وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

أطفال يبكون بردا وجوعا: في مدارس الأونروا الموت محدق والقصف غير مستبعد

نشر بتاريخ: 08/01/2009 ( آخر تحديث: 09/01/2009 الساعة: 16:37 )
غزة - معا - أن تبكي لحالهم، لبردهم، لدموعهم وجوع أطفالهم فهذا ليس بالحل المناسب في وقت هم يحتاجون فيه كل شيء، يريدون منك الغطاء والدواء والكساء والغذاء، هم أحوج ما يكونون للأغطية والفراش وللعودة قبل كل ذلك إلى بيوتهم التي أخلوها قصرا ويعلمون جيدا انها معرضة للقصف فيضيع معها العمر.

إذن هذه هي اوضاع اللاجئين الجدد في مخيمات الإيواء في مدارس "الاونروا" بغزة، يبدو عليهم وفي ملامحهم الموت قبل أن يأتيهم، كل دقيقة تموت أم قهرا من برد طفلها وحاجته للحليب والدواء والملابس.

كما هي تلك السيدة التي بدت في عينيها الخضراوان دموع القهر والتظلم قالت لـ "معا": "يا الهي لم نجلب من بيوتنا شيئا لقد عاش اطفالي يومان يرفضون النوم على الأرض خوفا من البرد".

أم فادي كتلك السيدة التي حملت ابنها خالد السلطان ذو العامين في إحدى مدارس الإيواء بمخيم الشاطئ غربي غزة.

قبل ان تبدأ حديثها ام خالد تساقطت دموعها ولكنها اخفتها خوفا من ان يراها أطفالها لقد باتت ليلتها جالسة وبين احضانها خالد، أما طفلاها الآخران فقد رفضا النوم في الليلة الأولى مفترشين ارض المدرسة وقالوا نشعر بالبرد يا ماما.

تمنت ام خالد التي لا تبدو وقد تجاوزت عقدها الثاني في حالة مضطربة فقد أخذت تكفكف بردها وتقول :"سئمنا الحياة هنا رغم انه يومان فقط ما نريده العودة لبيوتنا".

اما ام صهيب السلطان وجميعهم قدموا من منطقة السلاطين غربي بلدة بيت لاهيا حيث القصف استهدفهم كما استهدف عائلة العطاطرة فقد قالت لـ"معا" انها اضطرت لتمزيق سترتها واستعملتها كحفاظات لطفلتها ملك ذات الأربع شهور، وبعد ان بدأت بالبكاء فرت هاربة من أمامي وهي تحتاج الى امور تعرفها النساء جيدا في كل أنحاء الأرض.

الحاجة فرحة السلطان "ام محمد" جدة الجميع بالمكان تبلغ من العمر قرابة السبعين عاما، بدت متماسكة ضاحكة وقالت انها تعرضت لهذا الموقف مرتان فقد اضطرت لإخلاء منزلها الحبيب الى قلبها قبل ذلك خوفا من البطش والقصف والقتل.

قالت الحاجة فرحة أنها نامت ليلتها تشعر بالبرد وأنها بحاجة للعديد من ملابسها التي تمنحها الدفء ولكنها لفرارها مسرعة برفقة ابنائها وأحفادها ولذلك هي لم تجلب معها تحويشة العمر ولم تجلب التمر الذي تحبه والملابس التي تقيها برد كانون ثاني.

في ساحة المدرسة حيث اعتاد وليد السلطان ذو الأعوام الخمسة عشر ان يصطف طابورها الصباحي كما في بلدته بيت لاهيا فقد استطاع في يوم فراره ان يحول الأحزان إلى ضحكات وأن يجمع حوله الأطفال وقد أسس له قاعدة تجارية بالمدرسة.

عن ذلك يقول:" تركت دكانة ابي التي نمتلك في بيت لاهيا ولأنني أعلم ان الأطفال بحاجة للشيكولاته والحلو وبعض البسكويت فقد استدنت من اعمامي قرابة 100 شيقل وقمت بشراء بعضها وها انا ابيعها لهم" واستمر ضاحكا :" الاطفال يشترون وانا سعيد".

رب ضارة نافعة فقد جمعت المدرسة الخطيبين رامي وريهام السلطان، هو في الرابعة والعشرين من العمر وهي بالسابعة عشر، كانا يجلسان على مقعد مدرسي تحت الشمس في المدرسة ولأنهما كانا ينويان الزواج صيف العام الجاري يشعران بالأسى لأن الحرب على غزة باعدت موعد لقائهما.

عما يحتاجون بالمدارس قال رامي:" نحتاج للعودة إلى منازلنا رغم ان منزلي قد قصف وابن عمي عبد السلطان استشهد يوم امس برفقة اثنان عندما حاولا الخروج من المدرسة طلبا للأغذية والأغطية".

المكان مزدحم بهم وتكاد عائلتان أو أكثر يجتمعون في الصف المدرسي الواحد، يفترشون الأرض ويتابعون آخر الأحداث عبر هواتفهم الخلوية، وقد استطاعوا الهرب بالملابس التي يرتدونها.

انهم يحتاجون للكهرباء والمياه الباردة والساخنة، يحتاجون للاستحمام والطعام والأغطية والفراش وحليب وحفاضات الأطفال، والضحك رغم الأحزان.