وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حكاية شجرة عمرها 2000 عام استظل تحتها السيد المسيح بقلم :عبد الستار شريدة

نشر بتاريخ: 05/12/2005 ( آخر تحديث: 05/12/2005 الساعة: 16:00 )
معا- مدينة اريحا... ذلك البعد المكاني الآخر الشاهد على رحيل الغرباء، والحيز الواسع لاستقبال احفاد الفدائي الفلسطيني الأول- يسوع- ، الذين انتشروا في جنبات الوطن الواسع لترميم ما عبث به فساداً وخراباً، وانطلقوا من حيث يكون تكريم ذكرى المعلم، فلم يتركوا تلاً أو جبلاً أو مكاناً التفت اليه الأب الا وأعادوا له هيبة تلك النظرة القدسية كما هو الحال مع شجيرة"الجميز"أو كما اصطلح الريحاويون على تسميتها "شجرة زكا" التي لها هي الأخرى حكاية تؤرخ لذاكرة فلسطين.

بداية الحكاية:

يحكى أن تاريخ الشجرة يعود لفترة مرور السيد المسيح من أريحا في طريقه للقدس، وأثناء هذا المرور تجمع الناس لرؤيته مما حجب الرؤية عن الأطفال وقصار القامة، وكان من بين هؤلاء شخص مراب له سمعة سيئة يجبي الضرائب من السكان المحليين لصالح الامبراطورية الرومانية اسمه" زكا العشار"، لم يستطع هذا الشخص رؤية السيد المسيح لقصر قامته، فصعد لأعلى شجرة جميز في المكان، فنظر اليه السيد المسيح وقال:" أنت لن تراني فقط، بل سأبيت عندك"، ومكث المسيح عنده يوماً، وتكريماً لهذه الزيارة تبرع زكا بنصف ماله للمساكين، فقال له المسيح" اليوم حصل خلاص لهذا البيت"، ومنذ ذلك اليوم ابتعد زكا عن كل المساويء والربا، وبعد هذه الواقعة اخذت الشجرة تعرف باسم شجرة زكا.

الشجرة ... الانسان:

غريبة هي المشاعر الانسانية عندما ترتبط بكائن اصم أبكم لا يعي كل الهمسات التي توحي بأنه في حضرة كنيسة خصصت إحدى جنباتها للاعتراف بالخطايا المقترفة، أو أنه أمام إنسان "مجرب" عمره الفا عام، يأتيه كل البؤساء لبث آهاتهم وهمومهم كما يفعل بعض الريحاويين الذين ارتبطوا بشجرة زكا .

يقول اسماعيل جلايطة عن علاقته بالشجرة منذ وعيت وهذه الشجرة مرتبطة بمراحل عمري المختلفة، فأحياناً أشعر أني مختلف وبحاجة لمن أتحدث اليه فتجدني من غير وعي في هذا المكان".

وقد لا يكون حال هذا الشاب الجامعي غريباً إذ ما قورن بموقف على الجمل الذي اعتاد المرور بجانب الشجرة والنظر اليها وكأنه يقول لها: صباح الخير... أو عافاك الله من تجارب وأحداث هي عمر فلسطين كله. وعندما سألنا جلايطة والجمل عن تاريخ الشجرة وسبب تسميتها، أخذا يتحدثان بطلاقة وفخر وكأنها أخ أو صديق مقرب جداً ،حفظا كل ما يتعلق به عن ظهر قلب، وراجعا عنه شجرة العائلة التي لا تمتد الى سلالة بشرية فانية، بل الى التاريخ أمة وحضارة شعب.

موقف رسمي:

بلدية اريحا أدركت أهمية تلك الشجرة لدى السكان المحليين، وقدسيتها لدى الحجاج المسيحيين، كونه معلماً سياحياً له ارتباط وثيق بالحجاج المسيحيين خاصة أن واقعة شجرة زكا واردة في الانجيل وهي معروفة للوافدين خصيصاً لزيارة هذا الموقع، فأقدمت بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة على توسعة الرصيف المحاذي للشجرة وقامت بوضع شاخصة تعريفية لها ولتاريخها، كما قامت بالتنسيق مع قسم الزراعة بتخصيص مبيد زراعي يضمن تعمير الشجرة والمحافظة عليها أطول مدة ممكنة. ولعل سبب تقيد البلدية بهذه الخطوات المتواضعة يرجع لكون موقع الشجرة وقفاً مسيحياً للارثوذكسية الروسية لذا يحتاج قرار تطوير موقع الشجرة لموقف سياسي روسي لا تملكه الممثلية في الأراضي الفلسطينية، وفي العادة قرارات من هذا القبيل لا تخرج الامن أروقة وزارة الخارجية الروسية.