|
جامعة النجاح الوطنية تقيم حفل تأبين للشاعر الكبير محمود درويش
نشر بتاريخ: 20/10/2008 ( آخر تحديث: 20/10/2008 الساعة: 17:49 )
نابلس- معا أقامت كلية الآداب في جامعة النجاح الوطنية اليوم الاثنين حفل تأبين للراحل الشاعر محمود درويش، وذلك في مدرجات الشهيد ظافر المصري في الحرم الجامعي القديم في الجامعة، وقد حضر الحفل عدد كبير من محبي الشاعر الراحل من اعضاء الهيئة الادراية والتدريسية وطلبة الجامعة بالاضافة الى عدد كبير من المدعوين الذين جاءوا لاحياء الذكرى الاربعين لرحيل شاعرنا الكبير.
كما شارك في الحفل الاستاذ الدكتور رامي حمد الله، رئيس الجامعة، الدكتور جمال محيسن، محافظ محافظة نابلس، والاستاذ الدكتور ماهر النتشة، نائب رئيس الجامعة للشؤون الاكاديمية، والاستاذ الدكتور خليل عودة، عميد كلية الآداب ومقرر اللجنة التحضيرية للحفل، والدكتور مصدق المصري، مدير دائرة العلاقات العامة في الجامعة، بالاضافة الى عدد من الكتاب والأدباء ممن عايشوا درويش، من فلسطين المحتلة عام 48 وشعراء وأدباء من الضفة الغربية. وبدأ الحفل في الساعة العاشرة صباحا بالسلام الوطني الفلسطيني، ثم تلاوة آيات من الذكر الحكيم ثم اعلن الاستاذ الدكتور خليل عودة بدء فعاليات اليوم ودعا رئيس الجامعة أ.د.حمد الله لإلقاء كلمة جامعة النجاح الوطنية حيث قال فيها: "في جامعة النجاح الوطنية يتجدد دائماً لقاء الوفاء مع النخب الفلسطينية التي تستحق التقدير والاحترام، واليوم نحن مع واحد من هذه النخب التي أعطت، ولم تتوقف عن العطاء الا بعد أن توقف القلب عن الخفقان، وسكن الجسد في أحشاء الأرض التي سكنته حياً، واحتضنته ميتاً". واضاف لقد أعطى محمود درويش من فكره وعقله ووجدانه شعراً سيظل خالداً في صفحات التاريخ ما بقي عشاق للشعر ومحبون للأدب، وسيظل درويش علماً من أعلام فلسطين الذين داعبوا كلمات اللغة العربية، وفجروا من خلالها شعراً ينساب برقة وعذوبة في أحشاء فلسطين، ويغذي عروق الدم في الوريد الممتد بين الجسد والوطن. وتابع أ.د. رئيس الجامعة لقد كنت أيها الشاعر حلقة الوصل بين الإنسان والأرض، وبين الروح والجسد ، وبين العقل والوطن، استطعت بشعرك أن تصنع هوية فلسطين الخالدة، وأن تعبر بها من المنفى إلى الوطن، ومن الوطن إلى المنفى، وأن تخاطب بلغتك الخاصة، العدو قبل الصديق، فكانت كلماتك كالسيف حاداً على رقاب من لا يعترفون بأنهم عابرون بين الكلمات العابرة، وأن مذاق خبز أمك لا يعرف معناه، إلا من فهم علاقة الفلسطيني بأرضه وشعبه ووطنه. مضيفا ان درويش اعطى للكلمات مذاقاً خاصاً، وفجر من رحم اللغة زيتونة صارت مع مرور الزمن رمزاً لفلسطين التي أحبها وأحبته، ونسج لها من ربيع عمره وعرق جبينه عقد اللؤلؤ المكنون الذي ما زال يوشح صدرها ويجعل منها بهية المكان والزمانن كما أعطى فلسطين الأرض والسماء والبحر والنهر شعراً موصولاً بحنين دائم إلى الحرية والدولة والهوية، واليوم تقف هذه العشيقات على باب عاشقها لا تنظر كلاماً من صاحب الكلام، وإنما تعطيه على خجل بعض كلمات الرثاء التي لا تسعف في مثل هذا المقام ، ولا تسد رمق العاشقين الباحثين عن رؤيا الحلم في عيون الحقيقة المترددة بين خيالات الوهم، وأسوار الواقع. وتابع رئيس الجامعة لقد كان محمود درويش صوتاً فلسطينياً لكل الفلسطينيين أحبوه على امتداد الوطن، واستطاع بهذا الحب أن يوحد الوطن الجريح، وأن يجمع شمله في كلمات سواء، لا شرقية فيها ولا غربية، وعلينا نحن اليوم ونحن نكرم محمود درويش أن نتمسك بهذا الخيط السحري الذي وحد الفلسطينيين جميعاً على حب هذا الشاعر، فمحمود درويش لم يقصد بشعره أن يجمع الفلسطينيين على حب القصيدة، ولكنه أراد أن يجمعنا على حب الوطن الواحد الموحد وأن يؤلف بين قلوب الناس من بعده. وقال في ختام كلمته علينا أن نلتف جميعاً حول جمالية المكان، وامتداد الزمان اللذين رسمها الشاعر في فضاءات هذا الوطن، وجعل منهما قصيدة تداعب كلماتها زهر اللوز، وحبات الزيتون، وعصافير الليل، وفراشات المساء، وشواطئ البحر، وأعالي الجبال، وتسمو بنا بعيداً إلى الأفق الممتد إلى أرواح شهداء فلسطين في الوردة الحمراء التي ما زالت تسكن قصيدة شتاء ريتا الطويل. وتفصل بين جسدين يتنافسان بين ذاتية الأنا وطموحات الآخر، وأخيراً عدت أيها الشاعر إلى سيدة بداية النهايات وسيدة النهايات، إلى الأرض التي إليها سكنت واليها عدت، لتستقر تحت الثرى، ويظل اسمك وشعرك فوق الثريا. والقى الاستاذ محمد علي طه من فلسطين 48 كلمة بشكل ادبي عن درويش الانسان والشاعر والمناضل الذي يرادف اسم الوطن والقضية، واضاف في كلمته ان درويش عرف العالم بالقضية الفلسطينية من خلال شعره الذي جاب به العالم من مشرقه الى مغربه، فكان المسافر الذي يحمل حقيبته في كل مكان ناقلا للعالم قصة وطن جريح فهو شاعر غير عادي فهو حي ايضا بشعره الذي سيظل الى مئات السنين. والقى الدكتور فاروق مواسي كلمة قال فيها " مع صحبتي له ولشعره- صحبتي له في بضعة لقاءات لا تتجاوز أصابع يد، وصحبتي المتواصلة لكتابته مع حروف له أو عنه- كنت أتساءل من قبل ومن بعد: ما سر هذا التألق؟ هذه الشعبية؟ هذا الاستقبال الحقيقي والمجازي؟ وكيف تسنى للكلمة أن تجد لها من يضفي عليها طابع القداسة- مع تباين في مستويات المتلقين وتأويلاتهم؟". واضاف يوم أن شاركت في جنازة الشاعر المهيبة شاهدت بأم عيني دموعي ودموع الناس، وساعة أن حملوا جثمانه تمنيت أن يحمله الشعراء وأرباب الحروف، ولحظة كان صوته المسجل يقرأ كان خشوع، وكنا وكأن على الرؤوس طيور الحزن، تتلو بصمت قصائده. واشار انه تابع ما ينشر عبر الإعلام الورقي والصوتي والمشهدي والألكتروني، وتصفح أو شاهد أو أنصت لجل ما قيل في الغائب الحاضر: آلافًا مؤلفة من النصوص بصدقها وأصالتها أحيانًا، وبتدبيجاتها وبغلوها أحيانًا كثيرة. وندر بين الأدباء من لم يدل بدلوه - من المحيط إلى الخليج- ، ليعبر كل بأسلوبه عن فداحة الرحيل، وتنافس الشعراء والكتاب والسياسيون في تلاوة آيات الأسى والشجن. واضاف انه سأله الكثير ما سر هذا التيار الهادر في محبة هذا الشاعر؟ هل هو تقدير للشعر؟ وإن كان ذلك كذلك فمعنى هذا أن شعبنا يقرأ، ومجتمعنا مثقف، ويحب الشعر ويستمع إليه، ويتابع النصوص، وهذه الألوف المؤلفة يوم جنازته تقدر الشعر في شخص الشاعر المميز. ام هو تقدير للوطن؟ إن كان ذلك كذلك فمعنى هذا أن الناس وطنيون، شغلهم الشاغل الأرض وفلسطين، وهذه الألوف المؤلفة تتلاقى عند وطنيته، وذلك في ظل تخوينها لبعضها البعض، فلدى درويش القول الفصل وطنيًا وموقفيًا، والناس يرون فيه العنوان، وأشعاره حتى وإن تحفظ هو من إضفاء صبغة عليها فهي شاء أم لم يشأ الفلسطينية الهوية، والمعبرة عن الصوت الجمعي. وسيظل هو الشاعر الوطني حتى لو دفع شعراء آخرون ثمنًا أبهظ لوطنيتهم سجنًا واعتقالاً وموتًا. فأجاب أن محمود درويش مالئ الدنيا بعد المتنبي وشاغل الناس، وثمة أكثر من سبب لذلك، تتوافى معًا، وتؤلف كلاً واحدًا. من خلال تحرر محمود من المواقف السياسية، وعدم تقيده بالتيارات الشعرية، بالاضافة الى الكاريزما أو الجاه الذي يتمتع به درويش، والغربة وتأثيرها عليه، والخَــلق والخُـــلق الذي تحلى به، واهتمام السياسيين بشعره كل هذه الامور جعلت من درويش محط انظار هذا الكل. ثم القى الاستاذ الدكتور يحيى جبر، المحاضر في قسم اللغة العربية في جامعة النجاح الوطنية كلمة تناول فيها قصائد الشاعر درويش التي حمل للعالم قضية شعبه من خلالها، واضاف لم يكن درويش عظيما في حياته فحسب بل في مماته ايضا جمع حوله كل المختلفين وحد الوطن بقصائده واجمع عليه كل المختلفين ايضا معه، رحل درويش لكن رحيله كان مادي فقط رحل ولكن بقي حيا بشعره وفلسفته. والقى الدكتور وجيه سالم، رئيس قسم اللغة العربية في جامعة القدس المفتوحة قيدة شعرية في الذكرى الاربيعن لرحيل درويش. وتخلل حفل التأبين القاء العديد من قصائد درويش القتها جوقة جامعة النجاح الوطنية، ثم عرض فيلم قصير عن سيرة حياته، كما تخلل اليوم ايضا القاء محاضرتين لأثنين من الادباء المعاصرين حيث القى الدكتور فاروق مواسي محاضرة بعنوان" أحن الى خبز وتفاعل اللغة فيها، كما القى الاستاذ الدكتور عادل الاسطه، المحاضر في قسم اللغة العربية في جامعة النجاح الوطنية محاضرة " بين البدايات والنهايات، درويش وكنفاني والقارئ". وكانت اللجنة التحضيرية التي شكلتها الجامعة لإحياء ذكرى درويش قد اصدرت كتيب احتوى على نبذة حياة الشاعر درويش بالاضافة الى شهادات في درويش كتبها العديد من الكتاب والادباء ممن تابعوا درويش في كل اعماله الادبية، وقصائد كتبها عنه العديد من الشعراء المحليين. |