|
المعاق الفلسطيني بين سندان الحياة العامة ومطرقة السلطات الرسمية
نشر بتاريخ: 14/12/2005 ( آخر تحديث: 14/12/2005 الساعة: 14:53 )
معا- تحية لكم أيها المعاقين وأنتم تضربون المثل الأعلى لمعاقي العالم، بالبطولات التي حققتموها والانجازات التي رفعتم بهم رأس فلسطين عاليا، فإننا نحني رؤؤسنا إجلالا وإكبار لكم ولعطائكم من اجل وطنكم فلسطين ...
يعيش المعاق الفلسطيني حياة صعبة تتمثل في البحث عن حقوقه التي غيبت وضاعت في أدراج المؤسسات في المقابل تجد هذه المؤسسات تنادي باسم المعاق وبإنجازاته التي حققها من اجل جلب مشاريع تهتم بهم، ولكن الواقع أليم والحقيقة مخيفة، فعندما توجهت لأحد المعاقين فسألته عن أحواله، قال لي " حالي يغني عن سؤالي " فالمؤسسات الرسمية لا تهتم بنا ولا بشؤوننا فنحن لنا حاجات لا بد من تلبيتها، وخدمات لابد من توفيرها؛ .. هذا الحديث شدني للكتابة عن المعاق الفلسطيني وما يعانيه في حياته فهو له حقوقاً لا بد من مراعاتها، فهو إنسان قبل أن يكون معاقاً، له حقوق وعليه واجبات؛ ومن أجل تلك الحقوق ناضل هذا المعاق كثيرا ودافع عن حقوقه ولكننا مني بوعود كثيرة وما هي إلا أماني ووعود ، متى ستحقق هذه الوعود ؟؟ لا أحد يعرف ... الحياة العامة تفرض على المعاق الفلسطيني الكثير من التحديات، في ظل تتطور الحياة وتقدمها في كافة المجالات وسرعة الاتصالات أصبح هذا المعاق يجد نفسه وسط تحديات كبرى لابد تفرض عليه الكثير من الأمور وعليه الوقوف بوجهها والانتصار عليها، فإما أن تهزمه هذه التحديات وتنتصر عليه وإما أن تصنع منه نموذجا يحتذى به . عندنا في فلسطين المحتلة عدد من المعاقين هم نماذج لغيرهم، فمثلا المعاق الفلسطيني مجدي التتر، فهو يعمل مدرب لأصعب العاب القوى القتالية اليابانية "الننشاكو" و يستخدم بهذه اللعبة أدوات كالعصا والجنزير والسيف والمنجل وهو أول معاق بالعالم العربي يمارس لعبة الننشاكو، كما يمارس هذا المعاق لعبة السباحة وفاز بالمركز الأول سباحة لمعاقين عام 1997_1998 ، كما شارك عام 2000 ببطولة بين أربع دول عربية فلسطين الأردن العراق لبنان وحصل فيها على ميداليتين فضية وميدالية ذهبية وهو أيضا يمارس رياضة الغوص و لقب بفلسطين " بمصارع الأمواج " لعشقه السباحة مع الأمواج العاتية . ضربنا لكم مثال ونذكر هنا مثلاً آخر للمعاقة فلسطينية إنها الشابة ردينة الغز التي تسكن في بيت صغير متواضع في إحدى مناطق حي الشجاعية بغزة والتي استطاعت رغم صعوبة حياتها ووضعها الإعاقي أن تصنع المعجزة والمستحيل وتقهر الإعاقة وتصنع من نفسها مثلا لكل المعاقين، حيث قامت الشابة الغز بجمع وإعداد مادة علمية على شكل كتيب عن الصلاة وفوائدها في حياتنا، مما كان لهذا الأمر أثر كبير في حياتها وأعطاها دفعة قوية للاستمرار في العطاء والمثابرة، كما تستمر ردينة في إنتاجها الأدبي حيث أنها تتواصل في كتابة المقالات الدينية والاجتماعية . هؤلاء المعاقين ألا يستحقوا منا الفخر التقدير على أعمالهم البطولية ويدعونا لنستوقف عند انجازاتهم وقفة كبيرة من اجل الاهتمام بهم ورعايتهم، فكافة الديانات السماوية والمواثيق والمعاهدات الدولية أكدت على مبدأ عدم التمييز، ونادت بأن الناس جميعاً يولدون أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء. فقد حرص ديننا الإسلامي أشد على توفير الحياة الكريمة للمعاقين، حيث خصَّصَ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرتباً شهرياً من بيت مال المسلمين لكل معاق كما تم تعيين شخص لكل معاق ليقوم بالاعتناء به مقابل مرتب شهري، ثم جاء سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يأمر بتعيين مرافقاً لكل معاق لكي يخفف عنه، ويساعده في قضاء حوائجه. وهكذا فإن إسلامنا العظيم كوَّن النواة الأولى لضمان حياة كريمة للمعاقين، فالمشرع الإسلامي قد أمر بنفقة للشيخ المسن والمريض والضرير والمقعد من بيت مال المسلمين؛ وبذلك يكون الإسلام قد شرع أول قانون لحماية حقوق المعاقين . فيجب على سلطاتنا الرسمية أن تخصص لهؤلاء المعاقين مخصصات ونفقات شهرية وتعمل جاهدة على توفير ما يحتاجونه وعدم تأخيرهم على أبواب المؤسسات الرسمية ويجب الاهتمام بهم ودعم البرامج الخاصة بهم على صعيد التعليم والصحة والمواصلات والسكن وعلى كافة الأصعدة ومناحي الحياة، فلننظر إلى الدول المتقدمة نجد فيها أن المعاقين حصلوا على كافة حقوقهم أما عندنا فنحن لهذه الأيام لازلنا نطالب بحقوق المعاقين وضرورة تطبيق قانون المعاقين وكافة لوائحه التفسيرية ، كما يجب على الدولة الاهتمام بالمؤسسات التي تعنى بالمعاقين وان تعمل على توفير الدعم اللازم لها ولبرامجها من اجل الوصول بهؤلاء المعاقين إلى حياة كريمة . إني في هذا المقال أردت أن أوجه رسالتي للمسئولين والسلطات الرسمية من اجل النظر إلى حال هذه الشريحة التي ضحت وعملت من اجل بناء دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس، فيجب علينا جميعا أن نساعدهم ونقف بجانبهم من اجل نيل حقوقهم في هذه الحياة . بقلم: غسان مصطفى الشامي |