وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مجلس الوزراء يدعو لتشكيل حكومة توافق تتحمل ادارة شؤون البلاد

نشر بتاريخ: 19/01/2009 ( آخر تحديث: 19/01/2009 الساعة: 21:42 )
رام الله- معا- جدد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض دعوته للتوافق على حكومة توافق وطني تعمل على اعادة الوحدة للوطن، وتتحمل المسؤولية في ادراة شؤون البلاد وإعادة إعمار ما دمره العدوان

وفال فياض خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم في مقر رئاسة الوزراء في مدينة رام الله ان العمل وبسرعة لإعادة الوحدة الوطن، سيشكل مدخلاً أساسياً لحماية وصون وحدانية التمثيل في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ووقف التداعيات المدمرة جراء محاولات المساس به.

وأضاف رئيس الوزراء: إن ضمان عدم تكرار العدوان، ومعالجة مسبباته، والبحث الجدي في جذور الصراع المتمثل بالاحتلال تتطلب من المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية، والتدخل الفاعل لضمان توفير الحماية الدولية لشعبنا التي طالما عارضتها إسرائيل بشدة لتستفرد بشعبنا وبحقوقه كما فعلت على مدار عقود طويلة من الزمن.

وفيما يلي نص البيان:

إن تثبيت وقف إطلاق النار الذي تم الإعلان عنه، والذي طالما سعينا لتحقيقه، ومنذ اليوم الأول للعدوان، يتطلب تنفيذ العناصر الأخرى التي وردت في المبادرة المصرية، وقرار مجلس الأمن "1860" وفي مقدمتها الإنسحاب ورفع الحصار وفتح المعابر، وكذلك، وما هو في غاية الأهمية، تحقيق المصالحة الوطنية.

لقد خلف العدوان الاسرائيلي على شعبنا كارثة انسانية غير مسبوقة، سقط خلالها ما يزيد عن "1300" شهيداً، وأكثر من خمسة آلاف وخمسمائة جريح، المئات منهم في حالة الخطر الشديد، هذا بالإضافة الى الدمار الشامل في البنية التحيتة والتدمير والضرر واسع النطاق لمنازل آلاف المواطنين، وتشريد أكثر من مائة ألف مواطن أصبحوا بدون مأوى. ولكن ماهو في منتهى الخطورة أيضاً يكمن فيما يهدد الكل الفلسطيني من خسارة سياسية تنذر بكارثة وطنية تتمثل في إحياء أطماع اسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا في الحرية والاستقلال واقامة الدولة الفلسطينة، إن لم يتم التعامل بمسؤولية عالية مع التحديات والمخاطر الماثلة أمامنا.

فالعنف الداخلي، وما تبعه من إنقلاب على السلطة الوطنية، أدى إلى إنقسام الوطن في حزيران "2007"، وتعميق الانفصال على مدار السنة والنصف الماضية. ومن جهة اخرى، فإن العدوان الاسرائيلي غير المسبوق بكافة تداعياته، بما في ذلك ما ينطوي عليه من مخاطر سياسية جدية تكمن في تكريس هذا الانقسام وتعميق الانفصال، إضافة إلى ما ترافق مع ذلك من مظاهر إنقسام مؤسفة في الصف العربي، هدد ولا يزال يهدد وحدانية التمثيل الفلسطيني، والذي تعبر عنه منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. فالتمثيل بالنسبة لنا ليس امتيازاً، بل هو التعبير عن الهوية الوطنية، والتي لطالما استهدفت طمساً وتهميشاً لخدمة هدف تصفية القضية الفلسطينية، وتبديد حقوق الشعب الفلسطيني.

ان الاستخلاص الرئيسي، والوفاء لتضحيات شعبنا ومآسيه، والرد المباشر على هذه المخاطر يتطلب الانطلاق فوراً ودون تردد أو المزيد من إضاعة الوقت لمصالحة وطنية تم التأكيد عليها في مبادرة الرئيس مبارك، والتي تم وقف اطلاق النار على اساسها، وجوهر هذه المصالحة تشكيل حكومة توافق وطني تعمل على اعادة الوحدة للوطن، وتتحمل المسؤولية في ادراة شؤون البلاد وإعادة إعمار ما دمره العدوان. ونحن على ثقة بأن إنجاز هذا الأمر سيوفر البيئة اللازمة، ويفتح الطريق لحوار وطني شامل يعالج كافة القضايا المختلف بشأنها، ويضع الأسس الكفيلة بحماية النظام السياسي الديمقراطي الفلسطيني، وتحقيق الشراكة في إطار السلطة الوطنية وليس معها، إضافة الى أن تشكيل هكذا حكومة وفوراً يحمل إجابة على كافة العناصر الأخرى المتعلقة بالاشراف على المعابر، وغيرها من القضايا، ويمكننا من تجنب الانجرار الى صيغٍ ولجان لإعادة الاعمار لا تقدم إلا التسليم بالانقسام والانفصال كقدر.

ان العمل وبسرعة لاعادة الوحدة الوطن، سيشكل مدخلاً أساسياً لحماية وصون وحدانية التمثيل في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، ووقف التداعيات المدمرة جراء محاولات المساس به. كما أن ضمان عدم تكرار العدوان، ومعالجة مسبباته، والبحث الجدي في جذور الصراع المتمثل بالاحتلال تتطلب من المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته السياسية والقانونية والاخلاقية، والتدخل الفاعل لضمان توفير الحماية الدولية لشعبنا التي طالما عارضتها اسرائيل بشدة لتستفرد بشعبنا وبحقوقه كما فعلت على مدار عقود طويلة من الزمن.

إن العدوان الاسرائيلي على شعبنا في قطاع غزة، واستباحة أرواح أبنائه ومقدراته تؤكد الضرورة الملحة لوجود قوات دولية فاعلة تمنع تكرار العدوان وتساعد السلطة الوطنية في توفير الأمن والنظام العام لشعبنا في القطاع، وتضع كذلك حداً لسياسية الاستيطان والاستباحة الأمنية المستمرة في مناطق الضفة الغربية، لا أن يقتصر هذا التواجد الدولي على معبر رفح فقط. كما أن ذلك سيعيد قضية شعبنا إلى جذورها الأساسية المتمثلة بالاحتلال الاسرائيلي وضرورة إنهائه، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره في دولة مستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967، كما أكدت على ذلك قرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، ومبادرة السلام الفلسطينية لعام 1988، من خلال عملية سياسية حقيقية وبإشراف دولي فاعل. لقد آن الآوان بأن يترجم المجتمع الدولي قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي على الأرض، وأن يكون قادراً على إلزام اسرائيل بتنفيذها، وبما يضمن لشعبنا الخلاص العاجل من الاحتلال وممارساته.

إن المخاطر المحدقة بقضيتنا الوطنية والتعقيدات المحيطة بها تتطلب تأكيد وحدة وتكاتف الموقف العربي كشرط أساسي للوصول إلى حل يضمن إستعادة حقوقنا الوطنية. فالبعد العربي بالنسبة لقضية شعبنا هو البعد الأهم، ويجب المحافظة عليه، ويجب أن نعمل نحن الفلسطينيين لكي نبقى جديرين به. ففلسطين وقضية شعبنا ومعاناته الطويلة لا تحتمل أن تكون محل تجاذب وانقسام، بقدر ما هي بحاجة ملموسة للوحدة والتضامن والمساندة من كافة الأشقاء العرب.

وهنا فإننا نتطلع لأن تتمكن القمة العربية في الكويت من وضع حدٍ لمظاهر الانقسام العربي المؤسف، وإعادة التضامن العربي ليكون سنداً لشعبنا وقضيته العادلة. فالوفاء لتضحيات ومعاناة شعبنا، والقدرة على النجاح في مواجهة المخاطر المحدقة بمستقبل مشروعنا الوطني تستدعي منا جميعاً التقدم وبسرعة لإعادة الوحدة للوطن، واستعادة التضامن العربي الموحد مع شعبنا وحقوقه المشروعة ووضع حد لمعاناته. اذ لا ينبغي السماح ولا بأي حال من الأحوال بأن تكون قضية فلسطين إلا قضية إجماع عربي.
وفي هذا المجال فإنني أرحب بالمواقف التي أعلنها القادة العرب اليوم في قمة الكويت، بإتجاه وحدة الموقف العربي وتضامنه مع شعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة، وكذلك الحرص والتأكيد على المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتجاوز مرحلة الخلاف العربي وبدء مرحلة الوحدة بين الأشقاء العرب دون استثناء، كما شدد على ذلك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في كلمته أمام القمة. نشكره على ذلك، وكذلك على إعلانه التبرع بمليار دولار للمساهمة في إعادة إعمار قطاع غزة، وكذلك ما أعلنه سمو أمير دولة الكويت عن نصف مليار دولار من المساعدات.

وفي الختام، فإنني أتوجه إلى أبناء شعبنا في كل مكان من أجل المزيد من الوحدة والتضامن، ورص الصفوف لصيانة الإنجازات الوطنية التي حققها، وعدم السماح بالقفز عنها، أو الالتفاف عليها، أو تدميرها، وفي مقدمة ذلك وحدانية التمثيل والالتفاف الشامل حول المشروع الوطني، والاستجابة لنداء " وحدة الوطن فوراً ". فهذا هو العزاء للأمهات الثكالى وأهالي الشهداء، والبلسم لمعاناة الجرحى والأمل لعذاب الأسرى. إن شعبنا يستحق منا ذلك وعلينا أن نرقى لمستوى تضحياته ومعاناته.