وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فياض: الوضع المائي مأساوي وحقنا لا يمكن القفز عنه

نشر بتاريخ: 26/03/2009 ( آخر تحديث: 26/03/2009 الساعة: 18:55 )
رام الله- معا- أكد د. سلام فياض أن الوضع المائي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مأساوي ولا يطاق، وخاصة في قطاع غزة، الذي يعاني من آثار "الكارثة" التي خلفها العدوان الاسرائيلي الاخير.

وقال فياض في كلمة له خلال الاحتفال الرسمي بيوم المياه العالمي في قصر رام الله الثقافي اليوم الخميس، إن المياه هي حجر الأساس لبناء الدولة الفلسطينية واقتصادها، بالإضافة إلى إخلاء المستوطنات وإزالة الجدار. وإن حلا عادلاً لقضية حقوق المياه يشكل مطلباً فلسطينياً لا يمكن القفز عنه، ولا ينبغي أن تكون المياه أداة تحكم من قبل إسرائيل التي تسيطر على مصادر المياه.

وأضاف أن السيطرة الإسرائيلية على الأرض ومصادر المياه، وإعاقة تنفيذ المشاريع المائية بما فيها مشاريع الصرف الصحي ومعالجة النفايات، يفاقم من تردي الوضع المائي والصحي والبيئي.

وأعرب عن استهجانه لقيام إسرائيل بتحميل الجانب الفلسطيني التبعات، واقتطاع عشرات ملايين الدولارات من إيرادات السلطة الوطنية تحت ذريعة معالجة مياه الصرف الصحي الفلسطينية، مشدداً على أن المدخل الأساسي لإعادة المصداقية لجهود إحياء العملية السياسية، يتطلب من المجتمع الدولي إلزام إسرائيل بالوقف الفوري لأنشطتها الاستيطانية في سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي مقدمتها مدينة القدس، ووقف اجتياحاتها للمناطق الفلسطينية.

من جانبه أكد د. شداد العتيلي رئيس سلطة المياه، أن الأزمة العالمية القادمة هي أزمة المياه، مضيفاً أنها ستتحول إلى نزاعات مشتركة، وقال: "اننا لن نستطيع الحصول على كمية المياه اللازمة للعيش بمستوى صحي مقبول رغم كميات الأمطار التي هطلت هذا العام، ورغم أن المياه تجري من تحت أقدامنا ونحن محرومون من الوصول إلى مياه نهر أو البحر في حوض نهر الأردن".

وأكد أن أهم مشكلة تواجه قطاع المياه في فلسطين، تتمثل بتلبية الاحتياجات الآنية والمستقبلية من المياه نتيجة للزيادة السكانية، واحتياجات التطوير والتنمية لمختلف القطاعات، مضيفا أن هذه المشكلة لا يمكن حلها على المستوى القريب، إلا باسترجاع كامل الحقوق المائية الفلسطينية وإزالة كافة أشكال اليطرة والمعيقات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع المياه.

وأشار الى رسالة الرئيس محمود عباس للمنتدى العالمي الخامس للمياه في اسطنبول، "التي دعا فيها إلى تحييد عنصر الحياة من النزاعات وأن لا تسيس، متحدثا سيادته إلى المنتدى حول الأوضاع المائية في الضفة الغربية وقطاع غزة حيث لا تزال إسرائيل تسيطر على جميع المصادر المائية، شارحا للعالم في رسالته عدم عدالة توزيع المياه، حيث يستهلك الفرد الإسرائيلي أربعة أضعاف ما هو متاح للفرد الفلسطيني، وترتفع النسبة عندما تقارن بما هو متاح لنا بما ينهبه المستوطنون".

وأكد العتيلي "أن اهالي قطاع غزة يعانون، حيث يستهلك القطاع مياه لا تتوافق نوعيتها مع متطلبات منظمة الصحة العالمية، ويتم استنزاف الحوض بأكثر من ضعفي طاقته، وتتداخل مياه البحر وتعود المياه العادمة للحوض المائي، ولا يجد أهلنا البالغ عددهم المليون والنصف، بديلا سوى مزيدا من استنزاف الحوض واستهلاك المياه التي تتردى نوعيتها يوما بعد يوم".

وأوضح أن سلطة المياه لا تملك الإمكانيات اللازمة لإعادة تأهيل الحوض، والحد من استنزافه نتيجة للسيطرة الإسرائيلية على الأحواض، والذي يتم عبر شبكة الآبار الإسرائيلية الممتدة على طول القطاع التي تعمل على اصطياد المياه المغذية للحوض قبل أن تصل إلى القطاع.

ولفت أن الوضع في الضفة الغربية لا يقل خطورة عنه في غزة حيث يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على معظم المياه الجوفية، فيستغل الفلسطينيون 15% فقط من ما معدله 680 مليون متر مكعب في السنة من الطاقة المتجددة للأحواض، ما يجعل الشعب الفلسطيني الأفقر مائيا.

وفيما يلي نص كلمة د. سلام فياض أمام المؤتمر:

الأخـوات والأخـوة
السيـدات والسـادة
الحضـور جميعـاً مـع حفـظ الألقـاب

نحتفل اليوم بيوم المياه العالمي، والذي يصادف الثاني والعشرين من آذار من كل عام، ويأتي هذا الاحتفال منقوصاً ككل احتفالات الشعب الفلسطيني، إذ يتواصل الاحتلال الاسرائيلي بأبشع صوره في استمرار فرض الحصار على قطاع غزة، وتصعيد الاستيطان في مختلف مناطق الضفة الغربية، وخاصة في القدس. ويتوهم الاحتلال إذ يعتقد أنه بمنع الاحتفال بالقدس عاصمة للثقافة العربية سيكرس وجوده غير الشرعي فيها، ولا يعلم أنه في هذه الأيام يحيي الشعب الفلسطيني هنا على أرض فلسطين، وفي بلدان الشتات "يوم الأرض" الخالد، حاملاً بكل معانيه يوم القدس، ويوم العودة، ويوم المياه، ويوم الأم، ويوم الشهيد، ويوم الأسير، ويوم الحرية والاستقلال والخلاص من الاحتلال. وما تعنيه كل هذه المناسبات من معانٍ وقيم نضاليه، تستنهض فيها الهمم من أجل المزيد من التمسك بالأرض، والدفاع عنها والثبات على الحقوق من أجل نيلها.

نلتقي اليوم هنا لنحيي مع بقية شعوب العالم يوم المياه العالمي . إلا أن احتفالنا بهذا اليوم يأتي دوما مختلفا، وبمذاق مر بفعل السيطرة الإسرائيلية على أرضنا ومصادر مياهنا من حوض نهر الأردن إلى وادي غزة إلى الأحواض الجوفية في الضفة الغربية والحوض الساحلي الممتد إلى أقصى جنوب قطاع غزة المحاصر.

قبل أيام عُقد، أيها الأخوات والأخوة، المنتدى العالمي الخامس للمياه في مدينة اسطنبول، والذي أعلنت فلسطين فيه للعالم الذي يدعو للحق الإنساني في المياه، وحرية الوصول إلى المياه النظيفة والآمنة، أن الإنسان الفلسطيني محروم من هذه الحقوق، وأوضحت عدم عدالة توزيع المصادر المائية المشتركة ، كما يؤكد على ذلك القانون الدولي وسائر الأعراف الدولية. حيث أعلنت فلسطين على لسان الأخ الرئيس أبو مازن، بمناسبة اليوم العالمي للمياه الذي يأتي تحت شعار المياه المشتركة و تقاسم الفرص، أن فلسطين بمجرد إعلانها دولة ستنضم إلى الدول الموقعة على معاهدة الأمم المتحدة لعام 1997، والمتعلقة بالاستخدامات غير الملاحية للمياه العابرة للحدود. وترى فلسطين في هذه المعاهدة الدولية نظاما عادلا لحل النزاعات، وتوزيع المياه المشتركة، حيث ينطبق ذلك على الحالة الفلسطينية – الإسرائيلية، و خاصة في حوض نهر الأردن،إذ تنضم فلسطين في إعلانها هذا إلى كل من الأردن، وسوريا، ولبنان، في التوقيع على هذه المعاهدة، ليصبح حوض نهر الأردن، الحوض الدولي المشترك الذي تلتزم الدول المشاطئة فيه، ماعدا اسرائيل، بمعاهدة الأمم المتحدة لعام 1997.

الأخـوات والاخـوة،
المياه هي أصل الحياة، ولا تخفى على أحد الأبعاد الإنسانية والصحية والغذائية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية للمياه. ومع ذلك، يحرم شعبنا من حقه الإنساني وحقوقه العادلة الموصى بها عالمياً، علماً بأن حصة الفرد الفلسطيني لا تتجاوز 70 لترا للفرد في اليوم، مما يجعل الشعب الفلسطيني الشعب الأفقر مائيا في المنطقة، بالإضافة إلى حرمانه من الوصول إلى النهر والبحر ومن حصته العادلة من المياه في الأحواض الجوفية في الضفة الغربية. ويتفاقم الوضع في قطاع غزة، حيث أن نوعية المياه المتاحة في معظمها غير صالحة للاستهلاك البشري نتيجة لتزايد الملوحة فيها بسبب استنزاف الحوض، وبسبب تسرب المياه العادمة إلى الخزان الجوفي الذي يشكل المصدر الوحيد المتاح لمليون و نصف مليون فلسطيني في القطاع.

الاخـوات والاخـوة،
إن الوضع المائي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، يشكل وضعاً مأساوياً ولا يطاق في حياة شعبنا، وخاصة في قطاع غزة، الأمر الذي يفاقم ما يواجهه من صعوبات، سيما بعد الكارثة التي خلفها العدوان الاسرائيلي على القطاع. وليس من المقبول أن تستمر إسرائيل في حصارها على قطاع غزة و إعاقة تنفيذ المشاريع، بما فيها المتعلقة بالمياه، وإعاقة إدخال المواد اللازمة لإعادة بناء وتأهيل ما دمره العدوان، وما لحق من جرائه بأبناء شعبنا في قطاع غزة، وبحياتهم ومصادر رزقهم من مآسي وتدمير عم المرافق الاقتصادية، والمنشآت العامة، والبنى التحتية التي بنيناها مع كل أصدقائنا في العالم خلال الخمسة عشر عاماً المنصرمة . كما لا يعقل، أيها الأخوات والأخوة، أن يعيش أهلنا حتى الآن في أنحاء من محافظة الخليل وجنين وبيت لحم بدون شبكات مياه، أو أن يكون لديهم شبكات ولكنها خالية من المياه. ومن غير المقبول أيضا أن أهلنا في الأغوار، سلتنا الغذائية، وهم على مرمى حجر من نهر الأردن لا يجدون ماءً بما يكفي لاحتياجاتهم الأساسية.

إن السيطرة الإسرائيلية على الأرض ومصادر المياه، وإعاقة تنفيذ المشاريع المائية بما فيها مشاريع الصرف الصحي ومعالجة النفايات، يفاقم من تردي الوضع المائي والصحي والبيئي. ومن المفارقات أن تقوم إسرائيل بتحميل الجانب الفلسطيني التبعات، واقتطاع عشرات ملايين الدولارات من إيرادات السلطة الوطنية تحت ذريعة معالجة مياه الصرف الصحي الفلسطينية.

السيـدات والسـادة،
إن المياه هي حجر الأساس لبناء الدولة الفلسطينية واقتصادها، بالإضافة إلى إخلاء المستوطنات وإزالة الجدار. وإن حلا عادلاً لقضية حقوق المياه يشكل مطلباً فلسطينياً لا يمكن القفز عنه، ولا ينبغي أن تكون المياه أداة تحكم من قبل إسرائيل التي تسيطر على مصادر المياه . ولا ننسى في هذا السياق الدعوة غير المسؤولة واللاإنسانية لأحد المسئولين الإسرائيليين بقطع المياه عن الأسرى الفلسطينيين، والذين يتجاوز عددهم أحد عشر ألف أسير كأحد الحلول لمواجهة أزمة المياه داخل إسرائيل! كما أنه، وكما أكدتُ في قرية المعصرة يوم أمس في مهرجان ذكرى احياء يوم الأرض، لم يعد مقبولاً أن تستمر اسرائيل في بناء المستوطنات وبرك السباحة في بيوت المستوطنين، بينما لا يجد شعبنا مياهاً للشرب، كما في مناطق الأغوار.

لقد آن الآوان أن يتوقف ما يسمى بتصنيف (ج) لمناطقنا الفلسطينية، والتي بموجبها يتم حرمان شعبنا من تطوير مصادره المائية ومشاريعه العمرانية والانتاجية والاقتصادية والسياحية، وحتى التعليمية والصحية. إن شعبنا الذي استخلص الدرس، لن تدفعه هذه الممارسات للرحيل، بل سيزداد تمسكاً بأرضه وبحقوقه، وسيدافع عن حقه في الحياة في وطنه الذي لا وطن لنا سواه.

إن المياه يجب أن تكون كما أرادها الله رمزا للسلام، وإطاراً للتعاون بين الشعوب، بما في ذلك الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي، من أجل ضمان حل الدولتين القائم على قيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية ،عاصمة الثقافة العربية، ورمز السلام وتعايش الحضارات والثقافات.

وهنا فاننا نؤكد أن السلام لن يكون بين أسياد ينعمون بالمياه، وعبيدٍ يُحرمون منها. لقد أكدنا في اكثر من مناسبة أن طريق السلام، ومهما كانت وعرة إلا أنها واضحة المعالم فيما تتطلبه من أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية، لوضع حد لمعاناة شعبنا من الاحتلال الاسرائيلي، الأمر الذي يعني اعلان الحكومة الاسرائيلية الجديدة عن التزامها الكامل بحل الدولتين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وبطريقة لا تقبل التأويل ، وبما يفضي إلى انهاء الاحتلال عن الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

وهنا فاننا نؤكد أيضاً أن المدخل الأساسي لإعادة المصداقية لجهود إحياء العملية السياسية، يتطلب من المجتمع الدولي إلزام اسرائيل بالوقف الفوري لأنشطتها الاستيطانية في سائر الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي مقدمتها مدينة القدس، ووقف اجتياحاتها للمناطق الفلسطينية.

وهنا فانني اجدد التأكيد على موقف القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الأخ الرئيس أبو مازن، بأنه لن تكون للمفاوضات جدوى إن لم تلتزم اسرائيل ودون مراوغة بتنفبذ هذين الأمرين، إضافة إلى تنفيذ اتفاقية المعابر لعام 2005، بكل مكوناتها، وخاصة رفع الحصار، وفتح معابر قطاع غزة، وتشغيل الممر الآمن بينه وبين الضفة الغربية، لضمان تقدم خطط التنمية الاقتصادية للسلطة الوطنية، وحماية وحدة الأراضي الفلسطينية. وبالاضافة إلى ما يترتب على المجتمع الدولي من ضرورة تحمل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية في هذا الإتجاه، فإنه وبالقدر الذي نتحمل فيه، نحن، مسؤولياتنا الوطنية لمعالجة واقعنا الداخلي ووضع حد للانقسام ومخاطره، وتوحيد الوطن ومؤسساته، سنكون قادرين على التصدي لمهماتنا الأساسية في مواجهة الاحتلال وسياساته، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤلياته.

إنني على ثقة أن شعبنا الفلسطيني، الذي قدم تضحيات كبرى في مسيرة كفاحه الطويلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، لن يسمح بتبديد انجازاته، أو المس بحقوقه الوطنية.

وأؤكد لكم أن السلطة الوطنية ستواصل العمل، وبكل ما لديها من امكانيات، لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية القوية والقادرة على رعاية مصالح شعبنا، وتعزيز قدرته على الصمود حتى نيل حقوقه في الحرية والاستقلال، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على حدود عام 1967.

وقبل أن أختم حديثي، أيتها الأخوات والأخوة، فانني أتوجه أسرة المياه في فلسطين، بأحر التعازي بفقدان أحد رواد الدفاع عن حقوقنا المائية د.فادية دعيبس، التي وافتها المنية اثر حادث سير مؤسف يوم أول أمس. كما أتوجه بالتعزية إلى أسرتها الصغيرة... زوجها وأولادها، ووالدتها، وشقيقتها الدكتورة خلود وأشقائها، وكل صديقاتها، وأصدقائها.

وفي الختام أتوجه بالشكر والتقدير إلى كل الذين يعملون لضمان توفير المياه لشعبنا، وأولئك الذين يدافعون عن حقوق شعبنا في أرضه ومياهه، وحقوقه الوطنية.