وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فاكهة الملاعب :كرنفال الليلة الكبيرة على مشارف القدس ، أجج المشاعر الوطنية كتب فايز نصار

نشر بتاريخ: 28/10/2008 ( آخر تحديث: 28/10/2008 الساعة: 19:23 )
بيت لحم - معا - توقف قطار دوري درويش التصنيفي في المحطة التاسعة ، التي كانت استراحة المتنافسين في مربعات العمل الكروي الشاق ، الذي وجدت الأندية نفسها في دائرة فعله ، منذ انتخاب القيادة الجديدة لاتحاد الكرة ، برئاسة اللواء جبريل الرجوب .

وجاءت الاستراحة استجابة لضرورة اختبار مردود هذا الدوري في الحلقة الأهم ، المتمثلة بالمنتخب ،الذي يجمع شمل أبناء الوطن ، ويُسمع أنات المعذبين بين الحواجز وجدر الفصل لعشاق السلام ، من محترفي الجلد المنفوخ .

الفضل للدوري التصنيفي

من اجل ذلك كان معظم لاعبي التشكيل الذي افتتح به الناخب الوطني عزة حمزة المباراة من النجوم الذين حرك دوري درويش خلاياهم النائمة ، وجعلهم الأكثر استعادا وتحفزا لتشريف القميص الوطني الغالي .

ومن اجل ذلك لعب خمسة من نجوم المتصدر الامعري منذ بداية المباراة ، واقصد هنا شبير ومهدي وكوارع والهندي وكشكش، والامعري جدير بهذا التشريف لانه يتزعم قافلة الدوري ، عن جدارة واستحقاق ، فيما مثل بقية اللاعبين أندية مختلفة ، فجاء عبد الجواد من البيرة ، ويوسف من واد النيص ، ومعن من المركز ، والبهداري من هلال أريحا ، فيما ضمت القائمة الافتتاحية محترفين اثنين فقط ، هما بشارة من نجوم الشتات ، والعتال سليل النهضة الكروية في قليقلية .

مهنية التشكيل

لأول مرة - والله أعلم - قبل الدوليون خيارات المدير الفني ، وحفظ المشاركون منهج المسئول الفني الأول ميدانيا .. ومن أجل ذلك لم نعد نسمع همسا مدمرا - كما تعودنا - كلما وضع الفنيون معالم التشكيلة ، من أجل ذلك لم ينبت الذين تريث حمزة في أمر مشاركتهم ببنت شفة ، وقبلوا الأمر بروح وطنية مهنية واحترافية !

منتخب كل فلسطيني

من اجل ذلك لم يتحدث المتابعون عن أسباب تجاهل هذا اللعب ، أو القفز من فوق ذاك اللاعب ، لأن المهمة وطنية أولا وأخيرا ، ولأن قوانين اللعبة لا تسمح لأكثر من احد عشر لاعبا بالمشاركة ، رغم أن كل فلسطني كان يمني النفس بدحرجة الكرة فوق مستطيل القدس الأخضر ، لدرجة أن النجم الكبير الذي اقترب من الستين علي عثمان ، والذي لم تبتسم له المقادير بارتداء الزيّ الوطني ، صارحني بأنه تمنى اللعب بالمناسبة ، رغم أن الرجل شبع لعبا دوليتا مع المنتخب الآخر !وأخال أن رئيس اتحاد الكرة ، اللواء الرجوب ، وحتى رئيس الوزراء ، الدكتور سلام فياض تمنيا اللعب في هذا اليم ، الذي يجسد الوفاء لبيت المقدس ، ولبيت الشرق ، ولفتى القدس ، الشهيد ابن الشهيد فيصل عبد القادر الحسيني .

التمثيل الفني.. لا النسبي

من أجل ذلك لم يتحدث زيد ، ولا عبيد عن اعتبارات مناطقية ، لان منتخب العهد الجديد اقنع الجميع بأنه يمثل كل الوطن ، وقد ولى زمن منتخبات التمثيل النسبي ، وأصبح أيّ احد عشر ، من النجوم الفلسطينيين ، الذين حباهم الله بفضله الفني ، وحملوا بين أضلاعهم أحلام هذا الوطن ، وابدوا كفاءة ونزاهة والتزاما ، وانضباطا في تجمل المسؤولية ، يمكن أن يمثلوا هذه الفلسطين ، حتى لو كان الجميع من خربة فلسطينية منسية بين تلال هذا الزيتون المقاوم .

منتخب وحدة الوطن!

من أجل ذلك اتسع قلب الوطن الكبير ، فعندما أحكم المحتلون الحواجز ، وزادوا في حصارهم ، تقدم الفلسطينيون شامخي الرؤوس يحضنون بعضهم بعضا .. وعندما ابتلي الوطن بمرض الفرقة والانقسام ، كان حضن الوطن الدافيء فوق المنقسمين ، والخارجين على مثل شعبنا الموحد ، ففتحت أندية الضفة الغربية قلبها لنجوم القطاع ، الذين استفادوا وأفادوا ، فحافظوا على جاهز يتهم ، ورفدوا ممتازة درويش بأجمل اللوحات الفنية ، فمثل ستة منهم المنتخب المفدى في افتتاح ام المواقع الكروية .

نجوم التجلي الفني

انهم نجوم الوطن الذين شرفهم ارتداء القميص الوطني ، فأحسنوا ردّ الأمانة ، وشرفوا الفانيلة الممهورة بعلمنا الغالي ، فتجلوا في اللعب ، واضعين نصب أعينهم كوفية الرمز الراحل أبو عمار ، وشدوا على الألم بعزيمة حرقت المراحل ،وهم يحملون أمانة الزيتون في شعار الاتحاد الذي يلعبون تحت لوائه ، لان المباراة الكبرى تقام في أيام الزيت والزيتون ، الفسحة التي ينفلت في مساريبها المستوطنون ، ويشنون أقذر المعارك على الشعب الزيتوني ، الذي يقابل الإساءة باللجوء لأشرف المعارك ، بتشييد مستطيلات خضراء تحمي الأرض من زحف الجدر العنصرية ، لان كرة القدم كما ردد ملهمنا درويش هي أشرف المعارك !

ذكاء الحمزة !

الناخب الوطني عزة حمزة ، يعرف جيدا إمكانيات المنتخب الأردن ، ويعلم بان النشامى حرق تصانيف الفيفا ، وتقدموا على منتخبات عريبة تفوقهم عدة وعديدا ، لذلك أحسن الحمزة اللعب بإمكانياته ، مقدرا حجم المنافس ، ومدركا أن فتح اللعب على عواهنه قد يجلب الهزيمة المرة .

بعيدا عن المناورة

أدرك الحمزة أن نجومه الواعدين لا يستطيعون مجاراة النشامى في مربعات المناورة ، فقرر محاولة تجاوز عقد المناورة ، بنقل الصراع على الكرة الى المهاجمين الفلسطينيين بكرات طويلة ، قد تأتي أكلها ، بالنظر لسرعة وتحفز الكشكش والعتال ، وهذا ما حصل فعلا حيث أصبح المنتخب الأردني بموقف من يذود عن حصونه ، وتلقى مرمى العمايرة هدفا ملعوبا ، كان يمكن أن يتبع بالضربة القاضية ، لولا العارضة التي قالت كلمتها ، وحرمت رجال جبريل الرجوب من اللعب بعيدا عن الضغط .

تحصين الدشم الدفاعية

أما الشق الآخر من الخطة فكان بجر رفاق شلباية إلى المناطق المشارفة لمرمى شبير ، مع إغلاق محكم لكل المسارب ، في العمق ،حيث تألق نجم المباراة البهداري ورفيقه عبد الجواد ، ومعهم حامل أوزار المحور كوارع ... وفي الأجناب حيث لعب المهدي والبشارة ، وتحملا أعباء الإسناد الفاعل لظهيري جنب النشامى ، ويحسب هنا للحمزة إسراعه لمعالجة أثار الخطر القادم من الأجناب ، لأن الضيوف حاولوا توسيع رقعة المناورة الهجومية ، فرد عليهم حمزة بتضييق مساحاتنا الارتدادية ، ولا عيب في ذلك لان كرة القدم العصرية تركز على استقرار الحالة الدفاعية ، لأن ذلك يولد طاقات هجومية ن كما يردد خبيرنا الدكتور منصور دائما... ويحسب لكل نجومنا ضراوة دفاعاتهم في الشوط الثاني ، عندما انتفض الضيوف ، محاولين كسب الرهان ، وخاصة بعد إدراكهم لهدف التعادل .

عبرة كرة القدم

بدون فزلكة ، لقد نجح الاختبار الوطني لنجومنا ، وبدون فلسفة لقد أنجز اتحادنا وعده في الطريق الطويل نحو دوري المحترفين ، وبدون مجاملة نقول : بارك الله في كل من ساهم في نجاح عرس الحسيني على أرض القدس ن من فخامة الرئيس محمود عباس ، الذي كان وراء حسن اختيار اللواء الرجوب لقيادة سفينة كرة القدم ، حتى اصغر فتى فلسطيني شارك في جمع الكرات ، لان الليلة الكبيرة على مشارف بيت المقدس أكدت أن العائلة الكروية الفلسطينية هي أنشط العائلات الرياضية ، والأمر يقتضي شيئا من الغيرة من ربابنة الاتحادات الأخرى ، حتى تكون التنمية الرياضية الفلسطينية متوازنة ، حيث أكد فريق عمل أبو رامي ان شعبنا يملك طاقات جبارة في كل شيء ، وبقليلي من الإرادة والثقة ، وبشيء من التشجيع ، والتهديد بسطوة القانون يمكن للفلسطينيين أن يصنعوا المستحيل ، لان القدس كما أرداها الخالق ، وكما حفظ نسل كنعان أمانتها ، كانت وستبقى مطلعا للمعجزات ، وحجة للرب في الكائنات ، لدرجة أن أحد المعلقين على أعمدة الانترنت ، طالب جميع العرب برفع القبعات لجيل الغضب الفلسطيني ، الذي لا يملك إلا الإرادة ، التي أنجبت المستطيلات الخضراء ، التي عجزنا - كما قال صاحبنا - عن تشييد مثلها ، ونحن ننعم بالاستقلال منذ عقود .

رجل المهمات الخاصة

المناسبة الكبرى كان أميرها اللواء الرجوب ، والجميع شاهد الرجل يتحرك في كل مكان ، ويصدر توجيهاته الميدانية في مختلف المواقع ، ولم يمنعه استقبال كبار الضيوف عن الاطمئنان عن الأطفال ، الذين من أجلهم تعمل كتيبة الرجوب ، وشخصيا شاهدته يطلب من الحرس إدخال كل الأطفال إلى الملعب ، لدرجة أن كل الإعلاميين من عرب وعجم اجمعوا على ان اللواء جبريل الرجوب هو رجل المهمات الصعبة والخاصة .

أهلا .. فلسطين الرياضي !

مكرمة أخرى أهل علينا بها اتحادنا مشكورا ، وهي مجلة فلسطين الرياضي ، التي يبدو أن القائمين عليها يسعون لتقديم وجبة إعلامية رياضية فلسطينية ، لا تقل عن المستوى الدولي ، وهذا ما لمسناه بحق رغم بعض الأمور ، التي لن نقف عندها الآن ، والتي لا تقلل من حجم العمل ومحاولته الجريئة ، في الطريق نحو مشاركة فاعلة لإعلاميي فلسطين الرياضيين في صناعة الحدث ، بعيدا عن الضغوط ... والعتب هنا على من مُنحوا العدد هدية مجانية ، ولم يعرفوا قيمته ، فمزقوا أوراق المجلة ، التي في أكنافها درر رياضية ثمينة ، ولا عزاء لمن فعل ذلك حتى لو كان القصد إضفاء مزيد من الإثارة على كرنفال الليلة الكبيرة .

رسالة السلام الفلسطيينة

مباراة منتخب الأردن في افتتاح ستاد الحسيني نجحت في كل المعايير ، وأكبر دليل على ذلك ما قراناه من دعوات شعبية عبر عنها الرابضون وراء شاشات الانترنت من رغبة جامحة لمشاهدة منتخبات عربية أخرى تلعب في أكناف بيت المقدس ، ومشاهدة سفيرنا إلى النجوم المنتخب الوطني يلعب في كل الدول الشقيقة والصديقة ، وهذه يجب أن تكون في طليعة مهام اتحادنا الموقر ، لان كرة القدم أصبحت تعمل في أذهان الشعوب وقلوبها ، ما تعجز عنه جحافل القنوات الإعلامية المختلفة ، فكرة القدم هي رسالة المستقبل كما قال بلاتر بحضرة الرئيس أبي مازن ، الذي يبدو انه يحرص على متابعة أدق تفاصيل اللعبة الأكثر شعبية ، لأنه يدرك دورها في إيصال رسالة السلام الفلسطينية .

الكتيبة الخاصة

نعم لقد انتهت المباراة الكبرى ، التي لا أهمية لنتيجتها .. والمطلوب من نجومنا العودة إلى مواقع التدريب ، للمشاركة في معارك الدوري التصنيفي ، والفرصة مواتية أمام الجميع لإثبات الذات ، والانضمام للمنتخب الوطني ، لأنه يبدو أن المنتخب لن يكون حكرا على احد ، وأنه لا يوجد في عهد الرجوب ، وفي شريعة الحمزة من ولد مرتديا القميص الوطني ، والميدان سيكون الفيصل في المفاضلة بين مختلف النجوم الفلسطينيين ، الراغبين في الانضمام لكتيبة الكرة الخاصة !