وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحاجة عيدة ... دمروا منزلي ومصدر رزقي الوحيد لكنهم لن يدمروا حياتي

نشر بتاريخ: 20/01/2009 ( آخر تحديث: 20/01/2009 الساعة: 13:27 )
غزة - معا - باكية منتحبة لهول ما لم تحتمله عيناها من دمار وخراب طال ما كان بالأمس القريب منزلها الصغير وما يحيطه من أرض زراعية اقتات على ما تجود به.

جلست الحاجة عيدة عياد تنثر الرمال بيديها وتتجول بعينيها بين أكوام الرمال التي ابتلعت أشجار التين والزيتون والرمان بعد أن أفنت سنين عمرها ترعاها كواحد من أبنائها.

الحاجة عياد ستون عاما تركت منزلها الصغير الذي تقطنه وحيدة في حي الزيتون شرق غزة والذي كان مسرحا للعدوان الإسرائيلي في الأيام الأولى من حربها على غزة هربا من قذائف المدفعية، تاركة وراءها ما تعلق قلبها به، وفشلت كل محولات أبنائها الثلاثة لترك الأرض والمجيء للقامة لديهم، لتأتي اليوم وتجده أكواما من الرمال، فلم يكن منها إلا أن سقطت أرضا حيث لم تقو إلا على البكاء طوال حديثنا معها .

"أعيش وحدي في منزل زوجي واهتم بالأرض التي ورثتها عن أبي ازرعها وأعيش على ما اجنيه منها، فلقد أمضيت سني عمري اربي أشجار التين والزيتون والرمان والخضار فأجمع المحصول في كل موسم وأتوجه به إلى السوق لبيعه، ولكن الآن سأفكر ألف مرة من أين سأطعم نفسي "تقول عياد

وتضيف الحاجة عياد "لقد حاول أقاربي إخفاء الأمر عني خوفا من الصدمة لأنهم يعرفون أن هذه الأرض وهذا البيت هما كل ما لدي، وحاولوا منعي من القدوم ولكنني رفضت وصممت على المجيء رغم المخاطر التي يمكن أن تصيبني فالدبابات الإسرائيلية غير بعيدة عنا"

وتقسم عياد ضاحكة تحسرا على ما آلت إليه حالها "لا أريد أن أكون عبئا على أبنائي الذين بالكاد يتمكنون من إعالة أسرهم، وإسرائيل لن تجبرني على ذلك وسأعيد زراعتها بالخضروات البسيطة لأطعم نفسي"

وبينما كانت تتجول في أرضها التي ابتلعت بيتها وأشجارها أخذت تحاول إخراج بعضا من ملابسها التي مزقتها القذائف مصرة على إعادة ترقيعها واستخدامها،عدا عن بعض الحطب لتشعله لعله يعطيها بعضا من الدفء الذي سلبته قذائف المدفعية بسلب المنزل طوال فترة مكوثها بين ركام منزلها قبل تركه متوجهة للمبيت في لدى أحد أقاربها بشكل مؤقت إلى حين إعادة أعماره

وخاطبت الحاجة عياد إسرائيل مما وصفته ادعاءاتها بعدم المس بالمدنيين والعمل قدر المستطاع على تجنبيهم أي أذى قائلة "ما تعرضنا له ورآه العالم يثبت زيف الادعاءات الإسرائيلية فانا امرأة عجوز لا حول لي ولا قوة ومع ذلك لم يرحموني"

"نحن شعب مظلوم أكلت إسرائيل حقنا منذ 48، ولم ينصرنا أحد واليوم إسرائيل تكرر ذلك ولم يقف أحد الى جانبنا ولن تتردد اسرائيل في تكرار ذلك في المستقبل ان لم تجد رادع لها"، وتضيف عياد بينما كانت تحاول كفكفة دموعها "لقد دمروا حياتنا وقتلوا أولادنا، نحن لسنا دعاة حرب، نريد العيش بأمان لا نريد حروب وقتل وتشريد كفانا ما رأيناه في حياة آبائنا وأجدادنا"

وغير بعيد عنها وعلى مد البصر طال القصف والتدمير والتجريف منازل المواطنين وأراضيهم الزراعية فلا شجر ولا حجر سلم من الآليات الإسرائيلية، حتى مدارس تلك المنطقة طالتها قذائف المدفعية لتصل إلى مقاعد الطلاب كما هو حال مدرسة خليل النوباني الوحيدة في تلك المنطقة لتوصل رسالة الى طلاب ومدرسي تلك المنطقة المدنية بأن كل ما هو فلسطيني في مرمى الهدف .