الحكومة تُقِر المسودة الأولى من خطة الإنعاش المبكر وإعادة الإعمار

رام الله- معا- أقرّ مجلس الوزراء في السلطة الوطنية الفلسطينية اليوم المسودة الأولى من خطة الإنعاش المبكر وإعادة الإعمار في غزة، وهي عبارة عن برنامج إنعاش يمتد لفترة عامين ويُنفَّذ بالشراكة مع المجتمع الدولي.

واوضح المجلس في بيان وصل "معا" نسخة عنه انه سوف يتم تقديم هذه الخطة أمام مؤتمر دعم الاقتصاد الفلسطيني وإعادة إعمار قطاع غزة الذي سيُعقد في مصر يوم 2 آذار المقبل، مضيفا ان السلطة الوطنية الفلسطينية دعت الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية لإبداء تعليقاتها على هذه الخطة قبل نشرها.

وأكد رئيس الوزراء د. سلام فياض: "أن الخطة الوطنية الفلسطينية تمثل استجابة عملية لضرورة الإغاثة الفورية لقطاع غزة ومتطلبات إعادة إعماره، فجميع المواطنين متّحدون في مسعاهم لرؤية الإجراءات العاجلة تُنفَّذ لمصلحة أبناء شعبنا الذين شُردوا من منازلهم، أو فقدوا مصادر دخلهم أو حرموا من الخدمات التعليمية وخدمات الرعاية الصحية في قطاع غزة"، مضيفاً ان الخطة تستند إلى أكثر التقديرات شموليةً للدعم الذي يحتاجه أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لإعادة بناء حياتهم واستعادة مصادر دخلهم.

وأعدّت وزارة التخطيط هذه الخطة الوطنية الفلسطينية بعد إجراء مشاورات موسّعة شاركت فيها كافة مؤسسات السلطة الوطنية ذات الصلة، بالاضافة الى المؤسسات الأهلية والدولية العاملة في فلسطين وكذلك إعداد مسح تفصيلي للأضرار التي لحقت بقطاع غزة وللإجراءات الضرورية لإنعاشه.

وأكدت الحكومة بأن الحصار المفروض على قطاع غزة، بالإضافة إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية التي تعرّض فيها القطاع للقصف والاجتياح ألحقت معاناةً كبيرةً بأبناء الشعب الفلسطيني، حيث تشير التقديرات إلى أن الأضرار الجسيمة لحقت بكل جانب من جوانب الحياة في قطاع غزة تقريباً. وخلال العملية العسكرية التي شنّتها قوات الاحتلال الإسرائيلية على القطاع، استشهد ما لا يقل عن 1,374 مواطناً، كما جُرح أربعة أضعاف هذا العدد من المواطنين. كما تسبّبت هذه العملية في تشريد ما يزيد عن 100,000 مواطن وتدمير أكثر من 15,000 منزلاً أو إلحاق الأضرار بها. كما تعرض قطاعات البنية التحتية والخدمات العامة، بما فيها شبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء والمواصلات، إلى أضرار فادحة. وأدى قصف العديد من المؤسسات الحكومية والبلدية والمقار التابعة للأمم المتحدة إلى إعاقة تزويد الخدمات العامة الأساسية للمواطنين في غزة. وفضلاً عما تقدم، ساهم تدمير منشآت الأعمال والمصانع والأراضي الزراعية في انهيار الاقتصاد المحلي بصورة شبه تامة، وأمست الغالبية العظمى من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 1.5 مليون مواطن عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية."

واوضح مجلس الوزراء في بيانه بانه سيتم إضافة التفاصيل الضرورية للخطة الوطنية الفلسطينية لإعادة إعمار قطاع غزة بعد إجراء المزيد من المشاورات مع الشركاء الدوليين في إطار التحضير لمؤتمر القاهرة. وتستند هذه الخطة الوطنية إلى المبادئ التالية:

1) لا ينبغي أن يقتصر هذا البرنامج على إعادة بناء غزة على نحو ما كانت عليه قبل العدوان، بل يجب أن نغتنم هذه الفرصة من أجل بناء مستقبل أفضل لشعبنا في قطاع غزة، والتعامل مع الفقر المزمن والركود الاقتصادي والعزلة التي يعاني منها أفراد شعبنا، بالإضافة إلى إصلاح الأضرار التي لحقت بالقطاع.
2) يجب أن تندرج جهود الإغاثة الإنسانية وجهود إعادة الإعمار ضمن إجراءات التخطيط وإعداد الموازنة التي تديرها السلطة الوطنية الفلسطينية، وذلك كجزء من أجندة بناء الدولة الفلسطينية.
3) يتعين تنفيذ هذا البرنامج بالشراكة مع المجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص.
4) سوف تتعزز فرص نجاح هذا البرنامج إلى حد كبير من خلال بيئة يسودها التوافق، كما يعتمد إنفاذه بصورة أساسية على رفع الحصار وفتح جميع المعابر للسماح بدخول الأشخاص والبضائع بحرية.

وجددت الحكومة تأكيدها أن السلطة الوطنية تضطلع بالمسؤولية عن خدمة أبناء شعبها في قطاع غزة، وذلك على نحو ما كانت تقوم به منذ عام 1993 ضمن نطاق صلاحياتها. فخلال مرحلتيْ الحصار والأزمة التي عصفت بالقطاع، لم تنفكّ السلطة الوطنية الفلسطينية تقدم الدعم لسكانه، حيث بلغت قيمة المبالغ المالية التي حوّلتها إليه من خزينة السلطة الوطنية منذ شهر حزيران 2007 ما يقرب من 2.2 مليار دولار، جاءت على شكل رواتب، ومساندة للحالات الاجتماعية الصعبة، وتسديد لمستحقات الكهرباء والماء والخدمات الأساسية.

واوضحت ان خطة الإنعاش المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة تربط بين الاستجابة الفورية للاحتياجات الإنسانية مع مشاريع الإنعاش المبكر والتدخلات المطلوبة لتحقيق التنمية على المدى الطويل، ويشمل ذلك التدخلات المحددة في خطة الإصلاح والتنمية الفلسطينية، وانه سيتم تعزيز هذه الأهداف من خلال الإنفاق الجاري المستمر من موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية، مؤكدة ان هدفها لا يقتصر على مجرد العودة إلى الوضع قبل شهرين، أو حتى إلى شهر حزيران/يونيو 2007، بل تسعى إلى إحداث تغيير نوعي ودائم في الوضع الاجتماعي والاقتصادي في قطاع غزة.

واشارت الحكومة انها سوف تشارك في إنفاذ جهود الإنعاش المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة كافة المؤسسات الرئيسية في السلطة الوطنية الفلسطينية التي تعمل على جميع مستويات الحكومة وبالتعاون الوثيق مع شركائنا، بمن فيهم الأمم المتحدة بوكالاتها، ومجموعة البنك الدولي، والاتحاد الأوروبي، ومنظمات التنمية الإقليمية، والمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، إلى جانب شركات القطاع الخاص. وفي الوقت الذي ترى فيه السلطة الوطنية الفلسطينية ضرورة الإسراع لمساعدة شعبها على إعادة بناء حياتهم بصورة ناجعة وفي أقصى سرعة ممكنة، فإنها تحمّل إسرائيل المسؤولية عن الإصابات التي أوقعتها في صفوف مواطنيها وعن الأضرار التي خلّفتها من خلال ممارساتها غير القانونية في قطاع غزة.

وفي هذا السياق، ذكر رئيس الوزراء د.فياض:" أن نجاح خطتنا الوطنية يتوقف على فتح جميع المعابر لضمان السماح بدخول الأشخاص والبضائع بحرية كما تنص على ذلك اتفاقية الحركة والعبور لسنة 2005، بالإضافة إلى خلق بيئة سياسية جديدة في قطاع غزة تقوم على أساس من التوافق الوطني، ويجب على الدول المانحة والقطاع الخاص أن يكونوا على ثقة بأن إسرائيل لن تقوم مرة أخرى بتحويل استثماراتهم إلى مجرد أنقاض، وهو ما يستدعي إحراز التقدم نحو التغلب على الانقسام الداخلي الذي تشهده فلسطين".