وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فياض بقرية نحالين: تواصل اسرائيل الاستيطان للحيلولة دون قيام دولتنا

نشر بتاريخ: 18/04/2009 ( آخر تحديث: 19/04/2009 الساعة: 15:14 )
بيت لحم- معا- القى رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض كلمة في مهرجان الأرض والشهداء خلال زيارته لقرى محافظة بيت لحم جدد فيها دعم السلطة للتحركات والمبادرات الجماهيرية السلمية ضد الجدار والاستيطان، ولحق الشعب في حماية أرضهوإن حق شعبنا وثقته في استرداد حقوقه، وبناء دولته المستقلة لن تزعزعها البلدوزرات، ولا ارهاب المستوطنين

وطالب بضرورة التوقف بمسؤولية وطنية امام ما يتعرض له المشروع الوطني من سياسات الاحتلال التي تهدف الى تصفيته مؤكدا أن محاولات فرض الأمر الواقع على القدس وأهلها لن تغير من حقيقة أن القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1967، وفقاً للقانون الدولي، وقرارت الشرعية الدولية. وسيظل دحر الاحتلال عنها شرطاً أساسياً لصنع السلام في هذه المنطقة.

وهذا النص الكامل لكلمة الدكتور فياض:

نحالين
18 نيسان 2009
الأخـوات والأخـوة
أهالي الشهداء والأسرى
الأخ محافظ بيت لحم
الأخوات والأخوة أهالي نحالين وقرى العرقوب
السادة رؤساء مجالس نحالين، وبتير، وحوسان، ووادي فوكين، والجبعة، وكل قرى العرقوب، ومحافظة بيت لحم
السيدات والسادة الحضور جميعاً مع حفظ الألقاب....
أبناء شعبنا في كل مكان

نلتقي اليوم في مهرجان الأرض والشهداء على أرض نحالين الصامدة،... نلتقي لنكرم الشهداء، ونحيي مع شعبنا ذكرى يوم الأرض، ومناسبة يوم الأسير الذي صادف يوم أمس، ولنؤكد للعالم أجمع أن شعب فلسطين، ورغم كل معاناته، فإنه باق على هذه الأرض، ومتمسك بها، ومصمم على بناء دولته في وطنه الذي لا وطن لنا سواه.

واسمحوا لي في البداية، وفي هذا اليوم، وما يحمله من دلالات هامة، أن أنقل لكم ومن خلالكم لكل أبناء وبنات شعبنا في الوطن ومنافي الشتات تحيات الرئيس أبو مازن، وتقديره العالي لصمودكم، وللدور الوطني الهام والمميز الذي تضطلعون به. واسمحوا لي كذلك أن أشد على أيديكم جميعاً، وأنتم تواجهون الاحتلال ومخططاته الاستيطانية، وتحملون بصمودكم رسالة الشعب، وارداته التي لا تلين من أجل انهاء الاحتلال، واسترداد حقوقنا الوطنية الثابتة كما عرفها القانون الدولي وأقرتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حق شعبنا في الحرية وتقرير المصير والعودة..

نعم أيها الأخـوات والأخـوة،
إن صمودكم وثباتكم على أرضكم، إنما يؤكد رسالة الحق والعدل في مواجهة الجرافات ومخططات الاستيطان والجدار ومصادرة الأرض، ويبرز رسالة الحرية والحياة في مواجهة القتل والموت.

لقد تحول يوم الأرض، وبفضل كفاحكم وتضحياتكم المتواصلة إلى منهج ثابت، وعمل يومي مثابر في مواجهة الاستيطان والجدار وسياسة المصادرة وهدم المنازل، وليس مجرد مناسبة رمزية يعلن فيها شعبنا تمسكه بأرضه، ويؤكد اصراره العنيد والمشروع للدفاع عنها. واسمحوا لي هنا أن أتوجه بالتحية إلى أبطال وصنًّاع يوم الأرض في الجليل والمثلث، والنقب، وإلى شهداء يوم الأرض، وكل شهداء الدفاع عن أرضهم، وحق شعبهم في الحرية والاستقلال والحياة، وفي مقدمتهم الرئيس الخالد ياسر عرفات، والشهيد القائد أبو جهاد الذي حلت الذكرى السنوية الحادية والعشرون لاستشهاده يوم أول أمس.

واسمحوا لي كذلك ونحن هنا في نحالين أن أخص شهداء مجزرة نحالين الأولى عام "1954"، ومجزرة نحالين الثانية عام "1989"، ونتذكر الشهيد حسن سليم نجاجرة، والشيخ ابراهيم شعبان شكارنة، ومحمد يوسف غياضة، وخلف نجاجرة، ورياض غياضة، ومحمد حسن شكارنة، ووليد صافي، وفؤاد عوض، وكل شهداء الدفاع عن الأرض.

واليوم أيها الأخوة حيث تحيي نحالين وقرى العرقوب ذكرى يوم الأرض، وتكرم الشهداء، فهي تؤكد مرة أخرى، كما كل مدينة وقرية ومخيم في بلادنا، الإصرار والعزيمة على مواصلة الصمود والسير في طريق الخلاص من الاحتلال وظلمه وبطشه، ليواصل أهالي هذه البلدة مع كل أبناء شعبنا كتابة رواية شعب لن ترهبه المجازر وإرهاب المستوطنين، ولن يحيد عن التمسك بحقه في الحرية والاستقلال. وسيظل عزاؤنا أن نحالين بقيت صامدة، كما هو حال بلعين والجلزون والخليل، وأن العار فقط هو ماسيظل يلاحق قتلة الشهداء.

وهنا فإنني أجدد دعم السلطة الوطنية للتحركات والمبادرات الجماهيرية السلمية ضد الجدار والاستيطان، ولحق شعبنا في حماية أرضه، وأؤكد ثقة السلطة الوطنية بيقظة شعبنا ووعيه لمخاطر محاولات جرِّه لدوامة العنف مجدداً. وأعلن إدانة وشجب السلطة الوطنية واستنكارها لسياسة استمرار القتل التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد أبناء شعبنا، والتي أدت بالأمس إلى سقوط الشهيد "باسم ابراهيم أبو رحمة" أثناء مسيرة بلعين السلمية، والشهيد "محمد نواره" في مخيم الجلزون، والشهيد "رباح حجازي سدر" في الخليل. وعلى إسرائيل أن تدرك المخاطر الوخيمة جراء ممارسات القتل والبطش التي تقوم بها، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته إزاء هذه الممارسات الخطيرة، ويضع حداً لها، والتي لن تؤدي في حال استمرارها إلا إلى مزيد من العنف والفوضى في المنطقة.

نعم أيها الأخـوات والأخـوة
إن تصميم شعبنا على حماية أرضه والدفاع عنها لم يتراجع، ولا يمكن أن يتراجع، وإن إرادة أهالي نحالين، والخضر، وحوسان، ووادي فوكين، وبتير، كما أهالي بلعين، ونعلين، وقفين، وعزون عتمة، والعقبة، وبردلا، وكردلا، وسلفيت، وقلقيلية، لن تضعف ولن تتراجع. وإن حق شعبنا وثقته في استرداد حقوقه، وبناء دولته المستقلة لن تزعزعها البلدوزرات، ولا ارهاب المستوطنين. فما يقدمه شعبنا واللجان الشعبية لمواجهة الاستيطان من نموذج، يمثل حكاية شعب، وإصراره على التمسك بأرضه، واستخلاصه لعبر ودروس التجارب القاسية والمؤلمة في الطريق الى الحرية، ليؤكد للعالم بأسره أن هذا وطننا ولا وطن لنا سواه، وهذه أرضنا وإنَّا هنا باقون.

عندما نلتقي اليوم ونكرم الشهداء فإننا نؤكد صمود شعبنا في المعصرة، وواد رحال، وأرطاس، والجبعة، وبيت فجار، وواد النيص، والولجة، والعبيدية، وهندازة، وعرب الرشايدة، وجيب الديب، والخاص والنعمان، وبيت اسكاريا، وغيرها من قرى وبلدات بيت لحم، وبيت جالا، وبيت ساحور...، وإن تكريم الشهداء بالنسبة لنا يتمثل في الوفاء لتضحياتهم، والقيام بالمسؤولية الوطنية المتمثلة في العمل على تعزيز صمود شعبنا في كل بقعة وشبر من بلادنا، مؤكداً بذلك يومياً إرادة الحياة في مواجهة القتل والموت.. إرداة البناء والاعمار والتنمية في مواجهة الهدم والتدمير .. ارادة الصمود والثبات في مواجهة الاقتلاع والتهجير.. ارادة البقاء والدفاع عن الأرض في مواجهة مخططات المصادرة والاستيطان والجدار... إرادة الحرية والانعتاق في مواجهة الحصار والاحتلال .

عندما نتحدث عن ذلك كله، ونكرم الشهداء، ونشد على أيادي الأسرى، فإننا نتحدث عن حكايات البطولة ورواية صمود شعب، والتي يسطرها الأبطال الحقيقيون من أبناء شعبنا وهم يحمون أرضهم وزيتونهم في عزون عتمة الصامدة، والتي سبق وقلنا فيها " إن أصغر زيتونة في عزون عتمة هي أقدم وأعتق، وأكثر تجذراً من الجدار، ومن أكبر مستوطنة تقتل حياة ومستقبل أبنائنا".

نعم أيها الأخوات والأخوة، ونحن نتحدث عن صمود نحالين، ووادي فوكين، والمعصرة، وأم سلمونه، وبلعين، وغيرها، فإننا نتحدث عن مئات المبادرات وآلاف المبادرين والنشطاء المنخرطين في لجان الدفاع عن الأرض في سلفيت، ومسحة، ودير بلوط، وقرى اللطرون، وبيت سوريك، والنبي صمويل، والجيب، وبدو، والعيسوية، والعيزرية، وأبو ديس، وسلوان، والشيخ جراح، وشعفاط، والبلدة القديمة في القدس، وكل شبر في القدس الشرقية، التي لن تكون إلا عاصمة أبدية لدولة فلسطين المستقلة. كما نتحدث عن الصمود الأسطوري لأهالي العقبة، والحديدية، والجفتلك، وكل القرى والخرب والمضارب في الأغوار التي لن تكون إلا جزءاً لا يتجزأ من أرضنا، وفي حدود دولتنا المستقلة.

نتحدث كذلك عن صمود أهالي أماتين، ومردا، والزاوية، وفرعون، ودير الغصون، والنزلات، ومسافر يطا، وبيت أمر، والظاهرية، وعن صمود شعبنا ومعاناته في جباليا، وبيت لاهيا، وبيت حانون، وغزة هاشم، وخانيونس، ودير البلح، ورفح، وعبسان، وبني سهيلا، وخزاعة، والقرارة، كما هو صمود شعبنا في الخليل، وجنين، ونابلس، ورام الله والبيرة، وأريحا، وطولكرم، وقلقيلية، وطوباس، ويعبد، وقباطية، وبديا، وفي القلب منها القدس عاصمة العواصم وزهرة المدائن.

نتحدث عن كل مخيم وقرية وخربة في وطننا، حيث يسطر شعبنا بصموده ورفضه للجدار والاستيطان، والحصار والعدوان الاصرار على الخلاص من الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال والعيش بكرامة وازدهار.

الأخـوات والأخـوة
إن يوم الأرض لهذا العام، يحمل أهمية خاصة واستثنائية تتطلب منا جميعاً التوقف بمسؤولية وطنية أمام ما يتعرض له مشروعنا الوطني، وتضحيات الشهداء من مخاطر التبديد. وإن ما تواجهه أرضنا من هجوم استيطاني غير مسبوق في كل مكان وخاصة في مدينة القدس، حيث تسعى اسرائيل في سباق مع الزمن لحسم مصير أراضي الضفة الغربية، وخاصة في القدس الشرقية، لصالحها، يتطلب منا توحيد كل الجهود الرسمية والشعبية، وتحمل مسؤلياتنا الوطنية التاريخية لإفشال هذه الهجمة ومنع اسرائيل من تحقيق أهدافها.

الأخـوات والأخـوة:

ان ما تقوم به اسرائيل في تركيز استهدافها لمدينة القدس، وتسريع محاولات تغيير طابعها العمراني والجغرافي والسكاني، يضع القدس وعروبتها ومكانتها، وحياة ومستقبل أبنائها في دائرة الخطر الحقيقي. فحملة هدم مئات المنازل في مختلف أحياء المدينة، ومواصلة المشاريع والأنشطة الاستيطانية، واقرار تنفيذ مشروع (E1) الاستيطاني الاستراتيجي، تشكل محاولة واضحة لحسم مستقبل المدينة وتفريغها من سكانها الأصليين، وعزلها بالكامل عن باقي مناطق الضفة الغربية، ومنع إمكانية قيام دولة فلسطينية بما ينسجم وطموحات شعبنا كما جسدتها مبادرة السلام الفلسطينية لعام 1988. وعلى اسرائيل أن تدرك بأن الشعب الفلسطيني لن يقدم أية تنازلات إضافية بعد هذا التنازل المؤلم، والذي تم تقديمه من أجل السلام في المنطقة وأمن شعوبها. وفي هذا المجال، فإننا نؤكد إصرار شعبنا على الدفاع عن مدينة القدس وعروبتها. وإن القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها الأخ الرئيس أبو مازن، تقف بصلابة مع شعبها لإفشال هذه المخططات، وعلى العالم بأسره أن يتحمل مسؤولياته الكاملة ازاء هذا الخطر، الذي لا يهدد القدس وحدها، بل المنطقة بأسرها.

وهنا فإنني أعلن أمامكم أن محاولات فرض الأمر الواقع على القدس وأهلها لن تغير من حقيقة أن القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1967، وفقاً للقانون الدولي، وقرارت الشرعية الدولية. وسيظل دحر الاحتلال عنها شرطاً أساسياً لصنع السلام في هذه المنطقة، لتكون دوماً عاصمة أبدية لدولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة. وكما أكد الأخ الرئيس أبو مازن في إنطلاق احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية، فإن القدس ستظل درة التاج وعنوان العدل والسلام الذي تحتاجه الأرض المقدسة والمعذبة. وإن هذا العدل لن يعود إلا بقيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وستظل القدس مفتاح السلام والعدل في منطقتنا .

الأخـوات والأخـوة

إن احياء ذكرى يوم الأرض، يأتي في لحظة بالغة الأهمية نقف فيها، ومعنا كل الشعوب والدول المحبة للعدل والسلام في العالم، كي نضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته إزاء حقيقة ومخاطر ما يجري من توسع استيطاني يتناقض مع القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، ومع الجهود المبذولة لصنع السلام، وحمايته من خطر الانهيار، وحماية مستقبل حل الدولتين على حدود عام 1967، والذي يتعرض فعلياً لخطر حقيقي يضع مستقبل هذا الحل أمام مصير مجهول، الأمر الذي يحتم على المجتمع الدولي ضرورة تحمل مسؤولياته السياسية والقانونية والأخلاقية إزاء هذه المخاطر. وعلى حكومة اسرائيل أن تدرك بأن فرض الجدار بالقوة، ومحاولات تهويد القدس وعزلها لن تدفع بشعبنا للرحيل عن أرضه، أو التخلي عن حقوقه. وعليهم أن يعلموا أن شعبنا الفلسطيني استخلص العبر، وتعلم الدرس. وإن يوم الأرض لهذا العام، هو عام الأرض بكل أيامه، وهو عام الدفاع عن القدس وعروبتها لتكون عاصمة أبدية لدولة فلسطين، كما هي عاصمة للثقافة العربية وللحضارة الانسانية برمتها. و كما كان يحلو لأبوعمار أن يردد دوما، سيرفع شبل من اشبالنا أو زهرة من زهراتنا علم فلسطين فوق أسوار القدس وكنائسها ومآذنها.

إن إنقاذ حل الدولتين مما يتعرض له من خطر، ومستقبل الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة برمتها، يتطلبان التحرك الفوري لإلزام الحكومة الاسرائيلية باعلان موقف واضح غير قابل للتأويل بقبول حل الدولتين على حدود عام 1967، والزامها كذلك بالوقف الشامل لأنشطتها الاستيطانية وفق مفهوم ميتشيل الذي تضمنته خطة خارطة الطريق، ووقف الاجتياحات لأراضي السلطة الوطنية، بما يعني وقف استباحة هذه المناطق، ووقف استباحة دور السلطة الوطنية ومكانتها. ان تنفيذ هذين الأمرين يشكل المدخل الضروري لإمكانية نجاح أية جهود نحو إحياء العملية السياسية، وبما يفضي إلى انهاء الاحتلال. هذا بالاضافة إلى ضرورة تنفيذ اتفاقية المعابر لعام 2005، بكل مكوناتها، وخاصة رفع الحصار عن قطاع غزة، وتشغيل الممر الآمن بينه وبين الضفة الغربية، لضمان حماية وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، والحفاظ على إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة مترابطة كاملة السيادة.

وهنا فإننا نتوجه مجدداً إلى كافة أطراف المجتمع الدولي وخاصة الادارة الأمريكية، بأنه آن الآوان لأن تتحرك بسرعة وبشكل عملي وملموس لوضع حد لاستهتار الحكومة الاسرائيلية إزاء مستقبل السلام والأمن في المنطقة، ليس فقط لالزامها بالاتفاقات الموقعة ومرجعية عملية السلام وحل الدولتين، بل واتخاذ خطوات عملية وملموسة تفرض على اسرائيل وقف الأنشطة الاستيطانية، وإنهاء الاجتياحات لمناطق السلطة الوطنية الفلسطينية.

إن شعبنا يتوقع من الادارة الأمريكية وباقي أطراف الرباعية ترجمة المواقف المعلنة من خلال خطوات عملية على الأرض، تعيد له الأمل والثقة بامكانية الخلاص من الاحتلال، وإقامة دولته المستقلة الحرة وكاملة السيادة على حدود عام 1967. هذا هو الحل الذي يجعل من السلام دائماً وعادلاً. فإنهاء الاحتلال وتمكين شعبنا من الاستقلال يشكلان مفتاح الأمن والسلام في المنطقة برمتها.

الأخـوات والأخـوة،

في الوقت الذي أحيت فيه شعوب العالم قبل أسابيع، اليوم العالمي للمياه، لا يزال شعبنا الفلسطيني محروماً من حقوقه الطبيعية بمياهه، بفعل السيطرة الإسرائيلية على مصادرها، واستغلالها بطريقة غير عادلة على الإطلاق. ففي الوقت الذي تنهب فيه مياهنا ويُحرم شعبنا من مياه الشرب، تقام على أرضه المستوطنات وبرك السباحة في بيوت المستوطنين... لقد آن الأوان لذلك أن يتوقف ، ولا بد من وضع حد ونهاية لتصنيفات ما يسمى بالمنطقة (ج)، حيث يحرم الاحتلال بموجبها أبناء شعبنا من استغلال أرضهم وتطوير حياتهم ومناطقهم العمرانية، وبناء مشاريعهم الاقتصادية والإنتاجية والسياحية والزراعية وحتى التعليمية والصحية. لقد آن الأوان لأهالي الأغوار أن يستغلوا أراضيهم، ويشربوا مياهم، وأن يشيدوا المدارس لأبنائهم. كما آن الأوان لخربة جبارة أن تبني مدرسة لأطفالها، وللمزارعين في كل مكان أن يمارسوا حقهم في زراعة أرضهم دون تصاريح أو جدران أو بوابات.

إن ما تقوم به اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان، ومعها المجالس والهيئات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني في سائر أرياف الضفة الغربية، وكافة الجهات والأطر والحملات الشعبية والوطنية للدفاع عن الأرض، ومن خلال الالتفاف الشعبي حولها والانخراط في فعالياتها ومبادراتها الجماهيرية، استحق وبكل جدارة اهتمام العالم ودعمه، ومكَّن من توسيع نطاق التأييد الدولي لعدالة قضيتنا، وحقنا في الدفاع عن أرضنا. إن هذا الأمر يتطلب العمل على مزيد من تعزيز وتوحيد هذه الجهود والمبادرات، وبما يساهم في تعميم التجارب والنماذج الناجحة التي تحققت في العديد من المناطق، وبما يمكن في نفس الوقت من بناء استراتيجية شاملة تعزز المبادرات المحلية والميدانية التي تعتبر الركيزة الأساسية في هذا العمل الهام،ومضامينه التطوعية والتعاونية.

ان النجاح في افشال الهجمة الاستيطانية يتطلب كذلك تحقيق المزيد من التكامل في الدور بين مؤسسات السلطة الوطنية، والمؤسسات الأهلية الناشطة في هذا المجال لتحقيق المزيد من دعم صمود المواطنين وتثبيتهم على أرضهم، وتوفير الامكانيات اللازمة لتطوير مبادراتهم. وهنا فإنني أؤكد أمامكم أن من حق نحالين وقرى العرقوب أن تحظى بمزيد من الاهتمام، وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ ما تحتاجه من مشاريع تنموية في مجالات البنية التحتية، والتعليم، والصحة، ورياض الأطفال، وغيرها من الخدمات اللازمة لتمكين شعبنا في هذه المنطقة من الصمود في وجه المخاطر التي تتهددها وتتعرض لها. فنحالين التي تميزت باهتمام أبنائها في التعليم والتعليم العالي، تستحق منا إعطاء الأولوية لبناء ما تحتاجه من غرف صفية ومدارس ورياض أطفال، حتى تظل نموذجاً متقدماً في هذا المجال، وبما يوفر لها ركيزة إضافية لتعزيز قدرة أهلها على الصمود.


إننا أيها الأخوات والأخوة ننظر بأهمية قصوى، وتقدير كبير للعمل الشعبي الذي تقومون به، ونرى فيه فعلاً مكملاً لإستراتيجية عمل السلطة الوطنية بسائر مؤسساتها. إن برنامج "الألف مشروع" للتنمية المجتمعية ودعم الصمود، والذي تجاوز هذا العدد، يشكل أحد أهم أولويات عمل السلطة الوطنية. وان آلية المشاركة في تحديد أولويات واهتمامات واحتياجات المواطنين والمجتمع المحلي في مختلف المناطق تعبر عن قفزة نوعية في وسائل المشاركة الديمقراطية، وآليات صنع القرار على المستويين الشعبي والمحلي، وبالتالي المشاركة في الحكم نفسه. وفي هذه المناسبة، أود أن أعلن أمامكم أن السلطة الوطنية تمكنت من دمج هذه الاحتياجات والمشاريع التنموية في إطار الخطة الوطنية للاصلاح والتنمية للأعوام (2008-2010). وأغتنم هذه الفرصة لأتوجه من خلالكم إلى كافة المجالس القروية والبلدية واللجان الشعبية في منطقة العرقوب، ومحافظة بيت لحم، وسائر المحافظات لبلورة احتياجاتها من المشاريع التنموية وفق الأولويات التي تقررونها، حتى تتمكن السلطة الوطنية ومؤسساتها من التعامل معها ومتابعة تنفيذها. ونحن حريصون أشد الحرص على ذلك. وهذه ليست مجرد وعود، بل باتت حقيقة يلمسها وسيلمسها الجميع. لا بل إن هذا الأمر يشكل ركيزة عمل خطة السلطة الوطنية إلى جانب توفير الأمن لمواطنينا، وبناء المؤسسات القادرة على رعاية مصالح شعبنا، وتقديم الخدمات الأفضل لأبنائنا.

الأخـوات والأخـوة،

إن ما تقوم به السلطة الوطنية في متابعة فتوى لاهاي، وما يترتب عليها من التزامات على الأطراف الثالثة، بدأ يؤتى ثماره الملموسة. وهنا فإنني أحيي بإسمكم موقف الحكومة البريطانية وإعلانها الصريح عن وقف المعاملة التفضيلية لمنتوجات المستوطنات، وإلغاء استئجار مقر سفارتها في تل أبيب كون مالكه من المستثمرين في الاستيطان. وندعو لأن يكون ذلك بداية لموقف أوروبي شامل عملي وملموس للضغط على اسرائيل من أجل وضع حد للاستيطان، وإعطاء الأمل لشعبنا بنهاية قريبة للاحتلال. ونأمل أن يتم ترسيم هذا الموقف على الصعيد الدولي، وبما يمكن من تفعيل دور اللجنة الرباعية وتأكيد مصداقية ونزاهة دورها في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ووضع حد للاستيطان وللاحتلال برمته، كي يعم بذلك السلام العادل والأمن والاستقرار في هذه المنطقة.

الأخـوات والأخـوة،

لقد انطلقت إستراتيجية عمل السلطة الوطنية من مدخل استعادة وفرض الأمن والنظام العام. فشعب يتمتع بالشعور بالأمن والاستقرار، سيكون أكثر قدرة على مواجهة الاستيطان والجدار...، وشعب يتمتع بالاستقرار والانتعاش الاقتصادي بما يحد من الفقر والبطالة سيكون أكثر قدرة على الثبات وأكثر ثقة بالمستقبل. وحكومة تعمل على تحقيق الإصلاح وتوفير الفرص المتكافئة، وتوقف هدر المال العام، وتواصل بناء وتقوية مؤسساتها لخدمة المواطنين ورعاية مصالحهم، وتلبية احتياجاتهم، ستعطي الأمل لشعبها وتعيد له الثقة بنفسه وبقدرته على إنجاز مشروعه الوطني. كما أن إنهاء الانقسام والانفصال، وإعادة الوحدة للوطن، ستوحد لشعبنا طاقاته وتستنهضها في مواجهة الهم الأكبر المتمثل بالاحتلال، وستمكن السلطة الوطنية من تنفيذ خططها وبرامجها لإعمار ما دمره العدوان على قطاع غزة، والتي اعتمدها المؤتمر الدولي لتنشيط الاقتصاد الفلسطيني واعمار قطاع غزة في شرم الشيخ.

إن ما تحققه السلطة، أيها الأخوات والأخوة، من انجازات لم يكن ليتحقق لولا وعي شعبنا، والتفافه حول مشروعه الوطني، ولولا حاجته الماسة للأمن بديلاً عن الفوضى،... وللإصلاح بديلاً عن الفساد،... وللمشاريع التنموية ودعم الصمود بديلاً عن هدر المال العام،... والنهوض بالتعليم والصحة بديلاً عن الجهل و التجهيل والمرض والتخلف...، والانفتاح على العالم مسلحين بعدالة قضيتنا وثقة شعبنا بمستقبله وبمشروعه الوطني، بديلاً عن الانغلاق والعزلة. ونحن إذ نراكم هذه الانجازات، فإننا نؤكد تصميمنا على مواصلة هذا الطريق، يحذونا الأمل والثقة بتكريسه نموذجاً ومنهجاً لترسيخ سيادة القانون، وحكم المؤسسات، والفصل بين السلطات وحماية التعددية السياسية في إطار السلطة الواحدة ... على طريق بناء الدولة المستقلة كاملة السيادة... دولة يفخر بها كل أبنائها، ويعتزون بالولاء والانتماء لها.

الأخـوات والأخـوة،

وحتى نواصل هذا الطريق بثبات ونجاح، فنحن بحاجة لإعادة الوحدة للوطن، في إطار الإقرار بوحدانية السلطة الوطنية، وليس تقاسمها، والقبول بها بيتاً للجميع وعنواناً نضالياً مرحلياً لشعبنا في إطار المرجعية الوطنية العليا التي تمثلها منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وقائدة نضاله نحو الحرية والاستقلال، وكذلك إقرار الجميع، وعلى هذا الأساس، بمنع أي شكل من أشكال ازدواجية السلطة أو التعددية الأمنية في إطارها. أن هذين الأمرين يشكلان أساساً لا يمكن القفز عنه في معالجة الانقسام والأزمة الداخلية وتداعياتهما بما يضمن وحدة الوطن والنظام السياسي وحمايتهما.

هذا هو، أيها الأخوات والأخوة، طريق الوفاء للشهداء وحماية المشروع الوطني، وليس الفئوية الضيقة، ... هذا هو طريق تصليب الجبهة الداخلية، وليس تمزيقها، ... هذا هو طريق تعزيز الصمود والثقة بالمستقبل، وليس زرع الانقسام والإحباط،... هذا هو طريق انجاز حقوق شعبنا الثابتة، وليس مجرد التغني بشعاراتها.

أقول هذا من وحي وخلاصة تجربتنا المريرة ولكن الغنية. فلم يعد هناك متسع لمزيد من الجدل المطلق المجرد.. الذي لن يقدم وكما أكدت في أكثر من مناسبة حلولاً لما يواجهه شعبنا من صعوبات ومخاطر.

فماذا يقدم كل هذا الجدل لمزارع تتعرض أرضه للمصادرة، أو يمنعه الجدار من الوصول لأرضه، أو لمريض تفتك الحواجز بحياته، أو لطفلة يحول الجدار وبواباته دون وصولها لمدرستها. ومرة أخرى والأهم ماذا يقدم كل هذا الجدل لعائلة عبد ربه والسموني وآلاف العائلات التي ما زالت تقف على أطلال منازلها المدمرة في جباليا والعطاطرة وحي الزيتون، وحي التفاح، وبيت حانون، ورفح، وفي كل منطقة دمر العدوان مساكن أهلها ومصادر رزقهم.

الأخـوات والأخـوة،

إن حق شعبنا في التمسك بأرضه والدفاع عنها هو حق مقدس، بل واجب وطني. كما أن مد يد العون وتوفير الدعم والمساندة والحياة الكريمة والآمنة ورعاية مصالح شعبنا هو واجب السلطة الوطنية ومبرر وجودها،.... وركيزة صمود شعبنا وثباته على أرضه، وتمكينه من نيل حقوقه. هذا هو درب شعبنا ولن نحيد عنه. هذا هو درب الوفاء للشهداء، وسنظل أمناء لوصيتهم،... هذا هو درب الحرية لشعبنا وأسراه، ولن نتراجع عنه.

وفي الختام، اسمحوا لي، أيها الأخوات والأخوة، أن أتوجهَ بالتقديرِ لكافة حركات التضامن الدولي مع شعبنا، والذين وقفوا ويقفون مع شعبنا في جبهة السلام والحياة ضد الاحتلال والاستيطان والموت والدمار، والذين يوفرون لشعبنا الأمل والثقة بأننا لسنا وحيدين في معركة الإرادة والكفاح من أجل الحرية والاستقلال. وكذلك اسمحوا لي بأن أتوجه إلى أبناء شعبنا في قطاع غزة، لأؤكد لهم بأن سلطتكم الوطنية لن يهدأ لها بال حتى يتم رفع الحصار عنكم وتبدء في تنفيذ برامجها لإعادة بناء ما دمره العدوان، وليظل قطاع غزة كما كان دوماً رافعة للهوية الوطنية ومشروعنا الوطني، وأن أتوجه أيضاً إلى شعبنا في كل مكان بأن وعد الحرية والاستقلال قريب. والى أسرانا الأبطال القابعين في سجون الظلم والاحتلال، وفي يوم الأسير الذي صادف يوم أمس بأن حريتكم جزء لا يتجزأ من حرية الشعب والوطن. وعلى العالم أن يتحمل مسؤولياته لنيل حريتكم، ومنع الحكومة الاسرائيلية من الاستفراد بحقوقكم التي كفلتها كافة المواثيق الدولية، وانتزعتموها بنضالكم، والتي لا بد من حمايتها حتى تتحقق حريتكم. كما أتوجه إلى كل قادة ونشطاء لجان الدفاع عن الأرض والى الأخوة والأخوات في اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان، وكافة اللجان والأطر في ربوع وطننا بالتقدير على الجهود والمبادرات التي تعطي الأمل وتؤكد إمكانية الانتصار، وما يستدعيه ذلك منا جميعاً من ضرورة تطوير وتكامل الجهد الوطني على الصعيدين الرسمي والشعبي لمواجهة الاستيطان والجدار على طريق الخلاص الكامل من نير الاحتلال، وبناء دولتنا المستقلة كاملة السيادة، دولة المؤسسات وحكم القانون وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967.

الخلود والمجد لشهداء نحالين وكل الشهداء
الحرية للأسرى الأبطال

عشتم وعاش يوم الأرض
وإنا على هذه الأرض باقون

شكراً لكم والسلام عليكم.