وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كتب المحرر السياسي: عن الحوار وليال عشر... و"شعبولاّ"..!!

نشر بتاريخ: 26/03/2009 ( آخر تحديث: 28/03/2009 الساعة: 19:44 )
بيت لحم- معا- كتب ابراهيم ملحم- بعد عشر ليال من جلسات، ماراثونية تخللتها،حوارات،ومشادات، ومشاجرات،ونكات، وضحكات ،رفعت اقلام الحوار ... ولكن عن زرع لم يعجب الزراع شطؤه ...زرع لا يطعم من جوع، ولا يأمن من خوف قادم الايام.

ولعل اكثر ما يسجل للحوار ،طيلة لياليه العشر ،هو تمكن الراعي المصري، بدبلوماسيته الناعمة ،والحازمة، من حمل الفرقاء على اللقاء، بعد ان ظنوا كل الظن الا تلاقيا!.

وبعيدا عن الصياغات الانشائية، او الاسقاطات الرغائبية، للامال،والتمنيات،فان قراءة واقيعة معمقة، وامينة، لطحن الحوار في طواحين اللجان الخمس، التي عملت اناء الليل، واطراف النهار ،طيلة ليال عشر من الشد، والجذب،تكشف عن تواضع الانجاز، وهشاشته، بعد ان بلغ الحوار عنق الزجاجة ،الامر الذي من شانه ان يضاعف من صعوبة المهمة القادمة ،امام الراعي المصري، وهو يستعد لولوج الجولة الثالثة من الحوار ،وسط تضاريس صعبة، ونتوءات حادة في مجاهل حوار طويلة ،قد لا يلوح الضوء في نهايتها.

ورغم التفاؤل الذي يبديه المتحاورون، بامكانية اجتياز العقبات الاربع المتبقية في طريق الحوار، وهي برنامج الحكومة ومرجعيتها، وقانون الانتخابات، ومنظمة التحرير، والملف الامني ،فان ما يرشح من انباء حول نتائج زيارة مدير المخابرات المصرية للعاصمة الامريكية ، لا توحي بامكانية اجتياز العقبة الاهم وهي التزام الحكومة القادمة بالاتفاقيات الموقعة، لا احترامها فقط، كما تصر حماس، وهو ما يعني ان الجولة القادمة من الحوار، ستصطدم بجدار مسدود، يتطلب اجتراح صيغة ابداعية لتجاوزه.

وتدعو المصارحة الى القول انه وبعد ان تنازلت فتح عن كافة اشتراطاتها السابقة ،لبدء الحوار ، فان حركة حماس باتت مطالبة اكثر من غيرها من الفصائل بتقديم مقاربات،لجسر الفجوات الواسعة ،التي احدثتها سيطرتها، بالقوة المسلحة على غزة منذ حزيران 2007 ،وقيامها بالغاء اي وجود للسلطة هناك.

فاهلنا في القطاع الحبيب،الذين يكابدون نزف الجراح ،والام الفقد ،واليتم ،وفقدان الاهل، والبيت، والزرع ،والضرع ،جراء حرب الاسابيع الثلاث التي روعت قلوبهم، وخطفت احبتهم ،وهدمت بيوتهم ولسان حالهم يقول " انما ياكل الذئب من الغنم القاصية" ،يستحقون منا جميعا ،ان نصدع لوجيب قلوبهم، ووجع معاناتهم ،لنبلسم جرحهم، ونكفكف دمعهم، ونفرج بعون الله كربهم.

وحتى موعد انطلاق الجولة الثالثة من الحوار الوطني ، ليس امامنا الا ان نمني النفس بنجاح المتحاورين ،في اقتحام اخر العقبات ،وطي صفحة الانقسام المؤلمة متسلحين بالنوايا الطيبة التي عكستها تصريحات السيد الرئيس محمود عباس ،التي بدا فيها متفائلا ببلوغ الحوار نهايته المرجوة ،عندما اشار الى ان الجولة القادمة ستكون للاتفاق ،بعد ان كانت سابقتها استطلاعية، وهو ما يتطلب من حركة حماس تليين مواقفها،حيال القضايا موضع الخلاف، ولا سيما قانون الانتخابات ،التي خرجت الحركة من صندوق الاقتراع بموجبه، وكذلك برنامج الحكومة الذي، من شانه ان يزيل العقبات الدولية من طريق الحكومة ، مع حق الحركة بالاحتفاظ بمواقفها ،من تلك الالتزامات شانها شان الفصائل الاخرى.

ولعل من طريف ما تسرب من جلسات الحوار ، ان نقاشا اشتعل بين ممثلي حركتي فتح وحماس، حول تشكيل لجنة تكون اطارا قياديا مؤقتا لمنظمة التحرير، يتولى مهمة الاشراف المؤقت على تنفيذ ما سيتم التوصل اليه حتى موعد اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية مطلع العام القادم ، حسب ما تراه حماس ،وبينما اطلق ممثلو الحركة عليه اسم " اطارقيادي مؤقت للشعب لفلسطيني" وهو ما رفضه ممثلو حركة فتح باعتباره يهدد وحدانية التمثيل لمنظمة التحرير،فقد تدخل الوسطاء في محاولة لجسر الفجوة بصيغة تقول ان يكون اطارا مؤقتا لـ"شعبنا "بدل عبارة " الشعب الفلسطيني" وهنا تدخل ابو علاء، المعروف بدهائه وسرعة بديهته ، قائلا: اقترح صيغة بديلة نستبدل بها "الشعب الفلسطيني" و"شعبنا" بـ "شعبولا"! وهو اسم الدلع للفنان الشعبي المصري شعبان عبد الرحيم.. وهنا انفجر المتحاورون بالضحك.

وعلى طريقة الوسطاء الذين اضحكوا "داهية المفاوضات" ابو علاء او "عتريس المفاوضات " كما وصفه الزميل الصحفي الكبير حسن البطل ، فهل يمكن ان يكون مصطلح " احتــــــــــــــــــزام "!!! الاتفاقات السابقة مخرجا لغويا مقبولا يجسر الخلاف حول مصطلحي "الاحترام" و"الالتزام".