وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الطريق الى الانتخابات-بقلم: رائد عمر

نشر بتاريخ: 13/12/2005 ( آخر تحديث: 13/12/2005 الساعة: 01:48 )
قلقيلية- معا- أن من يتابع الصوت والصورة الإعلامية لا يظن إلا أن الجميع على قول واحد ، وان الكل متفق ومستبشر لهذه الانتخابات ، وأنها الطريق الوحيد والأمثل لجنة من جنان الدنيا ، وواحة خضراء تحوطها الأزهار من كل مكان لا ينغصها شي ، تفيض على أهلها كل حسن وجميل ..!

إن هذا كلام ربما يقبل نظريا ، أو يصح عبر الإمكان العقلي ، أما في الواقع فهذا شي غير صحيح ، فالانتخابات توصل أكثر الناس أصواتا ، وقد يجمع هذه الأصوات لكفاءته ، أو لقبيلته ، أو لماله ، أو لدعايته ، أو لشراءه للأصوات ، أو لتحزباته .. إلى غير ذلك ، فالأكفأ قد يصل ، غير أن وصوله غير مؤكد ، والغالب أن لا يصل إلا حين يدعم بمؤثرات اخرى غير الكفاءة
إن معايير الانتخابات تقوم على عصب المال والإعلام ، ومن لا يملك مالا ولا إعلاما ، ففوزه هو ضرب من الخيال والخبال ، وكلما ازدادت الثروة المالية ، والصورة الإعلامية كلما قويت آمال الفوز ، ومن شك فيما أقول فليأتني برجل جمع شهادات الدنيا كلها ، ثم ليُجلسَه في بيته ولينظر هل سيأتيه الترشيح والفوز ..؟ .

تدرك هذا جليا حين تجد أن كثيرا من الشعوب تقوم بمظاهرات عارمة ضد ممارسات حكومتها ، وتخرّب وتفسد ، ضد الحكومة التي ما صعدت إلا على أكتاف هذه الشعوب ، إذ أن الكفاءات في مثل هذه النظم الديمقراطية لا يمكن أن تصل لما تريد إلا حين يجتمع لها المال والإعلام والتحالف والتكتلات مما لا يقدر عليه إلا قلة قليلة من أفراد الشعب ، فهي نظريا حكم الأكثرية ، وواقعيا مكسب الأقلية .
بيقى ان يجاب هنا عن اشكال مهم وملح ، وهو عن كيفية اختيار الأكفأ والأصلح ، وعن الآلية لضمان وصول الكفاءات .؟

إن هذا الأمر هو الذي يحتاج إلى جهود المفكرين والمثقفين والغيورين لوضع آلية محددة ، وقانون منضبط ، مع المطالبة بتطبيقه ، ومتابعة تحقيقه ، وهو جهد ذاتي ، نحن من يصوغه ويضعه ، نراعي فيه قيمنا وخصوصيتنا ، وهو جهد لن يزيد عن الجهد المبذول في سبيل نقل الحلول المعلبة المصنوعة في بلاد بعيدة.

الانتخابات وسيلة ضمن منظومة ، وطريقة في إطار ثقافة ، فهي طريق للحكم ، ونظرة للمشاركة ، مبنية على خلفية فكرية ، ونظر فلسفي وهي فوق ذلك ليست أسلوب منفصل بذاته ، ولا طريقة مجتزأة من سياقها ، بل هي ضمن منظومة وفكر الديمقراطية ، وإشاعة فكر الانتخابات لا بد أن يشيع معه فكر الديمقراطية ، وتطبيق الانتخابات لا يمكن أن ينفك عن إشكاليات أساسية ، ومع ظهور هذه الإشكاليات وعظم خطرها إلا أن القليل من يتكلم عنها ، والكثير يتعامل معها بأسلوب الدفن ، أو الترحيل ، وأن تكرار التجارب كاف في علاج مثل هذه المشاكل ، وان توعية المجتمع ، ورفع كفاءته ، ومشاركته كافية في إزاحة هذه المشاكل ..

وهذه الطريقة في وضع الرأس في التراب لا تفيد شيئا ، فهذه المشاكل أساسية ومن صميم تطبيق الانتخابات ، ويندر أن تخلو انتخابات منها ، فلا بد أن توضح للناس ، وان تطرح بكل وضوح ، ليكون الناس على بينة من أمرهم في خوض هذه الانتخابات ، لا أن يرمي الشخص نفسه في الماء وهو يعتقد أن التكرار والمعرفة كافية في أن يخرج في مرات أخرى من غير أن تبتل ثيابه.