وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فروانة: واقع الأسرى في سجون ومعتقلات الإحتلال حافل بالإنتهاكات والجرائم

نشر بتاريخ: 13/10/2008 ( آخر تحديث: 13/10/2008 الساعة: 19:01 )
رام الله -معا- أصدر الباحث المختص بشؤون الأسرى، ومدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين، عبد الناصر عوني فروانة، تقريراً شاملاً عن واقع المعتقلين الفلسطينيين في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، في ظل الفعاليات والإحتفالات الدولية التي نظمتها الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان في اطار اسبوع " الكرامة والعدالة للسجناء ".

وأكد خلاله على أن تلك النصوص التي تتحدث عن حقوق الإنسان وحقه في الحياة بحرية وكرامة، لا زالت بمجملها حبراً على ورق بالنسبة للمعتقلين الفلسطينيين عموماً، مطالباً الأمم المتحدة بالتحرك الفعلي والجاد من أجل كرامة وحرية آلاف المعتقلين الفلسطينيين، داعياً المفوضة العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة "نافانيتيم بيلاي" الى زيارة فلسطين والإطلاع عن كثب على أوضاع المعتقلين الفلسطينيين في سجون الإحتلال الإسرائيلي وحجم الجرائم التي ترتكب بحقهم.

يذكر أن المفوضة العليا لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة في جنيف "نافانيتيم بيلاي" الجنوب أفريقية كانت قد أطلقت في الثاني من أكتوبر الجاري اسبوع تحرك من اجل المطالبة بـ "العدالة والكرامة" لملايين السجناء في العالم ما بين 6-12 تشرين أول / أكتوبر الجاري، قائلة: "ان عدداً كبيراً من الاشخاص وعلى الارجح ملايين هم معتقلون عبر العالم بطريقة ظالمة وتعسفية وغير مناسبة ".

وأوضح فروانة في تقريره بأن سياسة الاعتقالات بدأت مع بدايات الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وسارت بشكل متعرج دون توقف حتى يومنا هذا، وان سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت منذ العام 1967 ولغاية اليوم، قرابة ( 750 ألف ) مواطن فلسطيني، منهم قرابة ( 65 ألف ) مواطن خلال انتفاضة، بينهم ( 750 مواطنة ) و( 7500 طفل ).

وأضاف بأن تلك الاعتقالات لم تقتصر على فئة عمرية محددة أو شريحة معينة ، بل استهدفت كل من هو فلسطيني فطالت الشيوخ والأطفال، وشملت الأمهات والفتيات، وضمت طلاب وعمال و تجار، قادة سياسيين ونقابيين، ولم تستثن المرضى والجرحى والمعاقين، وفي أحياناً كثيرة طالت عائلات بأكملها، ولم تعد هناك عائلة فلسطينية إلا وأن ذاقت مرارة الاعتقال بشكل مباشر أو غير مباشر.

وأشار فروانة الى أن سلطات الاحتلال أقدمت خلال انتفاضة الأقصى على اعتقال العشرات من القادة السياسيين والنواب في المجلس التشريعي الفلسطيني والعديد من الوزراء في حكومات فلسطينية سابقة ، فيما لا يزال منهم ( 39 ) نائب في المجلس التشريعي الفلسطيني ووزير سابق رهن الاعتقال في سجون الاحتلال ، وفي مقدمتهم النائب د.عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي، والنائب أحمد سعدات والنائب مروان البرغوثي، معتبراً اعتقالهم واستمرار احتجازهم انتهاكاً فاضحاً لأبسط الأعراف والمواثيق الدولية ، ويشكل عدواناً سافراً على المؤسسات الشرعية الفلسطينية وحقوق الإنسان وحصانة النواب والوزراء .

وعن أعداد المعتقلين ذكر فروانة في تقريره الى وجود قرابة ( 9500 ) معتقل بينهم ( 88 ) معتقلة و( 274 ) طفلا، وهؤلاء موزعون على أكثر من عشرين سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف منها نفحة ، ريمون ، تلموند ، ايشل ، عسقلان ، هداريم ، شطة ، الرملة ، جلبوع ، تلموند ، النقب ، مجدو ، عوفر ..الخ، مشيراً الى أن جميعهم وبدون استثناء يتقاضون رواتب شهرية وكانتينا من السلطة الوطنية الفلسطينية عبر وزارة الأسرى والمحررين وبالتعاون مع وزارة المالية تقدر بـ ( 4 ملايين $ ) أربعة ملايين دولار شهرياً ، وفق جدول يعتمد على عدد السنوات التي أمضاها الأسير.

وأوضح فروانة أن جميع هؤلاء اعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى باستثناء ( 510 ) أسيرا كانوا معتقلين منذ ما قبل اندلاع الانتفاضة، بينهم ( 339 أسيرا ) معتقلين منذ ما قبل اتفاق أوسلو وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية في الرابع من آيار 1994 ، وبينهم ( 87 ) أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاماً ويطلق عليهم مصطلح "عمداء الأسرى"، ومنهم ( 11 ) أسيرا أمضوا أكثر من ربع قرن بشكل متواصل فيما أقدمهم الأسيران نائل وفخري البرغوثي المعتقلان منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

وقال فروانة "حينما أستحضر هؤلاء القدامى ينتابني مشاعر الألم والمرارة لبقائهم طوال تلك العقود في الأسر ، ممزوجة بمشاعر الفخر والاعتزاز بصمودهم الأسطوري والذي يفوق صمودنا وصمود كل قادتنا ، ودائماً أدعو المستمعين والمشاهدين أو القراء والإعلاميين إلى عدم التعامل معهم لمجرد أرقام وإحصائيات ، فأرقامهم ضئيلة ولكن معاناتهم تفوق الوصف وقصصهم وحكاياتهم تحتاج لمجلدات ".

وحول التوزيع الجغرافي للمعتقلين بيَّن فروانة أن ( 890 ) معتقلاً هم من سكان قطاع غزة ، وقرابة ( 8000 ) معتقل من سكان الضفة الغربية والباقي من القدس ومناطق ال48 ، بالإضافة الى العشرات من المواطنين العرب من جنسيات عربية مختلفة ، حيث يوجد مصريون وأردنيون وسوريون، فيما تحتجز عشرات آخرين من جنسيات عربية متعددة غالبيتهم سودانيون، بينهم أسير سعودي واحد، وذلك بعدما تجاوزوا الحدود المصرية - الإسرائيلية لأسباب مختلفة .

وفي ذات السياق ذكر فروانة أن من بين المعتقلين 73 % أعزب ، و27% متزوج ، فيما 55 % منهم محكومون، و 38 % موقوفون، والباقي ( 780 معتقلاً إدارياً ) معتقلون إداريون .

أما فيما يتعلق بالأسيرات، فأكد فروانة في تقريره بان قوات الإحتلال الإسرائيلي اعتقلت خلال انتفاضة الأقصى قرابة (750 ) مواطنة لا يزال منهن في السجون لغاية اليوم ( 88 ) أسيرة، منهن قاصرات و أمهات وطالبات ، فيما بينهن ( 4 أسيرات ) رهن الاعتقال الإداري .

وان أربعة أسيرات قد وضعت كل منهن مولودها في السجن خلال انتفاضة الأقصى ، دون توفير الظروف المناسبة وفي ظل انعدام الرعاية الطبية ودون السماح لأي من ذويهن بمرافقتهن والوقوف بجانبهن في المستشفى أثناء عمليات الولادة ، وهن: ميرفت طه ومنال غانم ، وسمر صبيح، ولقد تحررن من الأسر ، فيما لا تزال الأسيرة فاطمة الزق رهن الاعتقال مع طفلها "يوسف" الذي أنجبته في يناير الماضي .

وأضاف مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة في تقريره ، بأن سلطات الاحتلال لم تستثنِ الأطفال من اعتقالاتها، وجعلت من سجنهم الملاذ الأول وليس الأخير ولأطول فترة ممكنة وليس لأقصر فترة كما تنص المواثيق الدولية ، وخلال انتفاضة الأقصى اعتقلت ( 7500 ) طفل ، لا زال منهم ( 274 ) طفل ، وحقوقهم تُسلب ، وطفولتهم تُحطم .

وأوضح بأن احتجازهم يتم في ظروف سيئة جداً وغير إنسانية تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال بشكل خاص، وتشير المعطيات إلى أن 97 % منهم تعرضوا لصنوف مختلفة من التعذيب وتنتزع منهم الاعترافات بالقوة، وتصدر بحقهم أحكاماً تعسفية تصل في بعض الأحيان للسجن مدى الحياة، وهذا التصرف يخالف مجموعة كبيرة من القواعد القانونية الدولية التي أقرها المجتمع الدولي, مما يهدد مستقبلهم بالضياع .

وأكد فروانة أن الاعتقالات لم تقتصر على الأحياء بل شملت الأموات أيضاً، حيث تحتجز سلطات الاحتلال مئات جثامين الشهداء والشهيدات كعقاب لهم ولذويهم في الثلاجات أو في ما تُعرف "مقابر الأرقام" الجماعية، الأمر الذي يخالف كل الأعراف الدولية والقيم الإنسانية والأخلاقية والشريعة الإسلامية، وتعتبر دولة الاحتلال الإسرائيلي هي الوحيدة في العالم التي تعاقب الإنسان بعد موته وتحرم ذويه من اكرامه ودفنه وفقاً للشريعة الإسلامية وفي أماكن ومقابر مؤهلة لذلك .

وقال فروانة في تقريره بأن قائمة الانتهاكات بحق المعتقلين والمعتقلات طويلة جداً، وتصاعدت بوتيرة عالية وغير مسبوقة خلال انتفاضة الأقصى، والحديث حولها يحتاج لمجلدات طويلة ، بدءاً من أشكال الاعتقال وما يرافقها ومكان وظروف الاحتجاز ومروراً بالتعذيب والمعاملة المهينة وسوء الطعام كماً ونوعاً والإهمال الطبي المتعمد، وتصاعد استخدام القوة المفرطة من قبل ما يسمى وحدات "نخشون وميتسادا " ، والعزل الانفرادي والتفتيش العاري والتحرش الجنسي والتفتيشات الليلية المباغتة واقتحام الغرف ومصادرة ممتلكاتهم ، ومصادرة الأموال وحرمان المعتقلين من تلقي الأموال من ذويهم ومن وزارة الأسرى.


وفي نهاية تقريره تطرق الباحث فروانة الى الإنقسام الحاصل على الساحة الفلسطينية، مؤكداً على أن هذا الانقسام أثر سلباً على قضية الأسرى وأضعف حضورها على كافة المستويات المحلية والعربية والدولية، وساعد إدارة السجون في الإنفراد بالأسرى وتمزيق وحدتهم، وتصعيد هجمتها ضدهم بعيداً عن وسائل الإعلام ، مما فاقم من معاناتهم ومعاناة ذويهم .

وأضاف بأن هذا الإنقسام أفقد الأسرى وحدة الموقف وقرار المواجهة، وأحدث انقساماً وضعفاً كبيراً في المساندة الجماهيرية والحزبية أيضاً، معتبراً أنه وبدون وحدة قوية للحركة الأسيرة ومساندة جماهيرية كبيرة لا يمكن للأسرى ان يحققوا شيئاً .

ودعا فروانة الجميع الى ضرورة العمل الجاد من أجل عودة اللحمة لشطري الوطن وعودة الوحدة للشعب الفلسطيني بكافة فئاته وفصائله، قائلاً "بالوحدة الوطنية أولاً وبالوحدة الوطنية ثانياً وبالوحدة الوطنية ثالثاً يمكن لنا أن نساند أسرانا وأن نضع حداً لمعاناتهم ولمسلسل الإنتهاكات بحقهم ، ويمكن لنا أن نضمن حريتهم لا سيما القدامى منهم".