاعر أهلها، ففي العهدة العمرية خاطب عمر أهلها باسم "أهل إيلياء" وليس "بيت المقدس" مثلا، وهو ما يعبر عن احترام الإسلام للآخر.

وعلى مدار تاريخيها لم تنعم المدينة بالأمن والسلام إلا حين جاءها الإسلام عام 638، حيث فتحها عمر بن الخطاب بعد أن فتح مجموعة من مدن الشام، وقد عاملهم عمر يهودا ونصارى بالإحسان.

وقد اختتم الدكتور الأسطل كلمته بالتأكيد على أن المدينة لابد عائدة لعهدة الأمة الإسلامية (كما عادت من قبل على يد صلاح الدين الأيوبي) لأن العهدة الإسلامية للمدينة المقدسة هي الوحيدة القادرة على المحافظة على طابعها العالمي والإنساني النبيل.

كلمة منتدى الأمة

وقد ألقى الشيخ سيد بركة (رئيس منتدى الأمة) كلمة المنتدى، والتي استهلها بتوجيه الشكر الجزيل لمن حضر انتصارا للقدس في يومها العالمي. قائلا: اليوم مطلوب منا أن نتحقق من صدق انتمائنا لديننا، ولقدسنا، ولكعبتنا.. أين مشاعر الأمة اليوم تجاه الإرث الإلهي؟ إرث الأنبياء.. إرث الصالحين.. أين مشاعرنا تجاه كل ما هو مقدس.. ونحن نتصارع اليوم على المدنّس، على الدنيا وتوافهها، والواحد منا مستعد أن يفقد نفسه دفاعا عن شبر أرض هو إرث شخصي له، فأين دفاعنا عن إرث أمة وشعب ووطن؟!

وأضاف الشيخ بركة: رائحة الخسارة تفوح في كل زوايا المكان.. فلماذا لا نستنفر إذن؟ لماذا لا نتوقف وكل ما حولنا يشير إلى أننا نسير في الاتجاه الخاطئ؟

وقد ركزّ فيها على أهمية يوم القدس العالمي من الناحيتين التاريخية والواقعية، مستذكراً بإجلال النداء الذي أطلقه الإمام الخميني ،رحمه الله، في السابع من أغسطس 1979، والذي دعا فيه الأمة الإسلامية إلى اعتبار يوم الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك من كل عام يوماً للقدس.

وفي تعريجه على الحالة الفلسطينية الراهنة تساءل الشيخ بركة عن النور الذي يجب أن يسكن قلوبنا وبيوتنا، ذلك أننا اليوم ،بما رسّخناه من فرقة، لا نعيش إسلام أبينا إبراهيم، وإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. فهل إسلامنا اليوم يشابه إسلام إبراهيم عليه السلام؟ إن الإسلام الحقيقي يقتضي أن نسلم لله بأرواحنا وقلوبنا وعقولنا وإرادتنا.. فمن منا اليوم يعير الله هذه الأشياء؟!

القدس.. حديث ذو شجون

وقد أكدّ الشيخ بركة على أن الحديث عن القدس هو حديث ذي شجون، فأهمية يوم القدس العالمي تنبع من كونه قد ارتبط بشهر رمضان المبارك وبالعشر الأواخر منه، والتي كان النبي صلى الله عليه وسلم يشمر فيها عن ساعد الجدّ في العبادة، وفي الجمعة الأخيرة من رمضان وليلة القدر. مشدداً على أن يوم القدس العالمي يُعتبر نداءً للمسلمين كافة في أرجاء العالم للالتفاف حول وحدتهم وقضيتهم المركزية قضية فلسطين.

وقد شدّد الشيخ بركة على ضرورة أن تستفيد الأمة بأجمعها من هذه المناسبة للانتباه لقضية القدس؛ التي تتعرض اليوم لهجمة صهيونية طاغية الهدف منها محو الوجود العربي والإسلامي من المدينة المقدسة، ودفع أهلها إلى الهجرة منها.

مضيفا: "يوم القدس يجب أن يبقى شعاراً مضيئا لا تطفئه الأيام ولا يغيب عن ذاكرة العرب من مسلمين ومسيحيين ولو توالت الأيام..".

تواشيح ومدائح نبوية

ومن الجدير ذكره قد اشتمل الحفل على العديد من الفقرات الخفيفة التي تراوحت ما بين المديح النبوي والقصائد الشعرية التي تعبر عن مكانة القدس في نفوس أبناء الأمة، ومن القصائد التي ألقيت قصيدة (يا قدس.. يا مدينة تفوح أنبياء) والتي ألقاها أحد أشبال منتدى الأمة.

كما قامت فرقة من المادحين ذوي الأصوات الندية المادحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بإلقاء العديد من المدائح التي تغنّت بمناقب سيّد البشرية، وبمآثر مدينة القدس، وغيرها من الأناشيد التي أشادت بالوطن الفلسطيني وبقراه ومدنه التاريخية العامرة.