وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحركة الصهيونية استخدمت الرياضة لتحقيق أهدافها بالاستيلاء على فلسطين

نشر بتاريخ: 29/01/2009 ( آخر تحديث: 29/01/2009 الساعة: 19:39 )
غزة - معا - نيللي المصري - محاولات مستميتة سعت إليها إسرائيل من خلال الرياضة قبل نكبة عام 48، بهدف التوغل في عمق فلسطين وتحقيق أهدافها وأطماعها السياسية بالاستيلاء عليها.
فقد قامت بتشكيل الفرق والأندية الرياضية في فلسطين ودول العالم، وتحالفت مع الانتداب البريطاني الذي منح اليهود وطناً على الأرض الفلسطينية من خلال وعد بلفور المشئوم.

واستطاع اليهود من خلال هذا التعاون، من تشكيل حركة رياضية قادرة على حمل السلاح ومحاربة الفلسطينيين تمهيدا للسيطرة عليها، حيث أنه وفي نهاية القرن التاسع عشر، سعت الصهيونية العالمية إلى تجنيد الرياضة كوسيلة من أجل تحقيق أهدافها في فلسطين.

فقد اهتمت بتنشئة الشباب الصهيوني رياضياً وإعدادهم من أجل حمل السلاح استعداداً للاحتلال فلسطين بالكامل، وقاموا بتأسيس أندية " المكابي " الرياضية في المستعمرات المنتشرة على الأرض الفلسطينية، والتي بلغ عددها حتى الحرب العالمية الأولى حوالي (20) نادياً.
الرياضة مدخل
وكان الباحث الفلسطيني الدكتور عصام الخالدي أوضح في كتابه عن تاريخ الحركة الرياضية الفلسطينية، أنه في عام 1926 تم تشكيل أول نادي " هابوعيل " الذي كان يتبع لمنظمة العمل اليهودية " الهستدروت "، حيث ساهمت هذه المنظمة التي كانت أنديتها منتشرة في العديد من المدن والمستعمرات في فلسطين مساهمة فعالة في تهريب السلاح من دول أخرى إلى فلسطين.
وحاولت " الهابوعيل " إقامة اللقاءات الرياضية على الساحة الدولية من أجل التعريف بفلسطين أكثر مما كان تسعى إليه أندية " المكابي "، التي كانت تتطلع لتحقيق الفوز والنتائج الرياضية.

وقررت القيادة الرياضة الصهيونية التباري مع مثيلاتها من الفريق اليهودية في أوربا وسوريا ولبنان ومصر، وحاولت جذب الفرق الرياضية الانجليزية إلى جانبها للتأثير على القيادة العسكرية، وفي عام 1925 تأسست منظمة البيتار التي كان يتزعمها المتطرف جابوتنسكي والتي اتخذت فيما بعد من الرياضة غطاء من أجل أعمالها العسكرية الإرهابية والهجرة اليهودية غير المشروعة.

تباكي اليهود على تمثيل فلسطين

ويوضح الدكتور الخالدي أن المساعي الصهيونية تواصلت من أجل تحقيق حلمهم برؤية العلم الأزرق والأبيض يرفرف عالياً بين أعلام بقية الدول المشاركة في دورات الألعاب الاولمبية، الأمر الذي جعل أندية " المكابي " في عام 1924، تقوم بإرسال وفد من فلسطين إلى المؤتمر الدولي لألعاب القوى ساعياً للانضمام إلى الاتحاد الدولي لرياضة الهواة كممثل لفلسطين.
وقوبل الطلب اليهودي بالرفض لأن المؤتمر لم يعترف بالمكابي ممثلا لدولة مستقلة، مما دفعهم لأن يتبنوا فكرة إقامة مهرجان رياضي صهيوني مستقل، وفي عام 1925 أقام الاتحاد العالمي للمكابي مهرجاناً رياضياً على شرف المؤتمر الصهيوني الرابع عشر الذي عُقد في فينا، والذي كان عبارة عن إعداد لمهرجان رياضي على نسق الألعاب الأولمبية خطط له في المستقبل القريب.

مهرجانات رياضية لأهداف استعمارية

وفي عام 1924 حاول اليهود إدخال المزيد من المهاجرين اليهود إلى فلسطين تحت حجج واهية ولجئوا إلى التهريب وتظاهروا بالرضوخ للقيود التي ينص عليها قانون الهجرة وتحويل العديد من طالبي الدخول إلى فلسطين ثم إخفائهم في المستعمرات.
ويشير دكتور الخالدي إلى أن من أهم تلك الوسائل، تنظيم "المكابياد" وهو مهرجان رياضي على نسق الألعاب الاولمبية دعت له القيادات الصهيونية 1929، وكانت تشارك فيه الشبيبة الصهيونية من كافة أنحاء العالم، حيث بقى جزء كبير منهم بلا عودة وقام الصهاينة بتنظيم هذا المهرجان في عامي 1932 و1935.



تحالف رياضي يهودي انجليزي

بعد الحرب العالمية الثانية فقد عززت الوكالة اليهودية علاقاتها مع الانجليز ووقفت إلى جانبها في حربها مع ألمانيا من أجل تحقيق أهداف الأولى، ووافقت الوكالة على إنشاء مكتب خاص للمكابي، تكون مهمته تنظيم اللقاءات من الفرق العسكرية الانجليزية نظراً لأهمية وجوده، من أجل تشجيع اللقاءات الرياضية بين فريق الجيوش والفرق الفلسطينية.
واستطاعت المكابي والهابوعيل خلال الحرب، التباري مع فرق من الجيوش البريطانية والاسترالية والأمريكية والتشيكوسلوفاكية واليونانية والجنوب أفريقية والبولندية والهندية بهدف تعزيز هذه اللقاءات العلاقة مع الحكومات،
من جانب آخر كان الدعم الانجليزي عاملاً مساعداً في إنجاح مهرجان (المكابياد)، وتم إرسال وفد إلى لندن، تلقى نصائح ودروس من قبل القادة الصهاينة مثل وايزمان وسوكولوف حول كيفية إيجاد المنافذ الخاصة التي يستطيع من خلالها الوصول إلى مكاتب المستعمرات ووزارة الخارجية.
وقد كان اهتمام الوفد يتركز حول موضوع إشارات الدخول للرياضيين والزائرين لهذا المهرجان ولمعرض " ليفانت "، وهو معرض تجاري كان يقام سنوياً في تل الربيع بحسب الدكتور الخالدي.

المكابياد اليهودي

ويوضح الدكتور الخالدي أن الحركة الصهيونية رأت أن " المكابياد " وسيلة فعالة من أجل زيادة الهجرة بطرق غير مشروعة من خلال إدخال الزائرين والمشاركين إلى فلسطين وإبقائهم فيها بعد انتهاء المهرجان.
وافتُتح مهرجان (المكابياد) في 29 آذار عام 1932 بمسيرة كشفية رُفعت بها الأعلام الصهيونية متوجهة إلى الملعب الذي رُفعت عليه الأعلام الإسرائيلية والبريطانية، إلى جانب بث أناشيد باللغة العبرية، من أجل شحن الحضور بالروح الصهيونية.
وقام المكابيون باستعراض في شوارع تل الربيع، بمشاركة (20) ألف شاب يهودي، من بين 4000 آلاف مشارك من (17) دولة مُشاركة في المهرجان، فيما كان العدد قبل أسبوعين من بدء المهرجان لا يزيد عن سبعة آلاف يهودي،
وكما يدعي مُنظمي المهرجان، من أن نجاحه كان نصراً ودعاية للأفكار الصهيونية بشكل عام وللرياضة اليهودية بشكل خاص، والذي ميزه بأنه كان أول حدث ثقافي يجلب زائرين "مهاجرين" بهذا القدر الكبير وهذا العدد الذي فاق أعداد الزائرين لمعرض " ليفانت " التجاري، واحتفالات افتتاح الجامعة العبرية في القدس.

الفرق الصهيونية

وفي عام 1930، تم تشكيل فريق كرة قدم من ستة لاعبين يهود وتسعة من الانجليز سمي بمنتخب " أرض إسرائيل "، وقام بزيارة مصر، حيث كان الفريق يرتدي زى رياضي وضع عليه حرف(A P) أي (Palestine)، وذلك بشكل واضح وحرفان صغيران (LD) أي (Land of Israel)، في الأسفل.
ويعود سبب ظهور حرفي (LD) بشكل مصغر، إلى الخوف من إغضاب المصريين، وقد مُني الفريق بالهزيمة أمام فريق القاهرة (0/5)، وأمام فريق الإسكندرية (0/2)، وأمام فريق عسكري من القاهرة (2/5)، وفي كانون أول 1937، خاض الفريق مباريتين مع الجيش الانجليزي حيث عمدت القيادات الرياضية الصهيونية إلى استضافة وتكريم فرق الجيش.

مخاوف صهيونية

وأبدى الصهاينة تخوفهم من المهرجان الرياضي الكبير الذي أقامه الاتحاد الرياضي العربي في مدينة يافا عامي 1934-1935 بالتعاون مع مؤتمر الشباب واللجنة العربية العليا، والذي شاركت فيه الفرق الكشفية والرياضية العربية مع الفرسان العربية التي جاءت خصيصا للاشتراك فيه.وبلغ عدد المشتركين في المهرجانات حوالي خمسة ألاف شخص واعتبر الصهاينة هذا المهرجان عبارة عن تنظيم لحركة شبابية قوية من مختلف المدن والقرى الفلسطينية، وبهذا المهرجان تكون القوى الوطنية الفلسطينية استخدمت الرياضة لأول مرة لتكون عنصر فعال في نظامها الأيدلوجي والثقافي