وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ندوة في القدس تناقش رواية بعنوان "لا تقولي وداعاً "

نشر بتاريخ: 21/11/2008 ( آخر تحديث: 21/11/2008 الساعة: 22:09 )
القدس-معا- ناقشت ندوة اليوم السابع الاسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني بالقدس، رواية الصادر "لا تقولي وداعاً " للاستاذ هاني عودة.

وبدأ النقاش جميل السلحوت فقال: نصّ نثري صدر عام 2008 للأستاذ هاني عودة ، وقد سبق أن ناقشنا في ندوتنا هذه رواية " لحظات من الحب" لنفس الكاتب ، والتي كتبها منذ ما يزيد على أربعين سنة في بداية شبابه، وها هو يعاود الكتابة من جديد، بعد أن تقاعد من عمله في التدريس، ويبدو أن وفاة زوجة الكاتب في غفلة من العمر قد فجرت طاقاته الابداعية ، مما يؤكد مقولة أن النكبات والحرمان تولد الابداع .

واضاف "" لا تقولي وداعاً " التي نحن بصددها هي قصة طويلة اكثر منها رواية، قصة فيها بوح كثير، فيها حبّ وفيها حزن كبيران، حبّ لزوجته التي شاركته حلو الحياة ومرّها ، وحزن على فراق هذه الزوجة، فيها استرجاع لمواقف حياتية معاشة مع زوجة أحبها وأحبته، وفيها استرجاع لمعاناة أسرة كاملة،- الزوج والأبناء والزوجة - مع مرض هذه الزوجة الأمّ ، لكن لوعة الزوج كانت واضحة المعالم، جرحها عميق في القلب ، فهو بين نيران ملتهبة، نار حبّه لزوجته التي يرى أنها تموت أمامه بفعل سرطان الثدي الخبيث ، ونار تعاطفه الجارف مع هذه الزوجة ، وكيفية تخفيف آلامها وايهامها ببعد ملاك الموت عنها ، لتعيش ما تبقى لها من أيام براحة تامة ، ونار أبناء سيفقدون والدتهم خلال أشهر تتناقص الى أسابيع وأيام ، وناره هو ، نار المحب الذي يرى حبيبته شمعة تتلاشى أمامه .

وواضح للقارىء " لا تقولي وداعاً " أننا أمام عاطفة صادقة ، خارجة من صميم القلب والعقل والوجدان ، فجاء عنصر التشويق فيها جارفاً ، لا تكلف ولا تصنّع ، لغة انسيابية مثل لغة الحكايات ، صور فيها الكاتب مأساته ، فأجاد الوصف وكسب تعاطف القارىء في المشاهد الانسانية التي رسمها رغم عظم المأساة . وبما أن النقاد يرون الكاتب يكتب شيئاً أو جوانب من حياته ، فإن " لا تقولي وداعاً " أدب واقعي عاشه الكاتب بلحمه ودمه ، بعد ان ارتسم خرائط حزن في تجربة عاش أدق تفاصيلها في بيته، ومع شريكة حياته التي عانت من مرض خبيث لم يرحمها، ولم يرحم من حولها ، فاختطفها من بين أحبتها لتحلق في علّيين ولتورثهم - خصوصاً الزوج - لوعة وحسرة دائمتين . وتظهر لوعة الزوج الكاتب في الرسالة التي بعثها في آخر النص لزوجته الراحلة ، فقد ظهر فيها البعد الانساني بكل معانيه ، فالزوج الذي فقد زوجته بعد الستين من عمره ، وبعد مرور بضع سنوات على رحيلها ، وقف على مفترق طرق بين وفائه لزوجته الراحلة وبين احتياجاته الانسانية، فكتب لها عن حيرته ، وعدم قدرته على اتخاذ القرار الصائب بالزواج من أخرى أو عدمه ، وبالتأكيد فإنه لن يتلقى جواباً منها ، لكنه بالتأكيد لم يتوصل الى قرار حاسم ، فأبقى الباب مفتوحاً ، أمام وحدته ، بفقدان الزوجة ، وزواج الأبناء والبنات ، لكنه في المحصلة بقي وحيداً يصارع وحدته حائراً بين عادات اجتماعية وحياة الرُّملة لرجل في خريف العمر ، وأبناء مشغولين في حياتهم الأسرية - وهذه سنة الحياة - ويبقى القرار صعباً . وماذا بعد ؟ يرى بعض المهتمين أن الهمّ السياسي قد طغى على الأدب الفلسطيني ، ومع أن هذا الهمّ مفروض على الفلسطينيين بشكل دائم ،الا أن الجوانب الاجتماعية تكاد تكون مغيبة في الأدب الفلسطيني ، وتأتي " لا تقولي وداعاً " لتملأ جزءاً من فراغ هذا التغييب، مع أن بعض اللقطات عن الواقع السياسي المعاش كانت حاضرة ، مثل الحصول على تصريح للوصول الى المستشفى .

وقال موسى أبو دويح: كتب السيد هاني عودة رواية بعنوان "لا تقولي وداعا" صدرت في نيسان 2008، دون ان يذكر اسم الناشر أو دار النشر على الكتاب. ولقد أهدى الكاتب روايته إلى أبنائه: هنيدة ورامي ورولى ونائل.

وقام الاستاذ جمال بنورة بتقديم الرواية تقديما بين فيه أن الكاتب انقطع عن الكتابة أربعة عقود كاملة لظروف خاصة بعد ان كتب رواية بعنوان: "لحظات من الحب". لقد قسم الكاتب روايته إلى أحد عشر قسما أعطاها أرقاما متسلسلة من 1 - 11.

وتتناول الرواية قصة لقاء رنا بعادل وزواجهما وتكوينهما عائلة ثم إصابة رنا بمرض السرطان وانتشاره في جسدها ووفاتها وحيرة عادل بعد موتها بمدة طويلة هل من حقه أن يتزوج؟ أم يبقى بدون زوجة وفاء لزوجته؟ ويتخلص من هذه الحيرة بأن يكتب لزوجته الراحلة رسالة يشرح لها فيها حياته بعد رحيلها، وينهي روايته بهذه الرسالة نهاية مفتوحة، لم يدر فيها القارئ هل تزوج عادل أم لم يتزوج.

وبدأ عادل روايته بقوله: "نظرت رنا إلى عادل وابتسامتها ترتسم فوق قسمات وجهها قائلة: أحبك". ما أظن أن هناك مكانا ما في مجتمعنا العربي تقول فيه إمرأة لرجل "أحبك" من أول لقاء وأول نظرة. وتكاد تكون الرواية مقتصرة على موضوع مرض رنا بالسرطان وموتها متأثرة بهذا المرض بعد سنوات، ولذا، فالرواية تعالج موضوع المرض والموت بإسهاب، ويصل عادل إلى النتيجة التي مفادها أن "الموت أقوى من الحب". والحقيقة أنه ليس في مقدور الإنسان أن يرد عن نفسه مرضا ولا موتا، فهما قضاء قضاه الله على الإنسان، ولا حيلة له ولا حول ولا طاقة له بردهما. وإن كان على الإنسان أن يبذل كل ما يستطيع في معالجة المرض، بغض النظر عن النتائج. وليس له أخيرا إلا أن يستسلم لأمر الله، فلا راد لقضائه. وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع وصدق الله العظيم القائل: "فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" و "قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون".