وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رئيس تحرير الحياة الجديدة :كيف تمكنت قطر من الجمع بين الجزيرة والسيلية

نشر بتاريخ: 28/03/2009 ( آخر تحديث: 28/03/2009 الساعة: 19:41 )
الدوحة- بيت لحم- معا- كتب حافظ البرغوثي رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة:
يمكن لقمة الدوحة ان تدخل تاريخ القمم العربية بإنجاز ما يمكن تسميته المصالحة العربية، ويمكن للدولة المضيفة قطر ان تجُبَّ ما قبل القمة من مماحكات بين الدول العربية كانت طرفاً فيها وأن تعمل على استعادة التضامن العربي وهي قادرة على بلوغ ذلك لأنها تملك أوراقاً ضاغطة أو قل أوراقاً خلافية عكرت صفو العلاقات البينية العربية.

فلدى قطر ما يمكن تسميته بالدبلوماسية المجنزرة بالجرأة لأنها تتوغل في مسالك وعرة وبجرأة عجيبة. وشاهدنا كيف أنها تتبنى التطبيع والمقاومة.. الاخوان المسلمين والتيار الشيعي وواشنطن ونظام صدام.. ايران ودمشق ولبنان أيضاً.. محمود عباس وحماس معاً.. الجزيرة والسيلية.. ولعمري فإن هذه سياسة محيرة يضمحل أمامها ميكافيللي.

الآن وجدنا قطر تحترم الرئيس الملاحق جنائياً عمر البشير وفي الوقت نفسه تعلن احترامها لمحكمة الجنايات الدولية.. والبشير ليس أول زعيم عربي يقاطع أو يلاحق.. فمن قبله حوصر عرفات وظلت قطر على اتصال به مع أن آخرين انضموا لحصاره أو مقاطعته في مقاطعته المحاصرة. ولعلني أذكر انه اثناء حصار بيروت 1982 توقعت حصاراً لعواصم عربية أخرى لأنها لم تهب لفك حصار بيروت وبالفعل حوصرت عواصم أخرى بطرق أخرى من طرابلس ليبيا مروراً بدمشق وصولاً الى بغداد التي جرى احتلالها.. لأن غياب التضامن العربي يجعل الآخرين يستفردون بكل عاصمة على حدة.

كما أن حصار عرفات الذي أدى الى رحيله في ظروف غامضة أو تم "تغميضها" أدى الى حصار صدام وحصار البشير وقد أفلت القذافي بطريقته من الحصار وهناك مشاريع حصار لزعماء آخرين طالما أن الحلقة العربية والعواصم العربية والقيادات العربية هي الصيد السهل للآخرين. ولعل حضور البشير للقمة هو خطوة نحو تضامن النظام العربي مع نفسه لأن البشير رغم اختلافي مع سياساته وإرسائه طوعاً أو مضطراً لمبدأ تقسيم السودان ستكون البداية لتجزئة السودان الى دويلات ستكون بالضرورة معادية للشمال العربي.

يمكن لقطر أن تلعب دوراً مهماً في إنجاح القمة بإعادة اطلاق مبدأ التضامن العربي والعمل على تجسيده لأن ذلك سينعكس ايجاباً على كثير من القضايا لعل أهمها أمن الخليج والحوار الفلسطيني.

ولو كنت قطرياً أسبح على بحر من الغاز المسال ولا حدود لي إلا مع السعودية لفكرت ألف مرة قبل أن أمد يدي الى ما هو أبعد من الرياض أولاً.. لأن للجغرافيا ضروراتها ناهيك عن عناصر وموجبات أخرى.. لأن قطر التي حققت نجاحات سياسية معينة على الصعيد العربي بإمكانها أن تلعب دوراً أكثر أهمية فيما لو أنها كانت أكثر انسجاماً مع محيطها وهذا يتطلب أيضاً أن يمدها محيطها بحسن النوايا ولعله يكون أول غيث المصالحة قطرة من قطر.