وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نحن نزرع وهم يقتلعون .. ايوب سرور : في كفي قطفة زيتون وعلى كتفي نعشي!

نشر بتاريخ: 15/10/2008 ( آخر تحديث: 15/10/2008 الساعة: 18:07 )
رام الله - معا - أيوب سرور "33 " عاما من قرية نعلين الواقعة غرب مدينة رام الله، يروي قصص النكبات المتوالية التي لحقت به وبعائلته بداية من نكبة عام 48، عندما هجروا من بلدة زكريا الواقعة قضاء الرملة إلى قرية نعلين، من ثم نكبة عام 1993، نكبة عام 2004، وحتى نكبة 2008.

*بعد نكبة 48 رحلت عائلة أبو العبد من أرضها عام 48 وتوجهت إلى قرية نعلين واستقرت فيها، وقام أبو العبد ومع مرور السنوات والأعوام بشراء الأراضي والعمل على فلاحتها حتى تمكن من امتلاك ما يقارب 250 دونما من الأرض المزروعة بأشجار الزيتون، فقد كان يتوجه للأرض قبل شروق الشمس عند الساعة 5 صباحا ليعود إلى البيت عند مغيبها .

أبو العبد أب ل"8 " شباب حصل سبعة منهم على تعليمهم الجامعي بفضل حصادهم السنوي الذي كان يسد حاجتهم السنوية، وليبق أيوب الولد الذي رافق أبيه في درب العمل الزراعي في الأرض، والذي ولدته أمه تحت شجرة زيتون أثناء قيامها بقطف الزيتون، فقد كان يرافق والده من الصباح حتى المساء ليتسلم عهدة أبيه في الحفاظ على الأرض والاعتناء بأشجار الزيتون.

وبقي الحال على حاله حتى عام 1993 الى ان تلقت العائلة ضربتها الثانية بعد نكبة تهجيرهم من بلادهم.

*نكبة عام 1993 سلطات الاحتلال تصادر ما يقارب 32 دونم زراعي.

أبو العبد بكامل نشاطه وحيويته يعمل بالأرض طوال ساعات النهار ولا يكل ولا يمل ، وكان العمل في الأرض يزوده بالصحة والنشاط وخاصة أيام الحصاد وقطف الزيتون كهذه الأيام ويستمر الحال باستقرار حتى يقوم الجيش الإسرائيلي بمصادرة 32 دونما مزروعة بأشجار الزيتون التابعة للحاج أبو العبد، ويضمها إلى أراضي مستوطنة كريات سيفر.

كريات سيفر مستوطنة إسرائيلية أقيمت على أراضي قرية نعلين والقرى المجاورة لها، حيث قام الاحتلال باقتلاع أشجار الزيتون وطمرها بالتراب، الأمر الذي زرع المرض في قلب ونفس أبو العبد، فتدهورت حالة أبو العبد النفسية وأصيب بمرض الصرع ومن ثم الجنون، وبقي يصارع الموت حتى توفي قبل 5 أعوام عام 2003، ليتسلم أيوب الوالد لأربع أطفال، العمل والمسؤولية عن الأرض من بعد أبيه، فكان يذهب للأرض عند الصباح الباكر ليعود منها بعد غروب الشمس، ليستمر الحال لمدة عام واحد ليتلقى أيوب الضربة الثانية.

*نكبة عام 2004 بناء الجدار .

قام جنود الاحتلال عام 2004 بتجريف جزء كبير من ارض أيوب واقتلاع أشجار الزيتون منها والتي تقدر ب 50 دونما تقريبا التي عاث بها الجنود فسادا بحجة مرور الجدار من هذه المنطقة، فلم يكتف بمصادرة 32 دونما من الأرض لتنضم إلى المستوطنة، بل قاموا بمصادرة أخرى لإقامة الجدار متناسين حق أصحاب الأراضي وتعبهم ورزقهم الذي يقتلعوه بكل سهولة.

ومن بعد الاقتلاع وتجريف تنسحب القوات الإسرائيلية لتجميد عملها في جدار الفصل العنصري، مخلفة دمارا واقتلاعا للرزق، الأمر الذي جعل أيوب يعود لزراعة هذه الأرض بشجر الزيتون من جديد والاعتناء به، حتى تأتي المرحلة الثانية من بناء الجدار خلال هذا العام.

*نكبة عام 2008 استأنف العمل في الجدار في قرية نعلين.

عاد جيش الاحتلال إلى قرية نعلين ليقوم بمصادرة حوالي 180 دونما ارض مزروعة بأشجار الزيتون من عائلة أيوب وأخوته، ليضمها الجدار إلى أراضي إسرائيل وتصبح منطقة عسكرية مغلقة.

وأعلن عن بدء موسم قطف ثمار الزيتون هذا العام بتاريخ 10-10-2008، ليبدأ الموسم لهذا العام بنفس الوقت الذي يناضل فيه أهالي نعلين الجدار وبنائه، حيث وصف أهالي القرية هذا الموسم بأنه أفضل من العام الماضي من ناحية المحصول، لكنه الأسوأ على عائلة أبو العبد ومثيلهم من العائلات التي صودرت أراضيهم المزروعة بأشجار الزيتون.

فمن 250 دونما أراضي مزروعة بأشجار الزيتون لعائلة أبو العبد لم يتبق سوى 50 دونما منها والتي تقع محاذية لبناء الجدار، الأمر الذي يزيد صعوبة على عائلة أيوب بقطف ثمار هذه الأشجار وتعريضهم لحجارة المستوطنين، ورصاص وقنابل الجيش الإسرائيلي، المرافقة للتهديدات بالقتل.

لم يعد احد من عائلة أيوب لقطف الزيتون سواه، وذلك نتيجة تعرضهم للأذى أكثر من مرة وخاصة إصابة ابنه في إصابة بالرأس نتيجة سقوط قنبلة غاز على رأسه، ولكن أيوب وتعلقه الشديد بها يذهب ويقول:" هذه ارضي وهذا رزقي الوحيد لا اعلم كيف أعيش دونه، فأنا لا املك شيئا آخر، اذهب لقطف الزيتون تحت التهديدات والاعتقال، فقد قام جيش الاحتلال باعتقالي قبل 8 أيام محاولة لمنعي من الوصول ارضي وقطف ثمار أشجارها.

ويعتبر يوم الجمعة في قرية نعلين يوما يمنع فيه قطف الزيتون وتندلع المواجهات، وتغلق المنطقة باعتبارها منطقة عسكرية مغلقة، وكل من يحاول الذهاب إلى أرضه يتعرض للأذى.

ويقول أيوب:" احسد أبي لوفاته قبل إن يرى ما حصل بباقي أرضه وأشجاره التي أمضى حياته في رعايتها، وأضاف" يدي على قلبي من ان تذهب باقي الأرض (50 دونما) مع المعبر الذي يريدون عمله، فهي ما تبقت لي من بعد هذا العمر فلا توجد لدي شهادة جامعية لتساعدني على العمل في مكان آخر، والجيش يهدد بمصادرة الأرض للمعبر.

وأكمل حديثه قائلا: " لقد طلبت مني أمي وهي الآن تبلغ من العمر 70 عاما، وتعاني من الإمراض أن أصحبها لتلقي آخر نظرة على أشجار الزيتون .

وأنهى حديثه "لا يوجد أمان فزحف الاستيطان سيبقى يلاحقنا، وسنظل نزرع وهم يقتلعون"... وساضل اردد ما دمت حيا :" في كفي قطفة زيتون وعلى كتفي نعشي"