وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خبراء اقتصاديون يدعون لدراسة أبعاد الأزمة المالية العالمية واستخلاص العبر منها

نشر بتاريخ: 20/10/2008 ( آخر تحديث: 20/10/2008 الساعة: 17:50 )
غزة-معا-دعا محاضرون وخبراء اقتصاديون إلى العمل على دراسة أبعاد الأزمة المالية الحالية واستخلاص العبر والتعاون لتلافي أي تحديات أو إشكالات مقبلة وإعادة النظر في الأنظمة المالية المتبعة وتخليصها من المشاكل والنواقص التي أدت إلى الأزمة الحالية مشددين أن النظام المالي الإسلامي هو البديل للنظام الرأس مالي كونه لا يتعامل بالربا.

جاء ذلك خلال الندوة العلمية التي نظمها مركز التعليم المستمر بالتعاون مع قسم العلوم الإدارية والمالية في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية بعنوان "الأزمة الاقتصادية الحالية والتحديات المقبلة" بحضور كلا من الدكتور محمد مقداد أستاذ الاقتصاد في الجامعة الإسلامية، والدكتور علي شاهين أستاذ المحاسبة في الجامعة الإسلامية، والأستاذ سامي أبو شمالة المحاضر في قسم العلوم المالية والإدارية بالكلية، إضافة إلى عدد من ممثلي المؤسسات المالية والمصرفية والبنوك والعشرات من الطلبة والعاملين في الكلية.

وفي بداية اللقاء تحدث الدكتور محمد مقداد المحاضر في الجامعة الإسلامية، عن الأزمة المالية وآثارها والبدائل المختلفة لعلاجها، معتبرا أن الاقتصاد الرأسمالي يعاني من مشاكل كثيرة في ميزان المدفوعات وغياب الشفافية وظهور الاقتصاد الوهمي. وقد استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية تصدير هذه الأزمة إلي جميع بلدان العالم لتصبح أزمة عالمية تفوق أزمة الكساد العالمي الكبير في عام 1929.

واعتبر الدكتور مقداد أن التمويل الذي رصد لعلاج المشكلة العالمية ما هو إلا مسكنات للأزمة وليس علاجاً لها وبالتالي فإن انعكاسات إفرازات هذه الأزمة يعود إلي عيوب النظام الرأسمالي، مستعرضا انعكاسات هذه الأزمة علي الاقتصاد الفلسطيني الذي اعتبره اقتصاداً خدماتياً بالدرجة الأولي يقوم علي أساس استجداء المنح والمساعدات، ويعاني من البطالة ومعدلات الفقر والانقسام الحاد، وفي هذا الواقع الفلسطيني فإن أثر الأزمة المالية تتركز في احتمالية تراجع المساعدات الدولية وبعض الخسائر التي قد تحدث في استثمارات خارجية مثل صندوق الاستثمار الفلسطيني وسلطة النقد.

وأشار الدكتور مقداد إلي دعوات العديد من قادة العالم إلي التوجه إلي اعتماد نظام مالي جديد بعيد عن القواعد الأمريكية والتي حكمت النظام السابق، مضيفا أن الأزمة ترجع إلي الربا الفاحش وبيع الدين بالدين والبيع المكشوف والمضاربات قصيرة الأجل ونمط الاستهلاك الأمريكي البذخي.
وفي ختام حديثه دعا الدكتور مقداد إلى ضرورة العودة إلي مبادئ الاقتصاد الإسلامي الداعية إلي عدم التعامل بالفائدة وعدم الإسراف والتبذير والتقابض في عملية البيع وعدم البيع علي المكشوف وعدم بيع الدين بالدين.

وفي نفس الإطار تحدث الدكتور علي شاهين المحاضر في الجامعة الإسلامية، موضحا أن هذه الأزمة المالية التي تمر بها الدول الغربية حاليا هي الأخطر من نوعها وقد كشفت عن هشاشة الأنظمة المالية الرأسمالية حيث تمثل ذلك في انهيار بنوكها وارتفاع في عجز ميزان مدفوعاتها حيث ارتفعت نسبة الإنفاق العسكري بشكل كبير بالإضافة إلي زيادة المديونية الفردية والتي تشكل الديون العقارية جزءاً كبيراً منها.

وعن تأثير الأزمة على الاقتصاد الفلسطيني أوضح الدكتور شاهين أن انتقال أعباء وخسائر هذه الأزمة إلى دول العالم الثالث ومنها الاقتصاد الفلسطيني بسبب العلاقات الاقتصادية والمصرفية الدولية والتي وفرتها القنوات والأساليب المختلفة من خلال تبني السياسات الأمريكية، مضيفا انه لا توجد حدود جغرافية لهذه الأزمة المالية التي طالت العالم بأسره وأثرت على اقتصاده.

ونوه الدكتور شاهين أن جزء من موارد الجهاز المصرفي الفلسطيني توظف في الخارج على شكل ودائع قصيرة الأجل وشهادات إيداع والتي تشكل قرابة 50% من هذه الودائع وبالتالي تأثر تلك الودائع، وهذا يتوقف على أوضاع وقيمة الجهات الموظفة لديها تلك الودائع، مضيفا أنه ولحل هذه الأزمة يجب أن تتدخل الحكومات والبنوك لضمان توفر السيولة للجهاز المصرفي وتكاثف الجهود لإعادة النظر في النظام النقدي الدولي الحالي إضافة إلى إصلاح آلية العمل في مؤسسات صندوق النقد الدولي ومعالجة قضايا الرقابة المالية وإيجاد إدارة أفضل للسيولة الدولية.

الرهن العقاري..المتهم الأول
ومن جهته أوضح الأستاذ سامي أبو شماله المحاضر في قسم العلوم المالية والإدارية بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية أن أزمة الرهن العقاري هي السبب الرئيسي وراء الأزمة الاقتصادية الحالية وأن هذه الأزمة قد أدت إلى خسائر كبيرة للمصالح الأمريكية مما أدى إلى نقص السيولة في المصارف الأمريكية، مستعرضا تطورات الأزمة المالية الأخيرة والتي بدأت بإعلان مؤسستي فريدى مان وفيدى ماك إفلاسهما وتدخل الاحتياطي الفدرالي الأمريكي لإنقاذهما ومن بعدها مصرف ليمان برذرز والتحركات الأمريكية والأوربية للإنقاذ بعد أن بدأ الجميع يستشعر الخطر من الركود الاقتصادي وتباطؤ النمو الاقتصادي.

وأشار أبو شمالة أن الحكومة الأمريكية سعت لشراء حصص من أسهم المصارف المتعثرة على شكل أسهم ممتازة حتى لا يقال بأنها تتبع النظام الاشتراكي الداعي إلى سيطرة الدولة علي الموارد، مضيفا أن الأموال المفقودة ليست سيولة نقدية وأن تتبع هذه الأموال سوف يوصلنا وبكل بساطة إلى أن الأصول المستثمر فيها هي أصول مالية تضاءلت قيمتها نتيجة قيام المستثمرين في المضاربة على أسعار الأسهم.

ونوه أبو شمالة إلى أن هناك نوعين من الصارف التي نشأت في العالم بعد الكساد العظيم في (1929) وهي مصارف الأعمال ومصارف الودائع مشيراً إلى أن مصارف الودائع أبلت بلاءا حسناً وكانت خسائرها محدودة نظرا لاعتمادها على الودائع والاستثمار معا.

وفي ختام حديثه شدد أبو شمالة على ضرورة التحرك السريع في البورصات والإقتصاديات العربية لتفادي الأزمة قبل تفاقمها وعدم انتظار الحلول الجاهزة من الغرب، مقدما نصحا للمستثمرين الذين يرغبون بالتحوط "تجنب المخاطرة" تقسيم مدخراتهم في سلة من العملات والذهب بما يحافظ على قيمتها وكذلك ضرورة الحذر والاستفادة من شراء الذهب كمخزون إستراتيجي تزداد قيمته مع الزمن.