وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

"بديل" يقدم مذكرة عن التهجير القسري للامم المتحدة

نشر بتاريخ: 03/03/2009 ( آخر تحديث: 03/03/2009 الساعة: 10:03 )
بيت لحم- معا- قدم مركز "بديل" لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين مذكرة عن التهيجر القسري للامم المتحدة اكدت فيها ان الهجمات العسكرية الأخيرة، العشوائية وغير المتناسبة؛ التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة اسفرت عن تشريد قسري جماعي غير مسبوق، وبالرغم من أن العدد الإجمالي للمهجرين الفلسطينيين ما زال غير محدد؛ حيث قدّر مركز الميزان لحقوق الإنسان بأن العدد يزيد عن 90,000 فلسطيني تم تهجيرهم قسرا خلال الأعمال العدائية (ومن ضمنهم أكثر من 50,000 طفل) من بين حوالي 1.5 مليون نسمة؛ هم سكان قطاع غزة الذين معظمهم من اللاجئين الفلسطينيين عام 1948.

وفي ذروة الأعمال العدائية، أدارت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأنروا" ملاجئ طارئة لأكثر من 50,000 من المشردين. فيما لجأ آلاف المهجرين عند عائلات أقربائهم أو أصدقائهم، وبقي العديد من الأشخاص في بيوتهم المتضررة. وحتى الثاني من شباط؛ ظلت ثلاثة ملاجئ تابعة للأنروا مفتوحة وتأوي 388 من الأشخاص المهجرين. وبالرغم من مغادرة معظم الناس لهذه الملاجئ منذ وقف إطلاق النار، إلا أن الآلاف من بينهم ظلوا بدون مأوى.

واوضح مركز "بديل" ان التقرير الأولي لتقصي وتقييم الاحتياجات الملحة للأشخاص المهجرين داخليا/ للمأوى العاجل، وفي المواقع التي شملها المسح (48 من بين 61 موقعا ليست في مخيمات اللاجئين في قطاع غزة)؛ اشار إلى أن حوالي 11,000 أسرة تم تهجيرها، أي أكثر من 71,000 شخص كانوا يقيمون لدى عائلات مضيفة. وعليه، فإن العدد الإجمالي للأشخاص المشردين داخليا لا يزال غير محدد.

وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن "عددا من المناطق، [...] هي أشبه ما تكون بمنطقة قد تعرضت لزلزال قوي – أحياء بكاملها لم يتم التعرف عليها، وبعض المنازل تمت تسويتها تماما بالأرض". ووفقا لتقييم المبادرة المشتركة لتوفير المأوى العاجل/ NFI للمواقع التي تم مسحها؛ فإن هناك 44,306 وحدة سكنية متضررة، إضافة إلى التدمير التام لـ 4,247 مسكنا.

لقد اقترفت إسرائيل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني تصل إلى حد جرائم الحرب، وقد شمل التدمير الواسع النطاق للمنازل وللممتلكات المدنية الأخرى غير المبرر بما يعرف بالضرورة العسكرية، حيث تم القيام بذلك بطريقة غير مشروعة وتعسفية. وان الطبيعة الواسعة النطاق لتدمير الممتلكات المدنية وتشريد المدنيين هما أيضا انتهاك لقواعد التمييز بين المدنيين والمحاربين، والتناسب ما بين الفعل والرد عليه، وخاصة في منطقة ذات كثافة سكانية عالية مثل قطاع غزة.

وعلاوة على ذلك، أسفرت الهجمات العسكرية الإسرائيلية عن تدمير واسع النطاق لمستشفيات، مدارس، جامعات، شبكات المياه والصرف الصحي، محطات توليد الكهرباء، الحمامات الزراعية، مؤسسات تجارية والبنية التحتية والطرق.

اما التهجير القسري، وفقدان سبل العيش وانعدام إمكانية الحصول على الاحتياجات الأساسية جميعا لها إسقاطات سلبية هامة تؤثر على تمتع السكان المدنيين الفلسطينيين بحقوقهم الأساسية. ومما يزيد الوضع تدهورا هو الحصار المتواصل الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، وبخاصة لأنه يحد من وصول المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية اللازمة لتلبية الاحتياجات الإنسانية والتأهيل وإعادة الإعمار.

التهجير القسري في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967:

وبين مركز "بديل" انه لا ينبغي للوضع الحالي في قطاع غزة أن يكون ساترا للتهجير الداخلي القسري، وللسلب المستمر للممتلكات الذي تمارسه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين على امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وقطاع غزة؛ وذلك على أرضية الحظر والتمييز على أساس الانتماء الوطني، العرق (الإثنية)، العنصر، والدين.

وبعيدا عن التهجير الحالي في قطاع غزة؛ تشير التقديرات إلى أن أكثر 115,000 فلسطيني تم تهجيرهم داخليا خلال العقود الأربعة الماضية. وأن الاحتلال طويل المدى، الاستعمار والتمييز العنصري الممنهج والممأسس هي الأسباب الجذرية لهذا التهجير الداخلي القسري للسكان الفلسطينيين الأصليين، وتجريدهم من ممتلكاتهم. وتأتي سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة بهدف تأكيد سيطرتها على أكبر مساحة من الأرض بأقل عدد من السكان الفلسطينيين.

إن التذرع بأمن السكان وبالضرورات العسكرية لا يمكنها تبرير التهجير القسري للسكان الفلسطينيين. إن الترحيل الفردي أو الجماعي للسكان الاصليين في الأراضي المحتلة، وتهجيرهم بشكل تعسفي خلافا لرغباتهم هي أعمال ممنوعة بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، فهذه الممارسات هي انتهاكات خطيرة لمعاهدة جنيف الرابعة وللقانون الدولي العرفي، وخاصة أن ممارستها تتم بطريقة تعسفية وغير مشروعة.

واشار "بديل" الى ان سلطات الاحتلال الإسرائيلية تستخدم الطرق التالية لتحقيق هدفها غير المشروع بشأن تغيير التركيبة الديمغرافية:

1-هدم البيوت: في الفترة الواقعة بين عامي 1967 و 2009 قامت إسرائيل بهدم أكثر من 24,102 بيتا في الأراضي الفلسطينية ومن ضمنها عمليتها العسكرية الأخيرة في غزة، الضفة الغربية والقدس الشرقية. وهناك زيادة ملحوظة في عمليات هدم البيوت والتهجير في محافظة القدس تمت الإشارة إليها مؤخرا من قبل مكتب مفوض الامم المتحدة للشؤون الإنسانية(OCHA)، الأمر الذي يزيد الضغوط على سكان القدس الفلسطينيين لإجبارهم على الرحيل إلى الضفة الغربية.

2.مصادرة الأراضي والاستعمار الاحلالي: تحتل إسرائيل كامل أراضي الضفة الغربية البالغة مساحتها حوالي 5,860 كيلومتر مربع، وصادرت و/أو ضمت بحكم الأمر الواقع أكثر من 3,350 كيلومتر مربع. وقد تم تحويل الأراضي المصادرة من أصحابها الفلسطينيين لاستخدام المستوطنين اليهود، وحصريا من اجل بناء وتوسيع المستوطنات اليهودية غير المشروعة (المستعمرات). ووفقا لمعطيات عام 2008 حسب جهاز الإحصاء المركزي الإسرائيلي؛ فإن حوالي 290,000 مستعمر/ مستوطن يقطنون في 120 مستعمرة "رسمية" وعشرات النقاط الاستيطانية "العشوائية" التي أقيمت في جميع أرجاء الضفة الغربية على مدار 41 عاما. ولكن الإحصاء الرسمي الإسرائيلي لا يعكس واقع ونطاق الطبيعة غير القانونية للنشاطات الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ فأكثر من 30 مستعمرة استيطانية تشتمل منشآت عمرانية كثيفة وذات بنى تحتية أقيمت على أراضي خاصة لمالكين فلسطينيين في الضفة الغربية، ولكنها غير مدرجة في الإحصاءات الرسمية للحكومة الإسرائيلية.

3. نظام الإغلاق، والجدار والنظام المرتبط به: يوجد دليل واضح على وجود تهجير داخلي ناتج عن نقص الوصول للخدمات الضرورية بسبب "نظام الإغلاق"، وبناء الجدار والنظام المرتبط به، والذي يجعل الفلسطينيين، وخاصة أولئك القاطنين في جيوب الأراضي المعزولة، في وضع يتعذر فيه الدفاع عنهم. كما أن حرية الحركة ممنوعة على الفلسطينيين بصورة منهجية من خلال نظام محكم من الحواجز العسكرية الإسرائيلية، ونقاط التفتيش على الطرق، إضافة إلى حقيقة أن الطرق الالتفافية والبنية التحتية للمستعمرات اليهودية تجزئ الأراضي الفلسطينية المحتلة.

4.سياسة الترحيل الهادئ (الترانسفير الصامت): وهذه طريقة إضافية تستخدم من قبل السلطات الإسرائيلية لبلوغ أهدافها الديمغرافية، وبخاصة في القدس الشرقية التي تم ضمها لإسرائيل بطريقة غير قانونية في العام 1967. وبموجب هذه السياسة؛ فإن كل فلسطيني من سكان القدس يعيش خارج المدينة لعدد من السنوات يفقد حقه في السكن في القدس الشرقية، وبالتالي يقوم وزير داخلية إسرائيل بإصدار أوامر لهم تقضي بمغادرتهم لبيوتهم، وذلك خلافا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. فبين عامي 1967 و2007 قامت وزارة داخلية إسرائيل بإلغاء حق الإقامة في القدس الشرقية لـ 8,269 فلسطينيا من سكان القدس الأصليين.

5.عنف المستوطنين واعتداءاتهم على الفلسطينيين: الأعمال العدوانية المنتظمة التي يقوم بها المستوطنون ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، وفي نفس الوقت، غياب أية استجابة فعالة من السلطات الإسرائيلية ذات الصلة لإنفاذ حكم القانون، حيث ينتج عن كلا الأمرين مزيدا من التهجير للفلسطينيين وبصورة رئيسية في المناطق المتاخمة للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وقد تم تسجيل ما مجموعه 523 حادثا متصلا باعتداءات المستوطنين بين شهري كانون ثاني 2007 وتشرين أول 2008. وبموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ فإن إسرائيل تتحمل مسؤولية توفير الحماية والحفاظ على النظام العام وسلامة السكان المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومع ذلك، لا تقوم إسرائيل بتحمل هذه المسؤوليات، فعلى سبيل المثال: 90% من التحقيقات في أعمال العنف والاعتداءات التي يرتكبها المستوطنون يتم إغلاقها بدون تقديم أي لوائح اتهام ضد الفاعلين.

وبالتالي، فإن الاحتلال العسكري الإسرائيلي المديد لا يمكن اعتباره تدبيرا مؤقتا للحفاظ على القانون والنظام في إقليم معين ما بعد نزاع مسلح، بل هو نظام عسكري استبدادي ونظام عنصري لقوة استعمارية تحت غطاء الاحتلال العسكري. ويتضمن هذا النظام أسوأ سمات الفصل العنصري (الأبارتهايد)؛ مثل: تجزئة الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مناطق يهودية وفلسطينية، بناء الجدار والنظام المرتبط به للعزل العنصري؛ نظام الفصل على الطرق، نظام الإغلاق والتصاريح الذي يقيد حرية الحركة على أساس الانتماء القومي، العرقي، العنصري والديني.

وأبعد من كل ذلك، ومع استمرار محدودية استجابة المجموعة الدولية، وفشلها في معالجة الأسباب الجذرية للتهجير أو العمل على منعه بصورة فعالة والرد على عملية التهجير الجبرية المستمرة للفلسطينيين، فان المطلوب هو طرح ومعالجة كل ذلك بالارتباط مع مسائل تنفيذ حق العودة إلى الديار الأصلية، وتأمين استعادة الممتلكات، والتعويض.