وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الزراعة المقالة : آثار الحرب على البيئة بقطاع غزة ستستمر سنوات طويلة

نشر بتاريخ: 05/02/2009 ( آخر تحديث: 05/02/2009 الساعة: 15:49 )
غزة - معا - أكدت وزارة الزراعة المقالة أن الأراضي الواقعة إلى الشرق من شارع صلاح الدين بدءاً من وادي غزة إلى حدود بيت حانون، ومناطق شمال بيت لاهيا وشرقي خزاعة في جنوب قطاع غزة أصبحت "صحراء قاحلة" بعد أن تم تجريفها تماماً وأُزيل الغطاء النباتي عنها، حيث دُمرت في هذه المناطق جميع المنشآت والمباني الزراعية وآبار المياه، بالإضافة إلى اقتلاع الأشجار المثمرة كالزيتون والحمضيات، الأمر الذي جعل هذه المنطقة الهشة بيئياً في الأصل، عرضة لعوامل الحت والتعرية بصورة حادة وغير مسبوقة خاصة وأن موسم الأمطار لم يزل في ذروته ومن المتوقع أن تحدث أمطار شديدة وسيول ربما تؤدي إلى كوارث بيئية غير مسبوقة.

وأوضح المهندس نزار الوحيدي مدير دائرة النظم والمعلومات في بيان وزعته العلاقات العامة والإعلام بالوزارة، أنه طبقاً للتقارير الإحصائية الأولية
والتي تمت لحصر وتقييم الأضرار في وزارة الزراعة فإن المساحة المجرفة تزيد عن 20 ألف دونم من الأراضي الزراعية المتميزة، وأن عدد الأشجار المعمرة التي تم اقتلاعها يقارب المليون شجرة مثمرة متوسط أعمارها يزيد عن عشرين سنة.

وأشار أن التجريف في الحرب الاسرائيلية الأخيرة على غزة تميز بأنه لأعماق كبيرة وأن آلاف الحفر والمواقع والسواتر الترابية قد أنشئت بغرض حماية الآليات ومرابض المدفعية والجنود الإسرائيليين، لافتاً إن إعادة تسوية التربة بعد العدوان لا يمكن أن يعيد التربة إلى التوازن الطبيعي والبيئي الذي كان قائماً، حيث تحتاج الأراضي لسنوات طويلة قبل استعادة خصوبتها.

وأضاف إن انقلاب القطاع الأرضي يعرض الطبقات السطحية الخصبة للدفن تحت أعماق كبيرة ويعري الطبقات تحت السطحية المتملحة وهذا يجعلنا أمام مشكلة استصلاح تستخدم كميات هائلة من المياه والمحسنات الطبيعية لغسل الأملاح والتخلص منها في مناطق يقل فيها أو يندر وجود المياه العذبة الصالحة للري غير المقيد.

واعتبر الوحيدي أن استخدام قوات الاحتلال الأراضي الزراعية للعمليات العسكرية جعل منها منطقة منكوبة بالقنابل الفسفورية واليورانيوم المنضب ومختلف الأسلحة المحرمة دولياً والتي لا نستطيع التخلص من آثارها البيئية وأضرارها في المدى القريب، قائلاً "إنها جريمة حرب ربما يستمر خطرها لعقود طويلة وتعتبر عائقاً كبيراً ومحدداً لجهود إعادة إعمار هذه الأراضي واستغلالها في إنتاج الغذاء".

ورجح الوحيدي أن تكون آثار المواد المشعة والسامة المستخدمة من قبل قوات الاحتلال قد وصلت إلى الخزان الجوفي، حيث الخزان الجوفي ضحل ومعدل رشح التربة مرتفع مما يسهل وصول الملوثات إلى الخزان في زمن قليل نسبياً.

وقال :"إن استعادة الطبقة السطحية للتربة لخصوبتها مشكلة بيئية معقدة، وأن يعود النشاط الحيوي لها سواء النباتي أو الحيواني أوالميكروبيولوجي، مسألة محكومة بمدى معرفتنا لما يوجد في التربة من ملوثات وإمكانية معالجة هذه المواد، وسنواجه أمرين في غاية الصعوبة والخطورة، أولها أن إمكانيات فحص التربة الملوثة غير قائمة في فلسطين لكثير من المواد التي تأكد من قبل الخبراء وجودها كالمواد المشعة والفسفور الأبيض، وثانيها إن قدراتنا وإمكانياتنا المحلية لا تؤهلنا لترميم أو علاج آثار هذه المواد، سواء الإمكانيات الفنية أو المالية أو اللوجستية، خاصة بعد تدمير المرافق البحثية
والمختبرات العلمية التي كانت تعتمد عليها الوزارة في البحث والتحليل".

وأوضح الوحيدي أن قوات الاحتلال قامت بهذا التدمير الممنهج والمدروس بهدف خلق أزمة مزدوجة تؤدي إلى القتل المباشر وغير المباشر عبر الأمراض والجوع والفقر، مضيفاً " إن المخطط الإسرائيلي يعلم تماماً أن الزراعة تقف وراء فشل محاولات تجويع سكان قطاع غزة، وأنها هي صمام الأمن الغذائي الذي وفر الغذاء للمواطن الفلسطيني رغم الحصار الممتد لسنوات، ومن هنا كان استهداف الزراعة في كل هجوم على قطاع غزة، أما هذه المعركة فقد كانت آثارها أشد خطورة".

واتهم الوحيدي حكومة الاحتلال بشن حرب بيئية مدروسة ومتعمدة، موجهاً رسالة باسم وزارة الزراعة المقالة إلى كل العاملين في مجالات البيئة وسلامة
النظام البيئي وحقوق الإنسان، سواء من المؤسسات الرسمية أو المنظمات غير الحكومية والباحثين الأفراد للحضور إلى غزة والوقوف إلى جانبنا في هذه
المعركة البيئية التي بدأت تدور رحاها الآن في قطاع غزة.