|
مؤتمر ديربان - هل تغّير العالم ام تغيرنا ؟
نشر بتاريخ: 19/04/2009 ( آخر تحديث: 20/04/2009 الساعة: 09:43 )
بيت لحم- كتب رئيس القسم الانجليزي في وكالة معا جاريد مالسن - معا- معاناة الفلسطينيين ستغيب عن جدول أعمال مؤتمر مناهضة العنصرية المزمع عقده يوم الاثنين المقبل برعاية الأمم المتحدة، ومن أسباب هذا الغياب أن الدبلوماسيين الفلسطينيين قد رضخوا للضغوط الأمريكية حسبما تقوله مؤسسات أهلية.
مسودة البيان الختامي لـ"مؤتمر مراجعة دربان" الذي سيبدأ أعماله في مدينة جنيف السويسرية لا تتطرق إلى الفلسطينيين، ولا إلى الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، إذ أن اللجنة التحضيرية التي أعدت مسودة مسبقة للبيان الختامي في شهر آذار أقدمت على شطب كل ما يتعلق بهذا الموضوع. يهدف المؤتمر حسبما جاء على الموقع الإلكتروني الخاص به إلى "تقييم مدى تحقق الأهداف التي أقرها المؤتمر العالمي لمناهضة العنصرية، والتمييز العنصري، وكراهية الأجانب، والتعصب الذي عقد في دربان في جنوب أفريقيا في العام 2001". وكان مؤتمر 2001 قد شهد نهاية جدلية حين انسحبت الولايات المتحدة وإسرائيل احتجاجا على محاولة تصنيف إسرائيل على أنها تمارس سياسات عنصرية. وجاء في رسالة مفتوحة تحمل توقيع خمسين منظمة حقوق إنسان فلسطينية، وعربية، ودولية، أن "اتخاذ خطوة من هذا النوع (أي استثناء الإشارة إلى القضية الفلسطينية) جاء - لسوء الحظ- بموافقة الوفود العربية المفاوضة في جنيف بما فيها بعثة فلسطين الدائمة لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف." وتتهم الرسالة الدبلوماسيين العرب بالرضوخ إلى تهديدات أمريكية، وإسرائيلية، وكندية، وأوروبية بمقاطعة المؤتمر، تهدف إلى حذف أية إشارة إلى إسرائيل والفلسطينيين. غير أن هذا التنازل لم يقنع الولايات المتحدة، وكندا، وإيطاليا كي تعدل عن قرار المقاطعة. وهكذا تستخلص المنظمات الأهلية الموقعة على الرسالة أن دبلوماسيي منظمة التحرير الفلسطينية قدموا التنازل دون مقابل ورجعوا بخفي حنين. إحدى هذه المؤسسات وهو المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين (بديل) اتهم الوفد الفلسطيني إلى الأمم المتحدة بتقويض جهود المؤسسات المدنية الرامية إلى إدراج النضال الفلسطيني تحت إطار مكافحة العنصرية. وتعقيبا على الموقف قالت مديرة مركز بديل إنغريد جرادات غاسنر إنه كان على الوفد الفلسطيني أن يحشد جهود الدبلوماسيين العرب والأفريقيين من أجل المطالبة باستخدام لغة مجدية في مسودة البيان الختامي، والتنسيق من أجل الاحتجاج ضد حذف الموضوع الفلسطيني من المسودة. ولدى سؤاله عن السبب الذي دفع بالبعثة الفلسطينية إلى مكتب الأمم المتحدة في جنيف لحذف موضوع فلسطين من جدول أعمال المؤتمر، قال رئيس البعثة إبراهيم خريشة إن كل الأطراف أجمعت على حظر الإشارة إلى أي بلد بعينه. وقال خريشة: "بعض الأفريقيين لا يرغبون في ذكر دول أفريقية.. كالسودان. والأوروبيون لا يرغبون في ذكر إسرائيل.. ولا نريد استثناء أية دولة". وأوضح خريشة أن مجرد التأكيد على الأهداف التي أقرت عام 2001، فيه إشارة ضمنية إلى القضية الفلسطينية. أما بخصوص إصرار الولايات المتحدة، وكندا، وإيطاليا على مقاطعة المؤتمر رغم شطب الإشارة إلى الصراع العربي الإسرائيلي، فقال خريشة إن هذه الدول طالبت بمزيد من التنازلات من قبل المؤتمر ومنها ألاّ يتطرق مؤتمر مراجعة دربان إلى تقييم مدى تحقق أهداف مؤتمر دربان الأول. وفي بياناتها المعلنة قالت الولايات المتحدة إنها تدعم باتجاه هذا التناقض الظاهر، والذي ينفي أهداف مؤتمر دربان بأثر رجعي. جاء في بيان صدر يوم الثلاثاء عن وزارة الخارجية الأمريكية "أنها ترحب بالتقدم الحالي على صعيد... الوثيقة، وشطب كل لغة تتطرق إلى دولة بعينها، أو صراع بعينه، وكذلك شطب كل لغة تتطرق إلى التشهير بالدين، وتلك التي تطالب بالتعويض عن عهد العبودية. وأضاف البيان، "غير أن بعض عناصر المسودة الحالية لا تزال تثير القلق، وترى الولايات المتحدة أن أي نص قابل للتطبيق يصدر عن مؤتمر المراجعة يجب أن يكون مختصرا، وألا يؤكد تأكيدا كليا على ما جاء في إعلان دربان عام 2001". وعند عرض الطلبات الأمريكية على جرادات مديرة مركز بديل، أجابت بأنه إذا لم يصادق مؤتمر المراجعة على ما جاء في وثيقة دربان 2001، فإن عقده أو عدمه سيان. أما خريشة فقال إنه لا يعرف الشروط المحددة التي ينبغي الموافقة عليها كي تقتنع الولايات المتحدة بالعدول عن قرارها عدم المشاركة في مؤتمر المراجعة. لكنه استطرد قائلا إن الوفد الأمريكي "كان ينتظر تعليمات من واشنطن" وتحديدا من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. وادعى خريشة أنه في المحصلة "من المستحيل الإشارة إلى الشأن الفلسطيني الإسرائيلي". وقال إن الوفد الأمريكي رفض مؤخرا محاولة لمجرد الإشارة إلى "60 عاما من الاحتلال". كما لم يستبعد خريشة إمكانية حدوث مزيد من التغييرات خلال الاجتماع التحضيري الأخير يوم الجمعة. وقال إن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في طريقه إلى جنيف ليلتقي اللجنة التحضيرية للمؤتمر. وكان قد صدر عن قمة دربان عام 2001 بيانا وخطة عمل من 63 صفحة جاء في المادة 63 منه: "ننظر بقلق إلى معاناة الشعب الفلسطيني، ونقر بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة." أما المادة 64، فتنادي بإحلال سلام عادل وشامل في المنطقة. كما جاء ذكر الفلسطينيين في وثيقة تتضمن قائمة "بضحايا العنصرية، والتمييز العنصري، وكراهية الأجانب، والتعصب". وهذا الفصل يأتي على ذكر مجموعات لم يرد ذكرها في فصول أخرى وهم "الأفارقة، والمنحدرين من أصول أفريقية، والأسيويين، واللاجئين، وطالبي اللجوء، والعائدين، والمبعدين داخل بلادهم، والمنحدرين من أعراق متعددة كالمستيزو (المنحدرين من تزاوج الأوروبيين مع سكان أمريكا الجنوبية)، ورومان جنوب آسيا، والنور، والرحل، والنساء، والمصابين بالايدز". وينص الفصل ذاته على "أنه لا يجب أبدا نسيان الهولوكوست (المحرقة)". أما مسودة مؤتمر المراجعة دربان 2009، فتتألف من 17 صفحة، إذ لم تستثني الإشارة للفلسطينيين فحسب، بل لمعظم الجماعات السكانية المحددة. غير أن أحدث نسخة من المسودة لا تزال تنادي بتذكر الهولوكوست، ومكافحة النازيين الجدد، والفاشيين الجدد، وغيرها من الإيديولوجيات التي تتبنى العنف. وتتضمن تلك النسخة إشارة واحدة إلى الاحتلال الأجنبي مقرونا بالعنصرية. ومع استبعاد الفلسطينيين من جدول أعمال المؤتمر، عمد مركز بديل والمؤسسات الشريكة إلى تنظيم مؤتمر مواز هو "مؤتمر مراجعة إسرائيل" حيث ستناقش المنظمات الأهلية التحليلات والاستراتيجيات الخاصة بمناهضة "الفصل العنصري، والاستعمار، والاحتلال". |