وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

اختصاصيون يطالبون بوضع خطة وطنية عاجلة للتعامل مع اثار الحرب

نشر بتاريخ: 05/03/2009 ( آخر تحديث: 05/03/2009 الساعة: 13:41 )
غزة- معا- طالب اختصاصيون في الصحة النفسية وضع خطة وطنية عاجلة وشاملة يشارك فيها القطاعين الرسمي الأهلي لوضع الحلول المبدئية والتدخلات العلاجية للتعامل مع أثار الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة على المستويين النفسي والاجتماعي، وتعزيز التشبيك مع المؤسسات العاملة في قطاع الصحة النفسية لتوحيد الجهد تجاه الخدمات المقدمة للمتضررين من الحرب خاصة فئة النساء والأطفال على وجه التحديد.

كما دعوا الى انهاء الانقسام والضغط باتجاه رفع الحصار لتمكين المؤسسات العاملة في قطاع الصحة النفسية لتنفيذ الخطط الموضوعة والتدخلات اللازمة للحد من أثار الصدمة على المواطنين وتهيئة البيئة والأجواء المناسبة للعمل.

جاء ذلك خلال الندوة التي نظمها طاقم شؤون المرأة في مقره العام في رام الله وعبر الفيديو كونفرانس مع غزة، والتي حملت عنوان "واقع الصحة النفسية للنساء والأطفال في غزة ما بعد العدوان"، بحضور عدد من الاختصاصين في مجال الصحة النفسية وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني والمهتمين.

وافتتحت اللقاء مديرة تحرير صوت النساء لبنى الأشقر مرحبة بالحضور ثم أشارت الى أن هذه الندوة تأتي في سياق الندوات التي دأب الطاقم على تنظيمها خاصة في مجال القضايا التي تهم الأسرة والطفل والتي تنطلق من الاهتمامات الخاصة التي يوليها الطاقم لهذه الفئات الهامة في المجتمع، موضحة أن الندوة تتضمن محورين أساسيين وهما تسليط الضوء على واقع الصحة النفسية للنساء والاطفال في غزة ما بعد العدوان، وعلى ضوء النتائج ما هي التدخلات المطلوبة؟ وتأثير واقع الصحة النفسية على النساء والاطفال على المدى البعيد اقتصاديا واجتماعيا.

وتحدثت الاختصاصية النفسية خولة الأزرق عن الاثار المدمرة الكبيرة التي خلفتها الحرب الأخيرة على قطاع غزة والذي خرجت عن المألوف في جميع تداعايتها على كل الصعد وما تركته من قصص مؤلمة مست جميع قطاعات الحياة وفئات الشعب الأمر الذي يستدعي تطوير التدخلات المطلوبة من قبل جميع المؤسسات التي تعمل في قطاع الصحة النفسية بشأن تقديم المعونة النفسية.

وأشارت الى ضرورة تسليط الضوء على الاثار بعيدة المدى لهذه الحرب على شريحة النساء والأطفال على المستويين النفسي والاجتماعي.

من جانبها عرضت الاختصاصية راوية حمام من برنامج غزة للصحة النفسية نتائج الدراسة الأولى التي أجراها البرنامج لدراسة اثار الحرب على الصحة النفسية للوالدين والتي شملت عينة عشوائية بلغت 141 من مناطق مختلفة حيث أشارت في دراستها أنه بلغ متوسط التعرض للأحداث الصادمة التي تعرض لها الوالدين حوالي 14 حدث صادم لكل فرد وقد لوحظ أن أكثر حدث تعرض له الوالدين هو سماع صوت القصف التي بلغت نسبتهم 97,2% مقابل 95% للذين شاهدوا أثار القصف على القطاع.

وأشارت إلى أن نسبة تعرض الذكور للحدث الصادم أقل من نسبة تعرض الأناث حيث بلغت الأولى 95% مقابل 98% للاناث، فيما بينت الدراسة أن ما نسبته 97,2% من الوالدين لم يشعروا بالأمان داخل بيوتهم خلال الحرب وأن 94,2% منهم غير قادرين على حماية ذويهم خلال الحرب وأن غالبية الفئة المبحوثة فقدت الشعور بالأمان وشعروا بالعجز.

وفيما يتعلق بردود الفعل النفسية أظهرت الدراسة أن 54% من الفئة المبحوثة انتابتهم مشاعر وذكريات وأفكار أليمة عن الحرب فيما تخوف أكثر من 46% من تكرار الحرب مرة أخرى، فيما عبر 65,1% من المبحوثين عن خوفهم من الاصابة بمرض خطير.

وعلى صعيد الخبرات الصادمة لدى الأطفال بلغت نسبة سماع الأصوات الناجمة عن القصف 92,1% وأن الغالبية العظمى من الأطفال لم يشعروا بالأمان داخل بيوتهم حيث وصلت نسبتهم الى 97,2% وأن 95,6% من الأطفال غير قادرين على حماية أنفسهم خلال الحرب فيما كانت أعراض الاكتئاب أكثر شيوعا لدى الأطفال والتي تمثلت في الأحلام المزعجة ، حيث سجلت نسبتها 34,1% و27,5% لديهم الرغبة في البكاء و39,5 % الحياة لا تساوى شيئا لديهم فيما سجلت أعراض القلق ما بعد الحرب ما نسبته 80,5% والقلق حيال المستقبل.

فيما تحدث حسن زيادة مدير مركز غزة للصحة النفسية في ورقته التي تمحورت حول التدخلات النفسية والاجتماعية على المدى البعيد على النساء والأطفال أشار فيها الى ضرورة التدخل والتعامل مع الازمة النفسية بواقع ديناميكي وتفاعلي على المستوييين الفردي والجماعي مشيرا أن الحرب جاءت في سياق سلسلة من الأزمات التي تعرض لها الشعب الفلسطيني وحلقة متواصلة بدايتها كانت الحصار الشديد مرورا بالانقسام وانتهاء بالحرب.

وتابع أن هذه الأوضاع مجتمعة خلقت تداعيات نفسية شديدة ومعاناة واضحة حيث كانت قضية الشعور بالعجز السمة الأساسية لهذه السلسلة المتتالية من الازمات مؤكدا أنه لايمكن فصل الانقسام السياسي وتأثيره على الناحية النفسية والهوية الذاتية للانسان الفلسطيني.

ولفت زيادة أن الحرب جاءت على مجتمع منهك ومستنزف ومنقسم واختلفت نتائجها وتبعاتها كما ونوعا لأى حدث سابق في تاريخ الشعب الفلسطيني مؤكدا أن الصحة النفسية تتأثر بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

وتطرق الى المخاطر المترتبة على حالة الشعور بالعجز وانعدام الدافعية والتاثير على الحالة المزاجية للناس وقضية التفكير الابداعي موضحا ان جزءا كبيرا من الشعور بالعجر له علاقة بالانقسام وفاق تأثيره تأثير الاحتلال.

وتطرق زيادة الى الى وجود حالات صدمة شديدة جراء الفقدان سواء الأشخاص أو الممتلكات نظرا للارتباط الانفعالي والوجداني منبها أن اعاقة حالة الحداد لدى المتعرض للأزمة نتيجة مفاهيم وطرق تدخل أسرية ونفسية سوف يؤدى الى أرتفاع مستويات الكابة وسوف يعبر عن الصدمة في المجتمع الفلسطيني بشكل مختلف عن الاخرين.

وعبر زيادة عن خشيته من بروز أعرض جسدية للصدمة النفسية وما يتبعها من تشخيص خاطئ للمتوجهين لمراكز الرعاية الاولية وما يترتب على ذلك من علاجات قد تزيد من الخطورة وتؤدى الى ادمان نوع من المهدئات.

ونبه زيادة من حدوث أزمة اختزال الهوية ومكوناتها لدى الطفل الفلسطيني وتحولها لقضايا ضيقة تجعله يميل للتعصب والعنف وعدم تقبل الاخر لافتا أن الاثار النفسية والاجتماعية للحرب في المجتمع الفلسطيني غالبا ما يدفع ثمنها الأطفال والنساء.