وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فروانه يستهجن التصريحات الاسرائيلية الداعية حرمان الاسرى من التعليم

نشر بتاريخ: 27/03/2009 ( آخر تحديث: 28/03/2009 الساعة: 12:25 )
غزة -معا- استهجن الأسير السابق الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر عوني فروانة اليوم التصريحات والتهديدات الإسرائيلية الرسمية ، الداعية إلى حرمان الأسرى من حقهم بالتعليم ، كاجرء انتقامي وعقاب جماعي لهم على فشل إتمام صفقة تبادل الأسرى .
مؤكداً على أن دولة الاحتلال لم تمنح الأسرى يوماً حقهم المشروع بالتعليم الأساسي والثانوي ، أوالجامعي والدراسات العليا ، وحتى لم تمنحهم الحق المشروع في تنظيم اجتماعاتهم الثقافية والسماح لهم باقتناء الكتب العلمية أو التعلم الذاتي وتبادل الخبرات والمعارف والمعلومات فيما بينهم ، ولا توفر الحد الأدنى من مسلتزمات التعليم ، بل تصدت ولازالت بعنف لمحاولاتهم في تثقيف ذواتهم وتصادر باستمرار ممتلكاتهم من كتب وكراسات ، في محاولات تهدف الى افراغ الأسير الفلسطيني من محتواه النضالي والوطني والسياسي وحتى الثقافي .
ورأى فروانة في اجراءاتها وخطواتها التصعيدية اليوم بأنها محاولة جادة لمنح هذا المنع ومصادرة ذاك الحق ، الغطاء القانوني والحصانة القضائية ، وهذا يخالف القواعد الأساسية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو نصوص اتفاقية جنيف التي كفلت للأسرى حق التعليم وممارسة الأنشطة الذهنية والتعليمية .
وقال : بأن من شأن تلك التهديدات أن تُظهر للعالم ولمن استمع لها وكأن " إسرائيل " كانت بالماضي تمنح الأسرى حقوقهم ، بما فيها حقهم في التعليم ، والآن تريد أن تَسلب هذا الحق ، في حين الواقع عكس ذلك تماماً ، ولكن ربما قد تتصاعد الإجراءات إلى الأسوأ خلال الفترة المقبلة .
وتابع بان ادارة السجون لازالت تمنع الأسيرات من التعليم ومن ادخال الكتب التعليمية والثقافية وحتى من التجمعات الثقافية داخل غرفهن .
العملية التعليمية والثقافية في سجون الاحتلال مرت بمراحل عدة
وأكد فروانة بأن العملية الثقافية والتعليمية داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي مرت بمراحل عدة ، وتطورت بفعل نضالات وتضحيات الأسرى ، ولم تصل بعد إلى مستوى انتزاع حقهم في التعليم بشكل حر وكامل ، وبالرغم من ذلك لا زال الأسرى محرومين من مواصلة تعليمهم ، كحق مشروع يكفله القانون الدولي .
وأضاف فروانة بأنه وبالرغم من الإجراءات القاسية التي اتبعتها إدارة السجون منذ السنوات الأولى لاحتلالها لفلسطين ، في محاربة التعلم وتدوير المعارف فيما بين الأسرى وحرمانهم من الأوراق والأقلام وعقد الجلسات ، إلا أن الحركة الأسيرة لم تستسلم ، وأصرت على انتزاع هذا الحق ، فلجأت إلى تهريب الأقلام واستخدام ورق السجائر وأوراق الكارتون أو أي مادة ورقية يمكن الكتابة عليها ، وتدريجياً ومن خلال الإضرابات عن الطعام والتضحيات انتزعوا حقهم في امتلاك القلم والدفتر ومن ثم عقد الاجتماعات الداخلية داخل غرفهم ، .
وبيّن فروانة بأن إدارة السجون وبعد سماحها عنوة باقتناء القلم والدفتر وادخال الكتب التعليمية ، وضعت قيوداً على ذلك ، وبدأت بمحاربة ومصادرة المادة المكتوبة في الدفاتر من خلال المراقبة والتفتيش والمصادرات والإتلاف ، وفي تحديد نوعية وكمية الدفاتر والكتب المسموح بإدخالها ، ولا زالت لغاية اليوم تحارب ذلك وتقتحم الغرف وتصادر الكتب والكراسات ، وفي بعض السجون تمنع التجمعات والجلسات الثقافية .
الأسرى ينتزعون حق التعليم الثانوي والجامعي ولكن ؟
فيما لم يُسمح لم بالتعليم الأساسي غاية اليوم
وذكر فروانة بأنه وكما انتزع الأسرى حق امتلاك الدفتر والقلم ، فانهم انتزعوا أيضاً حق التعليم الثانوي في السنوات الأولى من السبعينات ، فيما انتزعوا حقهم في التعليم الجامعي كأحد انجازات الإضراب المفتوح عن الطعام عام 1992 ، ولم يُسمح لهم سوى بالانتساب عبر المراسلة للجامعة المفتوحة في " اسرائيل " فقط ، أما التعليم الأساسي فلازال ممنوعاً بشكل نهائي حتى اللحظة .
وتابع بأن كافة من أعتقل من الطلاب الفلسطينيين وهم في سنوات التعليم الابتدائي والأساسي ، وأطفال دون سن الثامنة عشر ، قد حُرموا من مواصلة تعليمهم الأساسي مما أفقدهم سنوات دراسية غيرَّت مسيرة حياتهم بعد التحرر من السجن ، ومنهم من فقد مستقبله التعليمي وحُلمه بأن يصبح طبيباً أو مهندساً ، ومنهم من لا زال مستقبلهم مهدد بالضياع .
وأضاف فروانة بأنه ومنذ أن سُمح للأسرى بتقديم امتحانات الثانوية العامة " التوجيهي " أوائل السبعينات وحتى اللحظة ، فان الآلاف من الأسرى استطاعوا الحصول على شهادة الثانوية العامة ، فيما لم تكن تلك الامتحانات تسير بانتظام ووفق إجراءات عادية ، بل منع إجرائها في بعض السنوات وحُرم آلاف من التقدم لها جراء إجراءات ومضايقات إدارة السجون الإسرائيلية .
أما فيما يتعلق بالتعليم الجامعي والدراسات العليا ، فلقد أكد الباحث فروانة بأنه يمر باجراءات في غاية الصعوبة والتضييق ، حيث يتقدم الأسير بطلب لمدير السجن والذي بدوره يقرر السماح أو الرفض وفقاً لإعتباراتهم وسياستهم ، وإذا سُمح له فان الأسير سيضطر لتعلم اللغة العبرية باعتبارها اللغة الأساسية في الجامعة المذكورة وهذا ما يفاقم من صعوبة التعليم الجامعي هناك بالإضافة الى الرسوم المادية، ومن ثم يتم التعامل مع ضابط التعليم في السجن وهو بدوره يكون حلقة الوصل ما بين الطالب الأسير والجامعة في المراسلات ودفع الرسوم وغيرها .
وأشار فروانة إلى أنه وبالرغم من السماح به ، من قبل ادارة السجون الإسرائيلية إلا أنها حاولت استخدامه كورقة للمساومة والابتزاز والضغط والعقاب بحق الأسرى ، وحتى في تحديد طبيعة التخصصات وذلك حينما منعت بعض المواد بحجة أنها تؤثر على ثقافة الأسرى مما اضطر الأسرى لتغيير تخصصاتهم ، وكثيراً ما تُصادر الكتب الجامعية أثناء اقتحام الغرف والتفتيشات المفاجئة مما يعيق مسيرة الطالب الأسير ويحرمه من المذاكرة وتقديم الامتحانات ، أو نقل الأسير لغرف العزل الانفرادي وحرمانه من استكمال تعليمه كجزء من العقاب تجاه كافة " المعزولين " ، أو معاقبته لسبب ما يخالف تعليمات وسياسة الإدارة ، أو لنشاطه ومواقفه ووضعه القيادي فيما بين الحركة الأسيرة ..الخ ، وكأن لسان حالها يقول أن منح التعليم بثمن .
الأمر الذي رفضه الأسرى بشكل مطلق ، وأصروا على انتزاع حقهم في التعليم الجامعي دون دفع أي ثمن من هذا القبيل حتى لو كلفهم الأمر التضحية بالتعليم من أجل التمسك بمواقفهم المبدئية ، فهم من ناضلوا وضحوا وقدموا عشرات الشهداء من أجل صون كرامتهم وحقوقهم الأساسية .
المنتسبون للجامعة العبرية قربة ( 250 ) أسير فقط ..
وأكد فروانة بأن مجمل تلك الممارسات والإجراءات والتضييقات أدت الى تقلص عدد المنتسبين للجامعة والذين لم يتجاوز عددهم ( 250 أسير ) فقط ، في حين ان من حصلوا على الشهادات الجامعية بنجاح لا يتجاوزوا العشرات وعدد محدود جداً حصل على الماجستير، بعد مشوار طويل من التضحيات والآلام والمعاناة استحقوا عليها كل الإحترام والتقدير .
يذكر أن التعليم الجامعي للطالب الأسير في الجامعة المفتوحة في اسرائيل ، يكون على نفقته الخاصة وان كل عام دراسي يكلف الأسير بالحد الأدنى قرابة ( 1200 $ ) ، فيما تتكفل وزارة الأسرى والمحررين في السلطة الوطنية الفلسطينية بتسديد مجمل تلك الرسوم لكافة الطلبة من الأسرى بدون استثناء .
الحرمان من التواصل مع الجامعات الفلسطينية لمن اعتقل وهو منتسب لها ..
وأوضح فروانة بأن اجراءات ادارة السجون لم تقتصر على حرمان الأسرى من الإنتساب للجامعات الفلسطينية أو العربية بشكل مطلق ، أو بجملة التضييقات عليهم بالانتساب الجامعة العبرية ، فحسب ، بل لم تسمح لمن أعتقل من الطلبة الفلسطينيين من تقديم فقط رسالة التخرج أو تقديم رسالة الماجستير والدكتوراه للجامعات الفلسطينية التي كان منتسب لها الأسير قبل اعتقاله ، ولازالت تُصر على حرمانهم من هذا الحق حتى وان طالت فترة الاعتقال .
وأضاف فروانة قائلاً : ولكن هذا المنع لم يحُل دون ابتداع أساليب جديدة تمكنهم من انتزاع حقهم بتقديم رسائلهم لجامعاتهم الفلسطينية رغماً عن أنف إدارة السجون والمعتقلات ، وفي سابقة أعتبرت هي الأولى من نوعها في فلسطين تمكن الأسير ناصر عبد الجواد في أغسطس 2003 من مناقشة رسالة الدكتوراه بنجاح عبر الهاتف النقال المهرب من معتقل مجدو مع جامعة النجاح ، وتلاه الأسير رشيد نضال رشيد صبري في نفس العام حينما ناقش وبنفس الطريقة رسالة الماجستير من معتقل عوفر مع جامعة بيرزيت ، وتلاهما المعتقل وائل عبد الله طحاينة من جنين والذي ناقش رسالة الماجستير في سبتمبر عام 2004 مع جامعة النجاح ، وتلاهم طارق عبد الكريم فياض في مايو 2006 وبذات الطريقة وناقش رسالة ماجستير من معتقل عوفر مع جامعة القدس وغيرهم .
رغم الحرمان .. السجون تُخرج أفواج من المتميزين
وأكد فروانة انه وبالرغم من سلب ادارة السجون لحق الأسرى بالتعليم بشكل حر في كافة مراحله ، ومصادرة حقهم في امتلاك الكتب التعليمية والثقافية ، وجملة التضييقات والإجراءات المفروضة على ما هو مسموح في هذا الإطار بشكل محدود ، إلا أن الأسرى باصرارهم وعزيمتهم وإرادتهم الفولاذية استطاعوا تحويل السجون بظروفها القهرية إلى جامعات ثورية بجهدهم الفردي وتضحياتهم الجسام ، وتمكنوا من تدوير المعارف والمعلومات رغم أنف السجان ، فخرجَّت الحركة الأسيرة أفواج طويلة من الكتاب والشعراء والمترجمين والسياسيين والقادة بمختلف المجالات وحفظة القرآن ..الخ ، وتميزت كتاباتهم من المقالات والدراسات والقصص والشعر ، ومنهم من واصل تعليمه بعد تحرره ليحصل على شهادات متقدمة .
التجربة بكافة مراحلها بحاجة لتوثيق
واعتبر فروانة ان كل ما تقدم هو غيض من فيض ، لمسيرة طويلة عمرها أكثر من أربعة عقود ، وهي بحاجة لتوثيقها وتوثيق انجازاتها وانتاجات الأسرى ، والوقوف أمام تفصيلياتها وأشكال معاناة الأسرى باسهاب ، وكيف استطاعوا انتزاع جزء بسيط من حقهم في التعليم ، عبر كل المراحل السابقة .
وحذر فروانة من إقدام إدارة السجون من تطبيق تلك التهديدات التي من شأنها أن تُحرم العدد القليل من الأسرى المنتسبين للجامعة العبرية من استكمال تعليمهم ، وسحب انجازات الأسرى في هذا الجانب ، والتضييق عليهم أكثر وعودة الأوضاع الثقافية في السجون إلى ما كانت عليه في السنوات الأولى للاحتلال ، مما يعني أن الحركة الأسيرة مقبلة على مرحلة جديدة أكثر قسوة قد تشهد حرمانها مما استطاعت أن تنتزعه بتضحياتها كجزء بسيط من حقها المسلوب بالتعليم .