|
أبو شرار: خطوات حثيثة اتخذت لتعزيز الشفافية في السلطة القضائية
نشر بتاريخ: 16/12/2008 ( آخر تحديث: 16/12/2008 الساعة: 15:31 )
رام الله- معا- كشف المستشار عيسى أبو شرار، رئيس المحكمة العليا، رئيس مجلس القضاء الأعلى في الكلمة التي قدمها في احتفال الشفافية السنوي لعام 2008، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذي نظمه الإئتلاف من أجل النزاهة والسيادة والمساءلة (أمان) أن خطوات حثيثة قد اتخذها مجلس القضاء الأعلى من اجل تعزيز الشفافية في السلطة القضائية تمثلت بإجراءات شفافة للتعيين وإقرار أنظمة مالية وإدارية تضمن الشفافية واستحداث دائرة للإعلام والمعلومات ونشر قرارات المحكمة العليا، وتفعيل دور دائرة التفتيش القضائي لتلقي شكاوى الجمهور.
وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها أبو شرار في الاحتفال: السيدات والسادة، الحضور الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، يسعدني في البداية أن أتوجه بالشكر والتقدير لإئتلاف المؤسسات الفلسطينية من أجل النزاهة والمساءلة (أمان)، ولمفوضها الدكتور عزمي الشعيبي، وذلك لتسليطهم الضوء في مؤتمرهم السنوي (إحتفال الشفافية لعام 2008) على تعزيز سيادة القانون وإستقلالية القضاء في فلسطين أولاً، ولإتاحتهم المجال لي كي أخاطب هذا الجمع الكريم والجمهور الفلسطيني بهذه المناسبة الهامة ثانياً. السيدات والسادة، الحضور الكريم، لم يعد خافياً على الكثيرين منكم حجم الإنجازات التي تحققت في السلطة القضائية خلال الآونة الأخيرة. فقد عملت كلّ من مؤسسة الرئاسة، ممثلة بفخامة الأخ الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، ومؤسسة رئاسة مجلس الوزراء، ممثلةً بدولة الأخ رئيس مجلس الوزراء، د. سلام فياض، على تلبية الكثير من إحتياجات السلطة القضائية؛ المادية والبشرية، خاصةً توفير الإعتمادات المالية اللازمة لتعيين قضاة وإداريين في سلك القضاء بما يعادل ضعف ما تمّ خلال السنوات العشر الماضية. السيدات والسادة، لقد خطا مجلس القضاء الأعلى خلال العام الحالي خطوات هامة في مجال تطوير بنيته المؤسساتية، وفي مجال تعزيز مبدأ النزاهة والشفافية في أدائه، ومن الخطوات التي نعتز بها وبإنجازها خلال العام، ونذكرها في هذا الإطار: 1. حرص مجلس القضاء الأعلى على إجراء التعيينات القضائية والإدارية الأخيرة وفق إجراءات مؤسساتية شفافة، إذ تمّ تشكيل لجان خاصة للتعيين، قامت بإتباع أقصى درجات الشفافية في هذا المجال، سواء من حيث عقد الإمتحانات التحريرية، أو الإمتحانات الشفهية، أو إجراء المقابلات، وذلك وفق معايير مكتوبة ومعلنة مسبقاً. هذا مع إتاحة المجال لمؤسسات المجتمع المدني بمتابعة سير هذه العملية، ونشر النتائج على الموقع الإلكتروني للمجلس. 2. إستحداث دائرة الإعلام والمعلومات، والتي باشرت أعمالها منذ شهر تشرين أول من العام 2008، حيث بدأت بنشر المعلومات والحقائق ووضعها في متناول الجمهور والمؤسسات المعنية، ويجري العمل حالياً على وضع الخطط والسياسات الإعلامية التي ستعمل هذه الدائرة على تنفيذها، والأنشطة اللازمة لذلك. فالمجلس يؤمن بأهمية الإنفتاح، ووضع المعلومات المتعلقة بالقضاء في متناول الجمهور، سواء كان ذلك لغايات العلم، أو البحث والتطوير، أو النقد البناء. 3. إتخذ المجلس تدابير هامة لتفعيل دائرة التفتيش القضائي، حيث زاد من عدد القضاة المتفرغين لهذا الغرض، وعمل على توفير بعض المستلزمات، ونتيجة ذلك زادت فعالية التفتيش القضائي بصورة ملحوظة في الآونة الأخيرة، ليس في عدد الجولات التفتيشية فحسب، وإنما أيضاً انعكس إيجاباً على عمل المحاكم والقضاة. وهذه الدوائر تشكل حلقة وصل مع الجمهور والمحامين والمؤسسات ممن يرغبون بتقديم شكاوى تتعلق بعمل السلطة القضائية. 4. إقرار الأدلة المالية والإدارية لكافّة المحاكم ودوائر المجلس، والتي تناولت بالتفصيل التسلسل والإجراءات الواجبة الإتباع في التعيين للوظائف الشاغرة وفي الترقية والمساءلة والمحاسبة، وتبني آليات رقابية جديدة (وضع ساعات الدوام في المحاكم) لضمان إنتظام دوام الموظفين، والتي ستضمن في حال تطبيقها قدراً كبيراً من الشفافية في الجانبين الإداري والمالي، وستنعكس إيجاباً على الأداء العام للمحاكم. 5. الانتهاء من الاستعدادات الفنية المطلوبة لنشر أحكام المحكمة العليا الفلسطينية على موقع المجلس الإلكتروني، وتوقع وضع هذه الخدمة في متناول الجمهور خلال الأسابيع القليلة القادمة. السيدات والسادة، ومن الإنجازات الأخرى التي تحققت لدى السلطة القضائية خلال الفترة الأخيرة، ويشرفنا أن نوردها أمامكم : - توفير عدد لا بأس به من مباني المحاكم الجديدة والملائمة من حيث السعة والأمان وبما يليق والعدالة، كما تمّ في مباني محاكم نابلس وأريحا، وقريباً في مباني محاكم جنين وبيت لحم. فالمحاكم من وجهة نظرنا يجب أن تكون قصور عدل ومنارات يهتدى بها، وتشعر كلّ من يدخلها بالأمن والأمان وتمنحه شعوراً بهيبة القضاء وملامسة العدل. - تحسين دوائر الخدمات، سواء الدوائر التي تقدم الخدمات لعموم الجمهور كدوائر الكاتب العدل والتنفيذ، أو الدوائر التي تقدم الخدمات للمتقاضين كأقلام المحاكم ودوائر التبليغات، حيث قام المجلس بإجراء تحسينات على بعضها، وتوفير المعدات والتأثيثات اللازمة للعمل، وتبني أنظمة أرشفة جديدة موحدة، بما يسرع العمل في هذه الدوائر، وبما يضمن أقصى درجات الشفافية، وبما يحفظ كرامة المراجعين والمتقاضين على حدّ سواء. - بالنسبة للتدريب القضائي، حيث تمّ إنشاء المعهد القضائي الفلسطيني، والذي يحتوي على قاعات التدريب المناسبة والمعدات اللازمة، ومنذ إفتتاحه في نهاية العام 2007، نفّذ المعهد عشرات الأنشطة التدريبية للقضاة الجدد والكوادر الإدارية العاملة في المحاكم. هذا، بالإضافة إلى إبتعاث القضاة الجدد والقضاة القدامى في دورات تدريبية متقدمة في البلدان الشقيقة كالأردن واليمن وغيرهما، بغية الحصول على التدريب القضائي والإداري اللازمين. - وفي إطار إقرار المجلس لمؤشرات الأداء بحيث يتمّ القياس بموجبها سنوياً، بدأ المجلس مؤخراً في تنفيذ عدد من مسوحات الرأي العام لمعرفة مدى الرضا من أداء المجلس والمحاكم ودوائر خدمات الجمهور والسلطة القضائية ككل، وسيحرص المجلس على إجراء مثل هذه المسوحات بصورة سنوية، إذ ستمكن هذه الآلية من معرفة مدى التطور في كلّ عام، سلباً كان أو إيجاباً. السيدات والسادة، من بين المسائل الهامة التي ركزت عليها الخطة الإستراتيجية، تلك المتمثلة بإلتزام المجلس بالتغلب على الإختناق القضائي المؤرق، والذي ترزخ تحت وطأته العديد من المحاكم، ويعاني من تبعاته الكثير من المواطنين، وعموم نظام العدالة في فلسطين. وفي هذا الصدد، فإنّ المجلس يعلن، ولأول مرة، عن قيامه بإجراء دراسات تشخيصية للتعرف على الأسباب الحقيقية لمشكلة الإختناق القضائي، وقد قطع المجلس شوطاً كبيراً في هذه الدراسة، وهي في مراحلها النهائية. قام على إعداد هذه الدراسة فريق من المختصين من خلال مراجعة أكثر من 4 آلاف ملف من القضايا المنظورة والمغلقة أمام محاكم الصلح والبداية في كلّ من رام الله ونابلس وجنين، بشقيها الحقوقي والجزائي، وتمّ ملء إستمارات أعدّت خصيصاً لهذا الغرض، هدفت إلى التعرف على الأسباب الحقيقية التي تعيق إصدار الأحكام القضائية بسرعة، وتحديد أنواع القضايا التي يتركز فيها التأخير، والجهات المسؤولة عن هذا التأخير، وغيرها من المسائل ذات العلاقة. وستتقدم هذه الدراسة بتوصيات حول أنجع السبل لمكافحة هذا الإختناق، ومن النتائج والتوصيات الأولية التي رشحت عن هذه الدراسة: 1) إرتفاع عدد القضايا الجديدة الواردة إلى المحاكم خلال العام 2008 بصورة كبيرة مقارنةً مع العدد الوارد خلال العام 2007. كذلك، تبين إرتفاع عدد القضايا المفصولة خلال العام 2008 مقارنةً بالعام 2007. 2) تبين أنّ المحاكم فصلت الكثير من القضايا البسيطة التي حضر أطرافها، في حين تأخرت ذات المحاكم في فصل قضايا أخرى نتيجة عوامل داخلية وخارجية. داخلية كنقص عدد القضاة وضعف نظام التبليغات وخارجية تعود إلى أطراف الدعوى الأخرى كالنيابة العامة والشرطة والمحامين وضعف التشريعات الإجرائية. 3) نسبة الفصل والإنتاجية لمحاكم البداية أقلّ بالنسبة للقضايا المفصولة والقضايا المنظورة، وذلك نتيجة نظام الهيئات الثلاثية المعمول به في محاكم البداية، والذي يبدد وقت الكثير من القضاة. 4) شكّلت الحواجز العسكرية الإسرائيلية، الثابتة والمتنقلة، المقامة على مداخل المدن والقرى والتجمعات السكانية الفلسطينية، سبباً رئيسياً في تأخير المحاكم في فصل القضايا، كما شكّلت المنطقة الواقعة خلف الجدار الفاصل ملجأً للفارين من العدالة. السيدات والسادة، الحضور الكرام، وعلى ضوء النتائج الأولية للدراسة المذكورة، فإنّ المجلس بصدد إتخاذ جملة من التدابير للحدّ من مشكلة الإختناق القضائي في القريب العاجل، ومنها: 1) سيعقد المجلس في الخامس من شهر كانون الثاني من العام 2009 مؤتمراً في المبنى الجديد لمحكمة جنين يدعو إليه رؤساء المحاكم وعدد مختار من القضاة لمناقشة النتائج التي توصلت إليه هذه الدراسة، وتبني أفضل السياسات العلاجية. 2) يتداول المجلس حالياً في خطوات غير مسبوقة كزيادة ساعات الدوام أو فتح المحاكم في أيام العطل الرسمية، وذلك حتى يتسنّى إجراء تقدم ملموس في حلّ مشكلة الإختناق القضائي. 3) تفعيل إدارة المحاكم، وذلك من خلال تشكيل فريق يضمّ ممثلين عن أقلام المحاكم، مأموري التنفيذ، دائرة تكنولوجيا المعلومات، والكتاب العدل، لتولي مهمة متابعة توحيد الإجراءات المعمول بها في المحاكم، وفي تفعيل دور الإداريين في متابعة القضايا مع القضاة. 4) حصر القضايا التي مرّ عليها وقت زمني طويل، مثل تلك التي مضى عليها عشر سنوات أو أكثر، وتحديد أسباب التأخير، ومن ثمّ الطلب من رؤساء المحاكم تركيز الجهد فيها والإنتهاء منها خلال فترة زمنية محددة، وحثّ دائرة التفتيش القضائي متابعة هذا الموضوع. الحضور الكرام، إنّ التدابير المذكورة أعلاه هي جزء من خطة العمل اللازمة لمعالجة الإختناق القضائي، ولكنّها لا تشكّل كافة عناصر الخطة، إذ تقتضي المعالجة الشاملة قيام السلطة التنفيذية وجهات أخرى بدورها في هذا المجال، وذلك على النحو التالي: 1) إجراء تعديلات على رزمة من القوانين المتصلة بالشأن القضائي، وفي مقدمتها تعديل نظام الهيئة الثلاثية في محاكم البداية لغير الجنايات، وتفعيل دور القاضي في السيطرة على الدعوى، وتشديد الجزاءات على أطراف الدعوى المتخلفين عن الحضور لغير سبب وجيه. 2) نظراً لكون النيابة العامة عنصراً أساسياً في سير الدعوى الجزائية، فلا بدّ من إيلاء النيابة العامة الإهتمام وتوفير الدعم اللازم لها حتى تتمكن من القيام بمهامها، وخاصة تمثيل الحقّ العام في الدعوى الجزائية. 3) تفعيل دور الشرطة المتصل بعمل المحاكم، سواء من حيث توفير الحماية للمحاكم، أو من حيث جلب المسجونين والموقيفين إلى المحاكم، أو من حيث تفعيل نظام إحضار الشهود. 4) تفعيل دور نقابة المحامين في محاسبة المحامين الذين يتعمدون المماطلة ولا يلتزمون بحضور الجلسات في مواعيدها، خاصة في القضايا الجزائية. 5) إصدار قانون العفو العام بحيث يتمّ من خلاله التخلص من آلاف القضايا الجزائية المتراكمة أمام المحاكم منذ وقت طويل، وخاصة القضايا البسيطة التي توقف أصحابها عن متابعتها، وفي مقدمتها قضايا الشتم والتحقير ورعي المزروعات وغيرها من القضايا البسيطة. وفي الختام، فإنني، وبإسم مجلس القضاء الأعلى، أتوجه بالشكر الجزيل مرةً أخرى للقائمين على هذا المؤتمر بعامة، وللدكتور عزمي الشعيبي بخاصة، على الجهود الكبيرة التي يبذلونها في الإرتقاء بالقضاء الفلسطيني بالوسائل المختلفة، وإنني أتشرف بالتوقيع على مدونتي السلوك الخاصة بالقضاء، والتي نأمل أن تشكل لبنة إضافية جديدة تضاف إلى ما تمّ إنجازه في هذا المجال. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، |