وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الرئيس في خطاب مسجل : السلام عليكم يا اهل غزة ولستم وحدكم

نشر بتاريخ: 31/12/2008 ( آخر تحديث: 31/12/2008 الساعة: 18:59 )
رام الله - القى الرئيس محمود عباس خطابا مسجلا بثه تلفزيون فلسطين الساعة السادسة من مساء اليوم بتوقيت القدس وجه خلاله التحية لاهل غزة ضارعا الى الله ان يمنحهم الصبر والنصر والارادة .

واكد سيادته بانه اقسم على كتاب الله ان يحمي ثقتهم بشجاعة وثبات وايمان وحكمة وصبر لمتابعة مسيرة 40 عاما على طريق الدم والنار والطلقة الاولى من الشهيد الاول وحتى الشهيد الاخير في غزة اليوم والذي لا يزال جرحه ينزف حتى الحرية وبناء الدولة على ارضنا وعاصمتها القدس والشعب وتطلعاته الوطنية .

وقال الرئيس " انها فلسطين ام الشهداء والتضحيات حتى تنتزع حريتها وتكون دولة لكل ابنائها رغم استمرار الصلف والعدوان الاسرائيلي " .

ووصف سيادته ما يحدث في غزة بالمجزرة والعدوان الاثم الذي لا يستهدف غزة فحسب بل كل ابناء الشعب ومستقبله وابسط حقوقه .

وقال" ان دماء شعبنا ليست دعاية انتخابية رخيصة لهذا العدوان وانه يحمل الحكومة الاسرائيلية كامل الجرائم التي ارتكبتها ولم تزل ".

واكد سيادته ان الجهود تبذل على المستويات كافة لوقف العدوان ولاغاثة غزة والتحرك الفوري لرفع الحصار وفتح المعابر وتمكين الشعب من العيش الكريم والامن والامان وتجنيبهم القتل بتهدئة مشرفة تحقق الاهداف وتبطل الذرائع الاسرائيلية .

ودعا سيادته المجتمع الدولي لتطبيق الشرعة الدولية والتحرك لحماية ضامنة للشعب بالحرية والاستقلال المحتدم منذ عقود طويلة والا ما معنى استمرار المفاوضات وراء ابواب موصدة ؟؟

وفيما يلي نص كلمة السيد الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم

يا جماهير أمتنا العربية والإسلامية المجيدة

يا أبناء شعبنا الفلسطيني المناضل بالوطن والشتات

يا أهلنا الأعزاء الأعزة، أيها البواسل الأحبة بقطاع غزة

السلام عليكم وعلى كل أبناء شعبنا المجاهد

السلام لكم ولكل أبناء شعبنا الصامد

المجد والخلود، الرحمة والجنة، للأكرم منا جميعاً.. لشهداء غزة، شهداء الشعب والأمة

بسم الله الرحمن الرحيم

(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون)

صدق الله العظيم

لستم وحدكم يا أبناء القطاع الحبيب، لستم وحدكم يا أبناء شعب فلسطين في غزة، معكم الأهل في كل المدن والقرى والمخيمات والمضارب وكل أنحاء الوطن، معكم أبناء شعبكم في كل مكان داخل الوطن وخارجه ومعكم أبناء أمتكم العربية والإسلامية في أربع جهات الكون، معكم كل المؤمنين بالحرية والعدل والسلام في العالم..

فلا تهنوا ولا تحزنوا واصبروا ورابطوا يا أهل الصبر والرباط، في وجه هذا العدوان الهمجي البربري، ولا تقنطوا من رحمة الله في وجه هذا البلاء وهذه المحنة الشديدة.

سنُمضي معكم شركاء في الدم الواحد الذي يسري في عروقنا وتفاصيل هويتنا وانتمائنا لهذا الشعب العظيم والوطن العزيز.

سنُمضي معكم بشرف المواطنة وشرف المسؤولية تجاه الشعب، وأمانة الوفاء باستحقاقاتها، بالقسم الذي أقسمناه على كتاب الله، امتثالاً لإرادتكم وقراركم، وخدمة لمصلحة الوطن والمواطن، محل عزنا واعتزازنا، مصدر ثقتنا واطمئناننا، وعنوان وحدتنا وانتصارنا لن نساوم أو نفرط بقطرة دم واحدة أريقت على مذبح الحرية أو سفحت في وجه همجية العدوان ووحشية المؤامرة.

هذا عهدنا لكم أيها الأعزاء وعهدنا فيكم أيها الأوفياء لنمضي قدماً بالوحدة والكفاح إلى النصر والاستقلال.



أبناء شعبنا العظيم

أبتاء أمتنا المجيدة

يا أبناء غزة الصمود والبطولة، غزة الصبر والنصر



الإخوة والأخوات

تحت وطأة هذا الامتحان العسير لإرادة الشعب، وفي مثل هذا المنعطف الخطير لمستقبله، وهذا التحدي الكبير الذي يواجهه، تعود بنا الذكرى إلى بداية المسيرة، مسيرة الكفاح والفداء والتضحية، إلى أربع وأربعين سنة من تاريخ المجد والعطاء، تاريخ الصمود والبطولة، إلى تلك الليلة المجيدة، ليلة الفاتح من كانون ثاني عام 1965، وانطلاق حركة فتح، ضمير الشعب وخياره و قراره، مفجرة ثورته المعاصرة وقاطرة قواه وفصائله الوطنية المناضلة، لإزالة خيام النفي والتشريد واللجوء..

ويشرع الشعب في مسيرة العودة بعزة وكرامة، مسيرة الحرية والاستقلال، المستمرة بكل إصرار وتصميم، على بلوغ أهدافها، وتجسيدها واقعا معاشا، مهما طال الطريق الصعب، ومهما غلت التضحيات، بإيمان عميق، وإرادة صلبة، إلى الأمام، إلى النصر المبين، بكل إنجازات المسيرة العظيمة ومكاسبها الراسخة والتي يفخر بها شعبنا، وهي تجسد كينونته الجغرافية والسياسية، وهويته الفلسطينيةِ الضاربةِ الجذور، وبكل منحنيات وتعاريج مسيرة الكفاح الوطني البطولي الذي يواكب الصراع المرير الذي تخوضه الشعوب لنيل حريتها واستقلالها.

فكيف إذا كان كمثل الصراع الذي يخوضه شعبنا بكل إباء رغم اختلال موازين القوى في مواجهة القوة الأعتى في المنطقة والاحتلال الاستيطاني وتعقيدات هذا الصراع الإقليمية والدولية دون أن يحيد شعبنا عن طريقه، أو تهون عزيمته و إرادته، دون أن يفرط أو يساوم على أي من حقوقه الوطنية الثابتة والشرعية والمشروعة، التي تشكل مركز إجماعه وتوافقه وثوابته، بوعي وحنكة وحكمة، بشجاعة وثبات وإيمان، وبصبر واستعداد دائم للتضحية والفداء، يرسم سيرته ومسيرته، وينقش حروفها المشرفة بصفحات تاريخه المجيد، بالدم والألم والإصرار على النصر.

تعود بنا الذكرى إلى الطلقة الأولى، إلى الشهيد الأول، إلى الجريح الأول والأسير الأول، إلى الشهيد الأخير الذي يسقط اليوم في غزة و رام الله، إلى الجريح الذي ما زال جرحه ينزف، وإلى الأسير الذي يضاف إلى الأحد عشر ألف أسير يقبعون في زنازين الاحتلال، إلى الشهداء والجرحى والأسرى، حتى النصر والعودة، حتى الحرية وبناء دولتنا المستقلة، على كامل ترابنا الوطني وعاصمتها القدس الشريف على نفس الطريق الطويل والشاق، الطريق الممتد إلى تجسيد آمال الشعب وتطلعاته الوطنية.

فننحني إجلالا لأرواح شهداء شعبنا الأبرار قادة وعناصر، زعماء وكوادر، أطفالا ونساء وشيوخا، ونجدد العهد لأرواحهم الطاهرة، ندعو للجرحى بالشفاء، وستبقى جراحهم أوسمة عز وفخار، ونؤكد لأسرانا الأحبة، لكل أسرانا من كل بيت فلسطيني وكل عائلة، إن حريتنا وحريتكم واحدة وهي قريبة إن شاء الله، وما بعد حلكة الظلام إلا الصبح والشمس.

إنها فلسطين أم الشهداء والتضحيات، ونحن أهلها وأبناؤها الأوفياء، على مدار العقود الأربعة ونيف الماضية، والى أن تنتزع حريتها واستقلالها، دولة لكل أبنائها، دولة القانون والمؤسسات، دولة الكرامة والازدهار والرخاء، دولة السلام والاستقرار والمشاركة في ركب الحضارة الإنسانية، سلمها وتعاونها وتقدمها...

تلك هي طريقنا وغايتنا، هدفنا وطموحنا الذي كفلته الشرعية الدولية، وهي السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع بالمنطقة، (التي عانت ولم تزل تعاني الكثير)، طبقا لقرارات الشرعية الدولية، وترجمة لإرادة المجتمع الدولي وجهوده ومبادراته، التي لم تأخذ طريقها إلى حيز التطبيق والنفاذ رغم تعاقب الأزمان والأزمات جراء الصلف والاستهتار الإسرائيلي، واستمرار العدوان بكل صوره وأبشعها وأكثرها دموية وشراسة.

وهذا ما تتعرض له غزة الصامدة اليوم بأعتى آلة عسكرية توقع المجزرة الأكثر دموية والتدمير المنهجي الشامل لكل مقومات ومظاهر الحياة، عدوانا آثماً لا يستهدف غزة فحسب، بل كل أبناء الشعب الفلسطيني وقضيته ومستقبله، بل أبسط حقوقه وشرائع وحقوق الإنسان في كل مكان...

إن الدم الفلسطيني الزكي الواحد ليس ولن يكون رخيصا، وهو ليس ولن يكون بضاعة انتخابية أو تجارة حزبية، ولن يُنسى أو يذهب هدراً أو يهون. وإن تبعات هذا العدوان الإجرامي الذي يجب لجمه على الفور بلا قيد أو شرط لن يكون من السهل تداركها قبل أن تحمل الحكومة الإسرائيلية كامل المسؤولية إزاء الجرائم الفظيعة التي ارتكبتها ولم تزل.

يا أبناء شعبنا البطل

ونحن نتابع بكل غضب وألم، هذا العدوان الإسرائيلي الإجرامي، على أهلنا الأعزاء بقطاع غزة، فإننا نضاعف من الجهود والتحركات على المستويات كافة لوضع حد فوري للعدوان، ولإغاثة غزة وإمدادها بكل الاحتياجات الطبية والمعيشية كما وجهنا الحكومة والقوى والمؤسسات الوطنية للتحرك الفوري من أجل تحقيق ذلك، ولرفع الحصار عن القطاع وفتح المعابر كافة، وتمكين أبناء شعبنا من حقهم المشروع والطبيعي بالعيش الكريم والأمن والأمان، وتجنيبهم المزيد من القتل والتدمير والعذاب، بتهدئة مشرفة تحقق المصالح الفلسطينية وتبطل الذرائع الإسرائيلية.

وإن المجتمع الدولي مدعو لأكثر من وقف العدوان وإدانته بصورة فورية وملحة، مدعو لتفعيل إرادته لتطبيق قرارات الشرعية الدولية سواء منها المتعلقة بتوفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا، أو تنفيذ قراراته وإرادته الضامنة لحق شعبنا بالحرية والاستقلال، لإنهاء هذا الصراع المحتدم منذ عقود طويلة.

هذا الصراع الذي لن يتوقف، دون تحقيق الحقوق العادلة لشعبنا الصامد، وإلا ما معنى استمرار التفاوض بأبواب موصدة، فالمفاوضات ليست هدفا بذاتها وما لم تكن الوسيلة والخيار، بإرادة صريحة و قوية، لتحقيق أهداف السلام المحدد الأسس والأهداف كما حددتها مبادرة السلام العربية التي نعتبرها الأساس ونقطة الارتكاز للسلام، فلا جدوى من استمرارها.

ولا نرى رغم قناعتنا بالمنهج والهدف، وقناعتنا وحرصنا على عدم العودة إلى الوراء، أي فائدة من استمرارها بالصورة التي جرت عليها، فنحن لن نتردد في وقفها إذا ما تعارضت مع مصالحنا ومست ثوابتنا الوطنية أو شكلت غطاء للعدوان، فالسلام لا يمكن أن يكون إذعاناً أو تفريطا أو استسلاماً.

وشعبنا لن يفقد خياراته عندما يغلق أمامه هذا الخيار، أو عندما يستمر العدوان والاستيطان ومصادرة الأراضي بما يفقد ذلك الخيار معناه وجدواه.

ونتوجه لأمتنا العربية دولا وشعوباً، قادة وحكومات، بالنداء الأخوي لتجسيد شعار الأمة الخالد بشأن القضية الفلسطينية، في هذه الظروف المصيرية الحرجة، في هذا المفترق الخطير، بأن فلسطين هي قضية الأمة، قضية المصير الواحد والمستقبل المشترك، بمضاعفة الجهد والعمل، الذي يجري في هذه الآونة بكل المستويات الرسمية والشعبية، هذه الجهود المباركة في نطاق التضامن العربي والموقف العربي المشترك، بعيداً عن التجاذبات والتمحور الذي لن يزيد الأمة إلا تفرقاً وتمزقاً وينعكس وبالاً على قضيتنا، قضية الأمة المركزية وبعيداً عن المزايدات والتشكيك والتطاول والاتهامات المغرضة.

إن فلسطين توحد ولا تجزئ بوابة التضامن العربي ورافعته، وهي بحاجة إلى جهود جميع أشقائها العرب وتقدر تضحيات الجميع وإسنادهم التاريخي وما قدمته شعوب الأمة جمعاء من شهداء، وبذلته من جهد ودعم على امتداد المسيرة، وفي مقدمتها الشقيقة الكبرى مصر التي لم تزل وفية لعهدها، لأمتها، ولفلسطين وإنه لمن السقوط الأخلاقي والوطني، والخروج عن الإجماع الفلسطيني ونكران الجميل أن توجه الطعنات لمصر و أن يشهر بها ويعرض بموقفها وهي ظهير شعبنا وسنده.

وهنا نؤكد ترحيبنا بكل جهد عربي شقيق لوقف العدوان وفتح جميع المعابر ورفع الحصار عن غزة وإغاثتها، نرحب بقمة عربية تعقد في أقرب وقت. ومطالبتنا لإعادة التهدئة والعودة إلى الحوار الوطني مدخلنا لاستعادة الوحدة، ضمانة قوتنا وانتصارنا وحماية شعبنا وقضيتنا ومستقبل أجيالنا في إطار القرار والإجماع العربي، عمقنا القومي، شريكنا بالدم والمصير، كما سبق وتحدد برعاية مصرية، باسم الأمة العربية.

أبناء شعبنا الفلسطيني البطل،

ليست اللحظة للتلاوم والمحاسبة إزاء ما يتعرض له وجود شعبنا وقضيته وكيانه ومصيره منذ إشعال الفتنة السوداء إلى هذه المجزرة الرهيبة، ولن نصغي لأصوات الحقد والمهاترات الناشزة، لأننا لن نفرط أو نقصر أو نتهاون بحمل أمانة المسؤولية بتمثيل إرادة كل أبناء الشعب في كل أنحاء الوطن وخارجه، لقد نبهنا إلى مخاطر إفشال الحوار و إنهاء التهدئة، وكان الجميع يدرك تبعات إنهائها، حتى عبر وسائل الإعلام، وما تخطط له الحكومة الإسرائيلية، لاستدراج المواقف، توطئة للعدوان المدبر، وبذلنا كل الجهود عبر الاتصالات الحثيثة مع سائر الأطراف بما فيها حماس بشكل مباشر وعبر دول عديدة، ورجونا وناشدنا، عدم الانجرار إلى ما يدبر لنا وما لا نحتمل بالانضواء تحت أجندات إقليمية، لا تمت لمصالح الشعب بصلة، ولكن كل هذه الجهود باءت بالإخفاق.

كما نادينا وبذلنا كل جهد لاستئناف الحوار الوطني دون شروط، لتحقيق ما يصبو إليه شعبنا، وتقتضيه مصالحنا الوطنية والقومية، بنوايا صادقة، تضع حداً لفصلٍ هو الأسوأ في تاريخ شعبنا، فصل الاقتتال والتمزق والانفصال، ولكن وأيضاً دون جدوى، بل استمر منطق التخوين والتكفير والتلاعب بالاشتراطات والمحددات، تغليباً للمصالح الفئوية والنزعات السلطوية وخضوعا للأجندات الخارجية، على حساب الجوهر والأساس. والضمانة الحقيقية، وهي وحدتنا الوطنية، مما عرّض ويعرض مصالح الشعب العليا وقدرته على البقاء للخطر الشديد.

ولكننا رغم ذلك، لن نحيد عن قناعتنا ومبادئنا، التي مارسناها وطبقناها على مدار العقود، انطلاقاً من إيماننا بأن فلسطين القضية والشعب، هي أكبر من كل الأجندات، والطموحات الفردية والفئوية الضيقة، بل نزداد إصراراً على التمسك بثوابتنا الوطنية، وقناعتنا الفكرية والسياسية، بالديمقراطية والشراكة والوحدة الوطنية ومعالجة خلافاتنا ومشاكلنا بالحوار، والحوار وحده، داخل بيتنا الفلسطيني، وتحت لواء قرارنا الوطني الفلسطيني المستقل، الذي لا تفريط فيه، ولا مساومة عليه، وإن الشعب هو صاحب السلطة ومصدر الشرعية، ولا بد من الاحتكام لإرادته ورد أمانته إليه ليصدر حكمه ويقرر موقفه.

هذا هو نداؤنا لكل مكونات الطيف السياسي الفلسطيني، لكل القوى والفصائل داخل منظمة التحرير الفلسطينية وخارجها، على طريق إعادة صياغة المنظمة، بالاستناد إلى ما تم التوافق علية في القاهرة، وأخص بالذكر حركتي حماس والجهاد، مؤكدين على الدعوة التي وجهت لهما للمشاركة باجتماعات اللجنة التنفيذية، والقيادة الفلسطينية يوم أمس الأول لمجابهة العدوان الإسرائيلي على القطاع.

خاصة في هذه الظروف المصيرية، التي ينبغي ألا يعلو أثناءها أي صوت، على الجهد المكثف المسؤول لمواجهة العدوان ولجمه وعلى صوت الحوار والوحدة، تعالوا إلى كلمة سواء بيننا، نستجيب فيها لنداء الشعب نداء غزة الجريحة المعذبة.

وإن السلطة بنى وهياكل ووظائف، لا ينبغي أن تكون مدخلاً لتمزيق شعبنا وتفريق صفوفه، بل إطار لحشد طاقاته وقدراته، لتكون السلطة النواة الصلبة للدولة الآتية، ورافعة لأعمدتها، عنواناً لتوحده وممارسته الديمقراطية وجدارته بالحكم والاستقلال، في إطار التنوع والتعددية السياسية وتداول السلطة في ظل القانون والنظام.

وهو نفس النداء الذي نوجهه لكل أبناء شعبنا قوى وقطاعات ومؤسسات وفئات لنعلي صوتنا الواحد لمواجهة العدوان ووقفه واستعادة الوحدة، وممارسة كل أشكال النضال السلمي في مواجهة الاحتلال، وتأكيد وحدة الشعب والأرض في الضفة وغزة، دون عبث يعرض مصالحنا للخطر، ويكفي الثمن الباهظ للعدوان والدم الزكي الذي يسيل بغزارة من عروقنا بغزة الحبيبة.

وليكن نضالنا المشروع على قاعدة الحفاظ على ما تم إنجازه لمصلحة الوطن والمواطن، أمناً وأماناً ومؤسسات، نظاماً وقانوناً وتنمية وبألا ننجر إلى حيث يتم استدراجنا من جديد، لمربع القوة والعنف، لمربع الفوضى والفلتان الذي لن نتردد فيه ثانية ولن تفلح مؤامرة لجرنا أو استدراجنا إليه.

ودون أن يملي فصيل أو اتجاه أجندته قسراً، على الإرادة الجماعية للشعب وقواه، وجميعنا على سفينة واحدة.

يا أبناء شعبنا البطل،

ونحن نتأمل بفخر مسيرة نضالنا الوطني المعاصر، التي تجتاز عتبة عامها الثالث والأربعين هذه الأيام، والذكريات تعيدنا إلى تفاصيل مراحلها الصعبة، وتضحياتها الغالية، وآلامها الجسيمة، فإنها تبرز بلا رتوش، عبرها وعظاتها، نُظمها وقوانينها.

إنها تاريخنا المسطر بأروع ملاحم الصمود والبطولة، نستمد منه أملنا وثقتنا بالغد المنتصر، بالمستقبل الواعد، وننهل منه الدروس والعبر.

إن تقاليد العمل الوطني الجبهوي، الذي دعمت أسسه، تجربة ديمقراطية مسؤولة، حكيمة و شجاعة، صاغتها مع حركة فتح، فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، على امتداد عقود طويلة مدعوة اليوم، لتأكيد هذه المبادئ والأسس، شعاراً و ممارسة وسلوكاً، دون الالتفات لاستفزاز لغة الأحقاد والفتن، والاتهام والتشكيك أو المتاجرة بالدماء، ولا لإسقاطات منطق الضلالية، والانقسامية التصفوية، لتبقى أعمدة البيت الفلسطيني قائمة قوية رغم الرياح العاتية.

إن الجميع مدعو لاستمرار التسامي على الجراح والذود عن القرار الوطني المستقل، المستهدف بأجندات ومشاريع إقليمية وتغليب الانتماء الوطني على أي انتماء، ومصلحة الوطن على أي مصلحة، وإبقاء جذوة النضال حية متقدة، في إطار التوافق الوطني العريض، الذي يحدد شكل وطبيعة أساليب المقاومة وأدواتها، مراحلها ومواقيتها، بما يخدم مصالح الشعب، ويمكنه من اجتراح المكاسب الوطنية ومراكمتها، على أساس متين من الوحدة والتمسك بالثوابت والإصرار على تجسيد الحقوق الثابتة.

وإذ أتوجه بالتحية والمباركة لأبناء حركة فتح، في ذكرى الانطلاقة المجيدة، فإنها تحية لكل أبناء شعبنا وفصائله وقواه، لكل أبناء أمتنا العربية والإسلامية، ولكل شرفاء وأحرار العالم.

وهي مناسبة لتجديد العهد للشهداء والشعب، مناسبة لتقييم مسيرة عام كما كل عام، والوقوف على حقائقها ومعطياتها، للاستمرار بتصويب المسار، في تجديد البنى والهياكل، في تجديد الدماء وأنماط العمل، والتفاني في خدمة الشعب، والوفاء بحمل الأمانة، التي تطوق أعناق أبناء الحركة كافة، بميراثها العظيم، وموقعها القيادي، في تمثيل مصالح الشعب اليومية، وتجسيد طموحاته الوطنية، وحفظ وصية مئات ألوف الشهداء، ووصية رمز الوطنية الفلسطينية، مؤسس الهوية والكيان الوطني، الزعيم الخالد ياسر عرفات، ووصية أبو جهاد، وصية الحكيم جورج حبش، والشيخ أحمد ياسين، وأبو علي مصطفى.

ولتطمئن أرواح الشهداء وقلوب أبناء الشعب الأحياء، إننا على درب الحرية، ماضون بثقة وإيمان، إلى النصر، إلى الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وإن استحقاقات الأوضاع التنظيمية بما فيها عقد المؤتمر والبرنامج، والتجديد ستبقى قائمة، وإن طغى عليها همنا الوطني بهذه المرحلة في ظل العدوان المبيت على شعبنا في قطاع غزة، الذي أوجب إلغاء الاحتفالات بذكرى الانطلاقة، وعيد الثورة واقتصارها على الخطاب الرسمي.

فسوف تبقى تلك الاستحقاقات الموضوعية والضرورية الأساس القوي والمنطلق الأكيد، لإحداث الانبعاثة الجديدة، والركيزة والمرتكز الذي نثق به، ونعول عليه، لمجابهة التحديات الوطنية الكبرى، وتدعيم صرح حريتنا واستقلالنا الوطني، الآتي قريباً بإذن الله، ولن يطول أمد الشروع بتنفيذ تلك الاستحقاقات وقد استكملت كما تعلمون جل متطلباتها.

ولكن المطلب الأول اليوم، والواجب الأسمى، والمهمة ذات الأولوية المطلقة، هي النابعة من مسؤولية فتح ومبادئها وإخلاصها للشعب، هي تعبئة كل الجهود والطاقات، تنظيمية ووطنية وقومية، لوقف هذا العدوان الإسرائيلي الإجرامي على أهلنا بالقطاع الحبيب، واستعادة الوحدة بالحوار، وحدة وطننا الواحد وشعبنا الواحد، مصدر قوتنا الوطنية، في مواجهة الاحتلال والعدوان، والحصار والاستيطان والجدران، وضمانة انتصارنا وتحقيق أهداف شعبنا.

وختاماً فليكن عامنا الجديد، عام استعادة الوحدة والوفاق، لتعزيز مقومات الصمود والبناء، وممارسة شعبنا لحقه بتقرير المصير والاستقلال.

المجد والخلود لشهداء غزة .. ولكل شهداء شعبنا العظيم

الحرية لأسراه الأبطال والشفاء لجرحاه البواسل

بسم الله الرحمن الرحيم

'يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون'

صدق الله العظيم