وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الحديث ذو شجون **عولمة الكرة !--بقلم :فايز نصار

نشر بتاريخ: 01/02/2009 ( آخر تحديث: 01/02/2009 الساعة: 22:20 )
بيت لحم - معا - عندما كان عقد السبعينات ، من القرن الماضي يضع أرحاله ، كان المينمونديال ، الذي استضافته بلاد الشمس المشرقة ،يعلن عن ولادة نجم ، شكل حالة رياضية ، وأضاف إلى المنتديات الرياضية جدلا لم يتوقف ، حول هوية نجم الكرة الأول .

قبل ذلك كان العالم بصم بالعشرة للجوهرة السوداء بيليه ، الذي فرض نفسه ملكا للكرة ، رغم بعض الأصوات ، التي كانت تقدم الفتى الطائر كرويف، والقيصر الرزين بكنباور !

ورغم أهدافه الخرافية لم ينجح عراب الكرة الفرنسية بلاتيني ، في الاقتراب من ظل هذا المضلع الثلاثي غير المسبوق ، ورضي مسيو ميشيل بلاتيني بقدره ، في الصف الثاني رغم محاولات ارمادا

الصحافة الرياضية الفرنسية المقارنة بين موليير المنتخب الأزرق ، والملك الصغير القادم من البلاد الفضية ، دييغو أرماندو مارادونا .

بالكاد حفظنا هذا الاسم الجرار ، عندما لعب الولد الشقي مبارياته الأولى ، وبالكاد أصغى النقاد للوحات المارادونية ، التي زادت توهجا ،بعد انضمام المبدع للبلوغرانا ، وتألقه مع البارسا ... ليتأكد النقاد انه النجم الذي يمكن أن يقارن بملء الفم بالملك بيليه ،، بل أن البعض ذهبوا بعيدا في إطرائهم فقدموه على بيليه بعد ضربه كل الأرقام الإبداعية في المونديال المكسيكي الثاني ، عندما صفق كل النجوم لمبدع الأرجنتين ، وهو يصعد منصة التتويج في أهم البطولات .

ليس صعبا أن تصل إلى القمة ، فالأصعب أن تبقى هناك .. فأتى على مارادونا حين من الدهر ، ولت له الكرة دبرها ، على إيقاع جملة من الفضائح المتعلقة بالمنشطات والمخدرات ، وإطلاق النار على الإعلاميين ، وصولا إلى زج أنفه في قضايا سياسية هزت عرشه ، فتجرأ النقاد في نهاية الثمانينات على المقارنة بينه وبين الهولندي غوليت ، أو بينه وبين الايطالي باجيو ، قبل أن يخرج النجم من الملاعب الخضراء من الأبواب الخلفية ، بعد أداء غير مقنع في مونديال العم سام ، وفي الفريق الاشبيلي !

إنها رحلة الإبداع المارادوني ، محفوفة بالمكاره والسرور ، وغنية بالجدل الذي حيّر المتلقين ، حول سلوك الرجل ، وحول جدوى العلاقة بين سلوك الفنان المبدع في الملاعب الخضراء ، وسلوك الإنسان المقنع ، على مسرح الحياة .

تذكرت مارادونا ، وقصص الموازنة بينه وبين النجوم من مختلف الجنسيات ، وانا أصغي لمقارنة بين ميسي ، الذي لم تصل سنوات إبداعه إلى تعداد أصابع اليد الخمسة ، في انتظار ما سيفعل "ليونيل" في السنوات العشر القادمة ، وبين مارادونا ، الذي ملأ الدنيا إبداعا ، وشغل الناس إمتاعا خلال عقد ونصف ، كانت أكثر سنوات كرة القدم إثارة للجدل .

كان مارادونا يقود فريق الجنوب الايطالي نابولي لقمة هرم الكرة في بلاد الكتناشو ، وكان فريق انتر يتقدم الصفوف بثلاثي ألماني ، هو المدافع بريمه ، ولاعب الوسط ماتيوس ، والمهاجم كلنسمان ، ونافسه في ذلك الميلاني ، الذي اعتمد على ثالوث هولندي قوامه مدافع الوسط ريكارد ، وصانع الألعاب غوليت ، والمهاجم الرهوان فان باستن .

الثلاثي الألماني رفع اسهم الانتر ، والثلاثي الهولندي جلب للميلان كل البطولات ،، قبل أن تأتي قوانين العولمة الرياضية ، التي أزهقت أرواح كثير من النجوم ، عندما تعاقد الميلان مع ستة لاعبين ، فأصبح النجم الذي قورن بمارادونا غوليت يجلس في المدرجات ، إلى جانب هداف هدافي فرنسا الأول جان بيير بابان .. وهكذا أكلت العولمة عبقرية نجوم ، تجعدت إبداعاتهم مبكرا ، مثل غوليت وفان باستن ، والجي بي بي .

التجربة الميلانية سرعان ما تلقفتها أندية أوروبية أخرى ، أصبحت تتدجج بالنجوم ، وكانت أندية انجلترا ، سباقة في هذا المجال ، فلعب ارسنال وتشيلسي عدة مباريات بكتيبة متعددة الجنسيات ، والأخطر أن التشكيلة كانت أحيانا بدون أي لاعب انجليزي !

إنها عولمة كرة القدم ، التي كدست النجوم في أندية بعينها ، وخاصة في أندية انجلترا واسبانيا وايطاليا وألمانيا ، فدفع نجوم الوطن الثمن غاليا، من مواهبهم التي صدأت على مقاعد الاحتياط ، او أنها اختارت أندية متواضعة ، لم تساهم في صقل مواهب هؤلاء النجوم !

الاتحاد الأوربي أدرك الخطر القادم ، ومنذ أشهر وضع خطة واقعية لمقاومة عولمة كرة القدم ، بوجهها السلبي ، فأعلن أن كل فريق أوروبي مرغم على إشراك أربعة من نجوم الوطن الذي ينتمي إليه النادي في كل مباراة ، قبل أن يصبح العدد خمسة مقابل ستة قبل العام 2012 م ، والأمر سيساهم في إعادة الاعتبار للنجوم المحليين ، على حساب نجوم العولمة ، الذين يساهمون في الحراك المالي بين الدول ، وزادوا في مداخيل بلادهم من العملة الصعبة ، كما يفعل لاعبو البرازيل والأرجنتين ، أكثر الدول تصديرا للنجوم .

والحديث ذو شجون