وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

في يوم الارض-د.فياض يدعو للتوحد ومواصلة النضال لانقاذ المشروع الوطني

نشر بتاريخ: 25/03/2009 ( آخر تحديث: 26/03/2009 الساعة: 09:43 )
رام الله - معا - دعا رئيس الوزراء د.فياض في كلمة له بمناسبة يوم الأرض في مهرجان مواجهة الاستيطان والجدار ومصادرة الأراضي الى ضرورة التوحد والنضال والمثابرة لمواجهة المخاطر التي تحدق بالقضية الفلسطينية، وما تتعرض له من مواصلة الاستيطان وتمزيق الارض وسرقة المياه وهدم البيوت وتهجير الفلسطينيين .

كما تحدث الدكتور فياض عن اليات العمل الوطني وضرورة تكاتف كل الجهود بدءا من راس الهرم مرورا بالمؤسسات واللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان والتمسك بالارض .

كما طالب فياض بوضع حد لما يسمى بالمناطق الفلسطينية المصتفة "ج" كي يتمكن الفلسطينيون من تطوير حياتهم ومناطقهم العمرانية، وبناء مشاريعهم الاقتصادية والإنتاجية والسياحية والزراعية وحتى التعليمية والصحية.

وقال فياض ان إستراتيجية عمل السلطة الوطنية انطلقت من مدخل استعادة وفرض الأمن والنظام العام حتى يكون الشعب اكثر قدرة على مواجهة الاستيطان والجدار اضافة الى حكومة تعمل على تحقيق الإصلاح وتوفير الفرص المتكافئة، وتوقف هدر المال العام، وتواصل بناء وتقوية مؤسساتها لخدمة المواطنين ورعاية مصالحهم، وتلبية احتياجاتهم، ستعطي الأمل لشعبها وتعيد له الثقة بمشروعه الوطني.

واضاف: ان ثبات الشعب بحاجة لاعادة وحدة الوطن وليس الفئوية الضيقة في إطار الإقرار بوحدانية السلطة الوطنية، وليس تقاسمها، والقبول بها بيتاً للجميع وعنواناً نضالياً مرحلياً لشعبنا في إطار المرجعية الوطنية العليا التي تمثلها منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وقائدة نضاله نحو الحرية والاستقلال، وكذلك إقرار الجميع، وعلى هذا الأساس، بمنع أي شكل من أشكال ازدواجية السلطة أو التعددية الأمنية في إطارها.

واضاف": أن هذين الأمرين يشكلان أساساً لا يمكن القفز عنه في معالجة الانقسام والأزمة الداخلية وتداعياتهما بما يضمن وحدة الوطن والنظام السياسي وحمايتهما.

وفيما يلي النص الكامل لكلمة الدكتور فياض:

الأخـوات والأخـوة أهالي المعصرة، و ريف بيت لحم ،
بنات وأبناء شعبنا حماة الأرض والمشروع الوطني،
صناع مستقبل فلسطين نحو فجر الحرية
وبناة دولة الاستقلال

اسمحوا لي في البداية، وبمناسبة احياء شعبنا لذكرى يوم الأرض الخالد، أن أنقل لكم ومن خلالكم لكل أبناء شعبنا في الوطن والشتات تحيات الأخ الرئيس أبو مازن وتقديره العالي للجهود والدور الوطني الهام الذي تقومون به، وأن اشد على أيديكم جميعاً، وأنتم تواجهون مخططات الاستيطان، وتحملون رسالة الشعب الفلسطيني وتؤكدون إرادته، التي لا تلين، لاسترداد حقوقه كما عرفتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حقه في الحرية وتقرير المصير والعودة، وإبراز رسالة الحق والعدل والصمود، في مواجهة الجرافات ومخططات الاستيطان ومصادرة الأرض.

لقد تحول يوم الأرض، وبفضل كفاحكم المتواصل الذي تقوده في الميدان لجانكم الشعبية لمواجهة الجدار والاستيطان ، ومصادرة الأراضي ، وهدم وتدمير المنازل ومصادر الرزق، تحول وأصبح عملاً يومياً مثابراً، وليس مجرد مناسبة سنوية رمزية، يؤكد فيها شعبنا تمكسه بأرضه وإصراره العنيد والمشروع للتمسك بها والدفاع عنها.

واسمحوا لي هنا وفي هذه المناسبة أن أتوجه بالتحية إلى صنّاع يوم الأرض الخالد في الجليل والمثلث والنقب، وإلى شهداء يوم الأرض، وكل الشهداء الذين سقطوا وهم يدافعون عن أرضهم وحق شعبهم في البقاء والحياة والحرية والاستقلال، وفي مقدمتهم الرئيس الراحل أبو عمار.

نعم أيها الأخـوات والأخـوة،
إن تصميم شعبنا على حماية أرضه والدفاع عنها على طريق نيل الحرية والاستقلال وانهاء الاحتلال، لم يتراجع ولن يتراجع. وإن صلابة وإرادة أهالي المعصرة، وسلوان، وشعفاط، كما أهالي بلعين ونعلين، وقفين، وعزون عتمه، والعقبة، وسلفيت، وقلقيلية، ونحالين، لن تضعف ولن تستكين. وإن ثقة شعبنا في استرداد حقوقه، وبناء مستقبله ودولته المستقلة لا يمكن أن تزعزعها أصوات البلدوزرات، ولا همجية الاستيطان أو إرهاب المستوطنين.

فما تقدمونه من نموذج، يمثل في الواقع رواية شعب تجذر في أرضه، واستخلص دروس وعبر التجارب القاسية في الطريق نحو الحرية، مؤكدين للعالم بأسره أن هذا وطننا، ولا وطن لنا سواه، ومؤكدين أيضاً إلتزامنا بكل ما يتطلبه ذلك من تضحيات وصمود ومثابرة.

عندما نلتقي اليوم ونتحدث عن صمود أهالي المعصرة وأم سلمونة، والخضر، وواد رحال، وحوسان، وبتير، وأرطاس، والجبعة، وبيت فجار، ونحالين، وواد النيص، وواد فوكين، والولجة، والعبيدية، وهندازة، وعرب الرشايدة، وجيب الذيب، والخاص والنعمان، وبيت اسكاريا، وغيرها من قرى وبلدات وخرب بيت لحم... فإننا نتحدث عن صمود أبناء شعبنا في كل مدينة وقرية ومخيم وخربة بل وكل شبر من بلادنا... وهم يؤكدون يومياً إرداة الحياة في مواجهة الموت... ارداة البناء في مواجهة الهدم والتدمير.. إرادة الصمود في مواجهة الاقتلاع والتهجير ... ارداة البقاء والثبات على الارض في مواجهة مخططات المصادرة والاستيطان والجدار... ارداة الحرية والإنعتاق في مواجهة الحصار والاحتلال...

عندما نتحدث عن ذلك كله، فإننا نتحدث عن حكايات البطولة ورواية الصمود التي يسطرها الأبطال الحقيقيون من أبناء شعبنا، في عزون عتمة، تلك البلدة الصامدة والمتجذرة بأهلها وزيتونها رغم عتمة الجدران، والتي سبق وقلنا فيها " إن أصغر زيتونة في عزون عتمة هي اقدم وأعتق وأكثر تجذراً من الجدار، ومن أكبر مستوطنة تقتل حياة ومستقبل أبنائنا".

نعم أيها الأخوات والأخوة، ونحن نتحدث عن المعصرة وأم سلمونة وبلعين، وغيرها، فاننا نتحدث عن عشرات المبادرات وآلاف المبادرين المنخرطين في لجان الدفاع عن الأرض في قرى اللطرون، وبيت سوريك، والنبي صموئيل، والجيب، وسلوان، وشعفاط، والشيخ جراح، وبدو، والعيسوية، وأبو ديس، نتحدث عن صمود أهالي العقبة ومسحة، وسلفيت، ودير بلوط، والحديدية، والجفتلك، وكل قرى وخرب الأغوار التي لن تكون إلا جزءاً لا يتجزأ من أرضنا وفي حدود دولتنا المستقلة. نتحدث كذلك عن دير حطب ونعلين، نتحدث عن أماتين، ومردا، والزاوية، وفرعون، ودير الغصون، والنزلات، ومسافر يطا، وبيت أمر، والظاهرية، وعن صمود شعبنا ومعاناته في جباليا، وبيت حانون، وغزة هاشم، وفي بيت لاهيا، وخانيونس، ورفح، ودير البلح، كما في الخليل، وجنين، ونابلس، وطولكرم، وقلقيلية، وأريحا، وطوباس، سلفيت، ويعبد، وقباطية، وبديا، وفي القلب منها القدس زهرة المدائن، وعاصمة العواصم... نتحدث عن كل قرية وخربة في وطننا، حيث يسطر أهلها بصمودهم ورفضهم للجدار والاستيطان، والحصار والعدوان إصرار شعبنا على الخلاص من نير الاحتلال، ونيل الحرية والاستقلال والكرامة والازدهار.

الأخـوات والأخـوة
إن يوم الأرض لهذا العام، يكتسب أهمية خاصة واستثنائية، تتطلب منا جميعاً التوقف بمسؤولية وطنية عالية أمام ما يتعرض له مشروعنا الوطني من مخاطر، وما تواجهه أرضنا، ومدننا، وقرانا، وبلداتنا، من هجوم استيطاني غير مسبوق.

إن هذه الهجمة الاستيطانية تظهر، وبجلاء، أن اسرائيل تسعى وفي سباق مع الزمن لاستثمار حالة الانقسام لحسم مصير أراضي الضفة الغربية، وخاصة في القدس الشرقية لصالحها، الأمر الذي يستدعي منا توحيد كل الجهود وتحمل مسؤولياتنا التاريخية في إطار من تكامل الجهد الرسمي والشعبي لإفشال هذه الهجمة الاستيطانية، ومنع اسرائيل من تحقيق أهدافها.

إن ما تقوم به اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان، ومعها المجالس القروية في سائر أرياف الضفة الغربية، وكافة الجهات والأطر والهيئات والمؤسسات الأهلية، والحملات الشعبية والوطنية للدفاع عن الأرض، ومن خلال الالتفاف الشعبي حولها والانخراط في فعالياتها ومبادراتها الجماهيرية، استحق وبكل جدارة اهتمام العالم ودعمه، ومكَّن من توسيع نطاق التأييد الدولي لعدالة قضيتنا، وحقنا في الدفاع عن أرضنا. إن هذا الأمر يتطلب العمل على مزيد من تعزيز وتوحيد هذه الجهود والمبادرات، وبما يساهم في تعميم التجارب والنماذج الناجحة التي تحققت في العديد من المناطق، وبما يمكن في نفس الوقت من بناء استراتيجية شاملة تعزز المبادرات المحلية والميدانية التي تعتبر الركيزة الأساسية في هذا العمل الهام،ومضامينه التطوعية والتعاونية.

ان النجاح في افشال الهجمة الاستيطانية يتطلب كذلك تحقيق المزيد من التكامل في الدور بين مؤسسات السلطة الوطنية، والمؤسسات الأهلية الناشطة في هذا المجال لتحقيق المزيد من دعم صمود المواطنين وتثبيتهم على أرضهم، وتوفير الامكانيات اللازمة لتطوير مبادراتهم.

إننا أيها الأخوات والأخوة ننظر بأهمية قصوى، وتقدير كبير للعمل الشعبي الذي تقومون به، ونرى فيه فعلاً مكملاً لإستراتيجية عمل السلطة الوطنية بسائر مؤسساتها. إن برنامج "الألف مشروع" للتنمية المجتمعية ودعم الصمود، والذي تجاوز هذا العدد، يشكل أحد أهم أولويات عمل السلطة الوطنية. وان آلية المشاركة في تحديد أولويات واهتمامات واحتياجات المواطنين والمجتمع المحلي في مختلف المناطق، تعبر عن قفزة نوعية في وسائل المشاركة الديمقراطية، وآليات صنع القرار على المستويين الشعبي والمحلي، وبالتالي المشاركة في الحكم نفسه. وفي هذه المناسبة، أود أن أعلن أمامكم أن السلطة الوطنية تمكنت من دمج هذه الاحتياجات والمشاريع التنموية في إطار الخطة الوطنية للاصلاح والتنمية للأعوام (2008-2010). وأغتنم هذه الفرصة لأتوجه من خلالكم إلى كافة المجالس القروية والبلدية واللجان الشعبية في سائر المحافظات لبلورة احتياجاتها من المشاريع التنموية وفق الأولويات التي تقررونها، حتى تتمكن السلطة الوطنية ومؤسساتها من التعامل معها ومتابعة تنفيذها.

الأخـوات والأخـوة:
ان ما تقوم به اسرائيل في تركيز استهدافها لمدينة القدس هذه الأيام، وتسريع محاولات تغيير طابعها العمراني والجغرافي والسكاني، يضع القدس وعروبتها ومكانتها في دائرة الخطر الحقيقي. فالاعلان عن اخطارات هدم مئات المنازل في مختلف أحياء المدينة، ومواصلة المشاريع والأنشطة الاستيطانية، والتلويح بتنفيذ مشروع (E1) الاستيطاني الاستراتيجي، تشكل محاولة لحسم مستقبل المدينة وتفريغها من سكانها الأصليين، وعزلها بالكامل عن باقي مناطق الضفة الغربية، ومنع إمكانية قيام دولة فلسطينية بما ينسجم وطموحات شعبنا كما جسدتها مبادرة السلام الفلسطينية لعام 1988. وفي هذا المجال، فإننا نؤكد إصرار شعبنا على الدفاع عن مدينة القدس وعروبتها. وإن القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الأخ الرئيس أبو مازن، تقف وبصلابة مع شعبها لإفشال هذه المخططات.

وهنا فأنني أعلن أمامكم أن محاولات فرض الأمر الواقع على القدس وأهلها، وكل ما قيل أو سيقال حولها، لن يغير من حقيقة أن القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1967، وفقاً للقانون الدولي، وقرارت الشرعية الدولية. وسيظل دحر الاحتلال عنها شرطاً أساسياً لصنع السلام في هذه المنطقة، لتكون دوماً عاصمة أبدية لدولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة. وكما أكد الأخ الرئيس أبو مازن في إنطلاق احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية، فإن القدس ستظل درة التاج وعنوان العدل والسلام الذي تحتاجه الأرض المقدسة والمعذبة. وإن هذا العدل لن يعود إلا بقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وستظل القدس مفتاح السلام والعدل في منطقتنا .

الأخـوات والأخـوة
إن احياء ذكرى يوم الأرض، يأتي في لحظة بالغة الأهمية نقف فيها، ومعنا كل الشعوب والدول المحبة للعدل والسلام في العالم، كي نضع المجتمع الدولي أمام حقيقة ما يجري، من توسع استيطاني يتناقض مع القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، ومع الجهود المبذولة لاحياء عملية السلام، وحماية مستقبل حل الدولتين على حدود عام 1967، والذي يتعرض لخطر حقيقي يضع مستقبل هذا الحل أمام مصير مجهول، وما يفرضه ذلك على الجميع من ضرورة تحمل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية إزاء هذه المخاطر. فهل يعتقدون أن فرض دولة الجدار ومحاولات تهويد القدس وعزلها ستدفع بشعبنا للرحيل عن أرضه، أو التخلي عن حقوقه؟! عليهم أن يدركوا أن شعبنا الفلسطيني استخلص العبر، وتعلم الدرس. وإن يوم الأرض لهذا العام، هو عام الأرض بكل أيامه، وهو عام الدفاع عن القدس وعروبتها لتكون عاصمة أبدية لدولة فلسطين، كما هي عاصمة للثقافة العربية وللحضارة الانسانية برمتها، و كما كان يحلو لأبوعمار أن يردد دوما، سيرفع شبل من اشبالنا أو زهرة من زهراتنا علم فلسطين فوق أسوار القدس وكنائسها ومآذنها.

إن إنقاذ حل الدولتين مما يتعرض له من خطر، ومستقبل الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة برمتها، يتطلب التحرك الفوري لإلزام الحكومة الاسرائيلية الجديدة أولاً وقبل كل شيء، باعلان موقف واضح غير قابل للتأويل بقبول حل الدولتين على حدود عام 1967، وكذلك الزامها بالوقف الشامل لأنشطتها الاستيطانية وفق مفهوم ميتشيل الذي تضمنته خطة خارطة الطريق، ووقف الاجتياحات لأراضي السلطة الوطنية، بما يعنيه وقف استباحة هذه المناطق، ووقف استباحة دور السلطة الوطنية وتقويض مكانتها. ان تنفيذ هذين الأمرين يشكل المدخل الضروري لنجاح أية جهود لاحياء العملية السياسية، وبما يفضي إلى انهاء الاحتلال. هذا بالاضافة إلى ضرورة تنفيذ اتفاقية المعابر لعام 2005، بكل مكوناتها، وخاصة رفع الحصار عن قطاع غزة، وتشغيل الممر الآمن بينه وبين الضفة الغربية، لضمان حماية وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، والحفاظ على إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة مترابطة كاملة السيادة.

الأخوات والأخوة،
إذ يحيي شعبنا في هذه الأيام ذكرى يوم الأرض، وذكرى معركة الكرامة، فإنه سيحتفل غداً باليوم العالمي للمياه.. وهو لا يزال محروماً من حقوقه الطبيعية بمياهه بفعل السيطرة الإسرائيلية على مصادرها، واستغلالها بصورة غير عادلة على الإطلاق. ففي الوقت الذي تنهب فيه مياهنا ويُحرم شعبنا من مياه الشرب، تقام على أرضه المستوطنات وبرك السباحة في بيوت المستوطنين... لقد آن الأوان لذلك أن يتوقف ، كما آن الأوان لوضع حد لما يسمى بالمنطقة (ج)، والتي يحرم الاحتلال أبناء شعبنا بموجب تصنيفها هذا من تطوير حياتهم ومناطقهم العمرانية، وبناء مشاريعهم الاقتصادية والإنتاجية والسياحية والزراعية وحتى التعليمية والصحية. لقد آن الأوان لأهالي الأغوار أن يستغلوا أراضيهم، ويشربوا مياهم، وأن يشيدوا المدارس لأبنائهم، كما آن الأوان لخربة جبارة أن تبني مدرسة لأطفالها، وللمزارعين في كل مكان أن يمارسوا حقهم في زراعة أرضهم دون تصاريح أو جدران أو بوابات.

الأخـوات والأخـوة،
إن ما تقوم به السلطة الوطنية في متابعة فتوى لاهاي، وما يترتب عليها من التزامات على الأطراف الثالثة، بدأ يؤتى ثماره الأولى. وهنا فإنني أحيي بإسمكم إعلان الحكومة البريطانية عن وقف المعاملة التفضيلية لمنتوجات المستوطنات، وإلغاء استئجار مقر سفارتها في تل أبيب كون مالكه من المستثمرين في الاستيطان. وندعو لأن يكون ذلك بداية لموقف أوروبي شامل عملي وملموس من أجل وضع حد للاستيطان، وإعطاء الأمل لشعبنا بنهاية قريبة للاحتلال. ونأمل أن يتم ترسيم هذا الموقف على الصعيد الدولي، وبما يمكن من تفعيل دور اللجنة الرباعية وتأكيد مصداقية ونزاهة دورها في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ووضع حد للاستيطان وللاحتلال برمته، كي يعم بذلك السلام العادل والأمن والاستقرار في هذه المنطقة.

الأخـوات والأخـوة،

لقد انطلقت إستراتيجية عمل السلطة الوطنية من مدخل استعادة وفرض الأمن والنظام العام. فشعب يتمتع بالشعور بالأمن والاستقرار، سيكون أكثر قدرة على مواجهة الاستيطان والجدار...، وشعب يتمتع بالاستقرار والإنتعاش الاقتصادي بما يحد من الفقر والبطالة سيكون أكثر قدرة على الثبات وأكثر ثقة بالمستقبل. وحكومة تعمل على تحقيق الإصلاح وتوفير الفرص المتكافئة، وتوقف هدر المال العام، وتواصل بناء وتقوية مؤسساتها لخدمة المواطنين ورعاية مصالحهم، وتلبية احتياجاتهم، ستعطي الأمل لشعبها وتعيد له الثقة بمشروعه الوطني. كما أن إنهاء الانقسام ومنع الانفصال، وإعادة الوحدة للوطن، ستوحد لشعبنا طاقاته في مواجهة التحدي الأكبر المتمثل بالاحتلال. وستمكن السلطة الوطنية من تنفيذ خططها وبرامجها لإعمار ما دمره العدوان على قطاع غزة، والتي اعتمدها المؤتمر الدولي لتنشيط الاقتصاد الفلسطيني واعمار قطاع غزة في شرم الشيخ بداية هذا الشهر.

إن ما تحققه السلطة، أيها الأخوات والأخوة، من انجازات لم يكن ليتحقق لولا وعي شعبنا، والتفافه حول مشروعه الوطني، ولولا حاجته الماسة للأمن بديلاً عن الفوضى،... وللإصلاح بديلاً عن الفساد،... وللمشاريع التنموية ودعم الصمود بديلاً عن هدر المال العام،... والنهوض بالتعليم والصحة بديلاً عن الجهل و التجهيل والمرض والتخلف...، والانفتاح على العالم مسلحين بعدالة قضيتنا وثقة شعبنا بمستقبله، بديلاً عن الانغلاق والعزلة. ونحن إذ نراكم هذه الانجازات، فإننا مصرون على مواصلة هذا الطريق، يحذونا الأمل والثقة بتكريس هذا المنهج نموذجاً ومنهجاً لترسيخ سيادة القانون، وحكم المؤسسات، والفصل بين السلطات وحماية التعددية السياسية في إطار السلطة الواحدة ... على طريق بناء الدولة المستقلة كاملة السيادة... دولة يفخر ويفاخر بها كل أبنائها.


الأخـوات والأخـوة،

وحتى نواصل هذا النهج بثبات ونجاح، فنحن بحاجة لإعادة الوحدة للوطن، في إطار الإقرار بوحدانية السلطة الوطنية، وليس تقاسمها، والقبول بها بيتاً للجميع وعنواناً نضالياً مرحلياً لشعبنا في إطار المرجعية الوطنية العليا التي تمثلها منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وقائدة نضاله نحو الحرية والاستقلال، وكذلك إقرار الجميع، وعلى هذا الأساس، بمنع أي شكل من أشكال ازدواجية السلطة أو التعددية الأمنية في إطارها. أن هذين الأمرين يشكلان أساساً لا يمكن القفز عنه في معالجة الانقسام والأزمة الداخلية وتداعياتهما بما يضمن وحدة الوطن والنظام السياسي وحمايتهما.

هذا هو، أيها الأخوات والأخوة، طريق حماية المشروع الوطني، وليس الفئوية الضيقة، ... هذا هو طريق تصليب الجبهة الداخلية، وليس تمزيقها، ... هذا هو طريق تعزيز الصمود والثقة بالمستقبل، وليس زرع الانقسام والإحباط،... هذا هو طريق انجاز حقوق شعبنا الثابتة، وليس مجرد التغني بها.

أقول هذا من وحي وخلاصة تجربتنا المريرة ولكن الغنية. فلم يعد هناك متسع لمزيد من الجدل المطلق المجرد.. الذي لن يقدم وكما أكدت في أكثر من مناسبة حلولاً لما يواجهه شعبنا من صعوبات ومخاطر.

فماذا يقدم هذا الجدل لمزارع يمنعه الجدار من الوصول لأرضه، أو لمريض تفتك الحواجز بحياته، أو لطفلة يحول الجدار وبواباته دون وصولها لمدرستها. ومرة أخرى والأهم ماذا يقدم كل هذا الجدل لعائلة عبد ربه والسموني وآلاف العائلات التي تقف على أطلال منازلها المدمرة في جباليا والعطاطرة وحي الزيتون، وحي التفاح، وبيت حانون، ورفح، وفي كل منطقة دمر العدوان مساكن أهلها ومصادر رزقهم.

الأخـوات والأخـوة،
إن حق شعبنا في التمسك بأرضه والدفاع عنها هو حق مقدس، بل واجب وطني على كل فلسطينية وفلسطيني. كما أن مد يد العون وتوفير الدعم والمساندة والحياة الكريمة والآمنة ورعاية مصالح شعبنا هو واجب السلطة الوطنية ومبرر وجودها،.... وركيزة صمود شعبنا وثباته على أرضه، وتمكينه من نيل حقوقه. هذا هو درب شعبنا ولن نحيد عنه.


وفي الختام، اسمحوا لي، أيها الأخوات والأخوة، أن أتوجهَ بالتقديرِ لكافة الأصدقاء المتضامنين الأجانب، وحركات التضامن الدولي مع شعبنا، ونشطاء السلام في إسرائيل، والذين وقفوا ويقفون مع شعبنا في جبهة السلام والحياة ضد الاحتلال والاستيطان والموت والدمار، والذين يعطون لشعبنا الأمل والثقة بأننا لسنا وحدنا في معركة الإرادة والكفاح من أجل الحرية والاستقلال. وكذلك أتوجه إلى أبناء شعبنا في قطاع غزة، لأؤكد لهم بأن سلطتكم الوطنية لن يهدأ لها بال حتى يتم رفع الحصار عنكم وإعادة بناء ما دمره العدوان، وليظل قطاع غزة كما كان دوماً رافعة للهوية الوطنية ومشروعنا الوطني. وأن أتوجه أيضاً إلى شعبنا في كل مكان بأن وعد الحرية والاستقلال قريب. والى أسرانا الأبطال القابعين في سجون الظلم والاحتلال بأن حريتهم جزء لا يتجزأ من حرية الشعب والوطن. كما أتوجه إلى كل قادة ونشطاء لجان الدفاع عن الأرض والى الأخوة والأخوات في اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان، وكافة اللجان والأطر بالتقدير على الجهود والمبادرات التي تؤكد إمكانية الانتصار، وما يفرضه ذلك علينا جميعاً من ضرورة تطوير وتكامل الجهد الوطني على الصعيدين الرسمي والشعبي لمواجهة الاستيطان والجدار على طريق الخلاص الكامل من نير الاحتلال، وبناء دولتنا المستقلة كاملة السيادة، دولة المؤسسات وحكم القانون وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967.

عشتم وعاش يوم الأرض
وإنا على هذه الأرض باقون

شكراً لكم والسلام عليكم.